فلسطين وأخواتها
منذ مائتي عام ومع ضعف الخلافة العثمانية تسابق الشرق والغرب على احتلال بلاد المسلمين، وتنوعت أساليب العدو في السيطرة على تلك الدول الإسلامية.
اتفقت الصين وروسيا على اقتسام الدول الإسلامية في آسيا الوسطى لحصار الدولة العثمانية من جهة الشرق، حيث احتلت الصين تركستان الشرقية كما احتلت روسيا تركستان الغربية (تمثل الدول الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق وهي: تركمانستان وقازقستان واوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان).
وأوروبا في الغرب تحاصر دولة الخلافة العثمانية وتعمل على إسقاطها بدعم اليهود والنصارى.
أما في مصر فقد وقع الاختيار على محمد علي الذي قام بتوجيه قوته لمحاربة الدولة العثمانية، ولم يكتف بذلك بل بدأت العلمانية في عهده واستعان باليهود والنصارى في تولي المناصب القيادة في الدولة حتى تم الإحتلال الإنجليزي لمصر عام 1886، وبذلك تم حصار دولة الخلافة العثمانية من الجنوب.
وقبل إسقاط الدولة العثمانية أحكموا حصارها حتى لا تستطيع القيام من جديد بتحالفها مع محيطها العربي والإسلامي فقاموا بزرع اليهود في أرض فلسطين.
وقد أدى ذلك إلى تمزيق جسد دولة الخلافة العثمانية حتى تم إسقاطها في عام 1924 (سقطت منذ أقل من مائة عام)، وسقط الدعم العثماني للدول الإسلامية المحتلة من الشرق والغرب.
لو نظرنا إلى خريطة العالم وخريطة الصراعات الكبرى سنجدها في بلاد المسلمين، فلسطين– الأحواز– بلوسشتان – تركستان الشرقية – أفغانستان – العراق – سوريا – كشمير – وغيرها، بل الأخطر من ذلك أنهم يقومون بتزوير التاريخ حيث تم رفع اسم تركستان الشرقية المحتلة من خريطة العالم، وكذلك الحال بالنسبة لفلسطين، وجاري استكمال خطة العدو بتغيير الجغرافيا والديموجرافيا معا لتخرج أجيال لا تعرف شيئا عن قضايا المسلمين.
وتكمن الخطورة اليوم أن كثيرا من الشعوب المسلمة لا تعرف حقيقة الصراع، فقد حوله العدو إلى صراع سياسي بين القوميات والعرقيات والديانات المختلفة في الدولة المحتلة، ونسيت تلك الشعوب قضية تحررها وأصبحت تسعى إلى كسب مقعد لها في برلمان الدولة المحتلة له، وفي حالة حدوث انتهاكات تتحاكم إلى الأمم المتحدة والتي تمثل أداة للعدو وتظن الشعوب أن الأمم المتحدة ستصدر قرارا ليتم طرد اليهود من فلسطين الآن ، أو تحرير تركستان الشرقية من سيطرة الصين عليها بمجرد صدور الأوامر من الأمم المتحدة، فهل تم حل تحرير فلسطين بعد ستين عاما من المفاوضات في أروقة الأمم المتحدة حتى يحاول آخرون حل قضاياهم هناك؟
حقيقة الصراع أن فلسطين وأخواتها دول إسلامية محتلة من أعداء الأمة، وأعداء الأمة يحاربوننا مجتمعين علينا، ونحن نواجههم منفردين بل وممزقين.
في فلسطين لم يعد الصراع بين الشعب الفلسطيني واليهود، بل أصبح الصراع بين فتح وحماس.
وفي العراق لم يعد الصراع بين المحتل الأمريكي الذي سلم العراق لإيران بل أصبح بين السنة والشيعة.
وفي سوريا لم يعد الصراع بين نظام تآمر على الشعب واستدعى أمريكا وروسيا وإيران لدعمه في محاربة الشعب السوري بل حولوا الصراع إلى فصائل سنية يقاتل بعضها بعضا.
لماذا لم يتعاون المسلمون في الصين مع إخوانهم في تركستان الشرقية في معركة التحرير؟ لأنهم حولوا الصراع من صراع أخوة إسلامية إلى قومية تركية أويغورية يجب الدفاع عنها فخسروا دعم إخوانهم المسلمين في الصين وما حولها.
"إن هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فاعبدون".
حقيقة الصراع أننا أمة واحدة كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فما بالنا لم نتداعى حين اشتكى بل يئن من الشكوى إخواننا في تركستان الشرقية والأحواز وبلوشستان وفلسطين وسوريا والعراق وبورما وغيرها من بلاد المسلمين، أم أننا فقدنا القدرة على التداعي وأصبحت الأمم تتداعى علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها.
فلسطين وأخواتها معركة الأمة والصراع الأزلي بين الحق والباطل.
فهل نعرف طبيعة الصراع؟
وهل نملك أدوات الصراع لنحسن إدارته؟
أسئلة لعلنا نجد لها إجابة.
سحر زكي