خامسًا: الحركة الصوفية في ظل الدولة المملوكية ( 648-923هـ/1250-1517م ):

لم يكن الإقبال على التصوف مقصورًا على فئة بعينها من فئات المجتمع المصري، بل كان باب التصوف مفتوحًا أمام المصريين جميعًا بغض النظر عن المنزلة الاجتماعية ومستوى الثقافة، والمذهب الديني: " فالفقير والغني والحاكم والمحكوم، والعالم والجاهل والسني والشيعي والمتفلسفون، كل أولئك قد تصوفوا إما تصوفًا نظريًّا أو تصوفًا عمليًّا "(<!--).

وفي ضوء هذه الحقيقة يمكن القول بأن كل شريحة من شرائح المجتمع، سواء من الخاصة أو العامة قد سلك كل فريق منها طريق التصوف، وإن اختلفت وجهة كل فريق في فهمه وممارسته، وعلى ذلك فلدينا تقسيمان للصوفية في هذا العصر:

أحدهما: اجتماعي يبين الوضع الطبقي للصوفية، حيث يمكن تقسيمهم إلى الصوفية العلماء أو العلماء الصوفية، وصوفية المؤسسات الدينية " الخانقاه – الرباط – الزاوية – الجامع " وأخيرًا الصوفية العامة.

والثاني: فكري يبرز اتجاهات التصوف المختلفة في العصر المملوكي، كما يكاد الإجماع ينعقد على تقسيم الصوفية إلى طائفتين متميزتين :

الأولي: صوفية أهل السنة، الملتزمون بالكتاب والسنة، المقتدون بالسلف الصالح .

الثانية: متفلسفة الصوفية كابن عربي وابن الفارض وابن سبعين ومن سلك سبيلهم(<!--) .

وتتمة للناحية الفكرية في مصر المملوكية، كان لابد أن نسجِّل حركة التأليف التي تمت وازدهرت نتيجة ازدهار الحركة الصوفية، ومن هذه المؤلفات:


1- صنَّف علم الدين إسماعيل بن جعفر المنفلوطي ( ت652هـ/1254م ) كتابًا ألمَّ فيه بنبذة من أحوال الشيخ عبد الرحيم القناوي، والشيخ أبي الحسن بن الصبَّاغ وكلامهما، وضمنه أحاديث ومسائل فقهية ومقالات صوفية(<!--).

2- الشاطبي أبو عبد الله محمد بن سليمان ( ت672هـ/1273م ) وله " المنهج المفيد فيما يلزم الشيخ والمريد "، " النبذ الجلية في ألفاظ اصطلح عليها الصوفية "(<!--) .

3- ابن عطاء الله السكندري، الشيخ تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد ( ت709هـ/ 1309م )، ومن مؤلفاته في التصوف: " الحكم العطائية " ، " التنوير في إسقاط التدبير"، " لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس المرسي وشيخه الشاذلي أبي الحسن "،"تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس"، "عنوان التوفيق في آداب الطريق"(<!--) .

4- عماد الدين أحمد بن إبراهيم بن مسعود بن عمر الواسطي ( ت711هـ / 1311م ) ، ومن مؤلفاته في التصوف: " كتاب في السلوك "(<!--) .

وهكذا كان التصوف في مصر في جملته مقترنًا بمعرفة الدين والعمل بأوامره ونواهيه، وبفضل هذا آمن الناس بالصوفية، واعتقد الكثيرون في كراماتهم، وأحسن بعض الحكام الظن بولايتهم، على أن هذا لا يمنع من أنَّ المصريين قد ساءهم حكم المماليك في أواخره، وعدم حرصهم على تقاليد البلاد الدينية، وعليه فقد ساءت أحوالهم من كافة نواحيها، ثم ازدادت سوءًا بالفتح العثماني بما سنوضحه فيما بعد.

<!--

<!--[if !supportFootnotes]-->

 


<!--[endif]-->

(1) د/ على صافي حسين: الأدب الصوفي في مصر، ص 19، 1964م، دار المعارف، القاهرة.

(2)  البقاعي: تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي، ص 165-166.

(3)  ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي " تحقيق أحمد يوسف نجاتي، 2: 375-376، 1375هـ / 1956م، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة.

(4)  الذهبي: العبر في أخبار من غبر، حققه أبو هاجر محمد السعيد، 5: 251، دار الكتب الجامعية، بيروت.

(5)  السيوطي: حسن المحاضرة، 1: 430، د/ أبو الوفا التفتازاني: ابن عطاء الله وتصوفه، ص 65 وما بعدها، د/ جمال الدين للشيال: أعلام الإسكندرية، ص 222.

(6)  فهرس معهد المخطوطات العربية، تحت رقم (403) تصوف، وفهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية–قسم التصوف، 2: 582، رقم (10551)، 2/60، رقم (4709)، وللباحث " الفكر الصوفي عند عماد الدين الواسطي ت711هـ"، ص34-39، ماجستير، إشراف د/ الحجر- كلية دار العلوم، 1425هـ/2004م. 

 

Dr-mostafafahmy

د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 540 مشاهدة

ساحة النقاش

مصطفى فهمي

Dr-mostafafahmy
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

455,266