جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا القضاء من أهم السلطات ؟ أليست الوقاية خير من العلاج ؟ .
لست ناقمًا على أحد أو مقللاً من شأن أحد . ولكنى متأمّلاً لحالنا بوجه عام ، ومنه أزمة القضاة والمحامين ، على خلفية مشروع قانون السلطة القضائية ...
يقولون أن السلطة القضائية من أهم سلطات الدولة الحديثة ، لذلك فإن إصلاحها واستقلالها يعتبر من مقومات نجاح الأمة واستقامتها ! ، فهل القضاء المستقل هو الذى يُحقق الإصلاح أم أن الإصلاح هو الذى يحقق القضاء المستقل ؟ .
إن حاجة المجتمعات ( الملحة ) للقضاء دليل على انتشار الفساد فيه ، لذلك فإن أهمية القضاء تأتى بقدر التزام المؤسسات والأفراد ، وكلما زاد هذا الالتزام قلّت المنازعات ومن ثمَ قلت الحاجة للقضاء ، والعكس بالعكس .
ولعل هذا ما نلحظه فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والخليفة عمر بن عبدالعزيز ، رضي الله عنهما ، فهما يضربان المثل فى هذا المقام : حيث التزم الحاكم والمحكوم ففرغ القاضى ...
وهذا لا يعنى التقليل من دور القاضى وإنما يبيّن السبب الحقيقى وراء اللجوء للقاضى ، وهو أن هناك من لم يلتزم بما هو عليه وما هو له ، فنتجت منازعة ، دعت الحاجة لقاضٍ كي يفصل فيها ، ولو أننا اجتهدنا اجتهادهم لفرغ قضاتنا فراغ قضاتهم ، ولتواضع قضاتنا تواضع قضاتهم ، ولصَلُحَ قضاتنا صلاح قضاتهم ...
لقد افتخر أغلب قضاتنا يوم وجدوا بين أيدهم أمر كل كبير وصغير ، يوم كان شعار المجتمع ( قضية لكل مواطن ) ، كما أن الكم الهائل من القضايا الملقاة على عاتق القضاة اليوم أنساهم حقيقة مكانتهم ورسالتهم – ولعلهم معذورون - ، فحقَّ لهم أن يحددوا مكانتهم بقدر حاجة المجتمع إليهم ...
إن حقيقة المكانة التى يعتليها القضاء اليوم إنما هى بسبب فساد المجتمعات وليست بسبب إدراكهم الحقيقي لرسالتهم المقدسة ، التى هى من رسالة الأنبياء ، لأنهم لو حققوا مكانتهم فعلاً : لفروا منها ولكنهم تمسكوا بها وطلبوها لأولادهم ، ولكان ديدنهم استغفار الله قبل كل قول أو فعل ولكن منهم من تعالى وتكبّرَ ...
إن النظر السديد – فى رأيى – يستدعى القول بأننا فى حاجة لإصلاح مجتمعى حقيقى أكثر من حاجتنا لإصلاح قانون السلطة القضائية أو إصلاح قانون المحاماة ، وإلا فإننا نستعد للمرض بتوفير العلاج وليس بالوقاية منه
المصدر: بقلم / عصام الدفراوى
ساحة النقاش