المهام الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس.
تؤكد الدراسات والبحوث، كما يشير الواقع إلى أن أعضاء هيئة التدريس يكلفون - بصفة عامة - أن يقوموا بأدوار ثلاثة فى مجالات وظيفية معروفة هى التدريس والبحث العلمى وخدمة المجتمع، ومع ذلك فالاهتمام الأول يتركز على الدور التعليمى، وله الاعتبار والتقدير من حيث جدول العمل، ومكافآت التدريس، ويترك البحث العلمى لاهتمامات الأستاذ الشخصية - ودافعها الرئيس - الترقية للحصول على الدرجة الوظيفية، أما عن العمل فى مجال خدمة المجتمع، فهو مهمش للغاية، أو رمزى، أو على سبيل التطوع، أو مقابل الأجر.
ويتبادر إلى الذهن مباشرة أن الجهد المبذول فى مهمة من المهام هو المقياس الحقيقى لها، ولكن سرعان ما يتبين وجود عدد من المتغيرات التى تؤثر فى هذا الجهد، مما يعقد مشكلة قياس المهام وعلى سبيل المثال، إذا أخذنا الجهد المبذول فى التدريس نجده يتأثر بعاملين اثنين على الأقل هما:
<!--مستوى الطلاب : هل الطلبة مبتدئون أو فى المرحلة النهائية، أو أنهم فى الدراسات العليا، إذ قد يجد بعض أعضاء هيئة التدريس أن التدريس للمبتدئين أكثر صعوبة من التدريس لطلاب الدراسات العليا، أو بالعكس، وتجدر الإشارة إلى المستوى المتدنى للطلاب أثناء عملية الإعداد فى المرحلة الثانوية(<!--).
<!--الطريقة المتبعة فى التدريس : كالتدريس بقاعة للمحاضرات والتدريس بمعمل أصوات، والفرق بين عدد الطلاب فى القاعتين، إلا أن إلقاء المحاضرات قد يكون أسهل من العمل فى معامل الأصوات.
ويساعد توافر هذه المهارات لدى أعضاء هيئة التدريس على التغطية على ضعف غيرها من المهارات، وقد لا يهم الطالب من معلمه أكثر من حسن المعاملة بغض النظر عن المستوى التدريسى لهذا المعلم، وإن كان الطالب المعلم - على وجه التحديد - ينتظر من معلمه إلى جانب الاحترام وحسن المعاملة، أداءً تدريسياً نموذجياً يساعد فى إكسابه لمهارات التدريس اللازمة لعمله فى المستقبل القريب.
وما دام الأمر على هذا الواقع الرائع من العلاقات بين عضو هيئة التدريس والطلاب، ويبلغ تأثيره فيهم إلى هذا الحد، فمما لا شك فيه أن عضو هيئة التدريس إذا تبنى نموذجاً لإدارة الوقت لأمكن التأثير غير العادى فى طلابه، ولأمكننا أن نوجد أجيالاً متعاقبة، تعمل على إيجاد صيغ مناسبة وحلولاً متتالية لدى أمة تؤمن بأهمية إدارة الوقت.
ويتنوع أعضاء هيئة التدريس من حيث العمر، والصحة والخبرة، والاهتمام بمشكلات المؤسسة التعليمية، وطرق التدريس، وكل ما يحيط بالكفاءة الإنتاجية من عوامل، وعلى هذا الأساس فإن مبدأ الفروق الفردية يؤثر بدوره فى طبيعة المهام وتوزيعها.
وقد حدد القانون (49 لسنة 1972) بعضاً من هذه المهام التى يؤديها أعضاء هيئة التدريس، بدءاً من الأستاذ وحتى المدرس، وحتى مع المهام الإدارية المختلفة من رئيس القسم وانتهاءً برئي الجامعة، ومع ذلك فإن هناك العديد من المهام والأدوار التى يؤديها أعضاء هيئة التدريس ولم ينص عليها القانون، وبالتالى فإن الدراسة الحالية ستعرض الأمرين معا للكشف عن مجموعة الأدوار التى يؤديها عضو هيئة التدريس وبما يكشف عن إدارته لوقته.
تنص التشريعات المنظمة لهذه المهام على ما يلى:
<!--على أعضاء هيئة التدريس أن يتفرغوا للقيام بالدروس والمحاضرات والتمرينات العملية وأن يسهموا فى تقدم العلوم والآداب والفنون بإجراء البحوث والدراسات المبتكرة والإشراف على ما يعده الطلاب منها والإشراف على المعامل وعلى المكتبات وتزويدها بالمراجع(<!--).
ويشير هذا للعبء الذى يبدأ بالتفرغ للقيام بالدروس والمحاضرات والتمرينات العملية، ويمثل ذلك التدريس، بالإضافة لما يقوم به من إعداد واختيار للمذكرات الطلابية والمراجع التى يمكن أن يرجع إليها الطلاب أو الباحثون.
وإذا وقفنا أمام مهمة التدريس فسوف نجد أن الدراسات المتعلقة به تؤكد على أن التدريس عملية، يقصد منها عدد الساعات التى يكلف بها عضو هيئة التدريس، للقيام بالتدريس لطلابه، وهذه تتباين من عضو لآخر وقد تصل إلى اثنتى عشرة ساعة ( مع احتمال الزيادة والنقصان )، وقد نجد بعض أعضاء هيئة التدريس، كالعمداء أو الوكلاء أو من هم فى درجتهم العلمية، لا يمارسون مثل هذه المهام، نظراً لارتباطاتهم الإدارية والأكاديمية(<!--).
وبالإضافة إلى الساعات الفعلية للتدريس، فإن هناك عدد من الساعات الأخرى التى ترتبط ارتباطا مباشرا بها كعدد ساعات التحضير والتوجيه والإرشاد، من خلال الساعات المكتبية ووضع الاختبارات وتصحيحها وتطوير محتوى مقرره وارتباطه بدورات تدريبيه أو إشرافية خلال الساعات العملية، سواء فى المعمل كالإشراف على الكلية فى المختبرات، أو خارج نطاق المؤسسة ذاتها، ويضاف إلى هذا أن طبيعة المقررات أو مستواها قد يؤثر فى ساعات العمل، فالتحضير مثلا لمقررات السنة الأولى قد يختلف اختلافا جوهريا عن مقررات السنة الرابعة(<!--).
كما أن الإشراف على المشروعات الخاصة للطلبة وأبحاثهم قد يتطلب عددا إضافيا من الساعات وهو متغير يؤثر فى عدد الساعات المخصصة للتدريس لدى عضو هيئة التدريس مضافا إلى كل هذا أن عدد الطلاب فى كل مقرر من شأنه أيضا أن يؤثر على عدد الساعات المخصصة لعضو هيئة التدريس فى هذا النشاط أو ذاك.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن إلقاء المحاضرات وحده حسب نصاب أعضاء هيئة التدريس يستغرق ( 13 ساعة أسبوعيا )، كما أثبتت الدراسات التى أجريت حول نفس الموضوع أن كل ساعة محاضرة أو تدريب تتطلب ما بين ساعتين إلى أربع ساعات للإعداد والتحضير قبل المحاضرة، وذلك بمتوسط ثلاث ساعات، وبالتالى يصبح الزمن المستغرق لإلقاء المحاضرات والإعداد لها هو (13×3=39 ساعة أسبوعيا )، وبما يساوى ( 39×4=156 ساعة شهريا )، وبما يعادل ( 156×10=1560 ساعة سنويا ) على اعتبار أن السنة عشرة أشهر فقط.
ويتصل بالتدريس كذلك إعداد المذكرات ومفردات المقرر الجديد الذى يقدمه عضو هيئة التدريس، ولو سلمنا بأن ذلك يستغرق فى الفصل الدراسى الواحد عشر ساعات وأن كل عضو مسؤل عن ثلاث مقررات فى كل فصل دراسى، فإن مجموع ذلك فى فصلين دراسيين يمكن أن يعادل (10×6=60 ساعة سنويا )، وعملية طباعة المقررات تستغرق على الأقل خمس ساعات لكل مقرر فى ثلاثة مقررات أى بما يعادل ( 15 ساعة سنويا ) على الأقل.
ومعنى ذلك أن معدل ساعات التدريس فى العام لا تقل بأى حال من الأحوال لكل عضو هيئة تدريس بالجامعات عن (1560 + 60 + 15 = 1635 ساعة سنوياً ) فى مهمة واحدة هى التدريس، والسؤال هو أين نصاب باقى المهام التى يؤديها أعضاء هيئة التدريس، وخاصة النصف الباقى من المادة السابقة من قانون الجامعات والتى تنص على ضرورة، أن يسهموا فى تقدم العلوم والآداب والفنون بإجراء البحوث والدراسات المبتكرة والإشراف على ما يعده الطلاب منها والإشراف على المعامل وعلى المكتبات وتزويدها بالمراجع، ولعل فى ذلك ما يشير إلى مهمة البحث العلمى.
وإذا حاولنا فهم هذه المهمة نجد أن الدراسات ذات العلاقة بهذا الجانب تؤكد على أن " البحث العلمى يقصد به النشاط الذى يقوم به عضو هيئة التدريس، لتطوير العلوم من خلال إجراء البحوث الميدانية أو المساهمات الفكرية، ولا شك أن هذا المجال يتطلب أيضا عددا من الساعات تنقضى فى إعداد البحوث وإجراء التجارب وجمع العينات والبيانات الخاصة بالبحث، أو المشاركة فى المؤتمرات، أو كتابة الكتب ، أو إجراء البحوث المكتبية، وكل هذه الأمور تعتبر جزءاً أساسياً من النشاط الأكاديمى لعضو هيئة التدريس"(<!--).
فإذا ما كان عضو هيئة التدريس مطالبا بتنمية وخدمة مجتمع الجامعة أو المجتمع خارج الجامعة، فإن ذلك نشاط يرمى للهدف الثالث، أو الوظيفة الثالثة من وظائف الجامعة وهى خدمة المجتمع، التى يقصد بها تلك الأنشطة التى يقوم بها عضو هيئة التدريس فى مجتمع الجامعة ذاتها، أو المجتمع خارجها، وقد يتم هذا النشاط من خلال المشاركة فى اللجان الجامعية المختلفة، سواء على مستوى الجامعة، أو الكلية، أو القسم، أو قد تكون من خلال الأعمال الإشرافية الإدارية داخل الجامعة وخارجها كتنظيم المؤتمرات، والندوات والأنشطة الاستشارية والانتدابات والعمل فى اللجان الخارجية وغيرها(<!--).
وهذا الدور الذى يقوم به عضو هيئة التدريس بالجامعات المصرية، لم تعرفه هذه الجامعات ولم يعتمد فيها إلا بعد مائة وخمسين عاماً تقريباً من تأكده فى الجامعات الأوربية والأمريكية، وأما فى مصر فكانت البدايات الأولى لهذا الدور ( الهدف ) عندما صدر القانون رقم (354 لسنة 1956م ) واكتمل بوضوح فى القانون رقم ( 184 لسنة 1958م ) ومن بين ما جاء فيه :
إن الجامعات فى جمهورية مصر العربية هيئات علمية تختص بكل ما يتعلق بالتعليم العالى الذى تقوم به كلياتها ومعاهدها، وتعمل على تزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء فى الفروع المختلفة بما يفى بحاجاتها العلمية والفكرية، وتعنى الجامعات بإجراء البحوث العلمية وتشجيعها، والعمل على رقى الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية.
كما أن هذا الدور والعمل على تحقيقه فى الجامعات المصرية" أكثر قصوراً، وأكثر تهميشاً من غيره من الأدوار ففى معظم الجامعات لا توجد سياسات مخططة إجرائياً وتطبيقياً لفترات زمنية، ( عشرية أو خمسية أو حتى سنوية ) لممارسة أعمال الخدمة فى البيئة والمجتمع برؤية واقعية، وفى ممارسات جادة وحقيقية، ولا يعلن عهنا بإعلام وظيفى وترتبط بها منهجية تسويق أو تقام لها مراكز ووحدات مؤسسية لها ميزانية وهيئة إدارية وكوادر تنفيذية وتقويمية"(<!--) فى كثير من الأحوال والجامعات والكليات، فى حين يتوجب على عضو هيئة التدريس الاتصال بالمؤسسات الأخرى والتعرف على حاجاتها، ومعرفة كيف يفيد من معرفته ومهاراته، وكيف يحقق أهداف المجتمع الأكاديمى، وأهداف مجتمعه، ليس فقط من خلال معرفة أهدافهم ، وإنما يجب أن يوجه أفراد المجتمع إلى الأهداف التى يجب أن يسعوا لتحقيقها(<!--).
وإذا كان أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية مثقلون بهموم التدريس، ومواجهة التزايد السنوى فى أعداد الطلاب المتزاحمين فى قاعات دراسية سيئة التجهيز، وإهمال البحث العلمى عدى ما يتصل بالترقية، بما يصرفهم وجامعاتهم عن التفكير فى مشكلات الجماهير وكيفية إشباع حاجاتهم مما تختص به الجامعات، فإن المؤسسات المجتمعات المحلية فقدت ثقتها - إلى حد كبير - فى الجامعات وفيما يمكن أن تقدمه لها من خدمات.
وفى الواقع فقد لا نجد - فى كثير من الأحيان - مشروعات خدمية، إلا ما يتم فى شكل استعراضات دعائية، كالقوافل الطبية، والحملات الإرشادية التطوعية السنوية فى عطلات موسمية، أو أن تقوم الجامعة ببسط رعايتها التشريفية على بعض المؤتمرات العلمية التى تعقدها الكليات فى برامج أنشطتها السنوية.
وحدد قانون تنظيم الجامعات رقم ( 49 لسنة 1972م ) فى مادته رقم ( 97 ) والتى أن على كل عضو من أعضاء هيئة التدريس أن يقدم تقريراً سنوياً عن نشاطه العلمى والبحوث التى أجراها ونشرها والبحوث الجارية، إلى رئيس القسم المختص للعرض على القسم، وعلى رئيس مجلس القسم أن يقدم تقريراً إلى عميد الكلية أو المعهد عن سير العمل فى قسمه وعن النشاط العلمى والبحوث الجارية فيه وما حققه القسم من أهداف(<!--).
وتطبيقاً على ما سبق جاءت نتائج الدراسات بما يأتى:
جدول رقم ( 1 )
واقع توافر وأهمية أداء أعضاء هيئة التدريس لمهام التدريس والبحث العلمى وخدمة المجتمع.
المحـــــــور |
التربية |
النظرية |
العملية |
المجموع |
||||
% التوافر |
% الأهمية |
% التوافر |
% الأهمية |
% التوافر |
% الأهمية |
% التوافر |
% الأهمية |
|
أولا التدريس |
||||||||
مهام ترتبط بالعملية التعليمية |
49.2 |
76.6 |
61.4 |
81.8 |
51.56 |
67.94 |
54.05 |
75.45 |
مهام ترتبط بإدارة المحاضرات |
48.8 |
72.5 |
54.4 |
81.6 |
44.30 |
61.70 |
49.17 |
71.93 |
مهام ترتبط بتقويم نتائج التعليم |
32.2 |
72.2 |
39.8 |
70.9 |
34.74 |
56.32 |
35.58 |
66.47 |
مهام ترتبط بالعلاقات مع الطلاب |
41.3 |
77.4 |
49.4 |
78.5 |
41.84 |
63.16 |
44.18 |
73.02 |
مهام ترتبط بالالتزام المهنى |
58.7 |
83.2 |
62.9 |
87.5 |
65.95 |
84.38 |
62.52 |
85.03 |
المجموع |
46.4 |
76.38 |
53.58 |
80.06 |
47.68 |
66.7 |
49.1 |
74.38 |
ثانياً البحث العلمى |
||||||||
مهام بحثية خاصة بالجامعة |
24.1 |
40.1 |
61.38 |
81.1 |
58.42 |
80.26 |
47.97 |
67.49 |
مهام بحثية خاصة بعضو هيئة التدريس |
54.6 |
84.4 |
59.0 |
58.24 |
50.0 |
69.74 |
54.53 |
70.79 |
مهام بحثية يجب توافرها فى عضو هيئة التدريس |
56.5 |
85.3 |
63.36 |
88.36 |
56.41 |
74.34 |
58.76 |
82.67 |
مهام بحثية خاصة بالطلاب |
64.3 |
79.1 |
67.59 |
84.83 |
55.26 |
71.84 |
62.38 |
78.59 |
المجموع |
49.88 |
75.23 |
62.08 |
78.38 |
55.02 |
74.05 |
55.66 |