يحمل تراث نظريات الاعلام مجموعة رئيسية تتكون من اربع نظريات في علوم الاتصال ، وهي: النظرية السلطوية، النظرية الليبرالية ، النظرية الشيوعية، ، ونظرية المسئولية الاجتماعية.
وبعدها ظهرت العديد من النظريات التي تبحث في تفسير عمليات الاتصال وتأثير وسائل الاعلام على الجماهير ،
،،،
ظهر مفهوم المسئولية الاجتماعية مرتبطاً بالاقتصاد لإلزام المؤسسات
ذات الطابع التجاري بالمشاركة في الانشطة المجتمعية لتنمية
المجتمع المحلي وتطويره ، وقد انتقل هذا المفهوم لوسائل الاعلام ،
وقد رآها الباحثون أنها "التزام على المنشأة تجاه المجتمع الذي تعمل فيه وذلك عبر المساهمة بمجموعة كبيرة من الأنشطة الاجتماعية مثل محاربة الفقر وتحسين الخدمات ، ومكافحة التلوث وخلق فرص عمل وحل مشكلة المواصلات وغيرها".
انتقل هذا المفهوم لعالم الاعلام من خلال نظرية المسئولية الاجتماعية
للاعلام ، بعد ما ذاق المجتمع تبعات الحريات المطلقة ، والتي جاءت كمراجعة للنظرية الليبرالية. وقد أكمل التأسيس النظري لها عدد من الرواد في مجال الاعلام ،.
ويمكن القول بأن ظهور نظرية المسؤولية الاجتماعية في مجال الصحافة والإعلام يؤرخ له في عام ١٩٤٧ ، بعد الحرب العالمية الثانية ، بالتقرير الذي صدر عن لجنة حرية الصحافة ، لجنة هوتشينز ، وقد استهدفت النظرية وضع ضوابط اخلاقبة للصحافة والتوفيق بين حرية الصحافة وبين المسؤولية الاجتماعية في المجتمعات البيرالية ، فالالتزام تجاه المجتمع يتم من خلال وضع مستويات مهنية للصدق والموضوعية والتوازن وتجنب اي شيء يؤدي الي الجريمة والعنف والفوضي ، صدر هذا التقرير ، بعنوان: "صحافة حرة مسؤولة"،
ونبه إلى أن التجاوزات التي تحدث من قبل الإعلام والصحافة ، لها أكبر الضرر على المجتمع ، هذا التقرير يعتبره الباحثون حجر الأساس لنظرية المسؤولية الاجتماعية في مجال الصحافة والاعلام ،
،،،
في ظل نظرية المسئولية الاجتماعية للاعلام تلتزم وسائل الاعلام تجاه المجتمع باداء دورها في اطار القيم والقواعد المهنية مثل المصداقية والموضوعية والدقة والتوازن في عرض الافكار والأخبار والشمولية والنظرة الكلية للاحداث لاحداث توازن في الرؤية والمعرفة لدى الجمهور ،
تخاطب هذه النظرية الاعلامي باعتباره صاحب مهنة ، ليس طرفاً في صراع ، يخسر كثيرا اذا انحاز انحيازات شخصية في مناقشة القضايا والموضوعات التي يتناولها ، بل هو يعمل من اجل واقع عام وقيم مجتمعية أصيلة ، وهناك خيوط تفصله بين ذاته كمواطن ، وحقوقه وواجباته ومصالحه الشخصية وانتماءاته وافكاره ، وبين مهنته كإعلامي ، والتزاماتها وقواعدها وأدواتها ، يخضع الاعلامي لقيم حاكمة وقواعد مهنية ملزمة ، وحتى اراء الاعلامي المنصفة او المؤيدة ينبغي ان تأتي من دفاعه عن قيم عليا ثابتة ، والراديو هو أكثر الوسائل الاعلامية التزاما بالمسئولية الاجتماعية ، و مازال يقاوم الكثير من آفات الواقع الاعلامي بمجموعة من القيم الراسخة لوسيلة تحافظ على سمعتها التاريخية ، بعناصر وادوات وقوى بشرية مؤهلة في معظم الحالات أكثر من غير من وسائل ، حتى الآن ،
المسئولية هي التزام يفرضه الانسان على نفسه او تفرضه عليه المؤسسة التي يعمل بها ، وهي اما؛
- مسئولية اخلاقية ذاتية تنبع من قيمه ، و ضميره ، يفرضها الاعلامي على نفسه ، من وعيه برسالته و حق مجتمعه عليه ،
- او مسئولية اجتماعية تجعله ملتزما بقواعد المجتمع وقيمه ، سواء مجتمعه المحلي او مجتمعه العام ، والسعي لتنمية المجتمع والحفاظ عليه مع كافة قطاعاته ، لتحقيق الصالح العام ،
- او مسئولية مهنية تجاه قواعد المهنة وأدواتها ومواثيق الشرف التي يلتزم بها ، ومعايير الصدق ، والموضوعية ، والنزاهة ، او معايير تتعلق بالوسيلة فكل وسيلة اعلام لها معايير مهنية تناسب عملها ، او معايير خاصة بالضوابط القانونية التي تضعها الدولة ويلتزم بها الافراد والمؤسسات ، او تلك المعايير التي تفرضها تقاليد المجتمع و ثقافته ،
،،
مميزات نظرية المسئولية الاجتماعية ؛
- تقر هذه النظرية الحرية الفردية ، وتربطها بالتزامات متعددة تجاه القيم الذاتية والمجتمعية والمهنية للحفاظ على نسيج المجتمع المتجانس وتدفعه للتطور والنمو ،
- تسمح بتعدد الافكار والاراء بأحكام موضوعية تجاه القضايا والحكومات والافراد .
- تلتزم بالمواثيق الأخلاقية، و تنبذ العنف والجريمة .
-تحافظ على النظم السياسية ولا تصطدم بها .
- يعمل في إطارها الاعلام على القيام بكل وظائفه من اخبار وتسلية وترفيه وتثقيف وتعليم ونشر للافكار الجديدة ، و توعية ، استخدامات تجارية واقتصادية ، وغيرها،
.
أوجه الانتقادات الموجهة لنظرية المسؤولية الاجتماعية ؛
- يرى الكثير من الاعلاميين في هذا العصر ان تنوع تجاربنا مع كثرة الاحداث التي يشعلها الاعلام ، يتطلب قدرا من نشر الثقافة الاعلامية ، لدى الجمهور ، و التزاما من اهل الاعلام بقواعد تساعد الجمهور على جودة الانتقاء من كثرة المعروض اعلاميا عبر كل الوسائل ، مراهنين على ان نشر هذه الثقافة تستطيع حماية المجتمع وقيمه و افراده من التناول الاعلامي المتنوع الذي يصل الى حد التناقض المربك ، وأدى الواقع العربي الجديد الى ظهور تعطش الجماهير الى ممارسة المزيد من الحريات رغم انهم يدفعون ثمن ذلك غاليا ، فبعضهم يرى ان حرية اتاحة المعلومات دون اي قيود ، يؤدي الى إنضاج افراد المجتمع ، و حثهم على تطوير مهاراتهم في الفرز والانتقاء للمادة الاعلامية التي يتعرضون لها ، وهم بالتالي ينتقدون نظرية المسئولية الاجتماعية للاعلام باعتبارها تدافع عن قيم ليست محددة تحديدا علميا دقيقا ، فالحديث عن الموروثات والمعتقدات والتقاليد لا يقدم وجهة نظر ترضي الجميع حيث يرفض بعض الناس بعض الموروثات ويتمادون عليها ومن هنا يَرَوْن مطاطية بعض الالفاظ التي تدعمها هذه النظرية،
- كما يخشى البعض على حرية الاعلام ، لانها تسمح بالمزيد من التدخلات الحكومية في عمل الاعلام ، او تدخلات اللجان المعنية بمجالس الاعلام حيث انهم في النهاية افراد ، غير منزهين عن الاهواء ،
- بالاضافة الى انتقادات اثبتت عجز النظرية عن إصلاح الأداء الإعلامي في الغرب ، بل ان الاتجاه العالمي بمواد التسلية والترفيه ، وبيع المضامين العالمية المعلنة التي لا تهتم سوى بجلب الأموال والاعلام وظاهرة الاحتكار الاعلامي ادت لانخفاض مصداقية الاعلام وانتشار الثقافة المتدنية والاباحية والمتطرفة ،
،،
مع كل ذلك تظل مجتمعاتنا في حاجة لممارسة اعلامية تلتزم بالمسئولية الاجتماعية خاصة ما يتعلق بالالتزام بالمعايير والقيم المهنية ، لحماية المجتمع من التداول العشوائي للموضوعات والأخبار والأفكار ، مع محاولة الحد من سلبيات عدم اتاحة المعلومات و النشر والتنوع في طرح الموضوعات ، من وجهات نظر متعددة التزاماً بالموضوعية والمهنية ، والمعايير التي تقوم عليها مباديء هذه النظرية ،
مراجع
حسن عماد مكاوي، (2003): أخلاقيات العمل الإعلامي، دراسة مقارنة، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.
عزة عبد العزيز، (2006): مصداقية الإعلام العربي، ط1، القاهرة: دار العربي للنشر.
غدير أحمد العمري ( 2014 ) : ورقة عمل حول
نظرية المسؤولية الاجتماعية الجامعة الإسلامية-غزة ، كلية الآداب- قسم الصحافة
محمد الصيرفي، (2007): المسؤولية الاجتماعية للإدارة، ط2، الإسكندرية: دار الوفاء لدنيا الطباعة.
محمد حسام الدين، (2003): المسؤولية الاجتماعية للصحافة، ط1، القاهرة: الدار المصرية للطباعة.