وسطية للثقـافــة والحـوار

اشراف: صالح أبو العباس

قد تختلف أو تتفق فكريا ً مع بلدياتي أ/ محمد حسنين هيكل الصحفي البارع والسياسي المتميز والأب الروحي للصحافة المصرية .. ولكنك لابد وأن تقف معجبا ً بنبوءاته السياسية وتوقعاته الإستراتيجية.

ومن أهم نبوءاته السياسية التي أطلقها عقب ثورات الربيع العربي أن الصراع العربي الإسرائيلي قد يضمحل أو يضمر أو ينزوي ليبرز مكانه الصراع السني الشيعي الذي قد يحرق الأخضر واليابس في المنطقة العربية والإسلامية .. ويجعل المسلم يقتل أخاه .. تاركا ً عدوه الحقيقي الذي استلب أرضه ووطنه.

 رفض الكثيرون هذه النبوءة .. وزعم البعض أنها محض خيال إذ أن القضية الفلسطينية لم تدخل إلي زوايا النسيان في العقل العربي أبدا ً .. وقال البعض إنها تخاريف هيكل بعد أن بلغ به الكبر عتيا .

ولكن التطورات التي حدثت في الأسابيع الأخيرة تؤكد بما لا يدع مجالا ً للشك أن الأمة العربية والإسلامية مقبلة علي أسوأ وأسود أيامها في الصراع بين السنة والشيعة .. وأن الدول العربية مقبلة علي حالة جديدة من التمزق والتفرق لم تشهدها من قبل .. وأنه سيصدق فينا الحديث الشريف الذي طلب فيه الرسول ( صلى الله عليه وسلم) من ربه "ألا يجعل بأس أمته بينهم شديدا ً" فلم يستجب له سبحانه في هذا الطلب بالذات رغم استجابته سبحانه لطلبين آخرين قبلهما .

ياه .. هل سندرك هذا اليوم الكئيب ؟

هل ستكون بنادقنا موجهة إلي صدور بعضنا البعض ؟!

هل سيفجر الشيعة مساجد السنة والعكس .. كما نسمع اليوم؟

هل سيكون القتل بالاسم أو الجنسية أو المذهب .. إنها أنواع من القتل لم تعرفها البشرية .. فضلا ً عن الإسلام من قبل.

لقد بدأت هذه الحرب فعلا ً بأسوأ قرار اتخذه حزب الله في تاريخه السياسي بالتدخل العسكري في سوريا نصرة لبشار الذي قتل وشرد وسجن وعذب شعبه كأسوأ ما يكون الحكام  .

لقد نسي "حزب الله " دروس التاريخ العديدة وهي ليست منه ببعيد .. نسى أن بداية النهاية للجيش المصري في عهد عبد الناصر كانت بالتدخل العسكري في اليمن والذي أدى في النهاية إلي أكبر كارثة عسكرية في التاريخ المصري كله في 5 يونيه 1967م .. ونسى درس صدام في الكويت .. وكيف كانت بداية النهاية له ولجيشه  .. ونسى درس الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وكيف تفكك الاتحاد السوفيتي بعدها .

لقد نسي ذلك كله وهو يخط بيده خط  بداية النهاية ونزول المنحنى له .. لقد أصبح يقاتل المظلوم وينصر الظالم ويتبنى القضايا الخاسرة ويدافع عنها ليفقد مصداقيته الدينية والتحررية ويغرق في مستنقع الطائفية وخدمة مصالح الآخرين مؤخرا ً مصلحة لبنان .. ناسيا ً أن لبنان هي أمه وأبيه وأخته وأخيه وأنه ليس فوق لبنان .. فالجماعات مهما عظمت وقوي بأسها .. لا يمكن أن تبتلع الدولة أو أن تشمخ بأنفها فوقها أو ترى نفسها أعظم منها أو تقدم مصالح الآخرين من الدول الإقليمية عليها.

لقد بدأ الاقتتال الطائفي يطل علي لبنان .. بدأت بين حزب الله الشيعي من جانب والسنة في صيدا والشمال من جانب آخر .. وحزب الله في حرب مع الجيش السوري الحر .. والسنة والشيعة العراقيين دقوا طبول الحرب وبدأوها عمليا ً .. وبدأت التفجيرات المتبادلة تحصد الأرواح .. لا أحد الآن يذكر إسرائيل ولا الأرض المحتلة ولا القدس ولا الأقصى .. لا أحد يلوم  إسرائيل أو يعتب عليها في شيء.. فأوباما أعلن عن يهودية الدولة الإسرائيلية .. فلم نسمع في الوطن العربي كله صوتا ً ولم نر مظاهرة .. صمت مريب.. ومخجل ومخزي .. والآن الكل يخطب ودها وود أمريكا الأب الروحي لها .

لقد حققنا لإسرائيل ما لم تكن تحلم به .. العرب كلهم الآن غنيمة باردة لإسرائيل.. إيران وتركيا والعراق وسوريا ولبنان في حروب باردة أو حروب بالوكالة .. أو حرب استخباراتية .. أو حروب معلنة  .. وقد يتطاير الشرر عاجلا ً أو آجلا ً إلي الخليج .. فيقسم أو يدمر أو .. أو .. أو.. .

إنها الطائفية البغيضة.. وإذا كنا لم نتعلم من الإسلام دروس التعددية .. ولم نرد أن نتعلمها أيضا ً من أمريكا التي تحتوي مئات الأعراق والأجناس صهرتهم أمريكا في بوتقة الحريات المسؤولة والعمل بلا كلل .. فمتى نتعلم ذلك ؟!

يا قوم أدركوا الأمة قبل فوات الأوان .. وقبل قدوم طوفان الطائفية البغيض.. وقبل أن تندموا علي أسود أيامكم .

wasatya

وسطية للثقافة والحوار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 8 يونيو 2013 بواسطة wasatya

وسطية للثقافة والحوار

wasatya
نافذة للرأى الحر الوسطى المعتدل من كل طوائف الشعب المصرى والعربى والاسلامى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,150