كأنهن المرجان و الياقوت

أول مايهف قلب العاشق في محبوبته هو جمالها ، والعرب أحسنت في وصف الجمال والحسن قولا وكلمات وشعراً ، ولم يستثن من وصف الجمال الرجال ، بل نالهم نصيب في الحسن والوسامة ، لكن المرأة هي التي تتكامل بصفات جمالها الجسدي والروحي ، وقد امتلأت بطون كتب التراث بوصف جمال المرأة والتغني به الكثير الكثير .
وما أحسن ماقيل في جمال المرأة :
وما أنت مادحها يا من يشبهها بالشمس والبدر لا بل أنت هاجيها
من أين للشمس خال فوق خدها ومضحك من نظام الدر في فيها
من أين للبدر أجفان مكحلة بالسحر والغنج تجري في حواشيها
وقال بعضهم في سوادء مليحة :
يارب سوداء تجلي بحسنها الظلمات
ماذا يعيبون منها وكلها حسنات
وقال شاعر آخر :
ووجه زال رونقه فأضحت محاسنه بلحيته عيوبا
قليل الحظ بالشامات أمسى فما حسناته إلا ذنوبا
وقالت العرب في الجمال :
الحسن أمر مركب من اشياء وضاءة وصباحة وحسن تشكيل ، وتخطيط ودموية في البشرة .
وقيل أيضاً :
الحسن تناسب الخلقة و اعتدالها واستواؤها .
ورب صورة متناسبة الخلقة وليست من الحسن بذاك .
وقالت عائشة رضي الله عنه :
البياض شطر الحسن } {
والجمال الباطن المحمود لذاته كالعلم والبراعة والجود والشجاعة .
والجمال الظاهر ماظهر من غض قوامه الرطيب ، ووجهه الذي فاق البدر بلا غيبة للشمس عند المغيب .
فعند ذلك يشمت البدر بشاماته ، ويقول لخده الذي زاداد حسنا :
من زاد زاد الله حسناته .
فلذلك قيل :
الحسن الصريح ما استنطق الافواه بالتسبيح وقيل بل هو كما قيل :
شيء به فتن الورى غير الذي يدعى الجمال ولست أدري ماهو
وهو الصحيح لأنه لا يدري كنهه .
ولايعرف شبهه ، حتى كأنه نكرة لا تتعرف ومجهول لا يعرف .
ولذلك قال بعضهم :
للحسن معنى لا تناله العبارة ، ولايحيط به الوصف ، واحسن الحسن مالم يُجلب بتزيين .
قال الشاعر :
إن المليحة من تزين حليها لا من غدت بحليها تتزين
ثم ان بعض الشعراء مدحوا مطلق الحسن والجمال مثل قول قيس بن الملوح :
أقبل أرضا سار فيها جمالها فكيف بدار دار فيها جمالها
وقول غيره :
هي البدر حسنا والنساء كواكب فشتان مابين الكواكب والبدر
وقول غيره :
دعوا مقلتي تبكي لفقد حبيبها ليطفئ برد الدمع حر كروبها
ففي حبل خيط الدمع للقلب راحة فطوبى لنفس متعت بحبيبها
بمن لو رأته القاطعات أكفها لما رضيت إلا بقطع قلوبها
ومما قيل في الوجه الحسن والجميل قول ابن نباتة :
إنسية في مثال الجن تحسبها شمساً بدت بين تشريق وتغميم
شقت لها الشمس ثوبا في محاسنها فالوجه للشمس والعينان للريم
ويقول مجنون ليلى العامرية :
أنيري مكان البدر أفل البدر وقومي مقام الشمس ما استأخر الفجر
ففيك من الشمس المنيرة ضوءها وليس لها منك التبسم والثغر
وقل آخر :
ففي اربع مني حلت منك أربع فما أنا أدري أيها هاج لي كربي
أو جهك ، ام عيني ، أم الريق في فمي امر النطق في سمعي أم الحب في قلبي فلما سمعه اسحق بن يعقوب الكندي .
قال :
هذا تقسيم فلسفي .
وجعله العلوي خمسة فقال :
وفي خمسة مني حلت منك خمسة فريقك منها في فمي طيب الرشف
ووجهك في عيني ، ولمسك في يدي ونطقك في سمعي وعرفك في أنفي
وقول آخر
إذا احتجبت لم يكفك البدر وجهاً ونكفيك فقد البدر إن غرب البدر
وحسبك من شراب مذاقه ريقها والله ما من ريقها حسبك الخمر
وقال الموسوي :
وجهها جنة ، وعذب لماها سلسبيل وحورها مقلتان
وقال الطغرائي :
إذا قدك أم غصن نقا أو رمح ذا وجهك أم شمس ضحى أم صبح
في قلبي منك لوعة اكتمها لو امكن شرحها لطال الشرح
أما عن شعر المرأة المحبوبة الجميل الكثير من الأقوال والشعر .
قالت :
العرب فليستحسن في الحبيبة شعرها .
فإن الشعر الحسن أحد الوجهين فما قيل قول بكر بن النطاح :
بيضاء تسحب من قيام شعرها وتغيب فيه وهو وجه أسحم
فكأنها فيه نهار ساطع وكأنه ليل عليها مظلم
وقال ابن الوردي ، عن الحبيبة التي طالها شعرها حتى قدميها :
كيف أنسى جميل شعر حبيبي وهو كان الشفيع في لديه
شعر الشعر انه رام قتلي فرمى نفسه على قدميه
وما أكثر وصف الحسن في المرأة الجميلة التي تفتح لها القلوب ، واللعشق والحب حديث طويل ، ولنا فيه بقية .

د. فراس الفهداوي

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 25 أكتوبر 2014 بواسطة Aboyosefmohamed

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

266,439