المــوقـــع الــرســمى الـخــــاص بــ "د/ تــامر المـــــلاح"

"تكنولوجيا التعليم " الحاسب الألى " الانترنت " علوم المكتبات " العلوم التربوية " الدراسات العليا "

سؤال : كيف يمكن أن نوظِّف تكنولوجيا التعليم في تحسين أداء المؤسسات التربوية؟

 

أخي الفاضل، تذكرت عند مطالعة سؤالك قول الإمام علي -رضي الله عنه-: "علموا أولادكم على غير شاكلتكم؛ فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم".

 

نعم أخي الفاضل، إن المربي في هذا العصر يطالعه كل يوم جديد في مجال تقنيات التعليم، لا سيما البرمجيات والإنترنت، وكلما تمثل المربي -(أبًا كان أو معلمًا أو ذا صلة بالشأن التربوي بأي صورة)- حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته" (رواه البخاري ومسلم). كلما ازداد إحساسه بالمسؤولية، وازدادت حيرته أمام كيفية التعامل مع هذه التقنيات بما ينمي مواهب وكفاءات شباب المستقبل من أطفال اليوم، ويحقق تأثيرًا إيجابيًّا على جوانب شخصياتهم المختلفة، ويوفِّر لهم أفضل مستوى من التربية والتعليم.

 

وقد يصاحب هذا التعامل بعض التصورات، مفادها أن تكنولوجيا التعليم هي مجموعة الأجهزة والآلات المستخدمة في التعليم، وأن نجاح التعليم التكنولوجي معناه قيام الوسائط التعليمية بعملية التعليم نيابة عن الأب أو المعلم، بالتالي فدور المربي هو توفير جهاز "حاسب آلي" وبعض البرمجيات والوسائط التعليمية الأخرى للطالب أو الطفل في مراحل التعليم والعمر المختلفة، ولكن الحق أن هذه التصورات يجانبها الصواب، ولا نستطيع أن نصل إلى إجابة التساؤل المهم الوارد بالاستشارة، إلا إذا وضعنا أيدينا على التصورات الصحيحة التي يجب توافرها عند التعامل مع تكنولوجيا التعليم.

 

وبالتالي فإن كيفية استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال في التربية والتعليم تتوقف على تحديد الهدف، واتباع خطوات تطبيق تكنولوجيا التعليم بشكل علمي سليم، وتأثير ذلك على تكوين المتعلم بما يتمثل في تنمية الدافعية الذاتية للتعلم لديه، وتحويله إلى باحث نشط عن المعلومات وليس متلقيا لها، وتفجير طاقات الإبداع والابتكار لديه.

 

وانطلاقًا من كل ما سبق تجد أخي الفاضل أن حديثنا بشأن توظيف تكنولوجيا التعليم موجه بشكل أكثر إلى المربي -(أبًا كان أو معلمًا أو ذا صلة بالشأن التربوي بأي صورة)- بصفته قناة الاتصال المباشرة بين المتعلم (الطفل في مراحله العمرية المختلفة) ووسائل تكنولوجيا التعليم المختلفة.

 

-ويمكن تحديد تلك التصورات الصحيحة التي يجب توافرها عند التعامل مع تكنولوجيا التعليم من خلال الإجابة على التساؤلات الآتية:

-ما مفهوم تكنولوجيا التعليم؟

- ما دور المعلم (الأب - المربي) في تكنولوجيا التعليم؟

- كيف ومتى نشتري الوسائل التعليمية؟

- ما خطوات تطبيق التكنولوجيا التعليمية؟

 

-أولاً: مفهوم تكنولوجيا التعليم:

الواقع أن كلمة "تكنولوجيا" عريقة الأصل، وتتألف من مقطعين: logic ,techno،بمعنى "التفكير المنطقي" أو المهارة في فن التدريس.. على هذا تكون تكنولوجيا التعليم في أوسع معانيها تخطيطًا، وإعدادًا، وتطويرًا، وتنفيذًا، وتقويمًا كاملا للعملية التعليمية من مختلف جوانبها، ومن خلال وسائل تقنية متنوعة تعمل جميعها بشكل منسجم مع العناصر البشرية لتحقيق أهداف التعليم.

 

ثانيًا: دور المعلم (الأب - المربي) في تكنولوجيا التعليم:

كان دور المعلم في التعليم التقليدي هو أن يقدم الحقائق والمعلومات للمتعلم، أما في تكنولوجيا التعليم فيتحول دوره إلى تعليم المتعلم كيف يتعلم، وهذا يتطلب حسن احتواء المتعلم كي يقوم بمسؤولية تعلمه على أساس من الدافعية الذاتية، ومساعدته على أن يكون باحثًا نشطًا عن المعلومات لا متلقيًا لها، كما يقوم المعلم بتصميم أنشطة تعليمية، وتوفير الوسائل والتقنيات اللازمة لها، وذلك من خلال مجموعة أسئلة يطرحها على نفسه، ومن هذه الأسئلة:

- ما الهدف من الوسيلة؟.. لمن سوف أستخدم هذه الوسيلة؟

فيتعرف على طبيعة الفئة المستهدفة (المتعلم)، ويستقصي مدى تناسب الوسيلة وخصائص الفئة المستهدفة.

- متى أستخدم هذه الوسيلة؟

- فيحدد الفترة الزمنية المناسبة لهذا الاستخدام؛ بحيث يأتي استخدام الوسيلة في موقعها تمامًا.

- كيف سأستخدمها؟ هل أعرضها جميعًا دفعة واحدة؟ هل أعرض أجزاء منها؟

- لماذا هذه الوسيلة بالذات دون غيرها؟ مثلاً: لماذا قرص الحاسوب وليس شريط الفيديو؟

 

ثالثًا: الفرق بين التعليم التقليدي وتكنولوجيا التعليم:

-يمكن تلخيص الفرق في النقاط التالية:

 

- التعليم التقليدي:

 

- المعلم نموذج يُحتذى.

-الكتاب المقرر مصدر أساسي.

- الحقائق باعتبارها أساسًا.

-المعلومات منظمة وجاهزة.

-التركيز على النتائج.

- التقويم الكمي.

 

-تكنولوجيا التعليم:

 

- المعلم مسهِّل للعملية التعليمية ومرشد.

- هناك مصادر ووسائل اتصال متنوعة.

- التساؤلات باعتبارها الموجه.

- المعلومات تكتشف.

- التركيز على العمليات.

- التقويم كمًّا وكيفًا.

 

أرأيت أخي الفاضل ما نقصده بالفرق: التعليم التقليدي تتوقف مهمته عند إيصال المعلومات إلى الطالب.. معلومات سابقة التجهيز، ولكن في حالة التعليم الحديث لا يقوم المعلم سوى بإرشاد الطالب إلى كيفية استكشاف المعلومة، والاطمئنان إلى أنه قادر في المستقبل على تعليم نفسه بنفسه (الوصول إلى مرحلة التعليم الذاتي) من غير الرجوع إلى المعلم.

 

وبالتالي لا عبرة بكَمّ المعلومات التي تصل للمتعلم، ولكن العبرة بالنتيجة النهائية: الوصول بالمتعلم إلى مرحلة استخدام مهارته وقدراته في اكتشاف المعلومات.

 

رابعًا: كيف ومتى نشتري الوسائل التعليمية؟:

إن شراء الوسائل التعليمية يجب ألا يتم عشوائيًّا أو ارتجاليًّا؛ بل يجب أن يتم وفق أسلوب واضح ومدروس، ولا يكون المعيار هو الأغلى ثمنًا، أو الأكثر تطورًا، أو الأجمل شكلاً، أو الأكبر حجمًا؛ لأن كل هذه الاعتبارات قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى وسائل ليست ذات قيمة، أو وسائل لا صيانة ولا قطع غيار لها، أو وسائل تصلح للزينة وليس للتعليم.

 

ولذلك يُنصح في هذه النقطة بتحديد الهدف من الوسيلة؛ هل الاحتياج إليها حقيقي؟ وهل الخبرة اللازمة للتعامل معها يمكن توفرها؟ ويرجع في ذلك للمتخصصين.

 

خامسًا: خطوات تطبيق تكنولوجيا التعليم:

تسير خطوات تطبيق التكنولوجيا التعليمية على النحو التالي:

 

-أولاً: تحديد الموضوع التربوي أو التعليمي المراد تناوله.

-ثانيًا: تحديد الأهداف من وراء تناول هذا الموضوع.

-ثالثًا: اختيار الوسيلة المناسبة.

-رابعًا: تصميم البيئة التعليمية.

-خامسًا: التنفيذ.

-سادسًا: مرحلة التقويم التي تحدِّد مدى صلاحية التكنولوجيا المستخدمة، ونقاط الضعف، ونقاط القوة فيها.

 

والخلاصة: إن تكنولوجيا التعليم ليست فقط الأساليب الحديثة من العملية التربوية، أو استخدام الآلات والأجهزة التعليمية، وإنما طريقة تفكير ومهارات تدريس. ووسائل تكنولوجيا التعليم لا تعني فقط الحاسبات ووسائل الإعلام، وإنما تعني أيضًا السبورة والطباشير ولوحات العرض ومعامل اللغات، طالما توفر الاستخدام الجيد والتوقيت المناسب لما تتطلبه العملية التربوية.

 

وانظر كيف استخدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الرسم كوسيلة تعليمية في حديث قصر الأمل:

عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "خطّ النبي -صلى الله عليه وسلم- خطًّا مربعًا، وخط خطًّا في الوسط خارجًا منه، وخط خططًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به أو قد أحاط به ، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض؛ فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا" (رواه البخاري).

 

 

نرجو أن تكون الإجابة قد حققت لك الإفادة فيما أردت الاستفسار عنه، وندعو الله سبحانه وتعالى لأبنائنا جميعًا أن يكونوا دائمًا في الطليعة.

المصدر: إعداد م/ تامر الملاح
tamer2011-com

م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 476 مشاهدة

ساحة النقاش

م/ تامر الملاح

tamer2011-com
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,897,822

بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة

للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:

 

 عبر البريد الإلكتروني:

[email protected] (الأساسي)

[email protected]

 عبر الفيس بوك:  

إضغط هنا

(إني أحبكم في الله)


أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.