جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
رؤية إنطباعية نقدية عامة في نص ( أتى الربيع ) للشاعر الدكتور علي أحمد أبو رفيع
بقلم سما سامي بغدادي
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أَتىٰ الرَّبيعُ
___________
ماذا أقـــولُ إذا أتىٰ الرَّبيعُ بريده
مانَفْع الجَــــــمالِ والأحِبَّة بُعـــاد
هَلَّ بِجَمالِهِ يُذْهِبُ لَوْعَةَ المُشْتاق
قَدْ أتْعَبَتْهُ بِحُبِّها والغـَــــرامُ سُهاد
أوْ تُشْفي الزُّهــــــورُ جُرْحًا نازِفًا
والأشْجارُ تَحِنُّ لِدَمْعِهِ الأعْــــــواد
كَمْ تَعْلَم يا ربيــــــع بِحالِ قَلْــبي
أصْبَحَ كالصَّيْفِ قـَـــــدْ أتاهُ حَصاد
وأشْتَدَّ وكَثْرةُ المَصــــــائِبِ داؤهُ
حَتّىٰ اسْتـَـــــراحَ بِدائِهِ الحُسَّـــاد
بَعْضُ نَســــــيمِ الرَّبيــــــعِ يَهُزُّني
ولِجَمالِ وحُسْنِ عَبيــــــرِهِ مُنْقاد
الجَمــــــالُ إذا كانَ بِأرضِ أحِبّتي
أسيرُ مُقَيَّدًا بِأرضِها بالأصْــــــفادِ
لَكِنَني رغْــــمَ البُعادِ روحي طَليقَة
عِنْدما تَأتي ياربيعُ تُزْهِرُ الأعْيـــادُ
وتَعــــودُ حَقًّا مُقْبِــــــلًا في أرْضِنا
تَزْهو وتُزْهـِـــــرُ في الرَّبيــــعِ بِلاد
ونَرىٰ وِدادًا بِأرْضِــــــنا وَنَزورهـــا
ويَطيبُ حينَ نَلْقىٰ لِقاء الأكْــــــباد
في الرَّبيعِ أرْضِنا تَحْــــــلو إذا أتَى
وتَجــــــولُ بَيْنَ حُقــــــولِها الأوْلاد
:: ___________ ٢٠٢٤/١/٢٠
بقلم : علي أحمد أبورفيع
(ابن الباديه أبورفيع)
الرؤية الانطباعية النقدية في النص المقدم
..........................................................
نص ابداعي مبهر بمعاني روحية نقية تناغي الفطرة الانسانية ، ذو موسيقى متناغمة شذية ، ومناغاة شفافة لمعاني الذات مع بعد فلسفي مكنون داخل النص ، تنثره روح رقيقة بلغة شفافة ومميزة ، تحمل في طياتها قاموس شعري غني متنوع المشارب يعتمد الارث الثقافي العربي كقوامة معبرة عن ماهيتهِ الشعرية .
الشاعر المبدع علي ابو رفيع وشخصيته الكتابية المبهرة ، والواعدة ، في نص شعري من لون خاص ، يشد القارئ بلغته التعبيرية والوصفية المكثفة وفق صورشعرية ماتعة ، ومؤثرة متمحورة حول الهواجس والأحاسيس الداخلية للذات الانسانية ، المرتبطة ارتباط روحي بالاوقات والمواسم ولغة الكون المناغية لمعاني المحبة ، والحنين الفطري لمعاني البساطة ولقاء اللحبة في اوطان يسودها الامان ، لغة الشاعر تحمل في خصوصية عالية ترسم فيها لون من الوان الاحاسيس المكنونه داخل الذات ، في نص يشذو بروح نقية ، في بداية النص تستهل الشاعرة نصه بعنوان يزهو بمعاني الازدهار والاخضرار الروحي والمعنوي الذي يهيء الروح الى السمو الترفع للدخول في دوحة الشعور النقي المزدهي بأزاهير الجمال الكوني ، لغة النص لغة ندية شفافة تستدر الشعور الانساني كي يدخل في رحاب زكية منضوية بروح حنونة ونقية ، ثم إستهلال مبهر للنص الادبي ، في صورة شعرية ذات تكثيف عالي ورؤية روحية عميقة تستشرف لتنثر شذاها في رحاب من معاني التراث العربي كما
في الصورة الشعرية (ماذا أقـــولُ إذا أتىٰ الرَّبيعُ بريده
مانَفْع الجَــــــمالِ والأحِبَّة بُعـــاد
هَلَّ بِجَمالِهِ يُذْهِبُ لَوْعَةَ المُشْتاق
قَدْ أتْعَبَتْهُ بِحُبِّها والغـَــــرامُ سُهاد
أوْ تُشْفي الزُّهــــــورُ جُرْحًا نازِفًا
والأشْجارُ تَحِنُّ لِدَمْعِهِ الأعْــــــواد
حيث يرسم الشاعر صور الجمال مترادفة مع شعور الحنين الى الاحبة الذي تزدهي فيه القلوب كالربيع
، وقد إختار الشاعر هذا التوصيف المبهر كي يخلق أعمق تأثير داخل شعور المتلق، حين تروي الصور البهية جُدب الروح العاشقة ، المتعطشة الى الجمال
ولو تأملنا معاني الارتباط بين النص الأدبي وبيئة الشاعر، او الشخصية الكتابية نجد ان هناك الكثير من مقومات هذا الارتباط ، حيث يعكس النص الأدبي في كثير من الأحيان تأثيرات البيئة والظروف التي تعيشها الشخصية الكتابية ، سواء على المستوى الشخصي، أو الاجتماعي، أو الثقافي ، أو الروحي ، ويتخذ أحياناً بعداً تاريخياً وتراثياً يسترجع معاني الذاكرة المخزونه ، ويكون هذا الارتباط واضحاً في الشعر بشكل خاص، حيث يعتبر الشاعر مرآة للواقع ولتجاربه ونبض الشارع ، وروح ملامسة لمعاني الوجع الانساني ، وهو لسان الحال والمتحدث عن كل مايجول في االخاطر من حوله ،
ودوما ماتكون الذاكرة الحية في داخل الشاعر الجذوة المشتعلة التي تلهم وتلهب شعور الشاعر وبالتالي المتلقي ، وتشكل مصدر إلهام لقصائده.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب القيم والمعتقدات التي يحملها الشاعر دوراً هاماً في تشكيل النص الأدبي وبنيته الداخلية وانسيابية النص في تسلسله الدرامي المؤثر . لذا فالنص الادبي كيان ينبض بالمعاني الروحية لا يمكن فصل هذا الكيان عن ماهيتهِ الاصيلة المرتبطة بالبئية وقداسة الذاكرة العامرة بالصور الروحية والانسانية . لذا نجد تأثير واضح لمسميات تراثية وروحية اصيلة داخل القاموس الشعري الحافل للدكتور ابو رفيع صاحب الشخصية المصرية الاصيلة أبن النيل ، وقنديل أسوان الاصالة والفن والتراث العربي ، صاحب الشخصية الايمانية وسليل المنابر والتكايا الصوفية ، جعلت من هذا النص إيماءآت وتجليات لمعاني الشعور الحي الذي يستحضر الذاكرة الحية العامرة بالارث الثقافي . والايماني والروحي ، حيث إنه نص مفعم بالصور الشعرية الجزلة والشفافة والمعبرة والحميمة التي
. تُظهر القصيدة باصوات متعددة يحملها انسنة للشعور، حيث تتناوب الصور لتعبر عن فحوى العتاب بين روحين يلهبهما الشوق والحنين وتستدرك معاني الانتظار والوله في ابهى الصور، بلغة مكنونة معبرة منفردة بالتعبير عن ماهيتها اللغوية بتلك البساطه والسلاسة والفائضة داخل النص التي يصف ربيع الروح وربيع الاوقات الذي تزدهي فيه القلوب بالفرح والالفة والسمر ، في صور شعرية بهية ، ترتوي مشاعر المتلقي فيها من استدرار عاطفي مباح يغرقه بجمالية عالية ،
حيث تجول في هذهِ الصور بشعور المتلقي لمعاني الشوق ، والوله والترقب واالتأمل ، والوجع ، مما يعطي النص الشعري ملامح شفافة فيها مواءمة بهية للمسميات ، لنقل المشاعر والأفكار بشكل مجازي وروحي بشكل واضح ومؤثر .
بالنسبة للبنية الداخلية، بنية رصينة تعتمد عل الموسيقى الداخلية للحرف في ترانيم منسجمة ، تعكس مساجلة في الفضاء الداخلي للشعور ، في الحوار الذي يظهره النص للتعبير عن معاني الذات الانسانية وإمنياتها الصادقة النقية في التعبير عن الحب والشوق . مما يظهر النص
تعبيرًا متقنًا عن المشاعر والأحاسيس.كرمز للحب والجمال والتجديد. يصوّر الربيع بأنه فصل الازدهار والنمو ، وإستعادة معاني الشعور الانساني والفطري ، بنية النص بنية متينة ورصينه ذات موسيقى داخلية منغمة ومؤثرة بتوازنها ، ويتميز بالقافية الطافية والوزن المتقن. يتم تقسيم القصيدة إلى عدة تفاصيل تعبر عن مشاعر الشاعر وتجعل القارئ يتفاعل مع النص ومعانيه. كما يظهر النص معاني روحية تعبر عن فكر انساني واعي ومستنير يحمله الشاعر كرسالة يقدمها للتعبير عن ذاته ومكنوناتهوالانسانية ، وتأملاته في الحياة والحب والوجود. يعكس الشاعر في هذه القصيدة الصراع الروحي والعواطف الداخلية التي تتناولها عواطف الحب والفقدان والوحدة. بأسلوب شعري شجي يحمل العذوبة والجزالة الشعرية والبساطه في الطرح ، والرصانه في البنية الشعرية ويقدم لنا نصاً شعرياً متكامل الاركان اللغوية والفنية والفكرية والارتقاء الروحي والمغنوي تقديري واحترامي دكتور امنياتي لحضرتك بالتوفيق ودوام التألق
سما سامي بغدادي