كتب – إبراهيم حلمي

 

التناول الإعلامي لقضايا المعاقين في التليفزيون البريطاني:

 

قدم التليفزيون البريطاني العديد من الأشكال البراميجية والمواد التليفزيونية المخصصة للمعاقين والتي بدأتها قناة B BC في الخمسينات بتقديم أول برنامج للمعاقين يستخدم نظام Subtitle وسمي البرنامج "بانوراما" ثم تحول اسمه بعد عدة سنوات إلى "نافذة على العالم" والذي تناول مواداً إخبارية وأحداثاً جارية وشؤوناً عامة, كما قدمت أيضاً أول برنامج للأطفال الصم عام 1964 سمي Vision On  وتم تطوير البرنامج وإدخال مجموعة من الأشكال الفنية علية حتى أصبح له قاعدة جماهيرية لدى الأسوياء أيضاً .

وقد بدأ ظهور المعاقين  في المسلسلات التليفزيونية عام 1964, كما قدمت قناة BBC عام 1974 مسلسل علمي ظهرت فيه شخصية المعاق وقام بأداء دور المعاق في هذه الأعمال ممثل من الأسوياء, وفي عام 1979 بدأت قناة BBC2  تقديم أول مسلسل يقوم فيه بدور المعاق ممثل معاق بالفعل وذلك في مسلسل "On Giant,s Shoulders " والذي حاز إعجاب المعاقين بصفة خاصة, كما بدأت قناة ITV عام 1976 بتقديم برامج مخصصة للمعاقين وكانت تذاع في أوقات مبكرة فلا يراها عدداً كبيراً من الجمهور ثم تطورت وقدمت لفترات طويلة وقام بالعمل فيها مجموعة من المعاقين وأنتجتها شركات إنتاج تليفزيوني مستقلة ثم بدأت تذاع  في أوقات متميزة, وفي نفس العام قدمت BBC  سلسلة برامج موجهة للمعاقين تناقش قضاياهم كما تم تقديم أول برنامج إتصالي للمعاقين في عام 1979 وهو فقد الكلمات "Lost For Words"([1]).

وازدحمت القنوات التليفزيونية البريطانية بالأعمال والبرامج المخصصة للمعاقين عام 1981 إحتفالاً بالعام الدولي للمعاقين, وشاركت القناة الرابعة في تقديم برامج المعاقين وبدأت بتقديم مجلة تليفزيونية اسمها "نفس الأختلاف" كما تعد أول قناة تقدم سلسلة من البرامج المخصصة للمعاقين في مواعيد متميزة واهتمت برامجها بتشجيع المواهب الفنية للمعاقين مثل برنامج حقوق وليس إحسان وقد إستهدفت هذه البرامج شرح الدور السياسي وأهداف حركة الدفاع عن حقوق المعاقين, وفي البداية تم تقديم هذه البرامج من وجهة نظر الأسوياء, ولذا كانت تعالج أفكار سطحية وبعد ذلك أصبحت البرامج يقوم بإعدادها وتقديمها المعاقون بأنفسهم لذا فقد أصبحت على درجة عالية من الإتقان وتتناول موضوعات مهمة مثل عمل المعاق ومشكلاته .

كما قامت قناة بي بي سي بإنشاء وحدة برامج المعاقين التي أصبح يأتي عن طريقها معظم البرامج المخصصة لهم وقدمت موضوعات مهمة وعالجتها بعمق وصراحة كما ساهمت في عرض البرامج في أوقات مسائية متميزة وفي أيام الأجازات وفي نهاية الأسبوع مما يعني مزيداً من جماهيرية المشاهدين من الأسوياء والمعاقين"توثيقه أجنبي"

 

توصيف محتوى البرامج التليفزيونية البريطانية المخصصة للمعاقين :

قامت هذه البرامج التليفزيونية على مجموعة من القواعد التي شكلت الإطار العام للمحتوى البرامجي فيها والذي تمثل فيما يلي :

* وضع مخطط برامج المعاقين التليفزيونية على مجموعة من القواعد والتي شكلت الإطار العام للمحتوى البرامجي فيها والذي تمثل فيما يلي :

1- وضع مخططوا برامج المعاقين التليفزيونية قاعدة أساسية لهذه البرامج على إختلاف أنواعها والتي تمثلت في:

1- فكرة الطبيعية: وذلك بمعنى محاولة إظهار المعاقين في صورة من يحاولون بشجاعة التغلب على عجزهم لكي يصبحوا أشخاصاً طبيعيين ومن ثم تصبح فكرة أن المعاق شخص طبيعي رغم إعاقته وعجزه هدفاً أساسياً له يحاول تحقيقه في مختلف شؤون حياته.

2- تتناول هذه البرامج موضوعات مهملة وغير متناولة في وسائل الإعلام الأخرى وذلك لأن جمهور المعاقين جمهور كبير متنوع وبالتالي فموضوعاتهم متنوعة أيضاً وتحاول هذه البرامج التليفزيونية التركيز على القضايا المهمة التي تجعلها متفردة متميزة عن أي شكل إعلامي آخر وبشكل يفيد المعاقين الذين لا يستطيعون أن يجدوا معالجة لموضوعاتهم بنفس درجة العمق التي توفرها البرامج التليفزيونية المخصصة لهم في أي وسيلة إعلامية أخرى.

3- أختلفت فلسفة هذه البرامج في درجة ميلها لجذب المشاهد غير المعاق فبعضها رأى أنه لا ضرورة لضياع الوقت المخصص للمعاقين في الشرح والتفسير للأشخاص العاديين ليصبح البرنامج قادراً على مخاطبتهم وجذب إنتباههم في حين رأت برامج أخرى ضرورة تقديم أقصى ما تستطيع من تلخيص للموضوعات وإستمالات فنية لكي تصل لأكبر جمهور سواء من المعاقين أو الأسوياء.

4- قدم التليفزيون البريطاني شتى الأشكال البرامجية في المواد المخصصة للمعاقين بإستثناء شكلين فقط هما برامج المسابقات والمواد الكوميدية , وذلك لأن الأولى تحتاج إلى نوع من المهارة الجسدية أو العقلية ولأن الثانية لا تتناسب مع حساسية وضع المعاقين , وخوفاً من سوء فهم متوقع من جانبهم .

5- نتج عن هذه الطفرة الإعلامية التليفزيونية في بريطانيا  في تناول موضوعات الإعاقة قيام الشبكات التليفزيونية بتمويل الدراسات العلمية التي إستهدفت التعرف على دور التليفزيون في حياة المعاق وفي تشكيل صورته ومنها الدراسة التي قامت بها شبكة بي بي سي 1991 والتي تناولت صورة المعاقين على شاشة التليفزيون البريطاني وشملت جزئين:

أولهما : التعرف على طبيعة تقديم المعاقين وهل يصورونه بشكل كاف كمياً وكيفياً

وثانيهما : معرفة رد فعل هذا التصوير من جانب المشاهدين أنفسهم, والقائمين على هذه البرامج من كتاب ومنتجين([2]) .

مقارنة بين تصوير المعاقين في التليفزيون البريطاني والتليفزيون الأمريكي :

 

يتم تصوير المعاق الأمريكي في الأعمال الدرامية بأنه شخصية إجتماعية و أخلاقية , وأقل عدوانية , واكثر إعتماداً على الذات وأقل حزنا , ومن السهل التعامل معه وذلك مقارنة بمثيله المقدم في الدراما البريطانية.

أن الشخصية الأمريكية المعاقة تثير الإحترام أكثر من الأخرى البريطانية , كما أنها أكثر إحتمالاً لتكوين علاقات عاطفية مع الجنس الآخر.

ومن الدراسات البريطانية المهمة في هذا المجال سلسلة الدراسات التي  قدمتها مجموعة جلاسكو لبحث وسائل الإعلام منذ عام 1993 وحتى عام 1995 , والتي إختبرت كيفية تصوير الإعاقة العقلية في وسائل الإعلام البريطانية.

وقد شاركت المواد التليفزيونية الإعلانية والدعائية في التليفزيون البريطاني في تدعيم الصورة السلبية والتمييز العنصري لفئة المعاقين فهي تقدمهم على أنهم فئة المعقدين الذين لا يستطيعون العمل أو الكسب نظراً لإعاقتهم ولذا فهم ليسوا داخل البنية الإجتماعية العاملة ويمكن أيضاً أن نخرجهم من المجتمع فهم مخلوقات نسيها الزمن وموقف الإعلان واضح فهو يطلب من الجمهور مساعدتهم بالمال والوقت أو كلاهما لأن العجز يعني إعاقة والإعاقة ليست موت ولا يمكن إعتبارها أيضاً حياة بل هي ضياع في عالم مظلم ولذا فقد أعطت هذه المواد الإعلامية التليفزيونية صورة المعاقين أنهم فئة تستحق الشفقة والتأسي بحالها وأنهم يعتمدون على الآخرين في حياتهم وفي تلبية حاجاتهم ويرى صناع هذه المواد التليفزيونية أن هذه الأفكار والإستمالات ضرورية لحث الآخرين على التبرع بالمال فضلاً عن الإحسان للمعاقين ولذا فقد هاجمت هذه المواد االتلفزيونية العديد من المنظمات المهتمة للدفاع عن المعاقين وبذلك فقد هاجمت هذه المواد التلفزيونية العديد من المنظمات المخصصة للدفاع عن المعاقين ونظمت حملة توقف هذا الإحسان سميت Campaign To Stop Partonag

كما إستكملت وحدة الدفاع عن صورة المعاقين في وسائل الإعلام والتي حاولت إختبار كيفية بناء هذه الصورة السلبية الظالمة عن الإعاقة وبدأت عملها بدراسة نشر إعلانات الإحسان وأظهرت أن هذا التصوير في ظل غياب صوت المعاقين أنفسهم وبعيداً عن وجهة النظر الإجتماعية للإعاقة وعن المنظمات المخصصة للدفاع عن حقوق المعاقين أمر فيه ظلم لحقوقهم([3]).

وقد هوجمت هذه المواد التليفزيونية الدعائية لقيامها بتدعيم التصوير السلبي للمعاقين من خلال وسيلتين أولهما : إستبعاد المعاقين والتجاهل المتعمد لوجودهم في وكالات الإعلان كجمهور مستهدف من هذه المواد الإعلانية.

 وثانيهما : تقديم المعاقين بصورة مشوهة من خلال برامج الإعلانات الخاصة بالإحسان والتي كانت سبباً رئيسياً في النزاع المستمر بين المحطات التليفزيونية والمعلنين من جهة والمعاقين ومنظماتهم من جهة أخرى كما سببت تنظيم حملات لمحاربة هذه الأشكال البرامجية التي تدعم التمييز العنصري ضد المعاقين وقد حققت هذه الحملات شعبية وإنتشاراً خاصة بعد تظاهر عدد كبير من المعاقين في بريطانيا عام 1990 ضد هذه البرامج مما أدى إلى مرحلة جديدة من تطوير العمل التليفزيوني لصالح المعاقين.

وبدأت أولى ملامح هذا التطوير في بداية التسعينات نتيجة للحملات المنظمة للدفاع عن صورة المعاقين على شاشة التليفزيون البريطاني التي أثمرت عن ثلاث مراحل مميزة في تطوير الصورة السلبية للمعاقين قدمها كامبل عام 1990 والتي شملت :

1- مرحلة الإعتماد على الأعمال الخيرية لمساعدة المؤسسات التي ترعى المعاقين.

2- مرحلة إبراز شجاعة وتميز المعاقين لكسب التأييد العام لأنشطتهم .

3- مرحلة إظهار القدرات وليس الإعاقة , وذلك من خلال تجاهل الإعاقة الفردية وتركيز الإهتمام على القدرات الطبيعية أو السوية لدى المعاقين والتأكيد على مفهوم الطبيعية .

وقد واجه تطبيق هذه الأفكار مشكلة مهمة وهي أن إنتاج المواد الإعلانية والإعلامية بشكل عام يتم من خلال أشخاص غير معاقين.

صورة المكفوفين في وسائل  الإعلام:

 

وظف التليفزيون والسينما أعمالهم الدرامية لتقديم شخصية المعاق كشخصية مغايرة لما كان يتم تقديمه في الماضي فقد كان يتم تقديم شخصية المعاق على أنها  شخصية عنيدة وقوية وجبارة مثل الشخص الذي لديه أجزاء صناعية في جسمه تجعله قادرا على فعل أشياء لا يمكن أن ينجزها الانسان العادي ولذا فقد حاول التليفزيون تغيير الصور السلبية عن المعاقين إلى حد ما , وقد تكلم الإعلامي الكفيف الذي كان يعمل في برنامج صباح الخير يا أمريكا عن المغامرات الجزئية التي كانوا يفكرون فيها بوضوح ويعتقدون انها مثيرة من منطلق أنه كفيف ولا يجب إعتبار هذا النوع من الصور مرفوض, كما عرض عدد من الأبحاث صورة المعاقين في السينما والتليفزيون وبعض الصور التي يستخدمها الإعلام لتصوير الإعاقة وتشمل : الصور الغير حقيقية مثل صورة البطل الخارق أو الفتاه البريئة او الحكيم وقد استنتج لونارد 1982 أن 40 %من بين أدوار المعاقين في التليفزيون كانوا لأطفال ولا يوجد مسنين معظمهم من العاطلين ومن الطبقات المنخفضة إقتصادياً وقد صور التليفزيون المعاق على أنه  شخص مستسلم ومحايداً لا بطل ولا شرير وأجرى ماك كونال 1999 دراسة بعنوان لجنة الإتصال الفيدرالية تبحث مساعدة فاقدي البصر وتركز على مشروع مقدم من لجنة الإتصال الفيدرالية بأمريكا يهدف إلى طلب مذيعين تليفزيونيين لتقديم صوت يصف المشاهد والأحداث الموجودة على الشاشة وهي تعتبرخطوة عظيمة لمساعدة المكفوفين على التواصل مع الخدمات المقدمة من خلال وسائل الإتصال.

 



[1]Chris Davies , Window On The World –Almost , In Ann Pointon And Chris Davies "eds", Framed : Interrogating Disability In The media , (London :British Film Institute , 1997),pp 61 - 63.

[2] Jack A. Nelson , (The Invisible Cultural Group.. Images Disability) , In Paul Martin Lester (E D ) , Images That Ingurre : Pictorial Stereotypes In The media ,Op cit , Pp , 12- 15.

ذ

[3]David Hevey . The Creatures Time Forgot , Photography And Disapility Imagery (London : Routledge , 1992) , P P  23-24.

المصدر: المؤسسة التنموية لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة DAESN
Daesn

www.daesn.org

عالم الكفيف

Daesn
رؤية المؤسسة تفعيلا للقرارات الرشيدة من قبل الحكومة المصرية مثل قرار الدمج والتصديق على اتفاقية حقوق المعاقين، رأت المؤسسة التنموية لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة أن تقوم بدور فاعل في مجال التنمية المجتمعية وذلك بدعم وتمكين ورعاية المعاقين بصريا في شتى مناحي الحياة منذ نعومة الأظفار وحتى الدخول في مجالات العمل »

ابحث

تسجيل الدخول

DAESN

من نحن :

المؤسسة التنموية لتمكين ذوي لاحتياجات الخاصة مؤسسة أهلية مشهرة برقم 1277 لسنة 2008.
تهتم المؤسسة بتمكين  المكفوفين و دمجهم في المجتمع بشكل فعال يرتكز العمل داخل المؤسسة علي مدربين وموظفين مكفوفين وتعد هذه من نقاط القوة الاساسية  لمؤسستنا.

رسالتنا :

تعمل المؤسسة جاهدة لتمكين المكفوفين وتأهيلهم لسوق العمل المرتكز علي مفهوم الحقوق و الواجبات لتحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة شرائح المجتمع.

رؤيتنا :

تحقيق العدالة الاجتماعية المركزة علي مفهوم الحقوق و الواجبات لذوي الاحتياجات الخاصة لدمجهم مع كافة شرائح المجتمع.