قصة نجاح.. “نيكولاس″ قاهر الإعاقة
الكثير منا يتذمر حين يرى وضعه المادي أو التكنولوجي أو غيره.. ولكن هل فكر أحدنا بأن يصنع مما يمتلكه ولو كان بسيطا شيئا، يجعل العالم ينظر إليه بإيجابية واعتزاز؟؟
الاسترالي “نيك نيكولاس فوجيسيك” رجل دون أيدي ودون أرجل.. فقط رأس فوق بطن، لكنه وضع لنفسه بصمة، ربما عجز الأصحاء عن وضع مثلها.. تعالوا لنتعرف أكثر على قصة هذا الرجل المعجزة!
ولادته:
ولد “نيكولاس″ باستراليا دون أيدي ولا أرجل – يعني دون أطراف نهائيا في جسمه – وعندما أخذ يكبر بدأ يحس في نفسه الألم، كما بدأ يفهم بأنه أقل حظا من غيره من الأطفال، ويرى نفسه أنه الطفل الوحيد بهذه الصورة، وعندما بلغ سن الثامنة من عمره حاول أن ينتحر ليتخلص من هذه الحياة وهمومها التي بدت له كصورة سوداء قاتمة، لكن والداه كان لهما الأثر الكبير في بعث الأمل لديه حين قالا له: “إن الحياة اختيارين، إما المحاولة.. أو اليأس والفشل”.
بدأ يفكر “نيكولاس″ في حياته، وفكر عميقا بأن هذا قدر قد كتب له، وأن الأمر ليس بيده ولا بيد والديه أو أي أحد في العالم من البشر، بإمكانه أن يصنع له أطرافا من ذات جسده، لاسيما أن الأطباء قد حاولوا تركيب أطراف صناعية له في صغره، لكن ثقل وزنه الذي كان (24) كيلو جراما لم تتمكن الأطراف من تحمله.. فباءت هذه العملية بالفشل.
دراسته ومشكلاته:
قرر “نيكولاس″ البدء بحياة أفضل وأوسع مما يعيشها.. والتحق بالمدرسة كأقرانه، وترك كل ما سيقال عنه خلف ظهره.. ورغم توبيخ بعض الأطفال من سنّه له بكلام ينتقص من حقه كإنسان في تلك الفترة إلا أن “نيكولاس″ واصل الدراسة ولم تزده تلك الألفاظ إلا ابتسامة واستمتاعا بإعاقته، واستمر في تعليمه حتى أتقن القراءة والكتابة على الحاسوب بالإضافة إلى السباحة وركوب الخيل وكرة القدم وغيرها.
هناك الكثير من العراقيل التي واجهت “نيكولاس″ في حياته لكنه لم يستسلم لها، حيث كان طموحه أكبر من أي عراقيل ستقف أمامه، ومن أبرز هذه العراقيل وفي عام 1990م لم تسمح الحكومة الاسترالية للأطفال المعاقين بالذهاب إلى المدارس العادية مع عدم دفع أي مساعدات مالية لنيكولاس أو لوالديه حتى يستطيع إكمال تعليمه، فقرر والداه أن يتحملوا قسوة الظروف لإيجاد مصاريف مدرس خاص لابنهم، بهدف استكمال تعليمه للمرحلتين الابتدائية والثانوية، ولم ينهي “نيكولاس″ هذه المرحلة حتى واجهته وأهله مصاريف الجامعة الباهظة.. لم يفقد والداه الأمل في البحث عن داعم له، وبعد مرارة بحث تكفلت إحدى الشركات الخاصة بمساعدة “نيكولاس″ لاستكمال تعليمه.
إنجازاته:
بعد الكلام السابق ستقول أخي/ أختي وأين وصل “نيكولاس″ اليوم بعد تلك المعاناة في حياته؟
بالفعل هو سؤال وجيه.. سأقول لك إلى أين أوصله طموحه ومحاولاته التغلب على إعاقته.. اليوم أصبح “نيكولاس″ وبعد مسيرته الكفاحية تلك يمتلك ثلاث شهادات في مجال الاقتصاد وإدارة الأعمال، كما يرأس واحدة من أكبر المؤسسات الأهلية في أمريكا الراعية للإعاقة إلا وهي “attitudeisaltitude”.
وهو أيضا رئيسا لشركتين من أكبر الشركات المهتمة بمجال الاقتصاد في بلده استراليا، كما يعتبر اليوم “نيكولاس″ من أبرز الشخصيات الداعمة والنشطة في مجال دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث زار أكثر من (20) دولة فيها مؤسسات تعنى بشأن المعاقين.
“نيكولاس″ كذلك له العديد من المحاضرات والندوات التي يعرض فيها تجربته المذهلة في تحدي الإعاقة، ويبث من خلالها الأمل في قلوب المعاقين ويكسب ود الأصحاء للمساهمة في معاونة هذه الشريحة الإنسانية التي لا فرق بينها وبين الأصحاء.
فالنجاح ليس لشخص دون شخص، وليس كل من له جسد كامل – والكمال لله – يستطيع فعل كل شيء، كما أنه ليس كل من له نقص في جسده لا يستطيع تحقيق شيء.. بل الإصرار والطموح والرغبة في تحقيق النجاح هي معيار نجاح الإنسان أي كان شكله أو جسده، ويمكنه من خلال ذلك تحقيق ما يراه مستحيل
ساحة النقاش