كتبت – د/ شريفة مسعود

سنحاول فيما يلى أن نوضح تأثير بعض أنواع الاتجاهات الوالدية وكيف يمكن أن تؤثر على نمو الطفل:

  •  تأثير الحماية الزائدة :

تكون الحماية الزائدة نتيجة السيطرة أو التدليل من أحد الوالدين ، وأحياناً تنشأ الحماية الزائدة من رفض حقيقة الطفل. فنجد أن الطفل يحجب عنه بعض المواقف ويمنع من أن تكون له المبادرة فى مواقف أخرى، ثم نجده يطلب منه أن يتحمل جزءاً معقولاً من المسئولية. وتشمل الحماية الزائدة للطفل صحة الطفل البدنية والصحة العامة بالنسبة لغذائه وحتى الأنشطة اليومية. وتظهر عادة خصال معينة لدى الأطفال الذين يعاملون بحماية زائدة ، فهم فى المقام الأول ، يكونون غير ناضجين عاطفياً ولا يجدون لأنفسهم الفرصة لكى ينموا نمواً عاطفياً سليماً ، وأيضاً يؤدى ذلك إلى عدم نضجهم الاجتماعى فتعوزهم الثقة فى أنفسهم ، واعتمادهم على أنفسهم ، حيث نجد أن الأم عادة تحجب عن طفلها المواقف الصعبة وغير ذلك ، فشخصية الطفل تفسر ويصبح متمركزاً حول ذاته ، أنانياً ، يستجيب ببرود للمهام والأعمال التى  لا يستطيع أن يفعل حيالها شيئاً. إن سيطرة الحماية الزائدة على الطفل ، تجعل الطفل خاضعاً ، مطيعاً وينسحب عندما تواجهه أى صعوبة.

 

وقارن بويل درجات المكفوفين والمعوقين بصرياً بدرجات المبصرين فى مختلف الأنشطة ، وكان عدد التلاميذ 865 ، يتراوح أعمارهم ما بين 10 – 12 سنة. حيث استفسر بويل من المدرسين و أعضاء هيئة التدريس عن الأطفال الذين يتسم آباؤهم بالحماية الزائدة لهم. فكانت النتائج أن 27% من الأولاد المكفوفين و30% من البنات الكفيفات ، يعاملون بحماية زائدة أو مفرطة. ويوجد من ضعاف البصر 13% من الذكور ، 9% من الإناث أيضاً يعاملون بحماية زائدة ومفرطة من جانب الوالدين.

وقد وجد  بويل أن اتجاهات الحماية الزائدة من الوالدين لها تأثير على الأداء وعلى الأنشطة المختلفة ، وحتى فى بعض أدائهم على الاختبارات ، كما وجد أن الأطفال المهملين ، أداؤهم أفضل فى بعض الأفعال الحركية ، وأن الآباء المهملين أفضل من الآباء الذين يمارسون الحماية الزائدة على أطفالهم

ويكون والدا الأطفال المكفوفين قلقين ومهتمين بهم لحمايتهم ، ويميلون إلى الحماية الزائدة ، لذلك يظهر هؤلاء الأطفال كأنهم متخلفون عن الأطفال العاديين ، وأن هذا التأخر ليس فقط تأخراً اجتماعياً أو عقلى لكن أيضاً يؤدى إلى سوء توافق كبير فى الوقت الذى يجب عليهم أن يذهبوا إلى الحضانة.

  •  تأثير الرفض 

يوصف الطفل المنبوذ أو المرفوض غالباً بأنه غير مرغوب فيه، وفى كثير من الأوقات نجد أن الآباء يظهرون عداوتهم تجاه أطفالهم إما فى كلمات أو فى أفعال صريحة تجاههم . ويتمنى الوالدان - لو أن هذا الطفل لم يولد -  ويطلبون نقل هذا الطفل من بيئته أو يرفضون إقامة هذا الطفل مع الأسرة.    إن الأسر ذات الوضع الاقتصادى الجيد يرسلون أطفالهم إلى معسكر أو إلى مدارس خارج المدينة أو أى مكان آخر ، وإن هؤلاء الأطفال لا يتلقون أى نوع من الحب أو الانتباه أو الرعاية من عائلاتهم. وأحياناً تحاول الأم أن تخفى مشاعرها وتظهر نفسها بالأم الصالحة لأنها تحاول أن تقنع نفسها بأنها تعمل ماهو مقبول من المجتمع لطفلها.

 

ويستطيع هؤلاء الأطفال المنبوذون أحياناً أن يحققوا أنواعاً من التوافق الاجتماعى الملائم خارج بيئتهم المنزلية ، ويظهر لديهم إحساس بالمسئولية والاستقلالية فى القيام بأعمال المنزل. وقد لاحظ لويس أن حوالى 25% من الأطفال، الذين انفصلوا مبكراً عن أمهاتهم ، لديهم توافق اجتماعى بدرجة معقولة .

وقد يحدث لدى بعض الأطفال نوع من الانسحابية والانطوائية أو العدوانية بشكل صريح نتيجة رفض الوالدين لهؤلاء الأطفال .

  •  التقبل :

إن بعض الوالدين يتقبلون طفلهم الكفيف ويتقبلون إعاقته ، فالوالدان الناضجان يستطيعان أن يتحكما فى عواطفهما ويتقبلا الأمر بصورة جيدة ، وترضى الأم حاجات طفلها بصورة جيدة . والأم التى تستطيع أن تعامل طفلها على هذا الأساس ، تكون مستقرة وجدانياً وشخصيتها مرنة ووصلت إلى مرحلة من النضج تسمح لها بأن ترى أى اضطراب يمكن أن يحدث فى حياتها.

 

وهذه النوعية من الأمهات تكون ذات ثقة ومطمئنة فى حبها للطفل نفسه، وعند تقبل الأم لطفلها تزرع فيه الثقة بالنفس والاطمئنان، وتستطيع أن تمنحه الحب ، وتجعل هذا الطفل جزءاً من المجموعة العائلية ويصبح الطفل معتمداً على نفسه ، مستقلاً ، آمناً ، يعيش فى جو من الحب والأمان.

وينصح لونفيلد ألا تجاب احتياجات الطفل الكفيف أكثرمما هو ضرورى وفعلى ،أى لا يحتاج إلى نوع من التركيز على إحتياجاته ، بل على العكس تفضل معاملته كطفل سوى ، لكن بشئ من الحذر بسبب قيده وعجزه .

 

وتوجد ثلاث إجتماعيات أساسية ، إذا إستطعنا أن نوفرها نستطيع أن نصل بالطفل الكفيف إلى شاطئ الأمان وهى

  1.  أنه يحتاج قبل كل شئ إلى الحب ، الذى هو بطبيعة الحال أسمى شئ فى الحياة الأسرية ، لكن هذا الحب لا يكون مقروناً بالحماية الزائدة ، أو ذلك النمط من الحب العاطفى الذى يعتبر محاولة لتعويضه عن فقد بصره .
  2.   شعوره بالأمن ، هذا الشعور الذى يستمر طوال الحياة ولا يمكن أن يشعر به إلا فى منزله ، ويجب أن يتساوى فيه مع باقى الأطفال.
  3.    أن يشعر الطفل بلذة القدرة على الأداء.
  •  العلاقات بين الأخوة 

بعد الوالدين يبدأ الطفل فى توسيع عالمه ليشمل باقى أعضاء العائلة خاصة أخوته ، وعلاقة الطفل الكفيف بأخوته مجال مجهول بعض الشئ ، و بالرغم من وجود بعض الملاحظات التى يمكن أن نعتمد عليها. توجد متغيرات كثيرة يجب أن توضع فى الاعتبار فى علاقة الطفل الكفيف بأخوته ، جنس الطفل ، السن ، وبالطبع تلك عوامل لها أهميتها، فعلى الوالدين أن يشجعوا أطفالهم ليتقبلوا أخاهم الكفيف ، لكن بالطبع عليهم أن يتوافقوا مع بعض المشاكل الاعتيادية بين الأخوة مثل التنافس.

 

وأخوة الطفل الكفيف يشعرون بالغيرة والتنافس بسبب اهتمام الوالدين بأخيهم الكفيف عنهم ، وقد يصل الشعور إلى الكره نحو أخيهم نتيجة استحواذه على اهتمام الوالدين به، وقد يحمل الوالدان أطفالهم الأسوياء مسئولية أخيهم الكفيف ، وقد يؤدى ذلك إلى السخط، وليس هذا فقط بل قد يؤدى إلى اضطرابات نفسية وسوء توافق لدى الأخوة الأسوياء. وقد قرر بوزا نسكى أن علاج أخوة الأطفال المعاقين أكثر من علاج الأطفال المعاقين أنفسهم. وأن أخوة الأطفال المعوقين يشعرون بمشاعر الغضب أكثر من أخوة الأطفال الأسوياء ، فهم  يشعرون بالاهمال من جانب الوالدين ، ولذا يجب على الوالدين أن يتفهموا دورهم تجاه كل طفل من أطفالهم .

 

ونتيجة لعدم الاتساق فى معاملة الوالدين لأطفالهم تتولد مشاعر عدائية وكره من أخوة الأطفال المعاقين نحو أخيهم المعوق ، فيجب على الوالدين أن يوزعوا اهتمامتهم بالتساوى بين أولادهم ،حتى لا تتكون مشاعر تنافس أو كره وإلا يصبح الطفل الكفيف منبوذاً ومرفوضاً من أخوته وبالتالى ستتأثر علاقاتهم معه مما يؤثر على علاقاته الخارجية ، خارج حدود أسرته.

  •  العلاقات بين مجموعة الأقران :

وتقول هيلين كيلر لا يوجد شخص كفيف لكن اتجاهات المبصرين نحو الشخص الكفيف هى التى تخلق عجزه. فإنها تقصد أن عدداًَ قليلاً من المبصرين يستطيعون فهم الأشخاص المكفوفين وكيف يعاملونهم المعاملة الصحيحة.

 

فمن خلال الأمان الذى يكتسبه الطفل من علاقاته مع عائلته ، نجد أن الطفل يندفع إلى خارج العائلة . وربما يكون الطفل الكفيف معاقاً فى تكوين مثل هذه العلاقات فى أعمار معينة ، حيث أنه يفتقر إلى المثيرات البصرية التى يحتاج إليها فى بداية تكوين علاقاته مع أقرانه ، فالطفل الكفيف يختلف عن الأطفال المبصرين الذين يقلدون أقرانهم بواسطة البصر ، وتمدهم تفاعلاتهم بالتغذية المرتدة الضرورية ليعرفوا ما إذا كانوا مقبولين من تلك المجموعة أم لا . وعلى ذلك نجد أن حاسة البصر تمد الطفل وتساعده على الحركة داخل علاقاته ، خاصة مع أول طفل ثم مع المجموعة. فإن هذه العملية معاقة لدى الطفل الكفيف ، فيجب على الوالدين والأخوة أن يساعدوه فى هذه العملية ، فهو غير قادر على أن يتعلم عن طريق المحاكاة التى تتطلب منهم أن يشاركوه فى مهارات معينة وأن يتقبلوا الأشكال والسلوك خلال مرحلة نمو الطفل من مرحلة الطفولة إلى المراهقة.

 

و لذا يجب أن تمنع عملية التنشئة الاجتماعية منذ البداية أى معوقات أو صعوبات ، حتى تجعل الإنسان الكفيف مقبولاً من جماعة الأقران ، فمن الضرورى أن يشعر الطفل الكفيف بأنه مقبول أولاً من أسرته ثم من الجيران. فإذا كان الطفل الكفيف مقبولاً من الوالدين ويشعر بالراحة والطمأنينة والثقة بالنفس ، فإن ذلك ينعكس على علاقاته مع أخوته، وإذا شعر بالقبول من أخوته يستطيع أن يبدأ فى تكوين علاقاته مع مجموعة الأقران أى إن الأسرة هى الأساس ، فهى التى تضع اللبنة الأولى فى عملية التنشئة الاجتماعية للطفل الكفيف . فيجب على الوالدين والمدرسين أن يمدوا يد المساعدة للطفل الكفيف لكى يشعر بالراحة فى مختلف المواقف الاجتماعية ، لكى يعامله الذين من حوله بنفس الراحة والطمأنينة.

المصدر: المؤسسة التنموية لتمكين ذوي الإحتياجات الخاصة DAESN
Daesn

www.daesn.org

عالم الكفيف

Daesn
رؤية المؤسسة تفعيلا للقرارات الرشيدة من قبل الحكومة المصرية مثل قرار الدمج والتصديق على اتفاقية حقوق المعاقين، رأت المؤسسة التنموية لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة أن تقوم بدور فاعل في مجال التنمية المجتمعية وذلك بدعم وتمكين ورعاية المعاقين بصريا في شتى مناحي الحياة منذ نعومة الأظفار وحتى الدخول في مجالات العمل »

ابحث

تسجيل الدخول

DAESN

من نحن :

المؤسسة التنموية لتمكين ذوي لاحتياجات الخاصة مؤسسة أهلية مشهرة برقم 1277 لسنة 2008.
تهتم المؤسسة بتمكين  المكفوفين و دمجهم في المجتمع بشكل فعال يرتكز العمل داخل المؤسسة علي مدربين وموظفين مكفوفين وتعد هذه من نقاط القوة الاساسية  لمؤسستنا.

رسالتنا :

تعمل المؤسسة جاهدة لتمكين المكفوفين وتأهيلهم لسوق العمل المرتكز علي مفهوم الحقوق و الواجبات لتحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة شرائح المجتمع.

رؤيتنا :

تحقيق العدالة الاجتماعية المركزة علي مفهوم الحقوق و الواجبات لذوي الاحتياجات الخاصة لدمجهم مع كافة شرائح المجتمع.