الدعوة إلى القتل .. جوهر الفرد الصهيوني .
بقلم د.محمد ناصر الخوالده
يسقط وهم المتوهمين مرارا وتبقى عجلة العدوان الصهيوني مستمرة في هجمتها لتقول بحروف كبيرة انه لا معنى لان يكون التفكير بالاستمرار بالتفاوض السلمي أمرا مجديا. فاللعبة الصهيونية واضحة بينة، والصهاينة يعلنون ديمومة عسكرة كيانهم لإراقة المزيد من الدم الفلسطيني ويحلمون بتحقيق مرادهم بالاعتراف الإسلامي بحقهم في ارض الأقصى إلى جانب المسلمين. على طريق " حقهم التاريخي " وليست تلك الكلمات التي يتعلمها " الطلاب " الصهاينة ويرسخونها في أذهانهم والتي تقول " أن العربي الصالح هو العربي الميت " . فقد قالها (مئير كاهانا)، وهو رجل دين معروف بوقاحته وبجاحته، بعد مجزرة صبرا وشاتيلا مباشرة: "ماذا لو قتلنا نصف مليون فلسطيني ... أليس ذلك هو ما نريده بالضبط؟ "
وبالفعل هذا ما يريدونه تماما. وهذا ما يعملون من أجله طيلة سنوات الاحتلال ولن يتوقف ذلك أبدا، لان الصهيونية مبرمجة على القتل والتدمير والتخريب والاغتصاب، وإلا ماذا تعني هذه المجزرة التي يذهب ضحيتها أبناء الشعب الفلسطيني في انتفاضة الشعب الفلسطيني الحالية، والمشهد المأساوي الرهيب الذي شاهده الملايين عبر شاشات التلفزيون للشهيد الطفل ابن الثانية عشر ربيعا محمد الدرة ووالده بالقتل المتعمد بتلذذ وفقدان الإنسانية. وكذلك قتل المدنيين العزل ووضع الأطفال كدروع بشرية خلال مواجهة قوات الاحتلال الصهيوني للمدافعين عن أرضهم من الفلسطينيين .
انها الدعوة إلى القتل ومن يرد أن يتوهم غير ذلك فليقرأ نصوص ما يسمى " بالأدب الصهيوني " ليرى كيف يكون الأدب، وليرى الصوت الصهيوني عبر " الضمير الأدبي " وهو يصرح معلنا بكل صفاقة عن عشقه للقتل والعدوان وامتصاص الدماء العربية عامة والفلسطينية خاصة، فمن أين نبدأ .. ؟
النصوص الأدبية الصهيونية مليئة بصورة الدعوة إلى القتل. اغرب ما يمكن أن تقف عنده هو هذا " الشعر الصهيوني " الذي وقف أمام مجزرة صبرا وشاتيلا، ليعلن عن ملامح الوجه الصهيوني بوضوح ودون مواربة، فقد ظهر هذا الشعر على حقيقته، إذ تعالت صرخاته المجنونة الفرحة لرؤية الدم الفلسطيني المراق، وتبدو صورة الكيان كاملة وهي تهتف مع هذا الشعر بضرورة إراقة المزيد من الدم وكأن ما أريق في صبرا وشاتيلا لم يكن شافيا لحقد الصهيونية الأعمى، ولم يكن على القدر الذي تمنته الصهيونية وأرادته وهو القضاء على كل فلسطيني فماذا يقول هذا الشعر . في إحدى قصائده يصرخ الشاعر الصهيوني (يونشان غيفن) قائلا:
"بعد ثلاثة أيام من المذبحة
هناك أشياء كثيرة يمكن رؤيتها في صبرا وشاتيلا
الدماء الجثث .. الروائح
ملاك الموت كان هنا
نريد أن نرى الدماء
في صبرا وشاتيلا شاهدت دماء كثيرة
فارتاحت نفسي .. "
ليرينا بكل هذه الوقاحة الظاهرة حقيقة النفسية الصهيونية. ولا نريد هنا أن نقيس درجة هذه المشاعر المليئة بالكراهية، كما لا نريد أن نضع اليد على أبعاد هذا الحقد الأعمى عند (يونشان غيفن)، لان ذلك أكثر من بين كلماته ولكن نريد أن نسأل ماذا يريد (غيفن) في الحقيقة؟ والى أي شيء يريد أن يصل ؟ حتى لا نقع في متاهة البحث عن أشياء بعيدة، فان التقرب إلى النظر أن نرى صورة الشهية الحيوانية إلى امتصاص الدم " فالشاعر " يرتاح نفسيا ويرضى ويهدأ باله حين تتبدى أمام عينيه مساحة الدم، ويمكن أن ندقق في قوله ... " الدماء، الجثث، الروائح ... " ولنرى حالة النشوة التي يعيشها وهو يردد هذه الكلمات، وكأنها بالنسبة له، موسيقى تبعث في الجسد الدفء، وتحرك كل ملذات النفس ورغباتها ... ثم لننظر إلى قوله ... " نريد أن نرى الدماء " ألا نرى أمامنا مصاص الدماء مشخصا في هذا " الشاعر " ألا تظهر للعيان صورة هذا الوحش الذي لا يطيب له أن يسمع بإراقة الدماء فقط، بل يريد أن يراها رؤية العين وان يلمسها لمس اللسان ؟
(يونشان غيفن) هذا يطيب له كثيرا أن يعزف على وتر الدم، ويطيب له كثيرا أن يروي في كل قصة رؤيته للجثث والدم , ويمكن أن نقف على مثال أخر يقول فيه:
" قلت له أن والدتي قد بكت لأني لم احضر لها رأس أحدهم
والدتي بكت لأني لم أقتل المزيد "
فـ (غيفن) في هذا المقطع يحدث أحد أصدقائه ويروي له قصة عودته من الغزو .. وكيف استقبلته " ألام " بالبكاء والحزن والأسى، ولماذا ؟؟ لأنه لم يحضر لها رأس أحدهم، ولأنه لم يقتل المزيد.. لا نستغرب أن تبكي هذه ألام وان تحزن كل هذا الحزن الذي نرى .. ولكن ما يبعث على الدهشة حقا هو كون الشاعر (غيفن) هذا يظهر بجلاء غريب صورة الصهيونية من خلال هذه "ألام" فهو لا يلجأ إلى اللف والدوران كالعادة .. بل يقدم الحقيقة دفعة واحدة ليقول ... " هكذا الصهيونية " ولا يمكن أن تكون إلا هكذا وان كانت ألام تبكي لان ابنها لم يحضر لها رأس أحدهم، فلا نستغرب أبدا أن يكون كله مركبا من هذه الهمجية الحيوانية .. ولا نريد أن نمضي إلى مثال أخر قبل أن نسأل عن إنسانية الشعر فهل يمكن أن نجد في الشعر الصهيوني خيطا رفيعا جدا من الإنسانية ؟ لن نجيب على ذلك بل نترك للأمثلة أن تجيب بنفسها ويمكن أن نضع هنا على سبيل الاستئناس فقط قول (غيفن):
" احصدوهم .. اذبحوهم .. اقتلوهم "
وذلك بعد ما شاهد ما شاهده في صبرا وشاتيلا . فكان أن تحركت كل مشاعره الإنسانية وثارت حميته الصهيونية وتعالت .. فطالب بمزيد من القتل، وبمزيد من الحصد وبمزيد عن الذبح للفلسطينيين، فهل هناك إنسانية تماثل هذه الإنسانية ؟ هكذا كانت " إنسانية غيفن" إذا، فماذا عند سواه من شعراء الكيان الصهيوني ؟
يأتي (أبشلوم كور) ليبدأ العزف من جديد .. فيتمنى أن يكون قائدا لجيش العدوان، لأنه كان يرى في همجية شارون وايتان وبيغن " ثلاثي همجية 1982 " الكفاية، فهو يريد حيوانية أكثر من الحيوانية الموجودة عندهم . فماذا يقول : وماذا يفعل ابشلوم كور لو كان قائدا لجيش العدوان ؟
يجيب كور بصفاقة:
"لزرعت الموت والدمار
في كل المنازل والشوارع
في كل المساجد والكنائس
سنسفك الدماء الكثيرة
ونقتل الأطفال والنساء والشيوخ"
وكأنه بذلك يريد أن يغطي على ما كان حقيقة. لان ما ذكره ابشلوم كور متمنيا لم يكن بعيدا عن واقع ما تحقق وما حدث فعلا. إذ هذا ما فعله جيش العدوان تماما. وهذا ما فتئ يفعله. فقد زرع الموت والدمار في كل المنازل والشوارع وفي كل المساجد والكنائس وسفك الدماء الكثيرة وقتل النساء والأطفال والشيوخ.. ولكن ربما كانت أمنية (ابشلوم كور) محصورة بالقضاء على كل شيء تماما، فهو لا يريد أن يرى طفلا أو امرأة أو شيخا، لأنه يعرف أن الفلسطينيين شعب حي جبار صلب ويعرف أن الشعب الفلسطيني لا يعرف الانحناء والتراجع، لذلك فهو يريد التخلص منهم دفعة واحدة، قبل أن تأتي نهاية أمثاله ونهاية الصهيونية المحتومة على أيديهم. فلماذا يبقى هؤلاء في رأي (ابشلوم كور) .. أليس من الأفضل التخلص منهم؟
إذا هذا ما يريده (يونشان غيفن) و(ابشلوم كور) فماذا عن سواهم ؟
ننتقل إلى الشاعرة ( نعمة شيمر) ربما نجد عندها وهي " الأنثى " ما يخالف أو يناقض شهوة (غيفن) و(كور) للدم والقتل والتخريب والتدمير .. فماذا تقول (نعمة شيمر) هذه بصوتها "الأنثوي "..؟ بداية لا تكتفي (شيمر) بكل ما حدث ولا ترضى بكل ما حصل .. فهي تؤنب وتثور وترغي وتزبد، فلماذا ؟ لان الدم لم يكن كافيا ولان القتل لم يكن شاملا، تقول:
" لو أنهم كانوا يتقنون الدرس.. لكانوا نصبوا مدافعهم
على مداخل المخيمات
مسحوا المنازل من سكانها
لو أنهم كانوا مجتهدين
كانوا استخدموا الدبابة من مسافة قريبة ودمروا البيوت والشوارع
ولم يتركوا أحدا"
فأية همجية هذه وأية رغبة تلك؟ أما اكتفت الشاعرة بما حدث ؟ أم اقتنعت بما جرى ؟ أما رأت أن الذي حدث في صبرا وشاتيلا كان لإرواء شهوتها الصهيونية إلى الدم الفلسطيني؟ كل ذلك لم يكن كافيا فـ"الشاعرة" تريد اكثر من ذلك وعلى التلاميذ المجتهدين أن يتقنوا الدرس بشكل أفضل ... فمسافة الدم والجثث والضحايا والمنازل المدمرة كل ذلك لم يكن قليلا، فأي شعر هذا؟ وهنا لا بد لنا من التذكير بتلك الكلمات التي ينشدها تلاميذ المدارس الدينية خلال رحلاتهم، والتي تقول:
"... كل العالم يكره العرب
ويعمل على قتلهم فردا فردا
إني سأقتلهم
أني سأمزقهم بيدي
إني سأقطعهم إربا بأسناني
بشفاهي سأمتص دمائهم
وسأشفي غليلي"
كلمات لا تحتاج إلى شرح. بل إلى ثباتها في عقل كل عربي، حتى لا ينسى العدوانية التي يتشربها ( أطفال شعب الله المختار ).
إن ( المنشأ / مجموعة الشرائع اليهودية الشفوية ) تشير إلى أن: "الأرض كلها ميراث لإسرائيل... شعبك كله صالح ... إنهم سيرثون الأرض إلى الأبد". وقولهم: "الإنسان لا يستفيد من شيء تحت الشمس ولكنه يستفيد مما وجد قبل وجود الشمس، من التوراة " ذلك أن: " العالم كله خلق من أجل هذا(يعني التوراة)"! وفي نظرهم عن الإسلام والمسلمين يقول رئيس تحرير صحيفة معاريف سابقاً (عزرائيل كارليخ): "الإسلام عدو كل تفكير وكل زمام مبادرة طيبة القلب وكل فكرة منتجة، إنه ما قدم قط أي صنيع في الماضي، ولن يقدم أي جميل في المستقبل، إنه الظلام، إنه الرجعية انه السجن لخمسمائة مليون إنسان"!
ويقول (أدير كوهين)، المحاضر في جامعة حيفا: " إن العربي قاتل مجرم خاطف أولاد ... يعيش في الصحراء، ذو سحنة مخفية، في وجهه ندبة قذر ونتن وتنبعث منه رائحة كريهة، له شعر اخضر، وأن العرب لهم ذيول لاحق لهم بالأرض ينبغي قتلهم أو شنقهم أو ترحيلهم... عليهم أن يسلموا بسيادة إسرائيل ... " . وهنا يمكننا أن نضيف ما قاله بشأن العرب مؤخرا المحاضر في جامعة حيفا د.(دافيد بقاعي)، والذي شن في إحدى المحاضرات التي ألقاها في قسم العلوم السياسية، وقال أمام الطلاب، بمن فيهم الطلاب العرب: " أن العرب يبحثون عن الجشع ، الجنس والكحول. لا يمكن الثقة بهم، إنهم أغبياء ولم يقدموا أي شيء للإنسانية، يجب الإمساك بكل العرب، وإلصاق مسدس برؤوسهم وإطلاق النار عليهم. إن كل مبنى متعدد الطبقات يقيم فيه عرب وفلسطينيون يجب على السلطات الإسرائيلية أن تقوم بتدميره عن بكرة أبيه..." وهذا المحاضر العنصري في الجامعة ألف كتابا تحت عنوان " مخاطر الإسلام المتطرف" ، أوصى أيضا الجيش الإسرائيلي بتصوير المعتقلين الفلسطينيين أثناء إهانتهم وعرض الصور على عائلاتهم كي يشاهدوا أولادهم الجبناء، على حد تعبيره. وفي إحدى المحاضرات في مناسبة أخرى قال: " إن الجريمة تسري في عروق العرب في كل مكان في العالم ". وكانت قد اعترضت إحدى الطالبات على أقواله، مشيرة كون التاريخ قد عرف علماء عرب بالرياضيات والعلوم الأخرى، فرد عليها: أنت لا تعرفين عما تتحدثين. العرب حمقى ولم يقدموا أي شيء للإنسانية. لقد نقلوا المعادلات التي تدعين إنهم اخترعوها كذابون كبار ولا تصدقي تاريخهم".
وقبل الختام لا بد لا بد من التأكيد أن لا وجود لـ " أدب صهيوني " ومن الخطأ تسمية ما يكتبه الصهاينة " أدبا " بل يجب أن نضع تسمية مغايرة تماما حتى لا ندخل في الأدب شيئا غريبا عنه كل الغرابة وبعيدا عنه كل البعد، فهل من المعقول أن ندخل هذه الكلمات والتي قرأناها كنماذج في عداد الشعر؟ ألا نقترب اكثر من مفهوم " آلة العدوان الكتابية"؟ ألا يؤدي ذلك إلى تسمية حقيقية لهذه الكتابات التي تخدم آلة الحرب الصهيونية بشكل تام ؟ أو ليست مشاعر الحقد التي يكرسها أمثال هؤلاء الشعراء الصهاينة تجعل من الصعب قيام أي تعايش عربي يهودي في منطقتنا العربية؟ أليست هذه الكلمات هي ألف باء الحكومات الصهيونية والتي نرى بشاعتها متمثلتا في الفعل اليومي ضد الشعب الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة . أليست هذه الكتابات والتصريحات والآراء هي الوجه البشع الحاقد للتربية الصهيونية ضد كل ما هو فلسطيني أو عربي وإسلامي، وهي الأبجدية التي من خلالها نرى الوحشية المتمثلة في قتل الأطفال والنساء في طول وعرض الوطن الفلسطيني المحتل وكذلك ما شاهدناه عبر شاشات التلفزة من مجازر حصلت ضد المدنيين في الجنوب اللبناني أبان العدوان الصهيوني الذي حصل ضد لبنان في شهر تموز من هذا العام؟!
************************************************** *******
الدعوة إلى القتل .. جوهر الفرد الصهيوني
الجمعة 7 أيلول (سبتمبر) 2007, بقلم د.محمد ناصر الخوالده
http://haifalana.net/archieve/
ساحة النقاش