ناجي العلي

سيرة ذاتية :

ناجي سليم حسين العلي ، الملقب بضمير الثورة ، من مواليد قرية الشجرة عام 1936 وهي قرية تقع بين الناصرة و طبريا في الجليل الشمالي من فلسطين.
شُرد من فلسطين عام 1948، نزح وعائلته مع أهل القرية باتجاه لبنان ( بنت جبيل) وهو من أسرة فقيرة تعمل في الزراعة والأرض، لجأ إلى مخيم عين الحلوة شرق مدينة صيدا حيث سكن وعائلته بالقرب من بستان أبو جميل قرب الجميزة منطقة "عرب الغوير".. وكانت حياة ناجي العلي في المخيم عبارة عن عيش يومي في الذل. فأحدث ذلك صحوة فكرية مبكرة لديه، عرف انه وشعبه، كانا ضحايا مؤامرة دنيئة دبرتها بريطانيا وفرنسا، بالتحالف والتنسيق مع الحركة الصهيونية العالمية..
بعد حصوله على شهادة دبلوم الميكانيكا دخل ناجي أكاديمية الفنون في لبنان ، ثم تركها حيث سافر إلى الكويت ليعمل رساما في صحيفة الطليعة ومخرجاً فنياً ، تنقل بعدها بين عدة صحف منها السياسة الكويتية ، السفير اللبنانية ، صحيفة القبس .... وبعدها استقر ناجي في لندن ليواصل بريشته مشروعه النضالي المسالم ، كان سر نجاحه في عفويته الصادقة التي لم يعهد ها الفن الساخر العربي .
شاركت رسوم ناجي العلي في عشرات المعارض العربية والدولية .

*
أصدر ثلاثة كتب في الأعوام (1976 ، 1983 ، 1985) ضمت مجموعة من رسوماته المختارة.
*
كان يتهيأ لإصدار كتاب رابع لكن الرصاص الغادر حال دون ذلك .
*
حصلت أعماله على الجوائز الأولى في معرضي الكاريكاتير للفنانين العرب أقيما في دمشق في سنتي 1979 1980 م .
*
عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين .
*
نشر ا:ثر من 40 ألف لوحة كاريكاتورية طيلة حياته الفنية ، عدا عن المحظورات التي مازالت حبيسة الأدراج ، ماكان يسبب له تعباً حقيقياً .
*
اختارته صحيفة "اساهي " اليابانية كواحد من بين أشهر عشرة رسامي كاريكاتير في العالم .
*
متزوج من السيدة وداد صالح نصر من بلدة صفورية – فلسطين وله أربعة أبناء:
خالد، أسامه، ليال وجودي.
اغتيل في لندن يوم 22 / 7 / 1987 وتوفي 29/ 8/ 1987 م .

يقول ناجي العلي:


ولد حنظلة في العاشرة من عمره، و سيظل دائماً في العاشرة ، ففي تلك السن غادرتُ الوطن، وحين يعود، حنظلة سيكون بعد في العاشرة، ثم سيأخذ في الكبر بعد ذلك ... قوانين الطبيعة المعروفة لا تنطبق عليه، إنه استثناء لأن فقدان الوطن استثناء ،.. وستصبح الأمور طبيعيةً حين يعود للوطن ..لقد رسمته خلافاً لبعض الرسامين الذين يقومون برسم أنفسهم ويأخذون موقع البطل في رسوماتهم ... فالطفل يُمثل موقفاً رمزياً ليس بالنسبة لي فقط ... بل بالنسبة لحالة جماعية تعيش مثلي وأعيش مثلها. .. قدمته للقراء واسميته حنظلة كرمز للمرارة، في البداية قدمته كطفل فلسطيني لكنه مع تطور وعيه أصبح له أفق قومي ثم أفق كوني إنساني.


أما عن سبب إدارة ظهره للقراء فتلك قصة تُروى: في المراحل الأولى رسمتُه ملتقياً وجهاً لوجه مع الناس، وكان يحمل "الكلاشنكوف" وكان أيضاً دائم الحركة وفاعلاً وله دور حقيقي: يناقش باللغة العربية والإنجليزية، بل أكثر من ذلك فقد كان يلعب "الكاراتيه" .. يغني الزجل ويصرخ ويؤذن ويهمس ويبشر بالثورة.

وفي بعض الحالات النادرة، وأثناء انتفاضة الضفة الغربية، كان يحمل الحجارة ويرجم بها الأعداء، وأثناء خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت كان يقبّل يد هذه المدينة الجريحة مثلما كان يقدم الزهور لها. .

كنت أحرض الناس .. بعفوية الطفل الذي عقد يديه خلف ظهره ، ولكن بعد حرب أكتوبر 1973 " كتفته" باكراً لأن المنطقة ستشهد عملية تطويع وتطبيع مبكرة قبل رحلة " السادات " ... من هنا كان التعبير العفوي لتكتيف الطفل هو رفضه وعدم استعداده للمشاركة في هذه الحلول ، وقد يعطى تفسيراً أن لهذا الطفل موقفاً سلبياً ينفي عنه دور الإيجابية، لكنني أقول: إنه عندما يرصد تحركات كل أعداء الأمة، ويكشف كافة المؤامرات التي تحاك ضدها، يبين كم لهذا الطفل من إسهامات إيجابية في الموقف ضد المؤامرة ... وهذا هو المعنى الإيجابي. ..أريده مقاتلاً ، مناضلاً و.. حقيقة الطفل أنه منحازٌ للفقراء، لأنني أحمل موقفاً طبقياً، لذلك تأتي رسومي على هذا النحو ، والمهم رسم الحالات والوقائع وليس رسم الرؤساء والزعماء.

إن"حنظلة"شاهد العصر الذي لايموت.. الشاهد الذي دخل الحياة عنوة ولن يغادرها أبداً .. إنه الشاهد الأسطورة ، وهذه هي الشخصية غير القابلة للموت ، ولدت لتحيا ، وتحدت لتستمر ، هذا المخلوق الذي ابتدعته لن ينتهي من بعدي ، بالتأكيد ، وربما لا أبالغ إذا قلت أني قد أستمر به بعد موتي ) .

هذا هو فهم ناجي العلي لـ :"حنظلة " ودوره في الأحداث من خلال رسوماته فــ "حنظلة " الذي انطلق حاملاً " كلاشينكوفاً" ثم عقد يديه مديراً ظهره مابعد عام 1973 ، هو الوجه الأساسي لناجي العلي في قراءته السياسية للواقع العربي ، وفي ترصده لهذا الواقع والغعلان عنه ، ولربما تسنت لــ"حنظلة " فرصتان اثنتان كان خلالهما الحديث اليومي للشارع العربي و" باروميتر" سياسة الفوق العربي . وهما الخطوة الأوضح التي قادها " انور السادات " باتجاه إسرائيل والصلح معها وفق اتفاقيات كامب ديفيد حيث أخذ "حنظلة " على عاتقه الوقوف بوجه هذا الماسر السياسي ، والخطوة الثانية : هي دخول المفاوض الفلسطيني حلبة الصلح مع " إسرائيل والتراجع عن برنامج التحرير" ...

وعلى هذا المفترق أحس "حنظلة " واحد بقادر على المواجهة ، فظهرت في لوحات ناجي العلي روؤس متعددة لـ "حنظلة "وظهرت في الرسومات المتأخرة لناجي العلي علامات النبؤة بحتمية الرصاصة الغادرة ، فأطلق "حنظلة " ليصرخ معلناً صريحاً بأن كاتم الصوت يقترب من رأسه المدور ...

ولو تمعنا جيداً في "حنظلة " : هذا الثابت المتحرك في لوحات ناجي العلي ، هذه الشخصية المعبرة في معظم رسوم ناجي العلي عن أشد المواقف حراجة بجرأة منقطعة النظير عبر الحركة والصراخ والتعليق الساخر المتكامل مع شخصيات اللوحة وطبيعة الحدث ومفارقاته ، لوجدنا أنها تعني أيضاً الطفل العربي المطحون والمصادر الطفولة بفعل الفقر والحرمان والجهل والإحباط والمرض والشقاء .. إن "حنظلة " هو الجيل القادم بكل ما أورثناه إياه من عناء وهزائم وتخلف ... إنه ضمير هذه الأمة الحي وصوت البراءة الطفولية الذي لا يهادن ، بل يعطى الأشياء ألوانها ومسمياتها الحقيقية فلا مكان للمجاملة – وعن سابق وعي وإدراك - فالأبيض أبيض والأسود اسود ، يقول للعميل : أنت عميل ، وللمنحرف : أنت منحرف ، وللانتهازي : أنت انتهازي ، وللمستغل " بكسر الغين " : أنت مستغل .. هكذا وبدون مقدمات وبلا وجل .. تماماً مثلما يعبر عن حبه وتلاحمه مع الوطني والمخلص والشريف عبر الحركة أو الكلمة ...


فهو طفل يقاوم مع الأطفال الفلسطينين بالحجارة ، وهو المعبر عن خبه للبنان ومصر في العديد من اللوحات ، وهو الجالس باطمئنان على قدم " الرجل الطيب" بينما الأخير يخط لوحة بسكين كتب عليها :

"
ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا " وهو الراكض بلهفة ماداً ذراعيه عندما يشاهد تلك تلك القبضة الرافعة لعلم فلسطين تشق الأرض لترتفع بعنفوان .. تماماً كما هو ذلك المحتج الرافض والمهاجم بريشته التي تشبه السيف " الميكروفونات " متعددة الأشكال والأحجام ، صارخاً بعبارة خالدة " ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة " .


هو أيضاً في لوحة أخرى وفي ذكرى معركة حطين يقول : " كانوا اغتالوه " رداً على الرجل الطيب الذي تمنى لو كان صلاح الدين حياً ..
<!--

إنه القائم بالفعل في لوحات كثيرة منها رجمه الصهتينة بالحجارة ، وحمله " الكلاشنكوف" ورجمه للنجمة السداسية بالحجارة ، ورفعه علم فلسطين مكان العلم الإسرائيلي .. إلخ ..



صور كثيرة ، كثيرة ، توضح إلى حد بعيد الدور الإيجابي لهذا الـ "حنظلة " الذي لم يكن صدفة حافي القدمين ، مرقع الثياب ، تخرج من رأسه المدور بضع شعيرات مستقيمة تشبه انبعاث الأشعة .. فــ "حنظلة " هو ابن الشعب والمنتمي لطبقة المسحوقين والمحرومين والمظلومين والمشردين والمضطهدين ـ الذي تعج بهم ساحتنا العربية ـ إنه الشخصية المنتمية لقضاياهم والموجهة لهم على طريق الخلاص .. فالشعيرات التي تنطلق من رأسه المدور كالإشعاع في خطوط مستقيمة إنما تعطي الإنطباع بأن "حنظلة " يحمل في وعيه موقفاً ينير الدرب لهذا الطبقة الكادحة المضطهدة وجرأته وتحديد الصارخ للجلادين والقتلة والمستغلين ( بكسر الغين ) والمحتلين ، بل وعبر تحديه للموت في شتى صوره ..

فها هو "حنظلة " الفاعل والمؤثر والمحرض ، "حنظلة " الشاهد والقاص ، "حنظلة " الضمير الحي ، "حنظلة " ابن الجماهير الذي يكتف يديه معطياً ظهره للقاريء لأنه لا يعرف ان ظهره محمي من أبناء الشعب الذين يقرأون خطابه اليومي المعبر عن تطلعاتهم وآمالهم .

نقلاً عن كتاب الموضوع والأداة في فن ناجي العلي أحمد عنبوسي
<!--

 

 

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 121 مشاهدة
نشرت فى 27 مايو 2011 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

356,726