أنا فتاة أبلغ من العمر 21 سنة كنت أدرس في مدينتي في كلية العلوم لكن في هذه السنة انتقلت الى مدينة اخرى تبعد كثيراً عن مدينتنا حتى ادرس الطب.
المشكلة التي صادفتني هنا لا تكمن في الدراسة على الرغم من صعوبتها بل تكمن في صعوبة التعامل هنا مع الناس سواء زملائي في الجامعة أو من أتعامل معهم بصفة عامة فمطالبهم كثيرة وأنا من النوع الذي يجد صعوبة في قول لا فأجد نفسي أقول نعم على الرغم من عدم رغبتي في تقديم تلك الخدمة لكن في المقابل اذا احتجت الى شيء منهم أما أسمع كلمة رفض أو قول نعم مع المراوغة حتى لا يقدموا لي تلك الخدمة وهناك الكثير والكثير من التصرفات التي تجرحني.
سؤالي هو لماذا هذه المعاملة على الرغم من إنني كنت طيبة مع الجميع دون استثناء لو تعاملت مع هؤلاء النلس بقبح لما سألت هذا السؤال بالمرة ولكن هذه ليست حالتي, ما تفسير هذه المعاملة وكيف أتعامل معهم والأهم كيف لا أتأثر سلباً بمعاملتهم هذه التي لا تخلو من الاّذية والجرح بعمق. وشكرا.
**** **** **** **** **** **** **** **** **** ****
الأخت العزيزة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكثر عذابات الإنسان من كثرة توقعاته خصوصاً إذا كان الإنسان ذا قلب طيب ويساعد الناس وهو يتوقع المثل منهم، فإن ذلك يجلب له الإحباط والألم وذلك لأنّ الناس ليسوا سواء وفيهم مَن يأخذ ولا يعطي، ومنهم مَن يقابل الإحسان بالإساءة، وقد ورد في الأثر: "اتق شرّ مَن أحسنت إليه".
لذا فإن إنتظار الموقف الجيِّد من كل الناس أمنية لا تتحقق وينبغي أن لا نفكِّر فيها، وعلينا أن نحافظ على سلامة نفوسنا وحبّ الخير أكثر فينا دون أن يضرنا ماذا يكون عليه الآخرون، دون أن يمنعنا ذلك من السعي لهدايتهم وإرشادهم.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (المائدة/ 105).
ولكن المسألة الأهم هو أن تتعلّمي أن تقولي لا، عندما يكون هذا الجواب هو الأنسب والأفضل لك، فإن في ذلك حفاظ على شخصيتك وحقوقك، إذ يجب أن يكون لكل شخص حدود محترمة وحريم خاص به، لا يسع الآخرون إختراقه وتجاوزه، وإلاّ أصبح وضع الإنسان مباحاً وهو يعمل دوماً للآخرين دون أن ينتبه إلى نفسه ويحصل على راحته وحرِّيته الخاصة به.
ويحتاج ذلك إلى بعض التمرين واللباقة، فهناك أجوبة كثيرة تحمل معنى الـ"لا" ولكنها لا تؤذي الآخرين أو لا تسبب الإحراج لك، من ذلك:
- آسفة... لديَّ فروض كثيرة ولا أملك الوقت الكافي لذلك.
- إقتراحك جيِّد ولكني لا أستطيع العمل به.
- عذراً فأنا مشغولة جدّاً.
- أشكرك ولكني لا أملك الوقت الكافي لذلك.
- أتمنى ذلك ولكني آسفة لعدم قدرتي على الإستجابة لك.
وأخيراً:
- لا، آسفة لعدم إستطاعتي تلبية طلبك.
ولابدّ في بعض الأحيان أن تصري على رأيك بصورة واضحة لتقطعي الطريق على مَن يريد بك السوء، فتقولي:
- لا، لا أريد ذلك.
- لا، لا يعجبني ذلك.
- لا، لست من النوع الذي تفكر فيه.
- لا، وألف لا.
وذلك يكون بحسب الموقف.
وختاماً، عليك أن تستفيدي من هذه الفرصة لتقوية شخصيتك وزيادة تجاربك، فالحياة هكذا فيها حلو ومر، وعلينا التعامل معها كما هي لا الإنهزام منها، ولعلّ إصرارك على الإستمرار في الدراسة وتفوّقك فيها هو خير وسيلة لتألقك وزيادة تأثيرك على الآخرين.
ومن الله التوفيق.
ساحة النقاش