التنمية و الاعلام و مشاركة الاقزام : 

 

كان للجنة الدولية لدراسة قضايا الإعلام المنبثقة عن اليونسكو والتى نشر تقريرها فى عام 1980 نتائج هامة على بنية الاعلام ووظائفه، خاصة فى مجال التنمية، وقد شكلت اللجنة برئاسة شون ماكبرايد وعضوية إعلاميين من مختلف دول العالم وتوصلت الى بعض المعايير التى يمكن أن تشكل مرجعية وإطاراً لأية سياسة إعلامية تنموية باعتبار أن الدور التنموى للإعلام يضع أسساً للحوار الإيجابى بسبب ارتباطه بطبيعة تطور المجتمعات واختلاف الاولويات التنموية ولا يمكن حدوث التنمية دون مشاركة جماهيرية حتى يصبح للاعلام دور حيوى فى توعية الجماهير وتعبئتها من أجل بذل الجهود للتنمية فوسائل الاعلام تقوم بدور فعال فى صياغة الرأى العام وتشكيله إزاء كل القضايا التنموية المطروحة.(١) 

   ويبرز دور الاعلام فى المجتمعات النامية باعتباره جزءاً من منظومة التعليم والتدريب ، وتأتى أهمية ان استخدام وسائل الاعلام فى الدول النامية ينبع من حاجة هذه الدول لدعم خططها التنموية و نشر  المعرفة بخطط الدولة وأهدافها، وقد أكدت  دراسات أجراها علماء الاتصال و الاجتماع على ذلك المفهوم ، و على رأس هذه الدراسات تأتي  الدراسة التى أجراها "ولبر شرام" على مائة دولة من الدول النامية لالقاء الضوء على العلاقة بين الاتصال الجماهيرى والتنمية، حيث توصل الى أن معامل الارتباط بين النشاط التنفيذى لوسائل الاعلام وبين نتائج تنفيذ خطط التنمية قد وصل الى 72%، وقد يكون أعلى من ذلك لوجود مجموعة من العوامل السلبية التى تحول دون تنفيذ الخطط التنموية فى كل من التخطيط الاعلامى والتخطيط للتنمية المطلوبة، وبالتالى فإن هذه العوامل السلبية قد أضعفت مستوى الارتباط وقللت درجته. ولابد أن تهتم السياسات الاعلامية فى الدول النامية خصوصاً بدور الإعلام فى دفع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن طريق تنمية القوى البشرية،  و الاستفادة من كل طاقات المجتمع ، و كذلك الاستفادة من معطيات العصر التقنية التي تمنح جميع فئات المجتمع فرصاً للمشاركة في عمليات التنمية ، بل ان كثيرا من ذوي الاحتياجات الخاصة برعوا في استخدام التكنولوجيا و معطيات العصر في مشروعات استهدفت تنميتهم و تنمية مواردهم و قدراتهم ،

وقد أكد منتدى "براج2000" على أهمية رأس المال البشرى وأوضح أن اقتصاد العولمة يكون ضاراً إذا لم يرتفع رأس المال الاجتماعى ويوسع فرص الحياة المتاحة أمام الناس (٢) .

 

ان اعظم ما يعانيه قصار القامة على السنتهم انهم لا يجدون تعاطفا مجتمعيا بل ان نظرة السخرية تسبق محاولات المساعدة و العون لاجتياز بعض المواقف الصعبة التي يمرون بها يوميا في ممارسة حياتهم الطبيعية ،

   إن المشكلة الأساسية لمعظم الدول  ليست فى الفقر فى الموارد الطبيعية وإنما التخلف فى التعامل مع الموارد الانسانية ومن هنا كان واجبها بناء الأفراد أو بناء رأس المال البشرى، ومعنى هذا رفع مستوى التعليم والمهارات وبث الأمل فى نفوس الناس، وبالتالى تحسين الصحة العقلية والجسمانية لرجالها ونسائها وأطفالها. لكل فئات المجتمع من الأسوياء و من اصحاب القدرات الخاصة ، لذلك فإن السياسات الاعلامية إذا استثمرت الامكانيات العصرية التكنولوجية فى بناء الإنسان فإنها سوف تساعد الأفراد جميعا على بناء أنفسهم خاصة أن كل فرد لديه الرغبة الطبيعية  فى التعلم من أجل التكيف مع بيئته المتغيرة على الدوام،

 وترتكز أسس نجاح تنمية المجتمع على توجيه أفراده لمساعدة أنفسهم والمساهمة فى الجهود التى تبذلها الحكومات لتحسين معيشتهم وتشجيعهم للقيام بدور فعال فى تنمية أنفسهم و تنمية مجتمعهم المحلى، و التشارك لوضع حلول تطبيقية لمشاكل المجتمع الذي ينتمون اليه ، و خلق حالة من التعاطف و التحفيز لدعم مشاركة كل انسان خاصة اصحاب القدرات الخاصة في التنمية ، و دعم قيم الاحترام بدلا من السخرية و الازدراء تجاه فئات تستحق التمتع بحياة افضل لتشارك في جهود عمليات التنمية العامة ،

 

إن الإنسان لاتنمو ملكاته الفكرية ومداركه العقلية إلا فى المجتمع وبالمجتمع وتؤدى الحياة الاجتماعية بالإنسان إلى استخدام ملكاته العقلية وتنمية هذه الملكات واتساع مداركه وأفق تفكيره كما أنها تسمو بعواطفه وروحه. (٣) ومن خلال التفاعل بين الأفراد ينتج التطور، و تقوم  وسائل الإعلام بدور  فى تطوير الإنسان  ، خاصة حين تعرض التجارب الجيدة و النماذج الفكرية و السلوكية التي تساهم في تطوير افراد المجتمع ، من خلال كل الاشكال الاعلامية من صحف و محطات راديو و شاشات التليفزيون و شبكات التواصل الاجتماعي التي اصبحت منتديات مفتوحة للنقاش و التباحث الذي يمكن استثماره باساليب احترافية لتقديم قيم جديدة ، و طرق مبتكرة و افكار ملهمة للتواصل الافضل مع ذوي الاحتياجات الخاصة لدمجهم في المجتمع بكرامة و انسانية و تحفيز على العمل و العطاء ،،

 

  يتطلب تحقيق التنمية  مشاركة واسعة من قبل المواطنين في العمليات التنموية؛ وفقا لقدراتهم و تخصصاتهم و خبراتهم المتراكمة ، و قد حدث ذلك في وضع القانون رقم  ١٠ لسنة ٢٠١٨ (٤)، فقدمت مصر النموذج لمشاركة ذوي الإعاقة في وضع قوانينهم و التعديل عليها و الغاء بعضها (٥) 

 

ومع التطور الكبير في المجتمعات أصبحنا أمام تحولات كبيرة وغير مسبوقة، أصبحنا في عالم القوة والقدرة على تغيير الأوضاع وفقاً لمحصلات القوة (٦) ، و لن يصبح ذلك ممكنا الا بمشاركة المعنيين بالتغيير في تطوير اوضاعهم و حل مشاكلهم ، 

  وأمام هذا العالم الجديد يبرز دور وسائل الإعلام في إحداث تغيير لدى الأفراد حتى يستطيعوا تنفيذ الخطط التنموية داخل مجتمعاتهم، إن أجهزة الإعلام لم تدعم الرغبة في التغيير بقدر ما دعمت تطلعات استهلاكية تخدم الجهاز الإنتاجي الرأسمالي في إضافة زبائن جدد لسلعه المتجددة. إن الإعلام الذي يساهم في التنمية يقدم أخباراًَ عن الخطط القومية، وعن أبطال العمل التنموي الذين يتعين أن يكونوا قدوة للآخرين، وأن يساعدوا الدولة في ضبط آمال وتطلعات المواطنين، ومرافقتها لخطة التنمية، لا تسبقها ولا تتخلف عنها، كما ينبغي أن تغرس في نفوس الناس أن مطالبهم واحتياجاتهم يتعين أن يفكروا فيها من خلال أوضاع المجتمع ككل وأن تقدم المجتمع وتطويره سيؤدي إلى تحقيق مطالبهم (٧) .

 

  ولا نبالغ إذا قلنا إن وسائل الإعلام يمكن لها أن تؤدي دوراً هائلاً في إكساب الأفراد مهارات جديدة وتعليمهم سلوكاً جديداً، وقيماً أخرى غير بالية بشرط أن تكون خطة التنمية واضحة على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية، وأن تجسد أجهزة الإعلام هذه الخطة ببرامج ثقافية وترفيهية وأغاني وموسيقى وأحاديث. لابد من أن يقوم الإعلام بدور في تعميق مفهوم النهوض العملي في سوق العمل، بتنمية الأفراد الذين يؤهلون لدخوله، من خلال تعليم الأفراد والجماعات مهارات جديدة، ونشر الوعي والأفكارالمستحدثة، وثقافة العمل الحر ( ٨) هذه الرؤية تؤدي للتشابك و التشارك و تحقيق المصالح العامة لكل الفئات دون فصل فئة عن اخرى في التنمية ، لكننا نستثمر ان الدولة هذا العام توجه اهتماما خاصاً لذوي الإعاقة ، فأصبحت  مؤسسات الدولة ملتزمة بتقديم كشف من الانجازات  لتعلن ماذا قدمت خلال هذا العام لذوي الاحتياجات الخاصة و الاقزام ، 

 

 

 

 

١- وظائف الاعلام في نشر الافكار المستحدثة متاح على شبكة الانترنت على موقع

 http://www.sudanian .jeeran.com13/10/2008

 

٢-  إبراهيم بخيت عثمان. "عولمة أفكار الشباب في المؤسسات الأكاديمية: دراسة على عينة من طلاب الجامعة". (السعودية: كلية التربية، قسم علم نفس، جامعة الملك سعود، 2005).متاح على الموقع التالي:

www.ksu.edu.sa16/9/2008

 

٣-    حسن سعفان. العقد الاجتماعى لجان جاك روسو. (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995).  

٤- الجريدة الرسمية  العدد 7 مكرر 'ج'  مصر ، رئاسة الجمهورية   19 فبراير 2018

 

٥- مقابلة مع علاء عايد مكفوف يدير مدرسة الصم و البكم شارك في نقاشات البرلمان المصري بشأن قانون ذوي الإعاقة ، بتاريخ ٢٠ اكتوبر ٢٠١٨ 

٦- علي الصاوي. حقوق الإنسان في القانون والممارسة. (القاهرة: وزارة الخارجية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2006). 

 

٧- عبد الله هدية ، المشاركة و التنمية  . (السويس: جامعة قناة السويس، 1999 ص ٨١

 

٨- حنان يوسف. دور الإعلام في تعميق الاختبارات المستخدمة في الدول العربية. متاح على:

                                          http://www.alolabor.org 23-9-2008

 

 

 

DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 68 مشاهدة
نشرت فى 21 أكتوبر 2018 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

592,264