الحظر (مهارات اتصال جديدة  بين   الاباء و الابناء ) 

،،،

العديد من استطلاعات الرأي ، و الابحاث العلمية تتركز الان لقياس اثر البقاء لفترات أطول  داخل المنزل ، سواء لأنماط الحياة الجديدة و تطور مفاهيم العمل من المنزل ، و العمل عن بعد ، او بسبب ما شهده العالم من اثار كبيرة لجائحة كورونا ، 

كذلك اجرت العديد من شركات التأمين ، و شركات انتاج المحتوى الرقمي و شركات تقديم الخدمات الابحاث للخروج بنتائج لاستمرار الخدمات و تطويرها ، 

اظهرت النتائج ازدياد الاحساس بالضغوط المنزلية لتتفوق على ضغوط العمل عند الاباء ، و مضاعفة اعباء الامهات ، خاصة لمن لديهم ابناء تقل أعمارهم عن ١٨ عاما ، 

التكيف مع اسلوب الحياة الجديد

بين الغضب ، و النوم و الاكل و الانسحاب و الانتقاد و مراقبة الاخرين و اكتشاف الجديد في البيت و أهله ، انغلقت  أبواب الخروج ، السفر ، المدرسة ،  النادي ،  المقهى ، المراكز التجارية ، اماكن  التدريب ، الفنادق ، قاعات الاجتماعات ، التواجد الدائم في اماكن العمل لاهداف غير العمل ، 

فانفتحت أبواب الافكار ، و استثمار الاماكن داخل المكان الأصلي ، داخل البيت ،   ليتحمل البيت الاعباء الاضافية بوجود أهله الدائمين فيه  ، و لم يعد مكانا للنوم و فقط ، بل اصبح  اصل الحياة و مركزها ، 

الحظر يفرض أوقاتا أطول فهل سيطور انماط التواصل بين افراد الاسرة ، و يفعل قوانين التربية ؟ 

لقد بدأ هذا النمط الجديد من الحياة و العمل عن بعد ، و يبدو انه سيستمر و ربما تتغير اساليب الحياة تغييرا جذريا في السنوات القليلة  القادمة ، 

سيتعاظم مفهوم العمل من المنزل و لن تغادره الا اذا كنت مضطرا ، سيضطر للنزول المزارع ، عامل البناء ، مهندس الصيانة للاجهزة ، بعض الأطباء ، و بعضهم   يستطيع العمل من المنزل ،

فاذا كنت من هؤلاء الذين سيقضون مزيدا من الوقت في المنزل ، فهوّن عليك ، و خذ الامر بمرونة تسمح لنا جميعا بتفهم احتياجاتنا لمهارات جديدة و على رأسها مهارات الاتصال الاساسية ، خاصة في اوقات الازمات  ،  

كلنا مسئول عن حال البيت ، فليتحمل كل مسئول   مسئولياته ،  و لنوزع  بعض المهام قدر المستطاع على الاخرين ، نلتزم بجدول  اعمال و مهمات مرن ، تتوزع  فيه الأدوار على افراد الاسرة  و الاتفاق على اننا لسنا ضيوفا على منازلنا ، بل اننا اصحابها ، مقيمون فيها ، فلا احد ينتظر خدمات من مضيف ، كلنا مسئولون عن مهام المنزل ، الذي نمضي فيه أوقاتنا  و لابد  ان يتم ذلك بتفهم  و صبر ، فهما يحققان قوة التغيير الناعمة ، 

ان جلوسنا الطويل في بيوتنا ليس جلوسا عقابيا بل يمكن ان يكون فرصة للتواصل و ممارسة الهوايات و التصفيق لاحبائنا و القرب ، 

بعض الأسر أفرطت في التعرض لوسائل الاعلام فتضاعفت المخاوف و الشكوك   و الجري وراء المعلومات سواء  اراء الخبراء او المقربين اصحاب التجارب المباشرة ، فازداد  الاحباط  ، و البعض  تابع المزيد من الدراما عبر  المنصات الدرامية الجديدة مثل نت فليكس و غيرها ، و حدثت قفزة في تنزيل الالعاب الالكترونية ، بعض البيوت غرق أفرادها في هوس التسوق عبر الانترنت ، فسيطرت الهموم المالية و عدم القدرة على إشباع الرغبات المتجددة   ،

نمط الاتصال والقيم الجديدة 


لم يكن الوقت و وفرته مع الابناء هو اهم اسباب نجاح التواصل معهم ،  لكن نممط الاتصال  المتبع اهم من مقدار الوقت الذي نقضيه معا ،

الادراك و الوعي و المراقبة و خلق ادوار جديدة للتشارك و اللعب و المرح ، و احترام مزاج الاباء و الابناء ،لتحقيق مكاسب دائمة من الازمات العابرة ، 

رفع قيمة احترام حقوق الاخرين ، و توزيع المسئوليات و التعاون ، و التفاعل الايجابي ،و  خلق حوار بين افراد الاسرة ، و احترام اوقات الترفيه ، كسر نمط الحياة المعتاد و تجهيز مفاجأت لطيفة و التشارك في اعداد الطعام ، تطوير انشطة تكاملية و هوايات تتحول لاحتراف ، و تعظيم فرص التغيير ، تنظيم  ألبومات الذكريات و التحدث عنها و عن الاوقات الجميلة ،المشاركة في  الرسم بالطباشير و الالوان على حائط مغطى بالورق ،   القراءة  و يمكن الاتفاق على الحكي و الكتابة ثم المناقشات ، سيفتح ذلك افاقا جديدة للعلاقات الاسرية بل قد يعدل المعتقدات و يهديء المشاعر فالتدوين و الحكي من مباديء تنظيم عمليات الاتصال الذاتي ثم خلق حوار افضل مع الاخرين ، 

 ، و كلها قيم مهمة لابد ان نغرسها في انفسنا و نمارسها مع ابنائنا ، لنخلق عادات جديدة ايجابية لتواصل اقوى و أعمق ، 

اداب الاتصال و الازمات ( هنا و الان ) 

ان للقرب مهارات لا يقدر عليها الا من يملك قلبا محبا و عقلا مستنيرا ، يقدر و يعي و يحتوي ، ادارة العلاقات مع الغرباء اسهل كثيرا ، و يمكن ان تكون سطحية و مقبولة ، اما في علاقات المقربين فإنها مهارات و قيم و اداب و فنون في التواصل ، و التركيز و التغافل ، و الحسم و المرونة ، تنوعات في معاملات اتصالية مستمرة و دائمة ، الوعي بها يجعلها تنوعات سلسة ، و تجاهلها قد يشعل النار من مستصغر الشرر ، 

اوقات الازمات ليست هي الاوقات المناسبة للوم والعتاب على مشاكل الماضي بل ان اهم ما يعنينا في الازمات هو الان  في هذا المكان الذي يجمعنا ، و هنا في المكان الذي نعيش فيه ، مع مراعاة  تجنب الحوارات التي ترسم خطوط المستقبل الدقيقة ، او ترسخ الام الماضي  ،

في هذه الاوقات لابد ان يسبق التعاطف طلب التوضيح و الشرح ، إظهار الفرح و مشاركة أوقاته  ، يمكننا ان نضحي الان بتقدير  السبب او الاقتناع به ، حين  يمرحون ندعهم يمرحون ، يلعبون ، فلم يعد لديهم ما اعتادوا عليه ، لقد عادوا للوراء ، لكن بيوتنا العصرية لن تسمح بذلك ، لا شارع ، لا حديقة  ، لا جيران غالبا ، و ان وجدوا فان التباعد الجسدي فرض عادات اتصال جديدة ، 

و هنا قد تعلو قيم الترفيه و المشاركة على التعليم و نقل الخبرات ، على ان نراعي ان اوقات التعليم و نقل الخبرات ضرورة لكن بشروط توافر عوامل الجذب و اثارة الاسئلة و تحفيز رغبة الابناء للمعرفة ، كذلك من المفيد جدا  تحديد اوقات للتأمل و رؤية جوانب جديدة للازمات حتى نجعل منها فرصا جيدة للتغيير ،  و التفكير قبل الدخول في علاقات مقربة و عاطفية لصناعة مستقبلهم بأفكار معاصرة تناسب متغيرات حتمية . 

المصدر: د نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 66 مشاهدة
نشرت فى 20 مايو 2020 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

591,912