(2/16.17)
حبيبي لي وأنا له،
وبين السّوسن يرعى.
قبل أن يطلع النّهار،
قبل أن تهرب الظّلال.
عد يا حبيبي وكن كالظّبي
أو كن كوعلٍ صغير
على جبال باتر.
إنّ النّفس المؤمنة، متى ارتبطت بمحبوبها الإلهيّ، ارتفعت حرّة فوق العالم، وهامت سابحة في ملكوت محبّته. وهي العاشقة لمحبوبها، ترتبط به ارتباطاً حميميّاً لا يخترقه همّ، ولا يزعزعه بعد أو قرب. وحده الشّوق إلى المحبوب يحرق النّفس ويلهب حبّها، فتتوق أكثر وأكثر للّقاء الإلهيّ، ولمعاينة المحبوب وجهاً لوجه.
"حبيبي لي، وأنا له"؛ إرتباط حميم بين النّفس المؤمنة والمحبوب الإلهيّ، يشكّل وحدة لا مثيل لها. حبّ يفوق الأرضيّات ويبعث الفرح من ألم الحبّ في رفعته.
والحبّ لا ينضج إلّا بالألم، ولا يخشاه بل يعانقه ويحتضنه. فمن رحمه ستولد ثمار الحبّ الّتي متى أكلتها النّفس لا تعود وتجوع أبداً.
"حبيبي لي، وأنا له"، رفعة الحبّ وسموّه والدّخول في سرّ لا يفهمه إلّا المتحابّيْن. فالحبّ لا يُشرح وإنّما يعاش ويُختبر. إنّ الرّبّ لم يكثر من كلمة (أحبّكم) ولعلّه لم يقلها إلّا نادراً. لكنّه عبّر عن حبّه بالفعل وعبّر عن شوقه العظيم للإنسان، إذ تجلّى بأبهى صورة، صورة الإنسان.
هو العاشق لنا بجنون، الّذي لا يغيب أبداً. هو هنا في القلب، في عمق أعماقه،يحتضنا ويرعانا قبل أن يطلع النّهار وقبل أن تهرب الظّلال.
هو الحاضر أبداً في نفسي، والسّاكن بيني وبيني
هو القريب الحبيب، وأقرب من ذاتي إليّ.
ساحة النقاش