إدارة الاجتماعات الحكومية تحت ضوء الشمس
Sunshine governmental meeting Management
د. سامى الطوخى
أولا : مفهوم وأهمية ومضمون الاجتماعات تحت ضوء الشمس :
مفهوم الاجتماع ( Meeting ) :
هو التقاء عدد من الأفراد في مكان ما (التقاء تقليدي أو الكتروني) وفي وقت محدد لمناقشة موضوعات معينة للتوصل لأهداف وقرارات محددة .
أحوال تستوجب ضرورة عقد الاجتماع :
- خطورة وتكلفة القرار الذي سيتم اتخاذه.
- وجود مشكلة أو قضية تحتاج إلى رأي جماعي تتكامل عندهم المهارات.
- وجود قضية أو قضايا تتطلب المتابعة والتقويم المستمر.
- بروز ما يدعو لتغيير الوضع القائم وتطويره .
- الرغبة في تدريب أعضاء الاجتماع وتنمية مهاراتهم السلوكية والفنية أو تغيير قناعتهم واتجاهاتهم نحو أمر ما.
- الرغبة في تحقيق التعارف والتآلف بين أعضاء الاجتماع .
- التنسيق بين مهام ومسؤوليات أعضاء الاجتماع.
أهمية الاجتماعات الفعالة :
- اطلاع الأشخاص بشكل مستمر على ما يستجد من معلومات جديدة.
- تساعد الاجتماعات على تبادل الخبرات بين العاملين وبناء وتنمية قدراتهم .
- قدرة الأشخاص على التعبير عن آرائهم وأفكارهم، ومن ثم تقييمها .
- الوصول إلى اتفاق وتقليص هوة الخلاف.
- بالاجتماعات تكرس روح الفريق في العمل الذي لا غنى عنه في الأعمال الكبيرة .
- المشاركة فى ضع واتخاذ القرارات الملائمة للجميع
- إقبال الأشخاص على القرارات الصادرة من الاجتماع، وحرصهم على تطبيقها وتحملهم لمسئوليتها.
- تنفيذ الإجراءات بدون معارضات.
- كسب التزام الأشخاص بطريقة غير مباشرة.
- تحفيز الأشخاص على بذل المزيد من العطاء والأداء الجيد.
أنواع الاجتماعات :
- من حيث المهام الوظيفية :
Ø اجتماعات التخطيط .
Ø اجتماعات التنظيم وتحديد الأدوار .
Ø اجتماعات التوجيه وبناء القدرات والتحفيز.
Ø اجتماعات المتابعة والتقييم والمساءلة .
- من حيث الهدف :
Ø انجاز المهام
Ø حل المشكلات
- من حيث الشكل :
Ø اجتماعات رسمية .
Ø اجتماعات غير رسمية .
- من حيث المدة أو الزمن :
Ø اجتماعات دورية .
Ø اجتماعات غير دورية .
- من حيث المستوى :
Ø اجتماعات على المستوى العالمي أو الدولي .
Ø اجتماعات على مستوى الدولة .
Ø اجتماعات على مستوى المنظمات .
الاجتماعات والمداولات الحكومية تحت ضوء الشمس :
أن مضمون مبدأ شفافية أنشطة وأعمال الإدارة ينبغي أن يشتمل على حق الوصول إلى اجتماعات الإدارة ومعرفة ما يدور بها من مناقشات وآراء وما تنتهي إليه مداولاتها، من قرارات حتى يتسنى للشعب أن يعرف ، كيف تتم صناعة واتخاذ القرارات المتعلقة بالشأن العام . ففي حكومة مفتوحة حقاً ، ينبغي أن يكون الشأن العام هو شأن العامة the public Business is the public’s Business[1] .
وهو ما يستلزم حتماً أن تكون ممارسة وتعريف وصناعة واتخاذ القرارات المتعلقة بالشئون العامة ، بصورة مشتركة ويشير لفظ " اجتماع " إلى الاجتماعات الرسمية للمنظمات الخاضعة لمبدأ الشفافية ، وينظم القانون عادة النصاب القانوني والحد الأدنى اللازم لصحة الاجتماع [2].
ويشتمل ذلك على سبيل المثال ، على مستوى الهيئة التشريعية ، جلسات البرلمان (مجلس الشعب والشورى) ، وعلى مستوى السلطة القضائية ، علنية جلسات المحاكمة ، وعلى مستوى السلطة التنفيذية ، مجلس الوزراء، ومجلس المحافظين ، وجلسات مجالس إدارة الهيئات والمصالح والمؤسسات العامة والمجالس المحلية الشعبية والتنفيذية ومجالس إدارة المدارس والمستشفيات وغيرها من الجهات القائمة على ممارسة أو تقديم خدمة عامة ومجالس شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام المملوك للدولة أو الشركات أو منظمات المجتمع المدني التي تساهم فيها الدولة بجزء من رأسمالها أو تتلقى دعماً من خزانة الدولة كما ينبغي أن يشمل ذلك أيضاً المنظمات الخاصة التي تدير مرافق عامة كالمدارس والجامعات الخاصة وغيرها وينبغي أن يتقرر في شأن هذه الاجتماعات العامة حقاً عام في الوصول إليها باعتبارها جزء أساسي من مضمون مبدأ الشفافية غير أن ذلك لا يمنع من تقرير الاستثناءات ، التي ينبغي أن تحدد حصراً بمقتضى القانون .
ومن خلال الاجتماعات المفتوحة يمكن معرفة كيف تصنع القرارات الحكومية وهو ما يتيح قدرة الشعب على معرفة الحقائق وتكوين اتجاهات مبنية على أسس سليمة تجاه ما يتم اتخاذه في مجال الشئون العامة . وبالتالي صحة الحكم من قبل الشعب على الأشخاص المنوط بهم قانوناً سلطة إدارة الشئون العامة .
ويخرج بالطبع عن نطاق الاجتماعات الرسمية ، المشاورات غير الرسمية التي تتم بين الموظفين في المراحل التمهيدية أو التحضيرية لاتخاذ القرارات مثل اللجان وفرق العمل وحلقات الجودة وغيرها من المسميات التي تعبر عن جماعة من الموظفين غير مخولين سلطة اتخاذ قرارات .وإنما فقط إصدار توصيات أو مقترحات ، على أنه ينبغي أن تخضع تقارير وتوصيات ومقترحات هذه اللجان واجتماعاتها كاملة لمبدأ الشفافية بعد انتهائها ، ذلك أنه قد يلاحظ في كثير من الأحيان ، أنه قد تنتهي اجتماعات بعض هذه اللجان وفرق العمل إلى توصيات ومقترحات بناءه في خصوص الشأن العام موضوع عملها ، إلا أن سلطة اتخاذ القرار في بعض تلك المنظمات لا تأخذ بما تنتهي إليها تلك اللجان من توصيات ومقترحات وقد يكون ذلك تعسفاً في استخدام السلطة أو قد تكون التوصيات لا تحقق بعض المصالح الشخصية لمتخذ القرار . الأمر الذي يقتضى إخضاعها كحق عام لمبدأ الشفافية وحتى يمكن للشعب أن يضع كافة أعمال الإدارة في ميزان الفحص العام بشكل فعال ، وحتى يمكنه الحكم الصحيح على كفاءة الفروق الفردية بين الأشخاص في إدارة الشئون العامة ، وهو ما يعد حافز قوى لدى البعض في بذل أقصى جهد فى تسيير أعمالهم ، لأنهم يعلمون مقدماً أن ما يؤدونه قد يخضع للتقييم والمناقشة العامة حتى ولو لم يكن محل موافقة السلطات الرسمية الأعلى المخولة قانوناً بسلطة اتخاذ القرارات .
وتجدر الإشارة أنه ينبغي لفاعلية الغاية من حق الوصول إلى الاجتماعات العامة أن يتم الإعلان عن موعد تلك الاجتماعات وجداول أعمالها ، قبل انعقادها بوقت كاف ، وأن يتم تنظيمها بما يكفل حق الجمهور في حضور تلك الاجتماعات ، وأن يتم تنظيم ذلك بما يكفل تحقيق التوازن بين ممارسة الحق وحضور جلسات تلك الاجتماعات وعدم عرقلة سير العمل الإداري والعمل فى هدوء ، ومثال ذلك أن يخصص عدد من المقاعد لحضور الصحفيين والجمهور بكل اجتماع ، وإذا كان الراغبين في الحضور يزيد عددهم بطريقة لا تسمح للإدارة من عقد الاجتماع بنجاح وفاعلية أو لعدم قدرة الإدارة على توفير مكان ملائم لكل الراغبين في الحضور ، فإنه من الممكن تنظيم ذلك إدارياً باختيار العدد الملائم للحضور عن طريقة القرعة على أن يشمل ذلك عدداً من الصحفيين، لإمكان نقل أحداث الاجتماع بعد ذلك إلى العامة .
ثانيا : تطبيقات الاجتماعات والمداولات الحكومة تحت ضوء الشمس في الدول المختلفة:
1- فى السويد :
فإن وصول الجمهور إلى اجتماعات صناعة القرارات العامة وجعل تلك الاجتماعات مفتوحة لحضور الجمهور لم يرد كمبدأ عام فى القوانين الدستورية ، غير أنه فى حالة Riksdag فإن هناك بعض النصوص المتعلقة بالوصول إلى الاجتماعات فى مكان انعقادها ، كما أن الأصل أن اجتماعات المجالس البلدية والقروية مفتوحة للجمهور.[3]
2- فى اليابان :
فإن قانون كشف المعلومات لعام 2001 ، استثنى الاجتماعات والمداولات الحكومية من حق الوصول العام ، حيث أنه طبقاً للمادة ) 5/5) يعفى من الوصول المعلومات التى تتعلق بالمداولات والدراسات او المشاورات الداخلية التى تجرى بين المواطن والهيئات العامة او بين الهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية ، بهدف ضمان التبادل الصريح للآراء والحياد فى اتخاذ القرارات . [4]
3- فى كندا :
تنص المادة (14) من قانون الوصول للمعلومات لعام 1983 على جواز رفض كشف أى سجل يتعلق بالمشاورات والمداولات الاتحادية والإقليمية.[5] كما خلا القانون من أى نص إيجابى يتعلق بحق وصول العامة إلى الاجتماعات الاتحادية على مستوى الحكومة المركزية .
4- فى إنجلترا :
تعد صياغة السياسة الحكومية formulation of government policyوصناعة القرارات من الأمور المعفاة من مبدأ الشفافية ويشمل ذلك صياغة او تطوير السياسة الحكومية والاتصالات الوزارية Ministerial commutilations ، ونصائح موظفى القانون (المدعى العام ووزير العدل) ، كما يتضمن ، بشكل خاص ، المداولات الوزارية، او مداولات أى لجنة وزارية . كما يعفى من مبدأ الشفافية أى معلومات تحت سيطرة الهيئات العامة يكون من المحتمل عند إفشاءها أن تضر بالتصرف الفعال فى إدارة الشئون العامة ، كأن تمنع التبادل الحر والصريح للنصيحة ، او تبادل الآراء الحرة والصريح لأغراض التشاور[6].
وهكذا يتضح أن المداولات الحكومية فى إنجلترا من الأمور المستثناة من مبدأ الشفافية وبالتالى فإن الوصول إلى الاجتماعات العامة هى بحسب الأصل من الأمور المعفاة من حرية وصول الجمهور إليها .
غير أن ذلك يرد عليه بعض الاستثناءات منها على سبيل المثال جلسات المجالس المحلية والتى ينبغى أن تعقد فى علانية ، وللجمهور والصحافة حق حضورها [7]كما يحق للمواطنين أيضاً حضور جلسات لجان المجلس المحلى [8].
5- في فرنسا :
لا تخضع المداولات الحكومية لمبدأ الشفافية ، وإنما تعد من الأمور المستثناة من هذا المبدأ والخاضعة للسرية ، حيث تنص المادة (6) من قانون 17 يوليو 1978 على حق جهات الإدارة فى أن ترفض الإطلاع على الوثائق الإدارية إذا كان من شأن الإطلاع عليها الإضرار بأسرار مداولات الحكومية والسلطات المسئولة التى تتبع السلطة التنفيذية[9] .
ويلاحظ أن رفض الإطلاع على المداولات الحكومية ، ليس منعاً مطلقاً من الإطلاع حيث تبين المادة (6) المشار إليها أن ذلك متروك للإدارة كسلطة تقديرية حيث يمكنها أن ترفض الإطلاع على الوثائق المستثناة فى هذه المادة للمصلحة العامة[10].
ويغطى هذا الاستثناء المداولات فى مجالس متعددة او لجان وزارية [11] ، ويبرر هذا الاستثناء بأنه يهدف إلى ضمان قيام السلطات العليا فى الدولة المكلفة أساساً برسم السياسة العامة ، بالعمل فى هدوء وصفاء Dans le calme et la sérénité دون أن يزعجها فى ذلك فضول الأفراد بطلب الإطلاع على ما تحت يدها من وثائق تعينها وتساعدها على أداء ما هو منوط بها ويتبنى مجلس الدولة الفرنسى وكذلك CADA مفهوماً واسعاً فى تفسير هذا الاستثناء .فمن زاوية المستفيدين من هذا الاستثناء نجد أنه علاوة على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء يمتد هذا الاستثناء أيضاً إلى معاونيهم المباشرين Les collaborateurs directs والمسئولين الرئيسين بالوزارات ، المحافظين les prefets وكذلك الأجهزة الجماعية les organs collégiaux التى تساهم مباشرة فى تصور ووضع السياسة العامة موضع التنفيذ كمجلس الوزراء والمجالس واللجان المشكلة بين الوزارات .
كذلك من زاوية الوثائق المشمولة بالسرية تبنى كل من مجلس الدولة ولجنة الـCADA مفهوما واسعاً لها بحيث تشمل كل أشكال الوثائق التمهيدية والتحضيرية المتصلة مباشرة بقيام الحكومة والسلطة التنفيذية والسلطات المسئولة برسم السياسة العامة ووضعها موضع التنفيذ ، ولهذا لا تقتصر تلك الوثائق على محاضر مداولات الحكومة ولكن تشمل أيضاً الملفات والمذكرات والمراسلات المتبادلة بين السلطات التى أشرنا إليها والتى تغذى فكرها بحيث تتصرف وتتخذ قراراتها السياسية وهى على بينة كاملة بالأمور بل حتى ولو لم يتبعها مداولة او قرار ، وتطبيقاً لذلك رفضت الـ CADA ومن بعدها القضاء الإدارى الإطلاع او الحصول على التقرير الذى تم بناء على طلب رئيس الوزراء والمعروف تحت اسم تقرير (Blanchard) والخاص بالمرتبات (الملحقة) فى الوظيفة العامة بالرغم من أنه لم يعقبه أى مداولة او قرار بشأن ما ورد به ، بل أنه حتى لم يتم إرساله إلى الوزير المسئول عن الوظيفة العامة .
وإضفاء السرية على الوثائق التحضيرية والتمهيدية للقرارات السياسية قد يوجد نوع من الخلط بينها وبين فكرة الوثائق الغير كاملة والوثائق التحضيرية التى شيدها قضاء مجلس الدولة الفرنسى والمستبعدة من نطاق الإطلاع ، إلا أن الفارق بينهما يتمثل فى أنه بينما الثانية تصبح قابلة للإطلاع عليها بمجرد إصدار القرار النهائي المرتبطة به فإن الاولى لا يوجد أى نص قانوني يلزم بالكشف عنها بمجرد الانتهاء من التحضير للقرار حيث تظل السلطات العامة التي أشرنا إليها متمتعة بكامل سلطتها التقديرية فى الكشف او عدم الكشف عنها .[12]
ويلاحظ على الاستثناء سالف الإشارة ، أنه قد جاء في سياق غير محدود ، بما سمح بتفسيره تفسيراً واسعاً من حيث نطاق تطبيقه العضوي والموضوعي ، أي من حيث الجهات المستفيدة منه والموضوعات التي تغطيها حيث يمكن أن يشمل مداولات المجالس والأعمال التحضيرية لها.
على أى حال فإن هذا الاستثناء لا يمثل في الواقع سوى امتيازاً لكبار الموظفين السياسين والإداريين القائمين على إدارة الشئون العامة ، والذين يمكنهم من خلال هذا الاستثناء الخطير من الإفلات من الفحص العام الذي هو حقاً أصيلاً للشعب ، كما يمكنهم بالطبع من الإفلات من المسألة والمسئولية عما يؤدونه من أعمال عامة ، وهو الأمر الذي يعد خرقاً أكيداً لمبدأ الشفافية وإذا كانت المجالس المحلية خاضعة من حيث الأصل لمبدأ العلنية فى فرنسا فإن ذلك لا يشمل حق وصول الجمهور إلى هذه الجلسات وحضورها كما هو الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية [13]، كما أن ذلك لا يقلل من خطورة الاستثناء المتعلق بسرية مداولات الحكومة وما يترتب على ذلك من خطورة انحراف بعض القادة او الحكومة فى شأن إدارة بعض الأعمال العامة متحصنين بقاعدة سرية المداولات الحكومية خصوصاً فى إطار سياق التفسير الواسع لهذا المصطلح . الأمر الذي ينال وبحق من مبدأ الشفافية فى فرنسا .
ثالثا : النموذج الأمريكي لإدارة الاجتماعات تحت ضوء الشمس :
6- في الولايات المتحدة الأمريكية :
فإن الثقافة الراسخة للشعب الأمريكي في مجال الشفافية في إدارة الشئون العامة ، تجعله سيتشعر " الأهمية القصوى في أن يتصرف الذين يقومون على إدارة الشئون العامة فى ظل الشعور بالمسئولية العامة ، وبأن كل مواطن يمكنه الاقتناع بنفسه وبواسطة عينية بالطريقة التى يتم فيها بموجبة تأدية واجب عام [14]
ولذلك فإن الانفتاح والشفافية فى الحكم لا ينطبق فقط على السجلات والبيانات الحكومية ، بل وأيضاً يشمل عمليات صنع القرارات الحكومية بالذات ، فهناك تقليد قوى يحميه جزئياً الدستور الأمريكى نفسه ، يضمن وصول عامة الناس إلى إجراءات المحاكم والهيئات التشريعية ، وفى الأزمنة الحديثة اكتمل هذا التقليد بإصدار قوانين فيدرالية ، ومن الولايات ، عرفت شعبيا باسم قوانين أشعة الشمسSunshine laws التى تضمن وصول عامة الناس إلى الاجتماعات التى تعقدها الوكالات التنفيذية والإدارية Public access to meetings conducted by executive and administrative agencies وذلك استجابة للإدراك بأن اجتماعات الوكالات الفيدرالية ، وتلك التابعة للولايات وكذلك الوكالات المحلية غالباً ما تكون أكثر أهمية فى الإدارة الفعلية للشئون العامة من مداولات الهيئات التشريعية بالذات ، فقد شرعت الحكومة الفيدرالية ، وحكومات ولايات عديدة ، قوانين تنص على اجتماعات مفتوحة للوكالات . حيث إصدار الكونجرس فى عام 1976 القانون الفيدرالى للاجتماعات المفتوحة عرف باسم قانون الحكومة تحت أشعة الشمس وينص القانون على أن تكون اجتماعات الوكالات الفيدرالية مفتوحة أمام الشعب ، ويعرف القانون " الاجتماع " على أنه ما يشكل " نصاباً قانونياً " لممارسة الشئون الحكومية ، أى مداولات العدد الأدنى من الموظفين الحكوميين اللازمين للقيام بعمل رسمي باسم الوكالة الحكومية . ويصدر القانون أمراً بلغة صارمة وشاملة على أنه لن يحق للموظفين الحكوميين " ممارسة أو تصريف شئون أعمال الوكالة بصورة مشتركة " إلا فى مثل هذه الاجتماعات المفتوحة ، وينص أيضاً على وجوب " أن يكون كل جزء من كل اجتماع تعقده أى وكالة حكومية مفتوحاً أمام أعين الشعب " .
هناك بالطبع ، كما هو متوقع استثناءات ، تماثل إلى حد كبير ما ينص عليه القانون الفيدرالي لحرية المعلومات مثل الإجراءات المتعلقة بالدفاع القومي أو السياسة الخارجية.
ويشكل مفهوم " الاجتماع " أساس قانون أشعة الشمس . فيسعى القانون في هذا إلى التمييز بين المداولات الرسمية لاجتماع للوكالة له نصاب قانوني حيث يتوقع اتخاذ قرارات فعلية تؤثر على الشعب ، وبين المباحثات الأولية غير الرسمية حول سياسة ما والتي تشكل ضرورة طبيعية لا غنى عنها للحكم . أن الكونجرس في تعريفه لمعنى " اجتماع " فى قانون أشعة الشمس اعتراف بعدم إمكانية إجراء العملية الإدارية بكاملها تحت أعين الشعب . فالمباحثات السرية غير الرسمية التى توضح المسائل وتعرض وجهات نظر مختلفة هي جزء ضروري في عمل أي وكالة حكومية . وإضعاف مثل هذه المباحثات قد يكبت الصراحة بين الموظفين ، وقد يعمل بمثابة عائق لتصرف الحكومة دون أن يحقق فائدة عامة مهمة . لذا ، يعطى القانون حلاً وسطا ، وبحيث يصبح فاعلاً فقط عندما يقوم النصاب القانوني لاجتماع مكون على الأقل من أعضاء الوكالة بإدارة او تقرير الشئون الرسمية لأعمال الوكالة .
ولقد تضخمت هذه الصورة القانونية بفعل التليفزيون ، ففي جميع أنحاء الولايات المتحدة ، تقدم أنظمة التليفزيون الكابلى المحلية ، نموذجياً بتخصيص قناة واحدة أو قناتين بشكل كامل لبث مداولات الحكومة المحلية يضمنها اجتماعات مثل جلسات حكومية المدينة او المقاطعة ، واجتماعات مجالس إدارة المدارس ، أو مجالس تقسيم المناطق [15].
ويشير قانون اجتماعات تكساس المفتوحة لعام 1967 the Texas open meetings act إلى أن أي قرار صادر عن هيئة حكومية يخضع للقانون ويعتمد ذلك على تفاعل شروط أربعة وردت بالقسم (1) من هذا القانون وتلك الشروط هى :
(1) وجود اجتماع " meeting " .
(2) وجود تشاور " deliberation " .
(3) هيئة حكومية “body Governmental" .
(4) توافر نصاب” quorum” .
ويشمل مفهوم الهيئة الحكومية ، الوكالات التنفيذية والهيئات الحكومية المحلية باستثناء السلطة القضائية .
كما يتضمن مفهوم الهيئات الحكومية المحلية ما يلى :
كل محكمة ومجلس مدينة مفوضين فى الولاية .
§ كل هيئة تداولية تملك وضع لائحة (rule - making) وكل هيئة شبه قضائية او مجموعة سياسية لمقاطعة أو مدينة .
§ مجلس أمناء كل مدرسة في المناطق .
§ مجالس أمناء المدرسة في المقاطعات ومجلس تربية المقاطعة .
§ هيئات إمداد المياه غير الربحية وشركات خدمة مياه الصرف الصحي .
§ مجلس حكم كل منطقة .
يمتد أيضاً القانون ليشمل اجتماعات المقاطعات الخاصة Special Districtsوهى المقاطعات الحكومية التي لها حدود فاصلة والتي أنشئت من أجل أغراض معينة وتمتلك سلطة فرض رسوم وإبرام عقود وقد صنفت محكمة استئناف هوستن منظمة تخطيط العاصمة على أنها مقاطعة خاصة وهى منظمة تضم عاملين من الولاية والمحليات يعملون فى أنشطة تخطيط النقل يشمل ذلك أيضاً اجتماعات اللجان الاستشارية advisory Boards بشرط أن يكون عندها إشراف او سيطرة على العمل او السياسة العامة .
وإذا كانت القاعدة العامة أن مجلس الهيئة الحكومية لن يغطى بالقانون ما لم يكتمل نصاب الأعضاء الحاضرين في أي اجتماع ، فإن ذلك قد يسمح بمخالفة القانون والتآمر لعدم خضوع للقانون وذلك بالاجتماع في إعداد أقل من النصاب المحدد ثم إجراء المداولة واستطلاع الآراء عن طريق الهاتف (التليفون) او بتوزيع (تمرير) مذكرة بأخذ الآراء والتوقيع من قبل أعضاء اللجنة دون ضرورة التواجد الطبيعي فى مكان واحد فى نفس الوقت .
كما أنه لا يتشرط أن تكون الاجتماعات الخاضعة للقانون اجتماعات رسمية وإنما يصح أن تكون مجرد اجتماعات غير رسمية informal Meetings طالما أنها بلغت النصاب المحدد لاتخاذ القرارات او لتقرير السياسات ولقد أوضح المدعى العام بأن مداولات الاجتماعات غير الرسمية يجب أن تكون مفتوحة للعامة ومثال ذلك الجلسة المشتركة لمجلس مدينة ومجلس منطقة ملاحة ، كما يخضع للقانون دعوة القاضى المحلى لعقد مؤتمراً فى مكتبه لمناقشة البدائل التعامل مع أزمة اقتصادية فى مقاطعة .
كما أنه يجب أن تكون الاجتماعات مفتوحة للجمهور أيضاً والتى تنظم عن طريق مؤتمرات الهاتف Telephone conferences ويتطلب القانون فى هذه الحالة أن يكون مسموحاً للجمهور بالاستماع إلى المؤتمر المنعقد بواسطة الهاتف فى مكان اجتماعات المجلس الطبيعى وأن يسجل المؤتمر على شريط تسجيل كما أن القانون قد سمح بإجراء مثل هذه الاجتماعات فى حالتين :
(1) حالة الطوارئ حيث يكون من الصعب او المستحيل اجتماع النصاب الجديد في موقع واحد .
(2) حيث يستعان فى الاجتماع بلجنة استشارية .
يشمل أيضاً نطاق تطبيق قانون اجتماعات تكساس المفتوحة الاجتماعات بالأطراف الخارجية Meeting with outside parties ولذلك استنتجت المحكمة المحلية بأن إيصال تقرير شفهي إلى اجتماع هيئة حكومية بلغ النصاب لا يشكل اجتماع يخضع للقانون إذ لم يكن هناك تشاور بين أعضاء مجلس الهيئة الحكومية ، أما إذا كان هناك اجتماع وهناك تشاور ولم يقتصر الأمر على مجرد استلام المعلومات بل كان هناك تبادل للرأي بخصوص العمل او السياسة العامة بين أعضاء مجلس الهيئة الحكومية ، فإن مثل هذا الاجتماع ينبغي أن يفتح للجمهور .
إدارة الاجتماعات المفتوحة فى ولاية تكساس الأمريكية :
يستهدف هذا القانون حماية حقوق الجمهور عن طريق تزويده بإمكانية ملاحظة الأعمال الحكومية المفتوحة كما أنه يتيح فرصة ملاحظة عملية صناعة واتخاذ القرارات الخاصة بإدارة الشئون العامة . غير أن ذلك لا يتضمن حق الجمهور فى المشاركة فى الاجتماع No right to participate in meeting ، فالاجتماعات المفتوحة تضمن للمواطنين الحق فى حضور الاجتماعات وملاحظة المداولات دون الحق فى المشاركة فى الاجتماع بضمان مساحة زمنية للتحدث ومخاطبة السلطة الحكومية ، ذلك أن هناك العديد من الوسائل القانونية التي تسمح للمواطنين بمخاطبة السلطات الحكومية غير الاجتماعات المفتوحة . غير أن ذلك لايمنع الهيئة الحكومية من أن تضمن فى جدول الأعمال تنظيماً معيناً لمشاركة الجمهور بالرأي في الموضوع محل الاجتماع .
يضمن كذلك القانون الحق فى تسجيل الاجتماعات على شريط فيديو Meetings may be tape recorded and videotaped ، فطالما أن الاجتماع مفتوح للجمهور فيمكن تسجيله وإذاعته مباشرة أيضاً .
كما أن القانون يمنع إجراء الاقتراعات السرية Secret Ballots فى جلسات الاجتماع المفتوحة ، وإنما ينبغى أن تجرى المداولة علنية بما يمكن الجمهور من معرفة أراء الأعضاء وأسبابها .
أيضاً أن تبدأ الاجتماعات وتنتهى فى الجلسة المفتوحة فلا يصح أن يبدأ الاجتماع فى مكان ثم يدعى الجمهور للحضور بعد بدأ الاجتماع ، كما ينبغى اتخاذ القرار او العمل النهائى من وراء الاجتماع فى الجلسة المفتوحة أيضاً ويطبق ذلك الحكم حتى ولو كانت المسألة محل البحث فى الاجتماع قد نوقشت قبل ذلك خلف أبواب مغلقة .
ينبغى أيضاً أن يعرف الجمهور مقدماً ، وقت ومكان وموضوع الاجتماع ، بشكل مسبق قبل انعقاد الاجتماع بوقت كافى والقاعدة العامة وفقاً لقانون تكساس للاجتماعات المفتوحة تقتضى أن يتم نشر تاريخ وساعة ومكان وجدول أعمال الاجتماع فى سجل الولاية قبل الوقت المحدد للاجتماع بـ 72 ساعة. وهناك استثناء أن على هذه القاعدة هما الوكالات الرسمية غير مجلس حوادث العمل ،ومؤسسات التعليم العالى يتطلبان النشر قبل سبعة أيام من الاجتماع كما يستثنى من تلك المواعيد حالة الاجتماعات الطارئة Emergency meetings فيصح أن يكون النشر قبل الاجتماع بساعتين وهى تشمل حالات الطوارئ والضرورة العامة المستعجلة لتدارك تهديدات وشيكة على الصحة العامة والسلامة او الحالات الغير منظورة والتى تطلب عمل فورى من الهيئة الحكومية .
كما أنه يجب أن يكون مكان انعقاد الاجتماع مناسباً سهل الوصول إليه من الجمهور فى جميع الاوقات .
ويرد على قانون اجتماعات تكساس المفتوحة عدد من الاستثناءات المحددة حصراً ومثالها الاجتماعات الخاصة بشئون الموظفين واختيار المقاولين واستشارة الهيئة الحكومية مع المحامى على مسائل محل تقاضى وشراء او تثمين الملكية الخاصة[16].
ويتضح من العرض السابق أن النموذج الأمثل للوصول إلى اجتماعات ومداولات الحكومة هو النموذج الأمريكي وأن معظم الدول التي تبنت تشريعات لحرية الوصول إلى المعلومات وتبنى مبدأ الشفافية كأصل عام فى إدارة الشئون العامة لم ترق إلى مستوى التشريعات الأمريكية فى خصوص حق الوصول إلى مداولات الاجتماعات الحكومية . ومعرفة كيف تدار الشئون العامة وكيف يتم صناعة واتخاذ القرارات في مجال الشأن العام الذي هو حق لعامة الجمهور .
[1] - غسان مخيبر ، حق الإطلاع على المعلومات القضائية : التأرجح بين حاجتى العلنية والسرية ، الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية ، مرجع سبق ذكره ، ص33 .
[2] - الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية ، حق الجمهور فى المعرفة ، ، مرجع سبق ذكره ص.
[3] - أنظر:
Ministry of Justice, Sweden, Public Access to information and secrecy with Swedish Authorities “, tryck, 2000, p-10.
[4] - أنظر: .Lawrence Repata and David M. Schultz, op. cit-
[5] - أنظر: - Department of justice Canda : access to information act, op. cit.
[6] - أنظر: Freedom of information act 2000. op. cit.-
[7] - أستاذنا الدكتور / محمد أنس قاسم جعفر ، التنظيم المحلى والديموقراطية ، مرجع سبق ذكره ص67 .
[8] - د. صلاح صادق ، الحكم المحلى فى إنجلترا ، موسوعة الحكم المحلى الجزء الثانى ، المنظمة العربية للعلوم الإدارية 1977 ، ص338 .
[9] - أنظر: loi nO 78 – 753 du 17 juillet 1978, op. cit. -
[10] - أنظر Lemasurier.j,op.cit,p- 1264. -
[11] - أنظر: Lemasurier.j,op.cit,p- 1265.-
[12] - د. محمد عبد الواحد الجميلى ، مرجع سابق ذكره ، ص47 ، وما بعدها .
[13] - انظر: Achille Mestre, op. cit, p.563-
[14] -حكم المحكمة العليا الأميركية فى قضية شركة ريتشموند للصحف ضد ولاية فرجينيا ، عام 1980 .
ساحة النقاش