واى فاى تحررك من الأسلاك !

يرى الخبراء أن القرن الحادى والعشرين سيشهد عصرا معلوماتياً ثانياً، تكون فيها شبكة الإنترنت وغيرها من مصادر المعلومات فى متناول المستخدم لاسلكيًا أينما كان. فبعد أن صارت هذه الشبكة موجودة فى كل مكتب وكل بيت، بقى حلم المستخدم هو التحرر من قيد الأسلاك واستخدام الإنترنت فى جهاز محمول متنقلاً فى كل مكان. وتصوّر الحالمون أن الهاتف الخلوى هو ما سيتيح هذا التحرّر من قيد الأسلاك، لكنهم رأوا ذلك بعيدًا؛ إذ أن الاتصال بالإنترنت عن طريق الهاتف الخلوى مُكلِف من جهة، وبطىء جدًا من جهة أخرى. أما اليوم فإن مظاهر العهد اللاسلكى الجديد حيّة تشهدها فى آلاف البيوت والشركات والأماكن العامة فى أمريكا والعالم بفضل تقنية "واي فاى".

واى فاى Wi-Fi، هى اختصار لـWireless Fidelity، أى البث اللاسلكى الفائق الدقة والسرعة، وهى التقنية التى تقوم عليها معظم الشبكات اللاسلكية اليوم، فهى تستخدم موجات الراديو لتبادل المعلومات بدلاً من الأسلاك والكوابل.. وهى قادرة على اختراق الجدران والحواجز. وشبكات واي فاي أو ما يسمى بالنقاط الساخنة Hotspots هي عبارة عن جهاز هوائي (أنتينا) موصول بالإنترنت ويتصل لاسلكيًا مع أجهزة الكمبيوتر فى مداه الذى قد يصل إلى 45 مترًا. ولكى يستطيع جهاز الكمبيوتر (محمولاً أو غير محمول) أن يتصل بشبكة واى فاى، يجب تهيئته بدعم تقنية واى فاى، والخبر السار أن معظم الأجهزة المحمولة التى تباع الآن مهيأة ببطاقات واى فاى فى داخلها، وهى معدّة لتكون متكاملة مع النقاط الساخنة التى توفر هذه الخدمة. وعملية الاتصال بالإنترنت عن طريق واي فاي سهلة للغاية، فالبرمجيات التى تأتى مع البطاقة اللاسلكية تبحث أوتوماتيكيًا فى المجال من حولها عن نقطة ساخنة، فإن وجدتها فإن الإنترنت تصبح على مقربة ضغطة زر. وقد بلغت تقنية واى فاى من الشعبية, بحيث أصبح كثير من المقاهى والمطاعم والمطارات والفنادق والجامعات والمكتبات وغيرها من الأماكن العامة توفر إمكانية الاتصال بالإنترنت لكل زائر لديه جهاز محمول، مثل الكمبيوتر المحمول Notebook أو المساعد الشّخصى الرّقمى PDA أو الكمبيوتر اللوحى Tablet PC.

وتقدم بعض هذه الأماكن الخدمة مقابل ثمن ويقدمها البعض الآخر بالمجان كوسيلة لاجتذاب الزبائن.

يقول جيري غيتشل، الخبير التقنى والمستشار فى مجال تطبيق التكنولوجيا فى مجال الأعمال: “أصبحت واى فاى تمثل ثقافة لها مصطلحاتها الخاصة، وممارساتها الخاصة وعاداتها وتقاليدها الخاصة” ويذكر منها وورتشاكنغ War chalking، وهى التعليم بالطباشير بإشارات خاصة على الأرصفة بالقرب من النقاط الساخنة ليستطيع الناس إيجادها بسهولة، ومنها ووردريفينغ War driving، وهى التجول بالسيارة والتنصت من أجل البحث عن النقاط الساخنة واستخدامها.

تجوال.. سرعة.. مرونة.. رخص

مميزات واى فاى كثيرة، فعملية إعداد شبكاتها سريعة وسهلة، فهى لاتحتاج إلىتمديدات للأسلاك وحفر للحيطان، ويمكن تحريك الأجهزة فيها بجميع الاتجاهات، وحملها والتجوّل بها بحيث يمكنك أن تبقى متصلاً بشكل دائم بالإنترنت، من مكتبك تارة وغرفة الاجتماعات تارة والمقهى تارة أخرى. فهى تتيح قدرًا كبيرًا من المرونة وبالتالى تزيد الإنتاجية. وهى تتيح للمسافر البقاء متصلاً أثناء السفر، حتى أن كثيرًا من شركات الطيران أصبحت تقدم خدمة واى فاى على طائراتها، ليتمكن المسافرون من الاتصال بالإنترنت عن طريق أجهزتهم المحمولة من على متن الطائرة. وتصل سرعة الاتصال عن طريق واى فاى إلى 54 ميغابايت فى الثانية، فسرعتها لا تقارن مع المودم الهاتف، بل هى أسرع بعدة مرات من الاتصال عن طريق الكيبل أو DSL، كما يؤكد غراهام ميلفيل، مدير تسويق المنتجات فى قسم الأعمال اللاسلكية في شركة سيمبل تكنولوجيز Symbol Technologies. وإعداد شبكات واى فاى أرخص من الشبكات السلكية، وبخاصة على مستوى الشركات الكبيرة، كما يفيد ميلفيل، وإدارتها أقل تكلفة أيضًا، وسوف تستمر أسعارها فى الهبوط نظراً لازدياد الطلب عليها واستمرار دعم الأجهزة لها.

واى فاى عربى

وتبرز نقاط ساخنة جديدة كل يوم فى جميع أنحاء العالم، وتتوفر على الإنترنت أدلة لهذه النقاط الساخنة يمكنك أن تجدها على مواقع مثل موقع Wifinder.com. واى فاى انتشرت فى العالم العربى فى أماكن عامة مثل مركز إكسبو الشارقة ومطار الكويت الدولى ومطار البحرين الدولى وكثير من مقاهى الإنترنت والفنادق والمطاعم. وطبقت واى فاى على مستوى عدد من الشركات، ففى مطعم آيريش فيليج فى دبى يقوم “النادل اللاسلكى” بإرسال الطلبات لاسلكيًا بسرعة وبأدنى حد من الأخطاء إلى المطبخ عن طريق جهازه المحمول. وفى مستشفى جورج واشنطن فى العاصمة واشنطن يرسل الأطباء والممرضون البيانات الطبية من وإلى السجلات المركزية لاسلكيًا عن طريق أجهزة محمولة.

استخدام منزلى

أما الاستخدام المنزلى فهو السوق الكبرى لواى فاى، فالإقبال عليه يتزايد خصوصًا بالنسبة لأولئك الذين يقومون بإعداد شبكات لأول مرة، إذ بإمكانهم تفادى بناء الشبكات المادية. يقول غيتشل: “مثلما اتجهت الدول النامية مباشرة إلى الهواتف الخلوية متجاوزة الاتصالات السلكية الأرضية، فإن البيوت التى لم تكن فيها شبكات سلكية بالأصل تفضّل شبكات واى فاى”. واى فاى تتيح للإنترنت أن تكون مفتوحة وجاهزة للاستخدام دائمًا، من السرير أو المطبخ أو الكنبة أو المكتب أو حديقة المنزل، كل ذلك بدون أسلاك. وهناك عدة معايير للشبكات اللاسلكية حددها معهد المهندسين الإلكترونيين والكهربائيين IEEE، أشهرها 802.11b، وقد أقرّ قبله معيار 802.11b. وأحدث المعايير اليوم هى 802.11g، وهذه المعايير متوافقة مع بعضها فى الغالب، إلا أن مداها وسرعاتها متفاوتة. ويتوقع لتكنولوجيا واى فاى أن تتطور وأن تتغير كما تتغير معظم التطبيقات التكنولوجية الأخرى، لكنها تمثّل نقطة الانطلاق نحو العالم الموصول الذى نشعر فيه بوجود الإنترنت دائما أينما كنا، على حد تعبير كيفين برايس، المدير التنفيذي لشركة أكيوكود AccuCode، التى تقوم بإعداد تطبيقات واى فاى لكثير من الشركات الأمريكية الكبرى، فسوف تكون الإنترنت مضمّنة فى كل الأجهزة، وسوف تكون المعلومات متوافرة دائمًا سواء على مستوى الشركات والأعمال أم على المستوى الشخصى. كم سيكون من المثير مراقبة كيفية تكامل التقنيات المختلفة وكيف سيكيفها الناس لاحتياجاتهم ويغيرون طريقة استخدامهم لها!