أكثر من عشر سنوات.. هي مدة معايشتي للتصوف الإسلامي الحقيقي ما بين رسالتي ماجستير ودكتوراه؛ قرأت الكثير والكثير عن صوفية جاهدوا في سبيل الله حق جهاده ، وصوفية كانت الملوك تصحبهم لأخذ الرأي والمشورة ، وصوفية كان أحد السلاطين يقربهم ويدنيهم ويبسطهم ويتواضع لهم ، فإذا أقبل أحدهم إليه يقوم له مذ تقع عينه عليه ويجلسه معه على سجادته ويقبل عليه بحديثه!!

       هؤلاء الصوفية كان تصوفهم بعيد كل البعد عن أن يكون دعوة للكسل أو السلبية أو الانقطاع عن المجتمع أو حتى التحالف مع الفلول والمفسدين ، بل كان منهجهم الحقيقي هو بمثابة دعوة إيجابية ومسلك سني إيجابي، وكلمة حق ضد مجلس عسكري جائر!

        أما إذا انتقلنا إلى المشهد السياسي المصري فنرى – بدهشة واستغراب شديدين - اتفاق متصوفة اليوم على مرشح رئاسي ؛ يرونه الأقرب لهم في أفكاره والأكثر معايشة لهم، ولم لا، ووالده كان قطبًا صوفيًّا كبيرًا في الطريقة الشاذلية، كما أن جذوره الصوفية تمتد إلى والد والد اللي خلِّف والده! وهو ما جعل الشيخ عبدالهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، يعلنها أمام جميع المشايخ الحاضرين وغيرهم وأمام المرشح نفسه صراحة، تأييده له، حيث قال: " إنه وباسم مشايخ الطرق الصوفية، يؤيد أحمد شفيق رئيسا لمصر"!

       ولعل تخوف مشايخ التصوف على مستقبل التصوف في مصر – ولا أدري مثلكم أي مستقبل يقصد - في حال صعود مرشح إسلامي أو مرشح يتبنى أفكار التيار الديني المتشدد هو ما سيجعل اتجاهات تصويت الصوفية هذه المرة ستكون محددة المعالم والمسارات، وذلك على غير ما حدث في الانتخابات التشريعية السابقة، فنتيجة المصالحة التي تمت بين التيارين الكبيرين في الجماعة الصوفية المصرية؛ جبهة الإصلاح التي يرأسها الشيخ علاء الدين أبو العزايم ، وجبهة الشيخ القصبي، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، قد تتوحد، وتتوجه – ما أعظمه من توحد وتوجه! – أصوات التيار الصوفي، سواء في المناطق المركزية أو في المحافظات، لمرشح رئاسي واحد يكون من غير الإسلاميين.

       وهنا تحضرني بعض التساؤلات غير المبررة :

    هل التصوف الحالي بعيدٌ لهذه الدرجة عن الإسلام حتى يخاف شيوخه ومريدوه من تصاعد نفوذ التيار الإسلامي المتواجد الآن على الساحة ؟

   لماذا نطلق على التصوف الحالي أنه إسلاميٌّ رغم عدم مساندته للمرشح الرئاسى الإسلامى؟

   هل سيفي الفريق شفيق وأعوانه بوعوده للصوفية ويمنحهم أكثر مما منحهم المخلوع وفلوله؟

    هل المصالحة الصوفية والاتفاق على التوحد في الرأي، سواء من جانب مشايخ الطرق، أو من جانب الأحزاب ذات المرجعية الصوفية، هي مطامح صوفية أم مطامع شخصية ؟

    هل أثبتت أحزاب: التحرير المصري، والنصر الجديد، ونهضة مصر، باعتبارها تمثل الجناح السياسي للحركة الصوفية - في انتخابات الجولة الأولى - عدم فاعليتها أو تأثيرها على سير العملية الانتخابية ؟

      ولماذا لا يبدأ الصوفية صفحة جديدة في تاريخهم ، ويعلن تحالفهم السياسي للأحزاب الصوفية المقاطعة أو إبطال أصواتهم - وخاصة لو اتفق معظم الصوفية على ذلك – وهو ما يؤدي إلى فوائد منها :

* إعادة الهيبة المفقودة للتصوف الإسلامي الحقيقي، وتغيير الصورة الماثلة في الأذهان .

* المساهمة في إعلان عدم شرعية الرئيس المنتخب القادم سواءً أكان شفيق أم مرسي.

* إراحة النفس والضمير بعدم التصويت لاختيارين أحلاهما علقم.

* عدم إعطاء فرصة لتزوير صوتهم من جانب المزورين من الطرفين.

* إعلان أن انتخابات رئاسة الجمهورية الأولى باطلة لأنها اعتمدت على ديمقراطية الصناديق وليس على الديمقراطية الحقيقية العادلة.

* الضغط على الرئيس القادم أن يحاول تحسين شرعيته بمحاولة بذل أقصى جهده نحو تحقيق مطالب الثورة.

 

المصدر: معايشات وحسرات.
Dr-mostafafahmy

د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]

ساحة النقاش

مصطفى فهمي

Dr-mostafafahmy
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

455,259