وسطية للثقـافــة والحـوار

اشراف: صالح أبو العباس

 

 

كان المسلمون في الصدر الأول من الإسلام ، مقبلين علي الدين والزهد في الدنيا ، فلم يكونوا بحاجة الي وصف يمتاز به أهل الزهد والعكوف علي الطاعات والانقطاع الي الله ، حيث كان الوصف السائد لهؤلاء السادة الفضلاء إما صحابي أو تابعي أو تابعي التابعين .. فلم يكن التصوف في هذه القرون الفاضلة طريقة لها سَمْت ورسم وهيئة ، بل كان خلقاً يهدف الي الوصول الي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تراه فإنه يراك ، وسلوكاً يُمنهج حياة المسلم على الطاعة والرُقى الوجدانى والسمو بالذات الانسانية الى درجات سامقة من المراقبة ودوام التجرد والاخلاص ونقاء الجوهر .

ثم طرأ تحول واضح في تيار الزهد منذ أوائل القرن الثالث الهجري ، علي يد جماعة
أُطلق عليهم " الصوفية " والسبب في ذلك يرجع لأسباب عدة ليس هذا مقام سردها ،

فجعلوا له سمتاً ورسماً وهيئة وصفة ، ورددوا أوراداً وأحزاباً ليست من هدي النبي محمد وصحبه رضوان الله عليهم ، ثم تأثرت الصوفية ببعض الآراء الفلسفية اليونانية التي لم تكن يعرفها المسلمون من قبل كالفناء والحلول والاتحاد .

أقول ذلك في الوقت الذي تفتح إيران الشيعية ذراعيها لتحتضن الصوفية في مصر قبل زيارة أحمدي نجاد لمصر وبعدها ، تحت دعوي حب آل بيت النبي محمد صلي الله عليه وسلم ، بالاضافة إلي ذلك اغراء بالمال والتمتع بالنساء ! مما يجعل البعض يدخلون في دين التشيع أفراداً وجماعات .

في الوقت نفسه نقف نحن أهل السنة بسوء عرضنا للحق الذي معنا أحياناً مكتوفى الأيدي نلعن الظلام ، ولا نستطيع أن نوقد شمعة  الهداية ،  ويسيطر علينا الخطاب العاطفي الانفعالي السلبي أحياناً ، الذي قد يكون حائلاً بين هداية الناس وتوعيتهم واحتوائهم وكسبهم الى صفوفنا ، ونكتفى فى أحيان أخرى بالصمت واعتزال الصوفية جميعهم وهجرهم كأنهم رجس من عمل الشيطان ، لنتركهم نهباً وصيداً ثميناً لمخططات الشيعة ومؤامراتهم ولجهودهم التى تنفذ بحرفية ونشاط على أرض الواقع لاغرائهم والايقاع بهم .

فالمطلوب منا أيها السادة  قبل أن يفوت الأوان :

 كما أننا نفرق بين الإسلام المعصوم والحركة الإسلامية غير المعصومة ، السلفية المنهج والتيارات السلفية المعاصرة  ، علينا أن نفرق أيضاً بين التصوف كخلق وسلوك موافق للشريعة وبين الطرق الصوفية التي ينحصر دورها في انعزال المجتمع واحياء الموالد وزيارة قبور الصالحين .. الخ .

وعلينا أن نفرق بين صوفية ابن عربي والحلاج وبين الصوفية المعاصرة التي لا تعرف ابن عربي ولا تقول ببعض أقواله .

وعلينا أيضا أن نحتضن الصوفية ونتصالح معها لننصهر جميعاً في بوتقة أهل السنة ، قبل فوات الأوان وقبل أن نبكي جميعاً علي فقدان صوفية مصر  عندما يعانقوا الدين الجديد ـ التشيع ـ !! 

يقول فضيلة الشيخ محمد الغزالي عليه رحمات الله : " لو أننا غربلنا التراث الصوفي وقدرنا جهود ابن القيم وابن الجوزي والغزالي وابن عطاء الله السكندري وغيرهم من الأئمة العظام ، لأمكننا أن نخرج بحصيلة رفيعة القدر في مجال الخلق والتربية والسلوك ولأمكننا أن نصوغ نصف العلوم الإنسانية في قالب إسلامي جميل ونافع " وأخيراً أدعو فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر وفضيلة الشيخ علي جمعة المفتي السابق وفضيلة الشيخ حسن الشافعي وغيرهم من أفاضل علماء الأزهر الشريف أن يتبنوا مشروعاً مصرياً اسلامياً كبيراً تحت عنوان " نشر الفكر الوسطي للإسلام " ، وفى هذا المشروع تتم تنقية التراث الصوفى مما شابه وأصابه من آراء وتصورات فلسفية دخيلة ، وأن يجددوا مناهجه ويصححوا خطابه ، ويصححوا أخطاء مسيرته باثبات ما يوافق الشرع وازالة ما دون ذلك .. وبتصحيح بعض العبادات التي لا ترضي الله عز و جل والتى يمارسها بعض المنتسبين للتصوف .

أعلم ان بعض أبناء الحركة الاسلامية لن يُرضيهم مثل هذا الخطاب التصالحى  ، وقد يتهموني بالتصوف .. وفى المقابل قد يتهمنى بعض الصوفية باتهامات لا تليق ، ولكن حسبي أن الله مطلع علي القلوب .. وأننى لا أبغى إلا الاصلاح وهداية الخلائق  وتعبيد الناس لربهم كما يحب ويرضي ..

وأختم بما قاله العلامة القرضاوى : " على أهل السنة أن يتصوفوا ، وعلى الصوفية أن يتسننوا " .

[email protected]

 

wasatya

وسطية للثقافة والحوار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 19 مارس 2013 بواسطة wasatya

وسطية للثقافة والحوار

wasatya
نافذة للرأى الحر الوسطى المعتدل من كل طوائف الشعب المصرى والعربى والاسلامى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,971