كتب – إبراهيم حلمي

 

التناول الإعلامي لقضايا المكفوفين في الولايات المتحدة الإمريكية:

بدأ في السبعينات كفاح المكفوفين في الولايات المتحدة الإمريكية يؤتي ثماره في الحصول على حقوقهم المدنية والقضاء على التمييز ضدهم مما أدى إلى ظهور المدخل السياسي الإجتماعي في المجتمع الأمريكي الذي يولي إهتماما بفئات المعاقين المختلفة حيث يهتم بتمكينهم من الحصول على حقوقهم في المجتمع سياسياً واجتماعياً وقد لوحظ مشاركة مجموعة من السيدات المعاقات في الولايات المتحدة في الجهود الرامية الى رعاية حقوق المكفوفين ودفعهم ذلك نحو إستغلال المجتمع النسائي كأداة لتحقيق أهدافهم وكان من نتائج هذا الإتصال بين المجتمع الأكاديمي والمعاقين أن إنعكس أثره على المجال الإعلامي كوسيلة إستطاع بها مجتمع المعاقين التعبير عن أنفسهم وبدأت حملة لتمويل جريدة للمعاقين سميت Gournal Disapility Quarterly)1([1]).

وقد أسفرت حركة الدفاع عن حقوق المعاقين عن تعديلات مهمة في التشريعات  القانونية للحصول على حقوقهم وذلك في عام 1973 ,وفي عام 1990 حققت تلك الحركة تقدما كبيرا خاصة في الضغط على وسائل الإعلام لتقديم مجتمع المكفوفين بصورة أفضل واستبدلت الأساليب التقليدية بالأساليب الحديثة وأوجدت إرتباط بنائي بالعديد من الوسائل الإعلامية كالتليفزيون والراديو والصحف, ومن مظاهر هذا التأثير الإيجابي زيادة عدد الأخبار المقدمة عن المعاقين وتطور اللغة التي تحرر بها هذه الأخبار فمثلا إستبدلت تعبير المكبلين بالكرسي المتحرك والذي إستخدم بكثرة بتعبير آخر أكثر رأفة وهو مستخدمي الكرسي المتحرك كما أصبحت القصص الإخبارية أكثر توازناً وكان نتيجة ذلك أن أفراد الجمهور العادي زاد فهمهم لموضوعات وقضايا المعاقين بصرياً كما بدأت القنوات التليفزيونية الأمريكية في الإستجابة لضغط جماعات المعاقين بصرياً وكان مثال على ذلك أنه بعد تظاهر عدد  كبير من المعاقين بصريا نتيجة لمشاكل المرور في أوقات الذروة قدمت قنات  N B C برنامج إخبارياً إسمه  Dateline  عرضت فيه العديد من المشاكل الخاصة بالمعاقين بصرياً مثل العمل بصورة غير شرعية والتميز في السكن وغيرها من الموضوعات([2]).

وللتأكيد على الإرتباط القوي بين وسائل الإعلام وخاصة القنوات التليفزيونية وحركة الدفاع عن حقوق المكفوفين يعتبر ما حدث اثناء إحتفالية توقيع الرئيس الإمريكي بوش على القانون الأمريكي لحقوق المعاقين نموذجاً واضحاً لهذا الإرتباط وذلك عندما أذاعت شبكة C N N. الإخبارية الأمريكية الإحتفال على الهواء مباشرة رغم الصعوبات العديدة التي تم حلها وأذيع الحفل في نفس الوقت وشاهده ملايين البشر حول العالم.

وقد حدث تغير مهم في التغطية الإعلامية لأنشطة المكفوفين غيرت من الصورة الذهنية التقليدية لهم في وسائل الإعلام الأمريكية, وقد مهد لهذا التغيير حادثان مهمان: 

الحدث الأول :

حدث في جامعة جالودت –وهي جامعة أمريكية في واشنطن تعتبر الجامعة الوحيدة في  العالم المخصصة لفئة المعوقين سمعيا—في عام 1988 أن تظاهر الطلاب لرفضهم تعيين سيدة كرئيس للجامعة لكونها غير معاقة ولا تعرف لغة الإشارة ولوجود شخصين آخرين من المرشحين الأكفاء من المعاقين سمعيا حظي هذا الحدث بتغطية كبيرة من وسائل الإعلام.

 

الحدث الثاني :

هو الإعلان عن صدور القانون الأمريكي للمعاقين في 1990 حيث تظاهر المعاقون أمام مبنى الكونجرس الأمريكي للتأكيد على أنهم أعضاء فاعلين ونشطاء وليسوا سلبيين وطالبوا بحقهم في الحصول على العديد من الحقوق الإجتماعية ومنها اتاحة تغطية إعلامية مناسبة لقضاياهم وقد حصلوا عليها بالفعل ونال هذا الحدث إهتماماً إعلامياً كبيراً حيث تناولت جميع النشرات والتحليلات الإخبارية في شبكتي  C P S , N B C.هذا الحدث, كما نشرته عديد من الصحف والمجلات, وقد ساهم هذان الحدثان في ظهور صورة جديدة للمكفوفين نجحت في جذب الإنتباه لهم ولأنشطتهم سواء بالنسبة للمسؤولين أو المشرعين أو المواطنين, وساهمت في تعريفهم بأهمية القانون الجديد.

وقد قدم جون كلوجستون عام 1990 خمسة نماذج لتصوير وسائل الإعلام للإعاقة وفقا لما قدمته وسائل الإعلام قبل صدور القانون الأمريكي للإعاقة A D A . .

والتي سميت بالنماذج التقليدية وشملت ما يلي:

1- النموذج الطبي : تقدم وسائل الإعلام من خلاله الإعاقة كمرض, وتظهر المعاقين كأشخاص معتمدين على أخصائي التأهيل والأطباء للحصول على العلاج ومن ثم يظهر المعاقون كأشخاص سلبيين لا يشاركون في الأنشطة العادية بسبب إعاقتهم المرضية.

2- النموذج الإجتماعي : يقدم هذا النموذج المعاقين كأشخاص غير متميزين لأنهم يتوجهون للدولة أو المجتمع للحصول على دعم إقتصادي والذي يعتبر هبة وليس حقا لهم.
3- نموذج المعاق المميز :

يصور من خلاله المعاق الذي يقوم بعمل بطولي أو إنساني متميز بأنه شخص مميز لأنه رغم إعاقته يعيش حياة طبيعية، ومن ثم يدعم هذا النموذج فكرة أن الإعاقة إنحراف عن الطبيعي وأن أي إنجاز لأي شخص معاق يعتبر شيء مدهش لأن المعاق ليس إنسان كامل يستطيع القيام بالإنشطة الطبيعية .

4- نموذج التعددية الثقافية :

 يرى هذا النموذج المعاقين بأنهم متعددوا الأشكال ومتنوعوا الثقافات والبيئات ولا تلاقي إعاقتهم الإهتمام الكافي فهم يصورون كما يريدهم الأسوياء.

5- نموذج الحقوق المدنية للأقليات: يرى هذا النموذج المعاقين أعضاء في مجتمع الأعاقة  ولديهم مطالب سياسية مشروعة ولديهم حقوق مدنية يجب أن يحاربوا من أجل الحصول عليها مثل باقي الأقليات في المجتمع.

ثم تلا ذلك هالر الذي قدم ثلاثة نماذج أخرى عام 1995 لتتلاءم مع البيئة الإعلامية التي وجدت في أعقاب قانون المعاقين الأمريكي والتي سميت النماذج المتطورة  وهي :

 1- نموذج العمل : يقدم المكفوفين وموضوعاتهم في وسائل الإعلام كأنهم أشخاص يكلفون المجتمع مزيداً من النفقات وعلى المجتمع أن لا يهتم  بتوفير البيئة المناسبة للمكفوفين من مواصلات ومبانى وغيرها فهو لا يستحق التكلفة والأعمال الشاقة المطلوبة لذلك لأنه عديم الفائدة.

 2- النموذج الشرعي : يرى هذا النموذج أنه ليس شرعياً أن يعامل المكفوفون بطرق خاصة لأن لديهم حقوق مشروعة ويجب ألا يضطرون للتوسل أو الإلتماس لضمان الحصول على هذه الحقوق ولذا فقد إعتبر القانون الأمريكي والقوانين الأخرى لمكافحة التمييز العنصري وسائل مهمة لإنهاء هذه التفرقة .              

 3- نموذج المستهلك : يقدم هذا النموذج المكفوفين كمجموعة من المستهلكين يجب أخذها في الإعتبار وأن محاولة تهيئة الظروف الإجتماعية المناسبة لهم سيكون مفيد لهم في سوق العمل لأن توافر هذه التسهيلات سيساعدهم على العمل والتوظيف ومن ثم يصبح لهم دخل ويجعلهم غير معتمدين على المجتمع لإشباع حاجاتهم الإقتصادية([3]).

وقد شهدت الفترة من عام 1995 وحتى عام 2000 زيادة مطردة في الخدمات الإعلامية المقدمة للمعاقين مثل وجود ما يقرب من ستين صحيفة من أشهرها :

Chicago Tribune , New York Times , U S A Today والتي تمد المعاقين بصرياً بخدمة القراءة الصوتية لمحتوى الصحيفة وذلك عبر التليفون أو الكمبيوتر بالإضافة إلى وجود أكثر من أربعين برنامج إذاعي وثمانية وثلاثين برنامج تليفزيوني تناقش قضايهم ومعظم هذه البرامج تقدم في المحطات والقنوات المحلية إضافة إلى بعض البرامج القومية والتي من أشهرها On Aroll  الذي يقدمه جريج سميث وبرنامج Living Without Limits  الذي يقدمه بوب أرتن وفي إطار مزيد من التطوير والدعم للخدمات الإعلامية للمعاقين أنشأت إحدى المنظمات الخيرية للأبحاث الخاصة بالإعاقة مركزاً إعلامياً في بداية التسعينات سمي National  Disapility Media Centr  تتمثل مهمته الأساسية في التعريف بخدمات وسائل الإعلام  التي تساعد المعاقين وتنشر المعلومات الخاصة بهم في الولايات المتحدة الأمريكية وإمداد هذه الوسائل الإعلامية بالمصادر الأساسية المطلوبة لزيادة المواد المنشورة في الصحف والمذاعة في الراديو والتليفزيون والخاصة بموضوعات المعوقين ([4]).

 



[1]Mike Oliver : (a Sociaology Of Disapility or Disabiste  Sociology / ) In len Barton (ed) Disapility And Society : emerging Issues And Insights , (London : Longman , 1996) , P 23.

[2]Davidzames. The Disapility Rights Movement from Chrity To Confronation (Philadelphia : Temply Univeristy Press , 2001) P P 208-209.

 

[3] Dixon, M, A., Jacko, J, A., Pappas, C, J., Rosa, R, H., and Scott, I, Visual profiles: A critical component of universal access. Pittsburgh: CHI 1999, p9.

 

[4]Doris Zames, The Disability Rights Movements :From Charity To Confrontation  (Philadephia: Temple University Press ,2001)  , P P. 210-211.

 

المصدر: المؤسسة التنموية لتمكين ذوي الإحتياجات الخاصة DAESN
Daesn

www.daesn.org

عالم الكفيف

Daesn
رؤية المؤسسة تفعيلا للقرارات الرشيدة من قبل الحكومة المصرية مثل قرار الدمج والتصديق على اتفاقية حقوق المعاقين، رأت المؤسسة التنموية لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة أن تقوم بدور فاعل في مجال التنمية المجتمعية وذلك بدعم وتمكين ورعاية المعاقين بصريا في شتى مناحي الحياة منذ نعومة الأظفار وحتى الدخول في مجالات العمل »

ابحث

تسجيل الدخول

DAESN

من نحن :

المؤسسة التنموية لتمكين ذوي لاحتياجات الخاصة مؤسسة أهلية مشهرة برقم 1277 لسنة 2008.
تهتم المؤسسة بتمكين  المكفوفين و دمجهم في المجتمع بشكل فعال يرتكز العمل داخل المؤسسة علي مدربين وموظفين مكفوفين وتعد هذه من نقاط القوة الاساسية  لمؤسستنا.

رسالتنا :

تعمل المؤسسة جاهدة لتمكين المكفوفين وتأهيلهم لسوق العمل المرتكز علي مفهوم الحقوق و الواجبات لتحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة شرائح المجتمع.

رؤيتنا :

تحقيق العدالة الاجتماعية المركزة علي مفهوم الحقوق و الواجبات لذوي الاحتياجات الخاصة لدمجهم مع كافة شرائح المجتمع.