أبدأ حديثي بأنه لا يوجد نظام بعينه هو الأفضل؛ لأن كل له زمانه ومكانه ، ولكل دولة ظروفها الخاصة وطبيعتها وتكوين شعبها وثقافتها والظروف السياسية التي تمر بها ، وتلك هي التي تحدد أفضلية النظم كل علي حدة. ونحن الآن نشهد في مصر توجهًا قويًّا نحو نظام القائمة النسبية لما له من مميزات لمصر في الوقت الراهن ، ونراقب مناقشات الشارع والنخبة علي السواء في هذا الصدد. وهذا المقال أضعه بين أيديكم كي نكون جميعًا في هذه الصورة التي تحدد مصير الحياة السياسية في مصر في المرحلة لمقبلة.
النظام الانتخابي هو النظام الذي يحدد كيفية اختيار نواب المجالس النيابية ومعظم الأنظمة السائدة في العالم الآن تدور حول نظامين اثنين :
1- النظام الفردي:
وفيه يتقدم المرشحين كأفراد للتنافس علي مقاعد المجلس في كل دائرة انتخابية حيث يفوز في كل دائرة المرشح الذي يحصل علي أعلي عدد من الأصوات وهو النظام المعمول به حاليا في مصر. وهو نظام سهل التطبيق لكنه مكلف حيث يكون تقسيم البلاد إلي عدد كبير من الدوائر الصغيرة -(222) دائرة- تمثل كل منها مقعدان في المجلس.
2- نظام القائمة النسبية أو التمثيل النسبي:
وفيه تقوم الأحزاب والهيئات المتنافسة بعمل قوائم تضم مجموعة من المرشحين ويجري طرحها للناخبين للتصويت عليها بمعني أن يصوت الناخب من أجل قائمة بعينها بكل من فيها من المرشحين.وبعد ظهور النتيجة تحصل كل قائمة علي عدد من مقاعد المجلس مساوي للنسبة التي حصلت عليها القائمة من أصوات الناخبين.فمثلا لو حصلت قائمة ما من القوائم علي 25% من الأصوات تحصل علي 25% من المقاعد وهكذا.وفيه تقسم الدولة إلى دوائر انتخابية كبيرة وواسعة النطاق الجغرافي من حيث عدد السكان ويُطلب من الناخبين اختيار عدد معين من النواب حسب ما هو مقرر لكل دائرة انتخابية (وهنا يمكن اعتبار المحافظات الكبيرة دائرتين أو ثلاثا، واعتبار المحافظات الصغيرة دائرة واحدة مثلا. حيث تتنافس القوائم المختلفة علي 80 مقعد في القاهرة و 60 في الإسكندرية و 20 في الغربية (علي سبيل المثال).
أهم مميزات نظام القائمة النسبية:
ان الناخب سوف يصوت من أجل أفكار وبرامج سياسية وليس لأشخاص بعينها ,وسوف تكون دائرة اهتمامه أكبر من حدود دائرته فقط لتصبح مصر كلها؛ لأن من يصوت من أجل شخص بعينه فإنما يضع مصلحة دائرته فقط في الاعتبار ويختار من هو أنسب لتحقيق هذه المصالح وهذا في حد ذاته مفهوم قاصر إذ أن دور نائب مجلس الشعب ينحصر في الدور التشريعي والرقابي وليس الخدمي أو التنفيذي بأي شكل من الأشكال ، لكن التصويت من أجل قوائم بعينها يعني التصويت من أجل مجموعة من المرشحين لهم برنامج سياسي يسع مصر كلها ويضع كل المحافظات في دائرة برامجهم الانتخابية وبالتالي يكون عضو المجلس ممثلا للدولة بكاملها وليس فقط للدائرة الصغيرة.
كما أنه يحجم من تأثير العصبيات والقبليات وتنافس العائلات علي منصب نائب الدائرة -باعتباره في مفهومهم منصب شرفي أومن أجل مصالح شخصية.
وكذلك يساعد على منع إهدار الأصوات التي يتم الإدلاء بها لصالح مرشح خاسر إذ لا يوجد هنا رابح وخاسر في أغلب الأحيان ولكن كلٌ يحصل علي نسبة من المقاعد تمثل نسبة مؤيديه من الناخبين.
ترجمة التمثيل في المجلس بالنسبة الحقيقية لعدد الأصوات التي يحصل عليها كل الحزب بما يعكس شعبيته.
وكذلك ينهي حدة الخصومات الفردية والصراعات وإراقة الدماء الناتجة عن التنافس الفردي المباشر ويسهم في الحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي بانعدام شخصنة التنافس.
كما يُمكّن القوى السياسية من الدفع بقياداتها إلى مجلس النواب مما يكسب المجلس قوة في الأداء وعقلانية الطرح واستيعاب الدور المطلوب من المجلس.
وأيضًا سهولة استيعابه من قبل الناخب وبساطة ممارسته وذلك بالتأشير على رمز الحزب الذي يرغب به وفي هذه تتساوى إمكانية الأمي مع المتعلم.
كما أنه أقل كلفة على أكثر من مستوى سواء على خزينة الدولة أو على المرشحين في الدوائر الفردية.
وأيضًا يضع الأحزاب أمام التزام حقيقي للناخبين لتحقيق برامجها التي حصلت على أصوات الناخبين بموجبها.
بالإضافة إلى أنه يرفع مستوى تفاعل الناخبين مع برامج الأحزاب ومتابعة التنفيذ.
يشعر الناخب بأن صوته له تأثير على مستوى جغرافي أكبر بكثير من إطار الدائرة الفردية الصغيرة.
يرسخ مفاهيم الوحدة الوطنية بحيث يمكن لأفراد الفوز بمقاعد في مجلس النواب بأصوات ناخبين من محافظات بعيدة عن محافظتهم.
يمنح الأحزاب الصغيرة فرصة للفوز بمقاعد في مجلس النواب.
يسمح للمرأة والأقليات بفرصة التمثيل في المجلس.
أما سلبيات نظام القائمة النسبية فتتمثل فقط في صعوبة الترشح للمستقلين ، وانحصار خيار الناخب في قائمة الحزب .
ساحة النقاش