فى نهاية هذه الدورة سيتمكن للمتدرب من معرفة:
- أدلة الحيطة والحذر من القرآن ؟
- أنواع الحذر؟
- مواقف تظهر استخدام رسول الله للحيطة والحذر حتى يتعلم منها.


الحيطة والحذر:
الحذر معناه فى اللغة :الخيفة والتحرز والتيقظ, والحذر ممدوح غير مذموم لأن من تعريفه يتبين أنه يقوم على أساس المعرفة وأخذ الحيطة ومباشرة الأسباب لمنع وقوع أو تقليل أضرار ناتجة عن مختلف الاحتمالات التى تؤدى إلى الفشل. ولذلك فهو من صفات أهل الإيمان والعقل السليم والفهم الدقيق لسنن الله فى الكون.
والحكمة تقول"
استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان"

الأدلة من القرآن:

·         قال تعالي"وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً " النساء 102

·         قال تعالى "فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ البقرة 239

أنواع الحذر:

الحذر من المعاصى
إن الشخص الحذر يتجنب ارتكاب المعاصى حتى يحذر غضب الله وعقابه لقوله تعالى "وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ" البقرة 235

الحذر من اتباع الهوى
إن الحذر يجب أن يحذر من الانزلاق إلى متابعة الهوى وترك الحق بحجة إرضاء الآخرين لقوله تعالى "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ" المائدة 49

الحذر من المنافقين
المنافقون هم أعداء النجاح والعزة فى الحياة فعلى القيادى أن يحذر من أمثالهم لقوله تعالى "وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" المنافقون 4

مواقف تظهر استخدام الرسول صلي الله عليه وسلم الحيطة والحذر:

1.     وجه السرية في بدء دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام:
لا ريب أنّ تكتم النبي صلى الله عليه وسلم دعوته إلى الإسلام خلال السنوات الأولى لم يكن خوفا على نفسه فهو يوقن بأن الله الذي ابتعثه بالحق وكلفه بهذه الدعوة قادر علي أن يحميه ويعصمه من الناس لكن الله ألهمه أن يبدأ الدعوة في فترتها الأولى بسرية وتكتم وأن لا يلقي بها إلا لمن يغلب علي ظنه أنه سيستمع لها ويؤمن بها تعليمًا للدعاة والقادة من بعده وإرشادا لهم بمشروعية الأخذ بالأسباب الظاهرة, والحيطة والحذر وما يقره التفكير و العقل السليم من الوسائل التي ينبغى أن تُتخَذ من أجل الوصول إلي غايات الدعوة وأهدافها على ألا يتغلب كل ذلك علي الاعتماد والاتكال علي الله وحده.
ومن هنا ندرك أن أسلوب دعوته عليه الصلاة والسلام في هذه الفترة كان من قبيل السياسة الشرعية بوصفه كونه قائدا وليس من أعماله التبليغية عن الله تعالي بوصف كونه نبيا.
وبناءا علي ذلك يجوز لأصحاب الدعوة في كل عصر أن يستعملوا المرونة في كيفية الدعوة من حيث التكتم والجهر أو اللين والقوه حسبما تقتضيه الظروف وحال العصر الذي يعيشون فيه.

2.     تكتم الرسول صلى الله عليه وسلم فى الهجرة:
لماذا هاجر عمر جهرا وهاجر الرسول سرا؟

إن عمر بن الخطاب أو أى مسلم آخر غير الرسول صلي الله عليه وسلم يعتبر تصرفه (تصرفا شخصيا لا حجة تشريعيه فيه), فله أن يتخير من الطرق والأساليب ما يحلو له وما يتفق مع قوة جرأته وإيمانه بالله تعالي.
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مشرِع, أي أن جميع تصرفاته المتعلقة بالدين تعتبر تشريعا للمسلمين ولذلك فسنته هي المصدر الثاني من مصادر التشريع وسنته هى مجموع أقواله وأفعاله وصفاته وتقريره .
فلو أنه فعل كما فعل عمر, لحسب الناس أن هذا هو الواجب!..وأنه لا يجوز أخذ الحيطة والحذر, والتخفى عند الخوف، لأجل ذلك استعمل الرسول صلي الله عليه وسلم كل الأسباب والوسائل المادية التي يهتدى إليها العقل البشرى في مثل هذا العمل, حتى لم يترك وسيلة من هذه الوسائل إلا واستعملها, ففعل الآتى:

·         ترك علي بن أبى طالب ينام في فراشه ويتغطى ببردته.

·         استعان بأحد المشركين بعد أن أمنه ليدله علي الطرق الفرعية في الصحراء التى لا تخطر على بال الأعداء.

·         أقام فى الغار ثلاثة أيام متخفيا.

إلي آخر ما جهزه من الاحتياطات المادية التي قد يفكر بها العقل, ليوضح بذلك أن الإيمان بالله عز وجل لا ينافي استعمال الأسباب المادية، التي أرادت حكمة الله عز وجل أن تكون أسبابا، هذا هو التوكل الصحيح.
ولم يقم بذلك بسبب خوفٍٍ فى نفسه أو شكٍ أن يقع في قبضة المشركين قبل وصوله المدينة. والدليل على ذلك أنه عليه الصلاة والسلام بعدما استنفد الأخذ بالأسباب المادية كلها. ووصل المشركون للغار الذي يختبئ فيه وصاحبه بحيث لو نظر أحدهم عند قدمه لأبصر رسول الله صلي الله عليه وسلم استبد الخوف بقلب أبي بكر رضى الله عنه في حين كان يطمئنه عليه الصلاة والسلام قائلاً: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟
ولقد كان كل ما فعله من تلك الاحتياطات إذاً, وظيفة تشريعية قام بها, فلما انتهي من أدائها, ظل قلبه مرتبطا بالله عز وجل معتمدا علي حمايته وتوفيقه, ليعلم المسلمون أن الاعتماد في كل أمر لا ينبغى أن يكون إلا علي الله عز وجل ولكن لا ينافى ذلك احترام الأسباب التي جعلها الله في هذا الكون أسباباً.

3.     حيطته صلي الله عليه وسلم في الحروب:
تحتل سياسة الحيطة والحذر في الحروب مكان الصدارة ففي حروب الرسول نجد تطبيقاً لتحقيق هذه السياسة:
ففي غزوه أحد أقام رسول الله صلي الله عليه وسلم خمسين رجل من الرماة بقياده عبد الله بن جبير بن النعمان علي جبل صغير مرتفع وقال لهم"احموا ظهورنا لئلا يأتون من خلفنا وارشقوهم بالسهام فإن الخيل لا تقدم على السهام.....إنا لا نزال غالبين ..إن ثبتم في مكانكم" هنا عمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المحافظة علي سلامة قواته المحاربة من غدر عدوه.

استبعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض المحاربين من صغار السن عن الدخول في المعركة وحكمته أنه حَذٌر أن تروع قلوب هؤلاء الصغار وأن يفقدوا أعصابهم فهنا احتاط الرسول صلى الله عليه وسلم من دخولهم الحرب حتى يحمي قواته ويحافظ عليها.

استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الكتمان في غزواته فتكتم أمرها حتى لا تذاع أخباره وتحركانه وتخطيطه.
فقد بعث عبد الله بن جحش فى سرية من المهاجرين وأعطاه كتاب و أمره ألا يقرأ ما فيه إلا بعد مسيرة يومين وينفذ ما فيه من أوامر وقد فعل ذلك عبد الله وبعد مسيرة يومين فتح الكتاب فإذا به "إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فتربص بها قريشا وتعلم لنا من أخبارها"
فقد أراد الرسول أن يتكتم وجهة هذه السرية حتى لا تعلم قريش بأمر تحركاتهم وتتخذ من الإجراءات ما يعرض مهمة السرية للفشل.

وهكذا كان منهج الرسول عليه الصلاة والسلام الحيطة والحذر في الحروب

المصادر:

·         Management - The Five Functions.

·         دليل التدريب القيادي، هشام طالب.

·         سلسلة ) د/طارق سويدان.(الرسول القائد)

·         مقالة للأستاذ عمرو خالد بعنوان(القيادة هي معرفة توجيه الناس وهم يحبونك)

·         سياسات واستراتيجيات الادارة - دـ/احمد غنيم .

·         فقه السيره النبوية - للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

·         تطبيقات في ادارة الموارد البشريه - د/عبد الحميد المغربي

المصدر: د. أكرم حمدى
AkrumHamdy

Akrum Hamdy [email protected] 01006376836

  • Currently 135/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
43 تصويتات / 1045 مشاهدة
نشرت فى 11 يونيو 2009 بواسطة AkrumHamdy

أ.د/ أكـــرم زيـن العــابديــن محـــمود محمـــد حمــدى - جامعــة المنــيا

AkrumHamdy
[email protected] [01006376836] Minia University, Egypt »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,741,304