منذ أكثر من عام كتبت في نفس هذا المكان مقالا ً عن بعض الإسلاميين الذين شنوا حربا ً ضروسا ً علي د/ باسم يوسف وبرنامجه واعتبروه شيطانا ً رضع من ثدي الشياطين..
فقلت اعتبروه شيطانا ً يدلكم علي أخطائنا لنصححها.. وقلت يومها: إن المادة التي يطرحها باسم هي من إنتاجنا وكلماتنا ومواقفنا وفيديوهاتنا.. ولو أن أصحاب هذه الفيديوهات استفادوا من سخرية د/ باسم اللاذعة وصوبوا خطابهم وصححوا مسارهم أو استفادت مؤسسة الرئاسة أيام د/ مرسي من الأخطاء القاتلة التي ذكر بعضها ما وصلنا إلي ضياع كل شيء.
لقد قلت يومها اعتبروه "مجازا ً"شيطانا ً يهدينا لعيوبنا ويبصرنا بأخطائنا ويعرفنا بمواطن العطب والخلل في خطابنا ومسيرتنا. واليوم وبعد أنقضى زمن الإسلاميين في السلطة وحلت القوى المدنية محلهم كان من الطبيعي أن ينالهم د/ باسم بالنقد.. فإذا بصدورهم تضيق بنقده في حلقة واحدة أكثر من ضيق الإسلاميين به طوال عام كامل..
ويذهب حلمهم وتضيع دعوتهم إلي قبول النقد والترحيب بالنقد الذاتي من الآخر.. ويذهب معها فرحتهم وسعادتهم بالبرنامج.. ويضيق صدر بعضهم لدرجة حصار المسرح الذي يسجل فيه حلقاته.. مكررين سيناريو أولاد أبو إسماعيل في حصارهم لمدينة الإنتاج.. ليتكرر الخطأ.. ولكن هذه المرة دون نكير أو استهجان. إن خطاب القوى المدنية يحتاج إلي مراجعة وإلي شجاعة التصحيح والتصويب .. فبعضهم يتحدث عن الوطنية وحب الوطن وكأن الله قد اختصهم بذلك دون سواهم..
ليقعوا في نفس الخطأ الذي وقع فيه بعض الإسلاميين الذين ظهروا وكأنهم قد احتكروا الإسلام دون سواهم. والحقيقة المرة الماثلة للعيان أن أكثر عوام المصريين قد يكونون أكثر وطنية وإسلاما ًوتجردا ًوإخلاصا ًمن بعض أبناء الفريقين.. فبعض أقطاب القوى المدنية لم يقدموا صك الوطنية الحقيقية ولا تضحياتها المطلوبة حتى اليوم..
إن لم يكونوا قد استفادوا من الوطن أضعاف ما قدموه له. كما أن بعض القوى المدنية تعاني من الانفصال المعيب بين واقعها علي الأرض وخطابها في السموات المفتوحة. فقد تجد الاشتراكي أو اليساري مليونيرا ً ولم يؤثر عنه رحمة بفقير أو مسكين أو أرملة ولم يشارك في أي مشروع خيري وقد تراه يتعامل مع الفقراء باستعلاء أعظم من استعلاء قارون.. أو تجد الليبرالي يؤيد دوما ً الممارسات الاستبدادية ويقصي الآخرين دون خجل أو حياء..
وقد يقصي الليبرالي الآخر قبل الإسلامي. إننا لا نريد أن نكرر أن باسم هو "سوسته" تارة و"صرصور" أخرى.. فلتعتبر القوى المدنية د/ باسم شيطانا ً"مجازا ً" يهديها إلي الأفضل ويصحح ازدواجية معاييرها..
رغم سخريته المفرطة التي أرفضها لأنني لا أقبل تجريح الأشخاص والهيئات. وقد قلت له في مناظرتنا إن السخرية من الناس نهى عنها القرآن "لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ".
وأرجو منه إن حانت له فرص أخرى لتقديم البرنامج في أي مكان أن يترك كل الإيحاءات الجنسية وأن يتعلم من أدب القرآن العظيم الذي تحدث عن العلاقة الحميمة بين الزوجين تارة بقوله "وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ" وتارة بقوله " هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ".. وثالثة بقوله " َأوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء"
ويحرم القرآن إتيان المرأة من الخلف بآية رقيقة رائعة " نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ" فلا يكون الحرث إلا في موضع الزرع.
أما معنى "وقدموا لأنفسكم" فهي ما يكون بين الرجل وزوجته من مداعبات بين يدي اللقاء الحميم.. كل ذلك عبر عنه القرآن بمنتهى اللياقة والشياكة والرقة حتى يقرأه الجميع في كل الأعمار فلا يجدوا منه حرجا ً.
السبت الموافق: 5محرم 1435هـ 9-11-2013م