وسطية للثقـافــة والحـوار

اشراف: صالح أبو العباس

الدنيا ندرة واختيار وتضحية كما يقول الاقتصاديون بعبارة أخرى:

عليك أن تختار بديلاً أو تجمع بين عدة بدائل إن أمكن.. ولكن لا شك أنك بذلك تضحى ببديل آخر لأنه من المستحيل أن تجمع بين كل البدائل في نفس الوقت.. وهذا هو معنى الندرة لأن البدائل مهما كانت كثيرة فهي محدودة.

إن أردت أن تكون مع الغلاة في المواقف من أي طرف.. فستكسب قطاعاً منهم في صفك وستخسر غيرهم ..والعكس صحيح الإخوان الآن أمام ثلاثية الندرة والاختيار والتضحية.. والبدائل أمامهم "كانت" أربعة نظرياً.. ولكنها الآن أصبحت فقط ثلاثة بعدما حدث في الأيام القليلة الماضية.

البديل الأول:

والمستبعد بحكم أحداث الأسبوع الماضي هو أن يفعلوا مثلما فعلت الأحزاب الإسلامية في إندونيسيا.. وصلوا إلى السلطة بعد "سوهارتو" عبر انتخابات حرة ونزيهة التحديات كانت أصعب منهم كوادرهم لم تكن مدربة ومستعدة على النحو اللازم.. انتقدهم الكثيرون ممن تعاطفوا معهم لسوء أدائهم لكنهم ظلوا قادرين على الإبقاء على أنفسهم أمام الرأي العام ككيان ديمقراطي يحترم قواعد اللعبة الديمقراطية ويمارسها بنزاهة إلى أن جاءت الانتخابات وتراجعت شعبيتهم تباعاً بعد أن اكتشف الكثيرون أنهم عنوان جذاب بلا مضمون حقيقي أو شعارات بلا برنامج.. ولكنهم ظلوا جزءاً من اللعبة الديمقراطية يدخلون الانتخابات ويأخذون نصيبهم الذي يليق بهم.

ولكن هذا البديل لم يعد قائماً لأنه كان يتطلب من الدكتور مرسى ورفاقه أن يكونوا أكثر قدرة على قراءة المشهد السياسي في مصر.

البديل الثاني:

هو نموذج أربكان وأردوغان.. وهو البديل الذي أوصى به الدكتور ناجح إبراهيم في مداخلة تليفونية معي على برنامجي في قناة "المحور".. حين أشار إلى نجاح حزب "الرفاه" في الانتخابات البرلمانية عام 1996م بقيادة نجم الدين أربكان.. ولكن عدم قراءة الرجل للمشهد السياسي المحلى والإقليمي والعالمي جعله يقع في فخ غرور الفائز في الصندوق.. وهدد التقاليد العلمانية في المجتمع التركي بما أحدث الانقلاب العسكري الصامت وأسقطت وزارة نجم الدين أربكان في يونيو 1997م.. ثم صدر قرار المحكمة الدستورية في نوفمبر من العام نفسه بحل حزبه "الرفاه" ومنعه من العمل السياسي.

 ولكن كان معه مجموعة من الشباب الذين قرأوا المشهد على نحو مختلف وقرروا أن يدخلوا السياسة من منظور النجاح الاقتصادي.. وليس من منظور الصراع السياسي فنجحوا ونجح مشروعهم لحد بعيد بقيادة الطيب أردوغان.

 وبالتالي:

هذا البديل مطروح على الأجيال الوسيطة من "الإخوان المسلمين" أن يثقلوا رؤيتهم وأن يقدموا أفضل رجالهم وأن يتخلصوا من السيرة التنظيمية التي تحد من طاقاتهم الإبداعية.. وأن يعيدوا النظر في مقرراتهم ومدى اتساقها مع مجتمع متعدد ومفتوح عليهم "واجب منزلي" داخلي كبير يبدأ من نقد الذات الراغبة في الإصلاح وليس نقض الذات الراغبة في الانتقام.

البديل الثالث:

هو خبرة الجزائر التي قامت على الدخول في صراع مسلح وتطليق للمجتمع ولقيمه الأساسية.. بعد أن منعت الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الوصول للسلطة بعد أن أصابها نفس المرض ..غرور الفائز في الصندوق.

واستمر الاحتراب الأهلي لعشر سنوات عجاف.. انتهت بعشرات الآلاف من القتلى واعتقال الآلاف وتركت فجوة في المجتمع الجزائري لا تزال ماثلة حتى الآن.

وهذا البديل ما كان ينبغي أصلاً أن يلوح به أي شخص من على منصات التأييد للدكتور مرسى قبل 30 يونيو أو بعدها لأنها ببساطة تهديد للشعب.. والعاقل لا يهدد الشعب ولا يهينه ولكن يحاول أن يكسبه في صفه وهو ما فشل فيه الإخوان.. قيادة.. وجماعة.. وحزباً.. ولجاناً إلكترونية.

البديل الرابع:

هو بديل أدعوهم للتفكير فيه بإخلاص.. وهو أن يتركوا العمل الحزبي وأن يتفرغوا للعمل الدعوى أو أن يتركوا العمل الدعوى وأن يتركوا العمل الحزبي.

 لا أقول هذا إلا لأن هناك نزعة واضحة عند البعض.. سواء بحسن نية أو بسوء مقصد.. للخلط بين قداسة الدين وقدرته على توحيد الجميع لكلمة سواء وبين جاه السياسة وقدرتها على تفرقة الجميع على أسس شرعية.

وأصبح ديننا وآيات قرآننا وأحاديث نبينا وفتاوى علمائنا ومساجدنا ساحات وأدوات للمغالبة والمنافسة والمكايدة والمعاندة على نحو أفسد ذات البين ..فلا دينا التزمتم ولا دنيا أصلحتم.

فكروا في هذا الكلام.. عسى أن يكون فيه ما يفيد

 

wasatya

وسطية للثقافة والحوار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 32 مشاهدة
نشرت فى 8 يوليو 2013 بواسطة wasatya

وسطية للثقافة والحوار

wasatya
نافذة للرأى الحر الوسطى المعتدل من كل طوائف الشعب المصرى والعربى والاسلامى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,974