وبعدُ،
لم يبق في الجسد ما يحدّث بحبّكِ يا ذاتي الأخرى، وهو الحائر الضّامر، والعاجز عن ملامسة النّعمة. لم يعد الوعي يستحق أن يدرك المعنى المحتجب في روحانية الشّمس، وأسرار القمر.
أتت السّاعة الّتي تسكب فيها روحك ظلالها الرّؤوفة على غمد روحي، ونذوب في زرقة السّماء، ونطفو على أمواجها السّاكنة.
هي ساعة الانتقال من الظّلمة إلى النّور، والغوص في سناه، والإبحار في الأمد حيث ينتفي معنى البعد والقرب، والقدوم والرحيل، والتواعد والانتظار. تنتفي حروف العطف والتخيير والشّك والاستفهام والنّفي والسّببية والزّمانية والمكانية.
لم يعد من مدلول للسّؤال، ولا حاجة للجواب. فقد التّحليل أهمّيّته، وفرغ من جفافه. انكفأت دموع الحزن، وانقطعت الأنفاس، وسكتت الكلمة.
مات المعنى، دفنته في اللّامعنى، وأحييت اللّغة الأخرى الّتي لا تدركها إلّا العين الثّالثة.
ساحة النقاش