كاشغر – قصة مدينة
كاشغر: من أشهر مدن تركستان الشرقية وأهمها وتقع في وسطها، وكانت عاصمتها في بعض فترات التاريخ ، ولها مركز عظيم في التجارة مع: روسيا من جهة، الصين من جهة ثانية، بلاد ما وراء النهر من جهة ثالثة، حيث يمر طريق الحرير المشهور بمدينة كاشغر والذي يربط الصين بدول أوروبا، ويمكن السفر إليها من مدينة سمرقند، وإقليم الصغد.
تقع مدينة كاشغر في تركستان الشرقية وحدودها هي:
<!--حدودها الجنوبية باكستان والهند (كشمير) والتبت
<!--من الجنوب الغربي والغرب: أفغانستان وتركستان الغربية (قيرغيزستان – أوزباكستان – تركمانستان – كازاخستان)
<!--من الشمال: سيبيريا
<!--من الشرق والجنوب الشرقي: الصين ومنغوليا.
بدأ الإسلام يدخل تركستان الشرقية على عهد عبد الملك بن مروان سنة (86 هـ -705م)، ولكن البلاد أصبحت إسلامية حكومة وشعباً سنة (353هـ - 964م) بدخول السطان ستوق بغراخان الإسلام، فشمل الإسلام البلاد كافة.
تقدم قتيبة على رأس جيشه من فرغانة، سالكاً الطريق التجارية التي تربط مدينة فرغانة بمدينة كاشغر، ماراً بجنوب بحيرة (جاتيركول) السوفييتية حالياً، على الحدود الصينية-السوفييتية، مقتحماً ممر (تيترك) في تركستان الشرقية , وبعث مقدمة أمام جيشه إلى كاشغر، فتقدمت حتى وصلت إلى هدفها، بعد أن أزاحت المقاومات الطفيفة التي صادفتها في طريقها، وغنمت وسبت.
وأوغل قتيبة حتى قارب حدود الصين القديمة، ففتح كاشغر، وجنغاريا الواقعة على حدود منغوليا، وترفان على مقربة من الحدود المنغولية، وخوتن الواقعة شمالي التبت وكشمير، وقانو التي تقع تماماً في منتصف الصين الحالية، ولكن المصادر العربية المعتمدة تقتصر على فتح كاشغر في هذه السنة، ولا تقدم تفاصيل عن فتوح المدن الصينية الأخرى.
المؤرخون العرب يذكرون أن مدينة كاشغر هي أدنى مدائن الصين، ولكن البلدانيين العرب يذكرون أنها من مدن تركستان. وما أخطأ المؤرخون العرب، لأن حدود الصين كانت تمتد غرباً فتضمّ حدودُها تركستان الشرقية بكاملها، أو جزءاً منها في حالة اشتداد قوة ملوك الصين، وتنحسر تلك الحدود نحو الشرق، فتستقل تركستان الشرقية بحدودها الطبيعية، أو تمتد حدود تركستان الشرقية , فتضم إليها أجزاء من الصين، في حالة قوة ملوك تركستان وضعف ملوك الصين. وما أخطأ البلدانيون العرب القدامى في ذكرهم أن مدينة كاشغر من مدن تركستان الشرقية، فهي في الواقع كذلك أصلاً، ولكنها تدخل في حدود الصين تارة، وتكون خارج حدودها تارة أخرى.
وقد اجتاحت تركستان الشرقية القوات الصينية الشيوعية سنة 1949م واحتلتها، فأطلق عليها الصينيون اسم (شينكيانغ) وهي كلمة صينية تعني: المستعمرة الجديدة، وتبعهم بهذه التسمية الأوروبيون وبعض المصادر العربية الحديثة، إلا أن أهل تركستان الشرقية المسلمون يحبون أن تسمى بلادهم باسمها القديم: تركستان الشرقية، ولا يحبون تسميتها بالاسم الصيني الجديد.
يقول محمود شيت خطاب في إحدى مقالاته: ولا أزال أذكر مضيفة على إحدى الطائرات الصينية، صادفتها في إحدى الرحلات في المشرق الإسلامي، فقد رأتني أتلو ما تيسر من القرآن بالمصحف –والطائرة في الجو- فوجدتها تحتفي بي حفاوة خاصة، ولا تنفك تحيطني برعايتها الفائقة، وسألتني على استحياء أن أهدي لها المصحف لأنها مسلمة، فأهديته لها، فجثت على ركبتيها ووضعته على رأسها، وعيناها تذرفان قائلة: هذه أعظم هدية تسلمتها في حياتي، وسأقدم هذا المصحف الشريف إلى والدتي المريضة فور عودتي إلى بلدي، وستفرح بهذه الهدية العظيمة فرحاً عظيماً، ومضت إلى سبيلها تؤدي عملها، وما مرت بي إلا وهتفت: الحمد لله.. أنا مسلمة.
سحر زكي