وضع ابو رامز خرطوم الأركيلة عند طرف شفتيه وتهيأ للسؤال فسبقته وسألت عن الأخبار فقال: نحن حمير ويفلحون علينا أيضا.
قلت:
وهل تجوز الفلاحة على الحمير؟ قال: من قلّة الرجال سمّوا الديك ابو علي، ومن قلّة الثيران صارت الحمير نعمة.
قال إن دورية من رجال الشرطة حظيت قبل خمسين سنة برجل يفلح على ثور وحمار فنظمت بحقه ضبط مخالفة لأن الحراثة على الحمار لا تجوز شرعا وهي مخالفة لقانون الرفق بالحيوان.
وإذ مثل الرجل أمام القاضي قال إنه فقير الحال وإنه لا يملك ثورين ولا مالاً فاضطر إلى ربط حماره إلى جانب ثوره للحراثة عليهما معا.
وأضاف
الرجل قوله إنه لم يلاحظ أن الحمار تذمر أو استنكر هذا العمل باعتباره أرفع قدراً من الثور وأنبل منه حسبا ونسباً.
تأثر
القاضي بكلام الرجل واحتار بين حرفية القانون وقوة الدافع ولكنه في نهاية المطاف اصدر حكمه:
باسم
الشعب حكمت المحكمة ببراءة هذا الرجل، حتى لا يقال إن المحكمة تحافظ على كرامة الحمار أكثر من كرامة صاحبه.
ابتسمت
للسالفة فقال أبو رامز: اليوم يفلحون علينا ولكنهم يحترمون كرامتنا إنما في ما هو آت من الأيام قد لا تبقى فلاحة ولا كرامة.
لم أسأله من يفلح علينا ولماذا يعاملوننا كالحمير وما الفرق بين كرامة الانسان وكرامة الحمار.. فقط قمت وانصرفت.
ساحة النقاش