جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الجاسوس ـ في عهد الحاجب المنصور
خاض الحاجب المنصور خمسين معركة ولم تهزم له راية قط ، وقد وطئت قدماه ما لم تطأه قدم مسلم قبله .
خمسون معركة بلا يأس ولا قنوط ولا استسلام ولا راحة فأي همة واي طموح هذاوعهد الحاجب المنصور من المع الأسماء في تاريخ الأندلس المفقود ومن أعظم حكامها.
وفي يوم من ايام حكمه في الأندلس استقر الحاجب المنصور في احدى غزواته بمدينة سالم وهو الثغر الذى بناه على حدود الدول النصرانية في شمال الاندلس المفقود ، وخطرت له خاطره على مدى ذكائه وحسابه وتوقعاته ، فاستدعى احد فرسانه في ليلة شد يدة البرد ، كثيرة الامطار ، وكلفه ان يخرج الى مكان من المضيق سماه قرب هذه المدينه ، وقال له : من مر بك في هذه الليله تأتي به إلي كائنا من كان 0فاستغرب الفارس ـ في نفسه بالطبع ـ ومن يخرج في مثل هذه الليلة ؟ البرد القارس والمطر الغزير
نفذ الفارس الامر ، وبقي يرصد الطريق يرجف من البرد تحت وابل المطر ،واذا بشيخ كبير من النصارى الذين كانو يعيشون في هذه المدينه من اهل الذمه ، على دابة ومعه آلة الحطب من فأس وحبل ، فسأله الفارس بعد ان استوقفه : الى اين ايها العجوز في مثل هذا الوقت ؟ وماذا تفعل ؟
قال العجوز :أريد حطبا لأهلي ليستدفئوا ،فتركه الفارس يواصل مسيره ، لكنه تذكر امر الحاجب المنصور وحزمه ، فأوقف العجوز قائلا : لابد ان تأتي معي إلى الأمير ، قال : وماذا يريد ألأمير مني ؟ دعني اتابع سيري .إلا ان الفارس اجبره على المثول بين يدي الحاجب فأمر بتفتيشه وتحري ملابسه فما عثروا على شيء مريب ، لكن المنصور امر بتحري بردعة الحمار ، وبعد تحريها وجدوا فيها خطابا من بعض النصارى القاطنين في جهة من هذه المدينه يد لون العدو على عورة من عورات المسلمين كاتبين: أن اهجموا على مدينة سالم وعلى جيش المنصور من الجهة الفلانية ـ مكان سموه ـ ونحن نساعدكم على تلك المباغته .
تمكنت الدهشة للحارس ، واستفهم من اميره : وكيف عرفت ان هذا الجاسوس سيمر في تلك الليلة ؟ فقال وهل تنتهز العيون ( الجواسيس) الا امثالها ؟ ومن ملك البلاد عليه ان يسهر لحمايتها وحفظها ، ويعرف مداخل المتربصين بها فلما كان الصباح جمع اولئك الطابور الخامس ، فأمر بضرب أعناقهم وكذلك عنق ذلك العجوز الحطاب الكذاب .
نعم فأن الأعداء ينتهزون مثل هذه الفرص
ومن يسد ثغرات المسلمين اليوم ؟ اسأل الله ان يحمي بلادنا من المتربصين وان يسد ثغراتها
بالرجال الصالحين والمصلحين .
المصدر: كتاب الأندلس /للدكتور طارق السويدان