الدولة الأسلامية والمجتمع الأسلامي
ان كثير من الناس لا يستطيع التفريق بين الدولة الأسلامية والمجتمع الأسلامي مما يترتب عليه الكثير من المغالطات والتصرفات الغير محسوبة والغير منطقية وبالتالي ندخل في دائرة المنظار والأفق الضيق ...ان فكرة تكوين الدولة الأسلامية والذي جاء بعد بعث سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان له كثير من الحسابات المجتمعية والدستورية والقانونية وحتى الفكرية والعقائدية .. الكل يعلم أن تاسيس الدولة الأسلامية والحكم بالشريعة جاء بعد الهجرة النبوية المشرفة والتي كانت اللبنة الأولى في تاسيس نظام ودستور اسلامي متميز يقوم على اساس العدل والمساواة واحترام خصوصية الغير خاصة في مبدأ العبادات وحرية الأديان وكان قوله عليه الصلاةوالسلام ( انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) لهو خير دليل على أن الدين مكمل ومتمم للأخلاق والتي بالأساس كانت موجوده قبل الأسلام والدليل على ذلك قوله ( لأتمم ) ولم يقل ( لأتي أولأبدأ ) ثم ما تبعه من تسامح بالعيش وقبول ألآخر بعد فتح مكة وخطبة الرسول علية الصلاة والسلام الشهيرة ( من دخل بيت ابي سفيان فهو آمن ) وما جاء بعده من تعايش سلمي بين المسلمين واهل الديانات الأخرى شريطة عدم العبث بأمن وأستقرار الدولة ...مما سبق ذكره فأننا نجد أن انشاء وتأسيس وتثبيت اركان الدولة الأسلامية منوطآ بأولى الأمر وساسة الحكم والمؤتمنين على مصالح الأمة وليس على ألأفراد ليقوم أي فرد باقامة حدود الله كيفما يشاء وعلى من يشاء وكل على طريقته وعلى حسب فهمه لهذه الحدود ... لقد وضح لنا الأسلام أسمى معاني التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم وبما أحل وحرّم الله عز وجل في كتابه العزيز وبما جاءت به السنّة النبوية الشريفة وهذا الأساس كان ايضآ قانون للتعايش المجتمعي الخلاق المبني على نظم سليمة لم يكن ليدوم ألآف السنين الا باتباع هذه القوانين والعمل على اذكاءها وتحسين صورتها بالمودة والأخلاق وحسن العشره ..لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام عنصريآ والعياذ بالله ولم يكن ليرضى على امته أن تحيا في منظار ضيّق ولا يجب علينا أن ننسى قوله عليه الصلاة والسلام حين أوصانا بأمنا مارية القبطية رضي الله عنها وبأهلها خيرآ وهذا اكبر دليل على التعايش السلمي والتسامح وحب الآخرين وقبولهم على ما هم عليه ...
ان التفريق بين منظومة الدولة الأسلامية والمجتمع السلمي الأسلامي والذي يجب أن تحدده معايير ومنطلقات أخلاقيه مبنية على اساس الخلق الديني وليس التعصب الديني هو ما ننشده في حياتنا وهو ما نطمح في الوصول اليه لكثير من الأسباب وأهم تلك السباب أن الله سبحانه وتعالى لا يحاسب الفرد عن عبادة غيره بل يحاسبه عما فعل مع غيره وهذا أكبر دليل على أن الله لا يرضى بظلم الأنسان لأخيه مهما كانت ديانته ..فالمسلم وغير المسلم يحاسبهم الله على ظلمهم للآخرين ودون الرجوع الى ديانتهم لأن حساب الدين خاص بالله وحده وله حساب غير عن حساب أفعال البشر مع البشر...
أنا أعلم أن كثير من الأخوه سيستوعبون مقالي هذا وكل على حسب رؤيته للأمور ..ولكن في النهاية اريدكم أن تعلموا أن الذين ينشدون قيام دول اسلامية يحكمها شرع الله تعالى عليهم ألا يخلطوا بين ذلك وبين قيام مجتمع اسلامي أخلاقي سلمي يقبل الآخرين ويتعايش معهم وهذا ما يفعلونه ويطبقونه في دولهم فلماذا لا نعاملهم بنفس الطريقة عندنا .. كثير من الناس يردد مقولة أن اساس التعايش السلمي وتقبل الآخرين يندرج تحت مقولة أن الدين لله والوطن للجميع وأنا اقول للجميع أننا كلنا لله ولله ما شاء والله خير الحاكمين
ساحة النقاش