دولة المعتمد بن عباد في الاندلس

 

- سقوط دولة المعتمد بن عباد، أشهر ملوك الطوائف التي قامت في الأندلس في القرن الخامس الهجري بعد انهيار دولة الخلافة الأموية، وكان سقوطها على يد يوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين.

حدث تطور سريع وانهيار مفزع لأركان دولة الإسلام في الأندلس بعد الفترة الذهبية للحاجب المنصور [366 ـ 396هـ] وعمت الفوضى بالبلاد وكثرت التولية والعزل، وتولى الخلافة العديد من الرجال الضعفاء، واستقلت ولايات الأندلس، وانتهى الحال بسقوط دولة الخلافة الأموية بالأندلس ودخول الأندلس عهدًا جديدًا هو الأسوأ في تاريخ البلاد، وهو عهد ملوك الطوائف، حيث تحولت البلاد الموحدة تحت راية الخلافة للعديد من الدويلات الصغيرة المتناحرة، وأشهر هذه الدويلات والمماليك مملكة بني عباد بإشبيلية.

قامت هذه المملكة سنة 427هـ على يد قاضي إشبيلية «إسماعيل بن عباد» الذي استغل حالة الفوضى بالأندلس، فأحكم قبضته على إشبيلية وظل يعمل على تقوية الوضع الداخلي لها مع تجنب الصدام مع الجيران حتى أرسى قواعدها بقوة، ثم تولى بعده ولده «المعتضد» وكان دمويًا فظًا ظالمًا دائم المحاربة لجيرانه والتوسع على حسابهم، غادرًا حتى مع أقرب المقربين، وله أخبار مشهورة في سفك الدماء والتنكيل بالخصوم، ثم تولى من بعده ولده «المعتمد» وكان شاعرًا فارسًا جوادًا له كثير من فضائل العرب، ولكنه كان منهمكًا في اللذات، عاكفًا على اللهو والمجون، مؤثرًا للراحة، مدمنًا للخمر وكل صفاته لابد أن تقود المملكة إلى السقوط والزوال.

على المقابل في الوقت الذي كانت الأندلس تعاني من التمزق والتفرق، كان نصارى إسبانيا يشهدون صحوة وارتفاعًا، ومالت كفة الصليبيين على المسلمين، وتوج ذلك بسقوط مدينة طليطلة سنة 476هـ، فأجمع ملوك الطوائف الضعاف الخائفين على الاستعانة بالمرابطين ملوك المغرب وأميرهم «يوسف بن تاشفين» الذي استجاب للصريخ وعبر البحر واصطدم مع الصليبيين في معركة «الزلاقة» الشهيرة سنة 479هـ، ثم المرابطون إلى المغرب، ثم عاد التهديد الصليبي على شرق الأندلس، فعادوا للاستغاثة بالمرابطين وذلك سنة 481هـ، فعبر يوسف بن تاشفين لإنقاذ الأندلس، ولكنه هذه المرة أيقن أن سبب بلاء الأندلس وتسلط الصليبيين عليها هو ملوك الطوائف أنفسهم وما هم عليه من فساد ومجون وترف وميوعة مع إرهاقهم للمسلمين بالمغارم والضرائب لإشباع رغباتهم الجامحة، وفي نفس الوقت هم في منتهى الذلة والصغار مع الصليبيين، يدفعون لهم الجزية، حتى لا يضطروا لقتالهم، فملوك الطوائف لا يصلحون للجهاد ولا للحرب، فهم أميع وأخنع وأجبن من دخول ساحات القتال.

عبر المرابطون إلى الأندلس في المرة الثالثة بعد أن استفتى يوسف بن تاشفين العلماء والفقهاء ومنهم الغزالي والطرطوشي في حربه ضد ملوك الطوائف، فكلهم أفتى بوجوب محاربتهم وإسقاط ممالكهم الضعيفة، قرر يوسف بن تاشفين البدء بمملكة بني عباد وذلك لأنها أكبر مملكة وأميرها «المعتمد بن عباد» هو عميد هؤلاء الأمراء الفاسدين، وقد أقدم على جريمة تصل إلى حد الخيانة العظمى، إذ قام بالاتصال سرًا مع ملك الصليبيين «ألفونسو السادس» واتفقا على محاربة المرابطين المسلمين، وذلك نظير مبالغ ضخمة ومدن كثيرة يقدمها «المعتمد» لألفونسو.

شن المرابطون حربًا ضارية على مملكة إشبيلية وضربوا عليها حصارًا شديدًا ولم تنفع القوات الصليبية التي أرسلها ألفونسو لنجدة حليفه الخائن ابن عباد، وبعد أربعة أشهر من الحصار رأى أهل المدينة ما حاق بهم من الضيق والحصار وخيانة أميرهم، فقرروا فتح أبواب المدينة للمرابطين وسقطت المملكة في يوم 22 رجب سنة 484هـ، وزالت تلك الدويلة التي طالما عم الترف جنباتها وازدهرت قصورها بالشعراء والأدباء، ولكن حق القول عليها بفساد مترفيها، إضافة لموالاة أعداء الإسلام وخيانة الأمة.

◄ الصورة: قصر المورق أو قصر المبارك

(كما عرفه بنو عبَّاد)

أو كما يعرف حديثاً قصر إشبيلية كان في الأصل حصناً بناه المسلمون في إشبيلية، ثم تحول إلى مقرَّ حكم المعتمد بن عبَّاد طوال عهده.، وهو أقدم قصر ملكي لا يزال مستخدماً في أوروبا.

--------------------------------------------------------------------

 

المصدر: المصدر: مفكرة الإسلام
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 218 مشاهدة
نشرت فى 24 سبتمبر 2022 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,349

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.