الويب الدلالي
Semantic web
مقدمة
شهد عالم المعرفة في العقود القليلة السابقة تطوراً هائلاً نتج عن الطفرة التي شهدتها تقنيات المعرفة وعلى رأسها الحاسب الآلي وما طرأ على برامجه من تطوير. ولعل أبرز تلك البرمجيات التي أحدثت ثورة في عالم المعرفة هو دخول شبكات الانترنت وقدرتها على استيعاب وتداول كم هائل من البيانات والمعلومات. ومع هذا الزخم من المعرفة المحفوظة والمتداولة خلال شبكات الانترنتكان لابد من توفر خدمات تتيح لمستخدمي الانترنت سرعة الوصول إلي المعلومات التي يبحثون عنها. لذا كانت هناك محركات بحث تعتمد بشكل أساسي على ألفاظ أو كلمات يتم إدخالها، ومن ثم يقوم المحرك بالبحث عنها في خوادم الأنترنت. إلا أن هذه الطريقة تعود دائما بكم كبير من النتائج وعناوين الصفحات التي تحتوي على أحد الكلمات المدخلة في محرك البحث. ويكون على المتصفح مراجعة بعضها للوصول إلى المواقع والبيانات الأكثر قرباً لهدفه. وهو غالباً ما يستنفذ وقتاً وجهداً ليس بالهين. لذا كان التفكير في إدخال خدمة الويب الدلالي (Semantic web).
مفهوم الويب الدلالي (Semantic web):-
الويب الدلالي (Semantic Web) له مفهوم يعتمد على الغرض منه والاستفادات المتوقعة من تطبيقة، حيث يراه المختصون انه مفهوم جديد يحاول العلماء من خلاله تحويل الويب من مجرد مستودع كبير للمعلومات المبعثرة والمتناثرة إلى قاعدة بيانات عالمية ضخمة تكون المعلومات فيها مترابطة جيدا، ومعرَفة بشكل تفهمه الآلة ويمكن لها معه إدراك العلاقات الترابطية بين المعلومات وتحليل وفهرسة أصناف المعرفة ليصبح البحث عن المعلومة عملية تقوم الآلة بجزء كبير منها وينحصر دور الإنسان بعد ذلك في استقبال النتائج جاهزة والاستفادة منها (أبوالحجاج بشير، 2009). لذا فإن الويب الدلالي يطلق عليه أحياناً “الويب ذات الدلالات اللفظية” أو “الويب ذات المعنى”. ولتحقيق ذلك يمكن لهذه الحواسيب أن تقوم بعملية انتقاء وتصنيف وتجزئة وإعادة تجميع هذه الكميات الهائلة من المعلومات أو محتويات الشبكة، لتقدمها لنا كمستخدمين في طريقة مؤرشفة ومرتبة بطريقة يصعب علينا كبشر إنجازها، وهذا بالضبط ما يمكن أن يقوم به الويب الدلالي(Semantic Web).
وقد نشأ مفهوم الويب الدلالي في الستينيات، إلا إنه أخذ على محمل التنفيذ من تيم برنرز لي مبتكر الشبكة العنكبوتية (WWW) ومدير شبكة (W3C) والذي عرف الويب الدلالي بأنه معلومات الويب التي يعالجها الكمبيوتر سواء بشكل مباشر أو غير مباشر (برنرز لي، 2001). وقد أتى هذا الحماس تجاه الويب الدلالي بعد القصور الملحوظ في لغة كتابة برمجيات الويب الحالية (HTML)والتي تعتمد على تكويد جزيئات صفحة الويب كل على حدى، ولا يوجد رابط تفاعلي بين تلك الجزيئات بحيث يمكن معالجتها وحفظها في شكل معاني يمكن ربطها بمعاني ذات صلة في صفحات أخرى. لذا كان الحل في ابتكار لغات جديدة لبرمجة الويب لها القدرة على تلافي ذلك القصور (شيبوتكو، 2009).
وتكمن أهمية برمجيات الويب الدلالي في قدرتها على تقديم معايير مفتوحة يمكن استخدامها في تكشيف محتويات مصادر المعلومات، عن طريق استخدام مجموعة من الأدوات التي تساعد في تحقيق ذلك (آل عبدالمحسن، 2008) مثل:
لغة الترميز الموسعة XML (Extensible Markup Language)، وخرائط المفاهيم أو الأنتولوجي Ontology، والمعيار العام لوصف المصادرRDF schema (Resource Describe Framework)، ولغة انتولوجيا الويب (Ontology Web Language) OWL..
أيضا تعتبر هذه اللغات معايير قياسية (Standards) متاحة للجميع ويمكن الرجوع إليها كمعيار موحد في تمثيل البيانات، وبالتالي فإن استخدامها في تطبيقات الويب الدلالي ستمنح البيانات قابلية أكثر للتبادل (Interoperability) والوصول (Accessible) من دون الحاجة لتحويلها إلى صيغة يفهمها الطرف الآخر. ويوضح الشكل التالي طباق الوب الدلالي الترابط بين تلك اللغات المستخدمة (وب دلالي، 2008).
ويعتبر التحدي الحقيقي في لغات الترميز في الويب الدلالي هو إضفاء المعاني والمرادفات للكلمات والجمل التي يمكن استخدامها في المعلومات المتداولة في الويب لكي يحقق الهدف منه، وقد يكون مكنز اللغة هو الملجأ القياسي الذي يمكن الاعتماد عليه في هذه الخطوة (ويلنجا، 2001)
استخدامات الويب الدلالي
حيث أن الويب الدلالي لم يصل إلى حد الانتشار الذي يمكن من خلاله التعرف على كافة المجالات التي يمكن أن تستفيد من تلك الخدمة، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الويب الدلالي سيكون له أثر كبير على الكثير من مجالات الحياة، وهناك بعض التطبيقات التي يمكن أخذها كأمثلة للاستفادة من الويب الدلالي. ففي المجال التجاري ، على سبيل المثال، تم استخدام الويب الدلالية في عمل بوابة تجارية تضم معلومات عن قطع غيار السيارات، مجلوبة من قواعد بيانات صناع وموردي ومستخدمي هذه القطع في أوروبا، وتم التوليف بين هذه البيانات باستخدام تقنيات الويب الدلالي وذلك لعمل أنتولوجي مشتركة بين جميع الأطراف المستفيدة لتوصيف بياناتها. كما تم استخدام تقنيات الويب الدلالي لإيجاد حلول لبعض المشاكل التي تحصل لقطع الغيار المعطوبة وذلك عن طريق إجراء استعلامات ذكية على البيانات الموجودة (Bryan M. and Cousins, 2008).
وفي المجال الطبي قام (Oldham et al, 2006) بعمل نظام للسجلات الطبية للحد من الأخطاء الطبية، وتحسين كفاءة الطبيب مع المريض، وتحسين سلامة المرضى والارتياح في الممارسة الطبية، وتحسين عملية الفوترة لزيادة دقة الترميز. وقد استند النظام على تقنيات الويب الدلالي لتوصيف السجلات الطبية وترميزها لسرعة الوصول إليها وللقيام ببعض العمليات الاستنباطية منها وهذا النظام مستخدم حاليا في مركز أثينا للقلب (Athens Heart Center).
استخدامات الويب الدلالي في المكتبات الرقمية:
الهدف الرئيسي للمكتبات الرقمية هو إتاحة مصادر المعلومات الموجودة لأكبر عدد ممكن من المستفيدين، مع تقديم خدماتها لقطاع عريض من مستخدمي هذه المكتبات، فتقوم تلك المكتبات بتصوير محتويات الكتب والدوريات وغيرها من مصادر المعلومات، سواء عن طريق قوائم المحتويات أو النصوص الكاملة.لذلك فإن أحد التطبيقات الهامة للويب الدلالي هو العمل على السماح بعمليات وصف الموضوعات والبيانات وتخزينها، وتأسيس الخطوط العامة لما يسمى بخرائط التدفق ،أو، الأنطولوجيات، بغرض إتاحة قابلية التشغيل المتبادل، أي سهولة تبادل المعلومات والبيانات بين أكبر عدد من المستفيدين، كالقدرة على إتاحة البيانات والمعلومات الرقمية بصورة جيدة وتوزيع هذه البيانات عبر أماكن التخزين المختلفة على شبكة الإنترنت أو أماكن تخزينها في المكتبة الرقمية (رجب، 2007).
الخلاصة
من هذا المنطلق يمكن القول أنه إذا كانت الفترة القصيرة الماضية هي عصر طفرة المعلومات من خلال شبكة الويب، فمن المتوقع أن يشهد المستقبل القريب طفرة أخرى بعد التوسع في تطبيقات واستخدام الويب التبادلي.
المراجع:
2. أبو الحجاج محمد بشيرالويب الدلالية ثورة الإنترنت المقبلة . (2009) . متوافر على الموقع: http://knol.google.com/k/أبو الحجاج-محمد-بشير/الويب-الدلالية-ثورة-الإنترنت-المقبلة/2
حسين آل عبدالمحسن. نحو معالجة معلوماتية أذكى (Semantic Web) تاريخ الإتاحة 28-6-2008. موجود على العنوان:http://www.doroob.com/?p=26668
رجب عبد الحميد . تقنيات الويب الدلالي للمكتبات الرقمية . cybrarians journal . ع 14 (سبتمبر 2007) . متوافر على الموقع: http://journal.cybrarians.info/no14/semantic.htm
وب دلالي، متوافر على الموقع http://www.marefa.org/index
Berners-Lee, Tim; James Hendler and OraLassila (May 17, 2001). “The Semantic Web”.Scientific American Magazine.
Bryan M. and Cousins J. (2008).Applying Semantic Web Technologies to Car Repairs. In the Book Semantic Web for Business: Cases and Applications. Information Science Reference.
Chebotko A.; Lu, S. (2009).”Querying the Semantic Web: An Efficient Approach Using Relational Databases”, LAP Lambert Academic Publishing, ISBN 978-3-8383-0264-5.
Oldham N, Sheth A.,Agrawal S., Jonathan L.; Harry W., Prem, Y.; Kelly Gallagher. (2006). Active Semantic Electronic Medical Record. 5th International Semantic Web Conference, Athens, GA, USA, November 5-9, 2006, LNCS 4273
WielingaB. J.; SchreiberA. Th.; WielemakerJ.; SandbergJ (2001).From thesaurus to ontology.
http://www.marefa.org/index.php/%D9%88%D8%A8_%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9
المصدر: إعداد
م / تامر الملاح
م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"
نشرت فى 16 نوفمبر 2014
بواسطة tamer2011-com
م/ تامر الملاح
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
3,894,890
بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة
للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:
عبر البريد الإلكتروني:
[email protected] (الأساسي)
عبر الفيس بوك:
إضغط هنا(إني أحبكم في الله)
أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.
ساحة النقاش