يعتبر حيوان الجاموس من أقدم الكائنات الحية التي عاشت في اهوار العراق الجنوبية حيث دلت الاكتشافات والحفريات الأثرية أن الجاموس كان موجود منذ العهد السومري . والجاموس وكما يعرف بحيوان (الظل والماء) فهو حيوان شبه مائي محب للسباحة في الماء لاسيما في الأيام الحارة والسبب يعود للونه الأسود وقلة كثافة الشعر وجلده السميك وقلة الغدد العرقية لديه ويعتبر الجاموس احد المكونات البيئية للاهوار ويؤثر إيجاباً في عودة الحياة أليها فهو الحيوان الوحيد القادر على الاعتياش في تلك البيئة حيث يتغذى على النباتات المائية المتمثلة بالقصب والبردي الذي لا تستطيع المجترات الأخرى أكلها ويمتاز الجاموس بقدرته على المشي في المستنقعات الطينية الموحلة والسباحة والغطس بحرية في المياه وذلك بسبب المرونة العالية لأقدامه. ويعتمد سكان الاهوار على هذه الحيوانات لتوفير الغذاء من الحليب ومشتقاته فضلا عن استخدام لحومها للغذاء البشري حديثا حيث لا يخلو بيت من البيوت في قرى الاهوار من وجودهذا الحيوان . فهو يمثل مصدر قوتهم وهو بمثابة وثيقة تأمين للمربي ولعائلته في مواجهة متطلبات الحياة.
لقد تعرض الجاموس في العصر الحديث إلى عدة نكبات غيرت جغرافيا توزيعه في المحافظة فالنكبة الأولى تمثلت بالحرب العراقية الإيرانية في الاهوار الشرقية وحملات قص القصب والبردي في ثمانينات القرن الماضي مما أدى إلى هجرة اغلب مربي الجاموس الساكنين في ناحية العزير وقضاء القلعة وقضاء الكحلاء وناحية المشرح إلى مناطق أخرى أكثر أمانا بعيدة عن مسرح العمليات العسكرية مثل اهوار السلام والهدام والميمونة والمجر وعلي الشرقي ... والنكبة الثانية إصابة الجاموس في عام 1982 بمرض الطاعون ألبقري حيث أدى ذلك إلى نفوق أعداد كبيرة جدا من الجاموس في المحافظة وخاصة جاموس الاهوار أما النكبة الثالثة تجفيف الاهوار المتعمد في تسعينات القرن الماضي والنكبة الرابعة هي التهجير ألقسري لأغلب سكان الاهوار من مناطق سكناهم مما حدا بهم لبيع جواميسهم والتوطن في المدن والأرياف وامتهان أعمال أخرى تختلف عن مهنتهم الأساسية
لم ينال الجاموس الاهتمام من قبل الحكومات المتعاقبة سواء من المراكز البحثية أو من الدوائر الزراعية والبيطرية حيث يشهد مربو الجاموس في الآونة الأخيرة وضعا صعبا جراء ارتفاع درجات الحرارة وانحباس الأمطار وتدني مستويات المياه والجفاف وارتفاع نسبة الملوحة والتصحر والتي أثرت سلبا على تربية الجاموس في تلك المناطق . إضافة إلى ذلك ما يعانيه الجاموس في ميسان من الأمراض والمشاكل الصحية والتناسلية ومشاكل نقص الخصوبة وسوء التغذية وسوء الإدارة وإهمال التراكيب الوراثية وانعدام برامج التحسين الوراثي للجاموس .مما أدى إلى نقصان في الأعداد وانخفاض العمر الإنتاجي
أن ديمومة هذا الحيوان وبقاءه جاءت بسبب إصرار مربي الجاموس بتربية هذا النوع والمحافظة عليه نتيجة خبراتهم المتوارثة في إدارته وتربيته , مع وجود تصورات خاطئة لدى اغلب مربي الجاموس في المحافظة منها أن الجاموس لايمكن أن يعيش بدون وجود الاهوار والمستنقعات أو الأنهار والبرك وخصوصا في مناطق الاهوار.... حيث ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات مرتفعة (عالية جدا )
أن الجاموس حيوان شبه مائي بطبيعته حاجته للماء ليست أساسية كما في الأسماك والبرمائيات وإنما يدخل للماء أما لغرض تناول العلف أو لتبريد جسمه عند ارتفاع الحرارة وبالأخص عند التعرض لأشعة الشمس المباشرة، لذا يمكن استخدام التربية الجافة للجاموس عند وقايته من الحرارة وتوفير العلف.والتربية الجافة طريقة متبعة في الكثير من بلدان العالم،حيث يربى الجاموس تربية مكثفة في محطات كبيرة وبأسلوب لايختلف كثيرا عن تربية الأبقار.وفي العراق كانت التربية الجافة ناجحة للجاموس عند استخدامها في محطة ميسان للأبحاث الزراعية،حيث تم تربية أعداد كبيرة جدا من الجاموس خلال الفترة من 1970 ولغاية 1991،واتصفت هذه الحيوانات بارتفاع قياسات الجسم وزيادة كبيرة في أنتاجها للحليب واللحم وتحسن الكفاءة التناسلية.
أصل الجاموس العراقي
يقسم الجاموس بصورة عامة إلى قسمين هما الأليف و البري, والجاموس في العراق هو من النوع الأليف. وهو على نوعين في العراق
1. جاموس الاهوار : يوجد في مناطق الاهوار وهو ميال للسباحة في البحيرات والمستنقعات الراكدة ويتميز بإنتاجه القليل من الحليب وصغر حجمه مقارنتا بجاموس الأنهار والسبب بالأساس يعود لعامل التغذية.
2. جاموس الأنهار : يوجد هذا النوع حول المدن وهو ميال للسباحة في المياه العميقة والأنهار الجارية وهو اكبر حجما من جاموس الاهوار وأكثر أنتاج ويستخدم الجاموس في العراق لإنتاج الحليب العالي الدسم ولا يستخدم للعمل كما في بعض الدول .
درجة حرارة الجو وأثرها على الوظائف الفسيولوجية لحيوان الجاموس
تتراوح درجة حرارة الجسم في الجاموس ما بين 36.7- 38.9 ﻩ م وهى تعبر عن التوازن الحاصل بين الحرارة المتولدة في جسم الحيوان نتيجة لعمليات التحول والتمثيل الغذائي التي تحدث للغذاء الذي يتناوله الحيوان والحرارة المفقودة من جسم الحيوان والتي تمثل الطاقة الزائدة عن احتياجات الحيوان لأداء العمليات الفسيولوجية المختلفة ومن ضمنها إنتاج اللبن واللحم. عند ارتفاع حرارة المحيط فإن الحرارة الزائدة عن احتياجات الحيوان تعتبر عبئاً عليه يجب التخلص منها . ويلجأ الجاموس إلى التخلص من حرارة جسمه عن طريق:
1. التوصيل الحراري.
2. الإشعاع.
3. تيارات الحمل والانتقال.
4. التبخر عن طريق الغدد العرقية
عند ارتفع درجة حرارة الجو المحيط بالحيوان فإن قدرة الحيوان على التخلص من حرارة الجسم الزائدة تقل. وباستمرار ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط تقل قدرة الحيوان على التخلص من الحرارة والتي يهيئها له جهازه الفسيولوجي مثل التبخير عن طريق الغدد العرقية أو اللهاث والذي يتم عن طريق الجهاز التنفسي أو سقوط الغطاء الشعري.
الأسباب التي تؤدي إلى عدم قدرة الجاموس على تحمل درجات الحرارة المرتفعة
- اللون : لون الجلد والشعر في الجاموس اسود, واللون الأسود يؤدي إلى امتصاص اكبر كمية من الحرارة.
- كثافة الشعر: الشعر الموجود على جلد الجاموس اقل كثافة من الشعر الموجود على جلد الأبقار حيث يعادل عشر ماهر عليه في الأبقار.
- حويصلات الشعر: عدد حويصلات الشعر قليل في الجاموس، إذ يبلغ 400 حويصلة /سم2 من الجلد مقارنة بأكثر من 2000 حويصلة /سم2 في الأبقار.
- سمك الشعرة: قطر كل شعرة جاموس يساوي ضعف قطر شعر الأبقار.
- سمك الجلد : يكون جلد الجاموس اسمك من جلد الأبقار(6.5مل مقارنة 4.3-5.5مل)،والجلد السميك لدى الجاموس يوفر كمية معينة من الحماية ضد التسخين المفرط للجسم من خلال خفض التوصيل الحراري إلا انه في نفس الوقت يحد من التشتيت الحراري من خلال الحمل والإشعاع.
- الغدد العرقية :عدد الغدد العرقية في جلد الجاموس(اقل من 2000 /سم2)اقل كثيرا من عددها لدى الابقار(اكثر من 2500 /سم2).
- شكل الغدد العرقية تكون الغدد العرقية في جلد الجاموس ملتفة ومتطاولة وكمية العرق الذي تفرزه اقل منه لدى الأبقار.
- درجة حرارة الجسم ومعدل سرعة النبض اقل في الجاموس مما هو عليه في الأبقار
مزايا التربية الجافة
1. سهولة متابعة الحالة الصحية للحيوانات واكتشاف الأمراض بوقت مبكر.
2. المساهمة في منع حدوث ظاهرة التفويت فعند سباحة أنثى الجاموس في الماء تختفي علامات الشيوع وتكون غير واضحة وبالتالي حدوث ظاهرة التفويت.
- سهولة حساب الاحتياجات الغذائية للجاموس وزيادة كمية العلف المستهلكة من خلال تقديم العلف مرات متعددة حساب احتياجات كل حيوان بشكل دقيق وتقديم العليقة المتوازنة لسد الاحتياجات الغذائية للإدامة والنمو والإنتاج والحمل.
4. سهولة أدارة القطيع ومعاينته آذ سيكون تحت نظر المربي طوال الوقت.
5. وقاية الحيوان من الحرارة وتوفير مياه الشرب والظل.
6. تظهر حالة فقدان الأجنة بنسبة 5% بسبب السباحة في الماء ووجود ألثور مع الإناث،حيث يمتاز الجاموس بظهور علامات الشبق وهي حوامل.
وسائل التربية الجافة
تتمثل وسائل التربية الجافة للجاموس
1. توفير الظل والماء:
2. توفير والتغذية
3. الإدارة الجيدة للقطيع
تحسين أساليب الإيواء
1. أتباع نظام المسكن المفتوح .
2. ارتفاع سقف المسكن ( 4م ) وعرض المسكن (4,5 -6 )م إما طول المسكن حسب حجم القطيع .
3. ويجب أن يكون السقف عازل للحرارة مكون من( حصيرة بارية)أو يصنع السقف من صفائح الحديد (جينكو)ويغلف من الداخل بالخشب أو ألبواري.
4. باب المسكن يجب أن يكون نظامي يسمح بدخول الحيوان وخروجه بحرية.
5. توفير الظل عن طريق عمل مظلات و زراعة الأشجار حول المساكن لكي تكون مصدات للرياح أثناء فصل الشتاء وتلطف الجو في فصل الصيف لان الجاموس يتأثر بالحرارة بشكل اكبر عند التعرض لأشعة الشمس المباشرة.
6. يجب توفير مساحه مظللة في المسكن ( مع مراعاة أن تكون مادة المظلة من المواد العازلة للحرارة ) لكي تعمل على تقليل الإجهاد الحراري المسلط على الحيوان . و يعتبر جريد النخيل من أحسن المواد المستخدمة في عمل المظلات ويجب أن يكون ارتفاع المظلة4 متر حيث لوحظ أن زيادة ارتفاع المظلة عن اللازم يمكن أن يؤدى إلى أن تفقد ألمظله كفاءتها لوقوع ظلها خارج المسكن .
7. ضرورة توفير مياه الشرب الباردة وبكميات كبيرة وعلى طول الوقت من خلال عمل مظلات فوق المشارب وفوق مصادر المياه (خزان الماء).
8. الاهتمام بتهوية المساكن عن طريق وضع فتحات التهوية في أماكنها الصحيحة
9. تحريك الهواء باستخدام المراوح.
10. استخدام مواد البناء العازلة للحرارة مثل الثرموستون اوالطابوق أو الطين كذلك استخدام المواد العازلة للحرارة في جدران وسقوف الحظائر .
11. أرضية الحظيرة يجب أن تكون صلبة ومنحدرة باتجاه مجرى اومكان تجمع الروث .
12. استخدام التبريد بالرذاذ (التبريد ألتبخيري ) عن طريق عمل مرشات للماء في سقف الحظيرة (دوش)أو رش الحيوان بالماء بواسطة أنبوب مياه التبريد بالرذاذ أي انه قد تستخدم الرشاشات المائية لنثر الماء مرات متقاربة فوق ظهر الحيوان بشرط أن تكون الأرضية صلبة اوخرسانية حتى لاتصبح الأرضية رطبة وينتج عنها الإصابة بالتهاب الضرع وأيضا يجب أن تكون الرشاشات بعيدة عن معالف الغذاء حتى لأتسبب الرطوبة في نمو الفطريات على الغذاء.
13. استخدام أجهزة التبريد الكهربائية كأسلوب التبريد الصحراويان أمكن .
14. صبغ جدران الحظيرة باللون الأبيض :لغرض التقليل من درجات الحرارة لكون اللون الأبيض يعكس بدرجه كبيره الاشعه ذات الطول الموجى القصير مما يخفض من حرارة السطح بدرجه كبيره و بذلك يقلل الحمل الحراري للإشعاع على الحيوان.
الأساليب الإدارية
- منع ازدحام الحيوانات داخل الحظيرة.
2. رش الجاموس بالماء عند ارتفاع الحرارة بمرشات(دوش) معلقة ترش رذاذ الماء،أو بمرشات أرضية تشبه المستخدمة في الحدائق أو استخدام أنابيب مرتفعة تصب الماء فتقف تحتها الحيوانات للتبريد.
- رعي الجاموس ليلا بدلا من الرعي نهارا .
- زيادة كمية العلف المستهلكة من خلال تقديم العلف مرات متعددة.
- ضرورة توفير مياه الشرب الباردة للجاموس وبكميات كبيرة وعلى طول الوقت من خلال عمل مظلات فوق المشارب وفوق مصادر المياه (خزان الماء).
- توفير الأعلاف الخضراء طيلة فترة النهار لكونها تقلل من العبء الحراري على الجاموس.
7. عدم إعطاء التبن نهارا لكون التبن هو مادة مالئة يحتوي على نسبة عالية من الألياف ونسبة البروتين والأملاح منخفضة ولا يحتوي على الفيتامينات . و هضم التبن يعطي حرارة عالية مما تؤدي إلى رفع درجة حرارة الحيوان وبالتالي إجهاده.
تحسين التغذية
- حساب احتياجات كل حيوان بشكل دقيق وتقديم العليقة المتوازنة لسد الاحتياجات الغذائية للإدامة والنمو والإنتاج والحمل.
- زيادة نسبة الحبوب في العليقة المركزة لزيادة نسبة الطاقة فيها.
- تقليل الأعلاف الخشنة الجافة كالتبن والدريس لأنها تنتج طاقة حرارية كبيرة إلى نتائج جيده و كذلك فإن تغذيه الجاموس على الأعلاف الخشنة ( دريس – تبن ) ليلا أثناء الصيف يقلل من العبء الحراري عنه أذا تغذت على الأعلاف الخشنة نهارا
- تقديم الأعلاف الخضراء للجاموس نهارا وذلك لكون الأعلاف الخضراء تحتوي فيتامين أ الكاروتين الذي يساعد خفض العبء الحراري أثناء الصيف حيث أن زيادة العبء الحراري على الأبقار يؤدى إلى سحب المخزون الكبير من فيتامين أ .
5. تغذية الجاموس على السايلج والمولاس لأنه يحسن الشهية ويزيد من كمية العلف المتناول
6. زيادة كميه الصوديوم في عليقه الجاموس: حيث أن نسبة الصوديوم في العلائق العادية حوالي 0.2 % و يقترح زيادة هذه ألنسبه إلى 0.3 % أثناء فترة الصيف كذلك فان إضافة بكربونات الصوديوم أثناء الإجهاد الحراري الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة هاما جدا حيث أن بكربونات الصوديوم تعمل على التغلب على حموضة الكرش الناتجة عن نقص استهلاك الأعلاف الخشنة صيفا
ساحة النقاش