د. رسول عبد علي عباس

مهتم بالجانب الزراعي والبيئي

authentication required

يغلب على محافظة ميسان الطابع الزراعي حيث تعتمد في اقتصادياتها على المحاصيل الزراعية الإستراتيجية وتشهد وضعا صعبا جراء تدني مستويات المياه وارتفاع نسبة الملوحة والتصحر والتي أثرت سلبا على الإنتاج الزراعي المحلي ويعتبر نهر دجلة الشريان الحيوي المهم في المحافظة التي تبلغ مساحتها (          141151كم2  ) فهو  المصدر الرئيسي للأنشطة الزراعية إذ تقع على طول ضفتيه بساتين النخيل والأراضي الزراعية المشهورة بزراعة الحنطة والشعير والشلب والذرة بنوعيها وكذلك المحاصيل الزراعية الأخرى , وتتفرع منه عدة جداول تستخدم في ري بساتين النخيل والأراضي الزراعية و تنتشر على جانبي النهر وتفرعاته المدن والقرى الأهلة بالسكان .

يدخل نهر دجلة محافظة ميسان من الجهة الشمالية المحاددة لمحافظة واسط ويستمر في مسيره جنوبا  حيث يتفرع بعد مسيره الطويل عند مدينة العمارة شمالا وعند ضفته اليسرى إلى نهر الكحلاء والذي بدوره يتفرع إلى المشرح أما الجهة اليمنى فيتفرع منها جدول البتيرة والمجر الكبير والمجر الصغير ويعتبر نهر دجلة الرافد المهم الذي يزود الاهوار بالمياه وخاصة هور الحويزة في ميسان . أن انخفاض مناسيب المياه في نهر دجلة وفروعه وكثرة الالتواءات سبب في بطء جريان ماءه وزيادة  الترسبات فيه وظهور عدد من الجزرات الوسطية في كثير من مناطقه ونمو كثيف للطحالب والنباتات المائية كالقصب والبردي وشوك البحر .... في حوضه وعلى ضفتيه .ويلاحظ اختلاف لون ماء النهر وانبعاث الروائح الكريهة وموت الأحياء المائية وانتشار الألوان والرغوة على سطح الماء وطغيان الظروف اللاهوائية خاصة عند مواقع المصبات أضف إلى ذلك تغاير خصائص المياه كالعسرة والملوحة وتراكيز العناصر المختلفة وتذبذب درجة حرارة المياه مما يؤثر على الاستفادة من مياه النهر باعتبارها غير صحية تؤثر على صحة المواطنين أولا  وتخل بالجانب الجمالي للنهر ثانيا

أن التوسع العمراني الذي شهدته المحافظة وازدياد عدد السكان والإحياء السكنية  التي حدثت بفعل عودة المهاجرين وانتقال المواطنين من القرى والأرياف إلى المدن والسكن فيها أدى ذلك إلى زيادة كمية مياه الصرف الصحي الناتجة من التجمعات السكانية والمطروحة إلى نهر دجلة مباشرة حيث تصب في مياه النهر بدا من مسيرته في محافظة ميسان من الشمال وحتى الجنوب نزولا ومن دون عملية معالجة مما خلق مشكلة أضافية .لأن التصريف الذاتي للنهر يعتمد على الجريان المستمر للمياه والذي بدوره يقوم بتصريف تلك الفضلات مع المياه ، أن موجة الجفاف و انخفاض مستوى التصريف في النهر أدى إلى تحوله إلى بركة من مياه المجاري الراكدة  التي ستغدو مرتعا خصبا لانتشار الملوثات المختلفة

أن محافظة ميسان تفتقر إلى شبكات الصرف الصحي التي تقوم بتجميع المياه المطروحة ومعالجتها للتخلص من مكوناتها (شوائب و ميكروبات) حتى لا يحدث تحلل للمواد العضوية التي تحويها  الأمر الذي يشكل خطرا على الإنسان والبيئة . لقد كان سابقا يتم التخلص من المياه الثقيلة(مخلفات الإنسان) عن طريق رميها في أماكن طمر صحي خاصة على سبيل المثال (منطقة الطمر الصحي في منطقة منيحة شرق محلة الماجدية ومنطقة المعهد الفني غرب حي العسكري ) أما مياه المنازل فكانت تنقل عن طريق شبكة مجاري مكشوفة تقوم بنقل المياه إلى نهر دجلة مباشرتا .وبعد سقوط النظام  باشرت  الحكومة المحلية بإنشاء شبكات للصرف الصحي تختلف عن السابقة سوى كون السابقة مكشوفة واللاحقة تحت الأرض مما جعل المياه الثقيلة ترمى في النهر مباشرتا بينما  كانت سابقا ترمى في أماكن خاصة 

أن ملوثات المصدر المائي في المحافظة تتمثل بالمخلفات السكانية والصناعية والزراعية والنفايات الصلبة التي يلقيها الناس في النهر(مثل المخلفات الحيوانية وأغصان الأشجار و إطارات السيارات والعبوات البلاستيكية والمعدنية والورقية ومخلفات البناء والأخشاب وغيرها من المخلفات الأخرى) والسموم والمبيدات المستخدمة في صيد الأسماك والصيد بالكهرباء وأماكن الغسل والتشحيم المنتشرة في كل مكان وعلى ضفاف نهر دجلة وتفرعاتها وفي الإحياء السكنية والتي تحتوي على الدهن والبنزين والرصاص والشحوم والمواد الهيدروكاربونية ... والتي تطرح إلى النهر  مباشرتا اوتطرح مع مياه المنازل بدون رقابة ومسائلة من الجهات الحكومية المختصة , أن الأسمدة الزراعية التي تتسرب إلى النهر عند غسل الأراضي الزراعية تؤثر على نوعية مياه النهر وتؤدي إلى تغييرات واضحة في مواصفات مياهه وكذلك المخلفات المطروحة من المجمعات السكانية تحتوي على مواد عضوية قابلة للتحلل وتحتوي على نسبة عالية من  مساحيق الغسيل التي تسبب في ارتفاع تراكيز بعض العناصر والمركبات الكيماوية ومنها الفوسفات والنترات

أن حماية البيئة النهرية هو التزام جماعي يسعى لتضافر جهود الحكومة المحلية مع البيئيين والزراعيين والصحيين والسياسيين الشرفاء والمواطنين والمؤسسات غير الحكومية والمنظمات الشعبية..... ويبقى الوعي البيئي والإدارة الكفوءة كفيلان بخفض حجم المطروحات

ليس بوسعنا أن نتنبأ بنوع الكارثة البيئية التي ستلحق بنا وما نوع البيئة التي سنورثها لأبنائنا إذ أن معالجة النظام البيئي يتطلب أجراء دراسات لكافة جوانب الحياة ذات العلاقة وبيان مدى تأثيرها على المجتمع وهذا يتطلب العمل من اجل تحديد ما هو المراد أدامته بالشكل السريع, لكون أن أكثر الناس تضررا هم سكان الأرياف الذين يسكنون قرب ضفاف الأنهار ويعتمدون على ماء النهر الذي يعاني من مشكلات جمة وأهمها التلوث الذي يتسبب بدوره في العديد من الأمراض مثل أمراض الكلى والأمراض الباطنية أن معظم سكان القرى والأرياف في ميسان يشربون الماء الخام من الأنهار مباشرة .

 أن معالجة مياه الصرف الصحي هي ظاهرة صحية ومطلب عالمي لحماية البيئة ومكسبا اقتصاديا وأن التخفيف من حدة هذه الأزمة يقع على عاتق الحكومة المحلية عموما لكونها المعنية بالأمر وكون هذه الظاهرة تشكل كارثة مستقبلية وتحتاج إلى علاج عن طريق:-

1.  أطلاق حملة وطنية من اجل الحفاظ على البيئة النهرية باعتبار نهر دجلة شريان الحياة في المحافظة والمصدر الوحيد لري البساتين والأراضي الزراعية فيها.

2.  نشر الوعي البيئي والصحي بين المواطنين من خلال الأعلام و الصحافة وعن طريق المقالات والبرامج والفقرات التلفزيونية التي تذاع مـن خلال المحطات الفضائية الأكثر شعبية بين المواطنين لغرض أرشاد المجتمع والحصول على مجتمع متسلح بالثقافة البيئية

3.  نشر الوعي البيئي والصحي  بين الفلاحين وسكان الأرياف مـن خلال التنسيق مع قسم الإرشاد والتعاون الزراعي لمديرية زراعة ميسان  ومن خلال أطلاق  برامج لتوعية الفلاحين والمزارعين في كيفية استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية و كذلك توجيه الفلاحين في استـخدام المياه في عملية السقي وعدم رمي المخلفات في النهر وخاصة جثث الحيوانات النافقة .

4.  نشر الوعي البيئي والصحي للأجيال الناشئة لأنهم مستقبل المجتمع الميساني المتحضر من خلال التنسيق مع مديرية تربية ميسان لوضع مناهج مبسطة تعد أعدادا مدروسا من قبل المختصين في مجال البيئة والتربية وبشكل مشوق وتوضع ضمن المنهج المدرسـي كدروس لا صفية في رياض الأطفال وتلاميذ المدارس الابتدائية وطلبة الثانويات

5.  تحرك الحكومة المحلية و الضغط على محافظة واسط لإطلاق المياه في نهر دجلة من اجل زيادة نسبة المياه في النهر وزيادة سرعة جريان.

6.  كري حوض النهر وإزالة الجزرات الوسطية لما لها من اثر سيء على زيادة ترسبات النهر وصد التيارات النهرية ونمو الحشائش وتنظيف النهر من مجاميع القصب والبردي التي تكثر عند ضفافه.

7.  التنسيق مع مديرية بلديات ميسان وذلك من خلال الأشراف على أعمالها في مايتعلق برفع النفايات والفضلات التي تلقى  بشكل فوضوي في مياه المجاري الأسنة

8.  عمل مسح لمصبات المجاري في نهر دجلة من نقطة دخوله المحافظة ونقطة خروجه منها و سحب نماذج مائية منه بشكل دوري لإغراض الفحص ألمختبري لمعرفة نوعية مياه النهر والتأكد من خلوها من الملوثات ومطابقتها للمحددات البيئية.

9.  المحافظة على المياه من التلوث عن طريق مراقبة ملوثات المصدر المائي والمركبات الكيميائية وحساب تراكيزها وتغيرها خلال مدة زمنية منتظمة والكشف عن أي مادة ملوثة جديدة وكميتها في المصدر المائي وبصورة دورية وأعداد الدراسات اللازمة لمعالجة حالات التلوث لتقدير صلاحية الماء للاستعمالات ( الصناعية – الزراعية – المنزلية )

10.        أنشاء المختبرات ورفدها بالكوادر الفنية المتخصصة لغرض أجراء التحاليل الكيميائية والبايولوجية والفيزياوية لمياه النهر وتأهيل الكوادر الفنية و الهندسية للقيام بمهامها على أكمل وجه من دون أي أرباك قد يسبب زيادة تفاقم مشكلة التلوث في النهر

11.        دراسة البيئة المحلية دراسة ميدانية لمسح الموارد بشأن تشخيص أسباب ومصادر التلوث وتوزيع وانتشار الملوثات في نهر دجلة إضافة إلى تصنيف نوعية مياه هذا النهر للاستخدامات المختلفة.

12.        وضع القوانين والسياسات والتشريعات والأنظمة البيئية التي تسعى إلى حماية الموارد المائية واتخاذ الإجراءات العقابية الرادعة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة بحق كل من يقوم بتلويث النهر كقانون نظام صيانة الانهار والمياه العمومية من التلوث رقم (25 ) لسنة 1967 وقانون حماية وتحسين البيئة رقم ( 3 ) لسنة 1997 وتعديلاته

13.        أقامة شبكة  قنوات خاصة بمعالجة مياه الصرف الصحي وتكون مبطنة وصندوقية مغلقة لمنع ألقاء القاذورات أليها ومنع تكاثر الحشرات والقوارض وانبعاث الروائح وربط هذه القنوات مع بعضها  عن طريق شبكة أنابيب  تصلها  بمحطات المعالجة   الرئيسية لمياه المجاري قبل طرحها إلى النهر والاستفادة من هذه المياه عن طريق تخزينها في خزانات ذات سعة كبيرة أرضية أو علوية مرتبطة بشبكة تمديدات لأنابيب المياه ذات أقطار كبيرة  تنتهي بوحدات لمياه الشرب وتوصيلات منزلية إضافة إلى ملحقات الشبكة من صمامات تحكم وغرف تفتيش.. الخ ويتم تغذية هذه  المشاريع من خلال المياه المعالجة في صناديق الصرف الصحي اوتستخدم كرافد من روافد الري وذلك لسد العجز المترتب من الجفاف وعدم سقوط الأمطار أو استخدامها في مصانع الخرسانة الجاهزة أو في إطفاء الحرائق ..

 

 

 

 

المصدر: المهندس رسول عبد علي عباس
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 557 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2011 بواسطة wwwmilkcom

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

20,762