<!--<!--<!--<!--

الهرمونات و دورها في نمو و تزهير و إثمار النباتات

بقلم الدكتور عاطف محمد إ إبراهيم

كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية

ما هو الهرمون:

تعد الهرمونات من أهم المنظمات الكيميائية اللازمة لنمو و تطور جميع الكائنات الحية. و يمكن تعريف الهرمون بأنه عبارة عن مركب كيميائي غير غذائي, ينتج في أنسجة معينة للكائن بتركيزات ضئيلة,  ثم ينتقل و يحدث تأثيره في أنسجة أخرى بعيداً عن مناطق إنتاجه. تظهر الهرمونات تأثيراتها عند تركيزات ضئيلة جداً, فعلى سبيل المثال, وجد أن نبات الأناناس تحتوي أنسجته على 6 ميكروجرام من إندول حمض الخليك IAA – الهرمون النباتي الشائع – لكل كيلو جرام واحد من النبات. وكلمة هرمون مشتقة من اليونانية Hormaein و تعني التنشيط أو التحفيز أو الاستحثاث, غير أنه ثبت أن هناك بعض الهرمونات ذات التأثير التثبيطي بجانب تأثيراتها التنشيطية,

1 – الأوكسينات

ما هو الأوكسين:

وردت التقارير الأولى التي تشير إلى التجارب التي أجريت على المواد المنظمة للنمو بواسطة العالم تشارلز داروين و ولده فرانسيس, وقد نشرت نتائج هذه التجارب عام 1881 تحت أسم قوة الحركة في النباتات "The power of movement in plants".

لقد بنى دارون  ملاحظاته على انحناء بادرات حشيشة الكناري " Phalaris canariensis"  و بادرات الشوفان "Avena sativa" في اتجاه الضوء , و هي الظاهرة التي تعرف بالانتحاء الضوئي "Phototropism" , ثم أوضح بعد ذلك أنه عند تغطية الجزء العلوي للسويقة الجنينية (الغمد الذي يحمي ساق البادرة) بحلقة اسطوانية من ورق الألمونيوم أو بأنبوبة زجاجية مفرغة و مطلية  بطلاء أسود, ثم عرضت البادرة لضوء جانبي (قادم من جانب واحد), لم يحدث انحناء, في حين أنه إذا أحيطت القمة بأنبوب شفاف يحدث الانحناء طبيعياً. و قد بينت نتائج هذه التجارب لداروين و ولده أن هناك اتصال بين قمة البادرة (النسيج المستقبل لتأثير ضوء الشمس) و باقي السويقة, حيث تحدث استجابة النمو, مما حدا بهما إلى القول بأننا لا بد أن نقرر بأنه عند تعريض الشتلات لضوء جانبي, ينتقل بعض التأثير من الجزء العلوي إلى الجزء السفلي مسبباً انحنائه.

و في عام 1926 نجح عالم فسيولوجيا النبات الألماني ( ونت) Went في عزل هذا المؤثر من قمم السويقة الجنينية لعدد من بادرات الشوفان, ثم قام بوضع هذه القمم على قطعة من الآجار, بحيث يتلامس الآجار مع أسطح القطوع و لمدة ساعة تقريباً. بعد ذلك قام بتجزئة الآجار إلى مكعبات صغيرة ثم وضع مكعباً واحداً أعلى ساق كل بادرة  - في اتجاه واحد – بعد إزالة القمة النامية منها, و حفظ البادرات في الظلام طوال فترة التجربة. خلال ساعة, لاحظ انحناء واضح لقمة البادرة بعيداً عن الجانب الذي وضع عليه مكعب الآجار, أما المكعبات التي لم تعرض سابقاً لقمة السويقة لم تحدث الانحناء. , بالإضافة لذلك, وجد أن المكعبات التي لاصقت أو لامسة القمة سابقاً لم تحدث أية تأثيرات فسيولوجية عند وضعها على أجزاء سفلية من ساق البادرة بعيداً عن القمة النامية.

بهذه التجارب أوضح ( ونت) أن قمة البادرة تظهر تأثيرها عن طريق مادة كيميائية أكثر من كونها منشط طبيعي مثل التيار الكهربائي, و من ثم أطلق عليها لفظ أوكسين auxin المشتق من الكلمة اليونانية auxein التي تعني زيادة, و انحناء قمة البادرة بعيداً  عن الجانب الذي وضع عليه مكعب الآجار يرجع إلى التوزيع غير المتماثل للأوكسين و الذي يسبب بدوره زيادة غير متوازنة في حجم الخلية . بعد ذلك أمكن عزل و معرفة الأوكسين الطبيعي و الذي سمي إندول حمض الخليك (IAA), و الذي يشبه في تركيبه البنائي تركيب الحمض الأميني تربتوفان و الذي يعد المصدر الأساسي لتخليق إندول حمض الخليك في النباتات. و يخلق IAA في القمم النامية, شكل (1). لم يمر وقت طويل بعد اكتشاف الأوكسين و دوره في استطالة الخلايا, إلا و اكتشف تأثيره المثبط على نمو البراعم الجانبية, فعلى سبيل المثال, وجد أنه عند إزالة الميراستيم القمي للفرخ, تبدأ البراعم الجانبية في النمو, و لقد استفاد زراع الفاكهة من تلك الظاهرة بغرض تشجيع النمو الجانبي المنتشر و الحد من ارتفاع الأشجار, بغية تسهيل المعاملات الزراعية التي تجرى على الأشجار مثل مكافحة الآفات و جمع المحصول و غيرها.

شكل (1)

<!--<!--<!--

دور الأوكسين:   

  1. الأوكسين و تميز الخلية: يؤثر الأوكسين في تميز النسيج الوعائي في الفرخ النامي, فعند غزالة جزء من جانب ساق Coleus, بحيث يشمل جزءاً من الحزم الوعائية, سوف تتكون أنسجة وعائية جديدة من خلايا النخاع حتى تتصل بحزم المناطق غير المقطوعة. لكن لو أزيلت الأوراق و البراعم أعلى مكان القطع, سوف يتأخر تكوين خلايا جديدة. و عند إضافة  IAA لأعناق الأوراق المزالة, يستمر تكوين النسيج الوعائي. كذلك يلعب الأوكسين دوراً هاماً في ربط الحزم الوعائية بالأوراق بالحزم الوعائية الموجودة في الساق.
  2. الأوكسين و نمو الجذور: يشجع الأوكسين من تكوين الجذور العرضية على العقل الساقية للكثير من الفواكه مثل الزيتون و الرمان و العنب و التفاح و غيرها.
  3. الأوكسين و نمو و شكل الثمار: ينشط الأوكسين من نمو الثمرة, فالمعروف أنه في الظروف الطبيعية, أن الثمرة لن تنمو و تتطور إلا إذا حدث التلقيح و الإخصاب للزهرة حتى تتكون أجنة البذور التي تقوم بإفراز الهرمون الطبيعي الذي يعمل على كبير المبيض و تكوين الثمرة, و بدون حدوث التلقيح تسقط الأزهار و لا تتكون الثمار, غير أنه في بعض الفواكه الأخرى مثل البرتقال أبو سره, الجوافة البناتي, الأناناس و الموز تتكون الثمرة دونما الحاجة إلى تلقيح أو/ و إخصاب (التكوين البكري للثمار), و يرجع ذلك إلى احتواء مبايض أزهار هذه الفواكه على مستويات عالية من الهرمون الطبيعي IAA الذي يعمل على زيادة حجم المبيض و نموه إلى ثمرة كاملة, و هنا تجدر الإشارة إلى أن حبات العنب البناتي (الخالية من البذر) لا تقع تحت مجموعة الفواكه التي تكون ثمارها بكرياً , ففي العنب البنات لن تعقد الحبات إلا إ ذا تمت عمليتي التلقيح و الإخصاب على الوجه الأكمل, إلا أن الذي يحدث أنه عقب التلقيح و الإخصاب و تكون الجنين يبدأ الأخير في النمو إلا انه يجهض (يموت) في مرحلة مبكرة من تطوره, و على ذلك لا تتكون بذور كاملة أو متطورة بل يوجد بدلاً من ذلك آثار بذور و من ثم يتبع العنب البناتي مجموعة أخرى تسمي "Stenospermocarpy" . كما وجد إبراهيم 1996 أن عدم حدوث إخصاب للثميرات (الأكينات) الموجودة على ثمرة الفراولة يؤدي إلى تشوه المظهر الخارجي للثمرة نتيجة توقف نمو التخت في المنطقة التي لم يحدث بها إخصاب, وذلك نتيجته عدم إفراز الهرمون الطبيعي الذي ينتج من أجنة البذور كما في الحالة الطبيعية.
  4. الأوكسين و تساقط الثمار: استخدمت الأوكسينات على نطاق واسع لمعاملة أشجار العديد من النباتات و الفواكه بهدف لمنع تساقط الأزهار و الثمار و من ثم تقليل الفقد خلال عمليات الإنتاج, حيث قلل استخدام الأوكسينات إلى حد كبير من تساقط ثمار الموالح, إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن زيادة تركيز الأوكسينات المستخدمة قد يشجع أو يزيد من تساقط الثمار, و من ثم فقد استخدمت الأوكسينات كوسيلة من وسائل خف ثمار الزيتون و التفاح و غيرها.
  5. الأوكسين و مكافحة  الحشائش:  استخدمت الأوكسينات المصنعة لمكافحة الحشائش النامية بالأراضي الزراعية على نطاق واسع, و على الرغم من وجود العديد من هذه المركبات, إلا أن مركب 2, 4 - D هو الأكثر استخداماً.

المراجع:

1 – عاطف محمد إبراهيم – 1996 – الفراولة, زراعتها, رعايتها و إنتاجها. منشأة المعارف – الإسكندرية – مصر.

2 - عاطف محمد إبراهيم – 1998 – أساسيات إنتاج أشجار الفاكهة, زراعتها, رعايتها و إنتاجها. منشأة المعارف – الإسكندرية – مصر.

3 - عاطف محمد إبراهيم – 2002 – دور الكيمياء في نمو, تزهير و إثمار النباتات (1) الأوكسينات – مجلة الجمعية الكيميائية الكويتية. 49: 33 – 35.

 

4 – Raven, P. H. and R. Evert. 1981. Biology of plants. Worth Publishers, INC, N. Y.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3307 مشاهدة
نشرت فى 10 مايو 2015 بواسطة FruitGrowing

PROF.DR.Atef Mohamed Ibrahim

FruitGrowing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

779,677