د. سامى الطوخى - استشارى التدريب فى العلوم الادارية والقانونية والقضائية

 

" أزمة علاقة مباحث امن الدولة بالمواطن في إحداث مصر - الأسباب والنتائج والحلول  "

وكيف نصل الى

" الشعب والجيش والشرطة والحكومة يدا واحدة  من اجل الحرية والكرامة والتنمية والعدالة "

 

   إعداد
 /  
د . سامي الطوخى -   استشاري العلوم القضائية والإدارية

الجميع يشهد بمنتهى الحزن إحداث أزمة علاقة جهاز الشرطة بمصر وخاصة جهاز مباحث امن الدولة بالمواطنين ، فالمواطنون يشهدون على مدى سنوات طوال كيف إنهم يعانون الظلم الكبير نتيجة تصرفات الشرطة تجاههم خاصة فيما يتعلق بقضايا الرئ حول الفساد والمظالم التي يتعرضون لها حينما يعبرون أو يطالبون بأدنى الطلبات المشروعة التي تكفل لهم مجرد حياه كريمة كتلاعب بتوزيع الاراضى وعدم القدرة على الحصول على مسكن ملائم أو وظيفة معقولة دون وساطة او وضع حدا أقصى للأجور التي يحصل عليها البعض بالملايين وآخرون لا تكفيه لمجرد رغيف خبز... وغير ذلك كثير .

من ناحية أخرى يرى غالبية رجال الشرطة والمباحث " طبعا من هم غير القيادات العليا جدا – مستوى وزير ومساعد وزير ومدير امن " إنهم مظلمون اشد الظلم فهم لا ذنب لهم بما يحدث بل يزج بهم في قضايا كثيرة ينبغي الا يكون لهم فيها دور أصلا -   فهم مجرد مأمورين بل غير راغبين -  وذلك ابتدأ من العملية الانتخابية حتى قمع حرية الصحافة والرأي او المظاهرات الطلابية او المطالبات الفئوية او الأزمات الناتجة عن فشل أدارة الوزارات والهيئات العامة فى اداء دورها خاصة مع الانحرافات والفساد الذي صاحب عمليات الخصخصة " ، حيث يطلب من الشرطة غالبا استخدام عصى الترويع والتخويف للناس وغالبا هم يقومون بتنفيذ الأوامر عن غير رضا بها ، بل أكثر من ذلك كان الكثير منهم ما يبدو استياءا شديدا واني لأعرف ذلك جيدا لانهم أبناءنا وأخواتنا وهم مصريون ومواطنون صالحين مثل كل المواطنين الشرفاء .

ولكن قدرهم إنهم يعملون بوظائف نظمت قوانينها بطريقة سيئة لدرجة أن أصبح الكثير منهم يتمنى ان يكرمه الله بوظيفة أخرى مدنية ،واعرف منهم من استقال فعلا ورزقه الله بوظيفة مدنية ،  فهم وبحق " عدا الكبار "لا يتقاضون رواتب منصفة مثل غالبية الموظفين العاديين حتى العلماء وأساتذة الجامعات ، كما إنهم يخضعون لنظام أوامر عسكرية لا يحفظ لهم حقوقهم عند الامتناع وعدم تنفيذ أوامر عليا صادرة اليهم  وتجافى العدالة وتخالف القانون وادني حقوق الإنسان ويكفى أن نشير الى وجود قانون الطوارئ الذي استمر لأكثر من 30 عام – وجهاز الشرطة ورجال مباحث امن الدولة لابد أن يعملون طبعا  فى إطار أحكامه ولكنهم – وبحق - ليس هم من وضعوه او أرادوا استمراره – إنهم أيضا يعملون دون مواعيد دوام محددة فالكثير منهم يرمون فى الشوارع تشريفه او حراسات مكدسة حول الجامعات للإخافة ... وغير ذلك كثير ...فى النهاية ممنوع عليهم غلق هواتفهم للاستدعاء من قبل رؤسائهم فى اى وقت وما أكثر ذلك ، خاصة مع ازدياد حالات الفقر والبطالة وانتشار الجريمة نتيجة ذلك .

أن الأسباب كثيرة كثيرة كثيرة .... والنتيجة طبعا الجميع يعرفها والجميع يشاهدها بالصورة والكلمة واللقطات الحية عبر كل وسائل الأعلام والانترنت والقنوات الفضائية – النتيجة محزنة حقا مواطنون غاضبون ومتأزمون وأكثر هؤلاء هم طبعا من كانوا من أصحاب الرأي الأخر وتعرضوا للظلم والاعتقال أو التعذيب أو غيره وطبعا حتى المواطنين العاديين الذين لا علاقة لهم إطلاقا بالشرطة غاضبون أيضا لما يلحق بإخوانهم المواطنين الآخرين على ايدى الشرطة من ظلم لمجرد الاعتراض والرأي الأخر.

إذن النتيجة "  أزمة في العلاقة بين جهاز الشرطة ومباحث امن الدولة بالمواطنين " أدت إلى ما رأيناه من انهيار شبه كامل لجهاز الشرطة وخاصة جهاز امن الدولة ، ففي حين نجد أن شباب الثورة يحمون بصدورهم المتحف المصري رغم وجود بلطجية وقناصة مأجورين يرمونهم بالرصاص من فوق أسطح البنايات نجد أيضا ان شباب الثورة يحاصرون أقسام البوليس ومقار امن الدولة ليحصلون على الوثائق التي تدين إخوانهم من الشرطة قبل العبث بتلك الوثائق او فرمها او حرقها كما طالعتنا وسائل الأعلام والانترنت .

حاصل ما تقدم وكما نرى في موضوعية وعدالة أن الجميع مجني علية فى هذه المعادلة المحزنة ، فالمواطنين الذين ظلموا على يد جهاز امن دوله أصحاب حقوق وهى قانونا لا تسقط بالتقادم وأفراد الشرطة العاديين مجرد مأمورين ان لم يطيعوا الأوامر معروف انهم كانوا يتعرضون لظلم القيادات العليا سواء تمثل فى النقل إلى أماكن بعيدة او حتى فصلهم من وظائفهم او حتى حرمانهم من الحوافز الملحقة بالمرتب ومعروف أن سياسة الأجور في مصر تفرق بين الراتب الاساسى الذي لا يستطيع اى موظف عادى فى مصر أن يعيش به خمسة أيام فهذا حق للموظف أم ملحقات الراتب فهو سلطة تقديرية للرؤساء لضمان خضوع الموظف دائما للرئيس حتى وان كانت تعليمات الرئيس مخالفة للقانون وهكذا نجد سياسة الأجور للموظفين على تلك الأسس الى ان نصل للرئيس الأعلى لكل شئ في مصر . وطبعا ده فيه ضمان كافي للولاء للنظام ، خصوصا مع عدم وجود حد أقصى لملحقات الراتب من حوافز ومكافآت تحت بنود لا حصر لها وتحت أنشطة كلها في وقت العمل الرسمي وحتى لا يمكن أن ينتهي ذلك الولاء الا بمثل ثورة 25 يناير وبذات قوتها .

اذا كان البعض يوافقني ذلك التحليل العلمي الحيادي  وإذا كان الأمر على هذه الحقيقة " من كون أن المواطنون والشرطة كلهم ضحايا النظام " فما هو الحل اذا ؟؟؟؟؟؟.

قبل أن اطرح أولى خطوات الحل أحب ان أعرفكم أن كثير من الدول المتقدمة لديها تشريعات ونصوص قانونية تحمى اى فرد سواء كان شخص عادى أو موظف  يبلغ  أو يكشف عن فساد او اى وقائع ارتكبها اى شخص ولو كان موظف حكومي كبير وعلى سبيل المثال برنامج حماية الشهود فى أمريكا .

ولذلك فأنني دائما أقول : " من أراد ان يتعرف على امة ما من حيث تقدمها أو تخلفها فلينظر إلى تشريعاتها القانونية فهي مرآة تقدمها او تخلفها "

لقد اطلعت على العديد من التشريعات القانونية والنظم الإدارية المقارنة ووجدت حقيقة مؤلمة وهى إننا نمتلك تشريعات مصرية وعربية مع الأسف غير مطابقة للمواصفات القياسية العالمية وتحتاج أكثرها وأهمها الى أن يرمى بها في سلة مهملات التاريخ ولنبدأ من جديد ويجب ان نبدأ من حيث انتهى أفضل الآخرون .

ولذلك فان أولى خطوات حل الأزمة بين علاقة جهاز الشرطة والمواطنين بل وجهاز الشرطة في علاقته بالرئاسات العليا للدولة وبأزمات فشل بعض الساسة في أدارة مهام الوزارة المكلفين بها هو وضع قانون جديد يحدد على وجه الدقة استقلالية جهاز الشرطة في أداء مهام امن الدولة والمواطن إما امن السياسي الفاشل أو إخفاقه في أدارة التنمية بكفاءة وعدالة واقتدار فلا حماية له من جهاز الشرطة بل حمايته وحماية الوطن هو ان يتنحى عن وظيفتة ويسند الأمر لمن هو أكثر كفاءة واقتدار .

وهذا هو ما يتفق وسنن الله في كونه وتتبعه كافة الدول المتقدمة او التى تريد التقدم - فيقول الله تعالى: " إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين " -  القصص: 26

والسياسي طبعا هنا غير مضار لأنه سوف يرجع وظيفته التخصصية التى كان يشغلها سابقا بل أكثر من ذلك ينبغي ان تحدد مدة ولاية الوزراء بفترتين على الأكثر ولا يجوز له ان يشغل منصب قيادي في الدولة مره أخرى توافقا مع التعديلات المقترحة دستوريا لمنصب رئيس الدولة .

ولكي نصل إلى قانون نموذجي لجهاز الشرطة يحدد مهامه ويحميه ويحمى المواطن فلابد من ترجمة واستعراض القوانين والهياكل والنظم الحاكمة لأجهزة الشرطة في البلدان المتقدمة حتى نصل الى ما نبغى حماية لكل الأطراف ولكي نقول جميعا " الشعب والجيش والشرطة والحكومة يدا واحدة  من اجل الحرية والكرامة والتنمية والعدالة ".

ولذلك فأنني أدعو أكاديمية السادات للعلوم الإدارية وكافة الجامعات المصرية ومراكز البحوث وعلماء القانون والإدارة العامة وغيرهم  من كافة التخصصات ذات الصلة الى تنظيم مؤتمر قومي مقترح بعنوان :

" الشعب والجيش والشرطة والحكومة يدا واحدة  من اجل الحرية والكرامة والتنمية والعدالة "

" أزمة علاقة مباحث امن الدولة بالمواطن في إحداث مصر  - الأسباب والنتائج والحلول  "

و

" القواعد المثلى لعلاقة  الشرطة بالمواطن والحكومة في النظم المقارنة "

حفظ الله مصر وبلداننا وشعوبنا العربية

المصدر: د. سامى الطوخى
  • Currently 143/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
39 تصويتات / 718 مشاهدة
نشرت فى 7 مارس 2011 بواسطة toukhy

ساحة النقاش

aleya

مقال هايل ..أنصف الله المظلوم ولو بعد حين ..

د.سامى الطوخى

toukhy
هاتف متحرك 00971501095679 البريد الالكترونى [email protected] دكتوراه في العلوم الإدارية والقانونية - بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وتبادل الرسالة مع الجامعات الأخرى ، كلية الحقـوق جامــعة القاهرة . - حوالي 20 عاما من الخبرة العلمية والعملية في مجال التدريس والتدريب المتعلق بمجالات عديدة فى التنمية الإدارية والقانونية والقضائية فضلا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

268,758