أدوار التربية الصحية النفسية في الحياة المدرسية والمؤسسات التعليمية
د. بنزاوية: الإرشاد التربوي مفتاح محاربة الانقطاع الدراسي ومواجهة التعثر التعليمي
*ما المقصود بالتربية الصحية النفسية؟
وأي دور للتوجيه النفسي في تعزيزها لدى الطلبة والتلاميذ؟ وما هي أبعادها الوظيفية؟ وما هي آثارها الإيجابية على نمو وتطور الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية؟ كان الترحال مع الأجوبة العلمية على هذه الأسئلة، محور ركن "حوار حي" الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء، زوال أمس الخميس، 3 يونيو الجاري، من خلال استضافة الدكتورة وفاء فوزي بنزاوية، رئيسة مصلحة الصحة المدرسية بمديرية المناهج المدرسية ـ وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي.
وبالطبع، كان ضروريا التوقف بداية عند المقصود من الحديث عن "الصحة النفسية"، والخوض في أهم تأثيراته الإيجابية أو السلبية في حياة التلاميذ والطلاب، حيث اعتبرت المتدخلة الكريمة بأن الصحة النفسية هي جزء من التعريف بالصحة حسب منظمة الصحة العالمية، وأنها هي التي تأثر في التوازن الحسي والعاطفي للأشخاص بصفة عامة، يجب الاعتناء بها ورعايتها حتى نتمكن من مجتمع متوازن.
وجاءت العديد من أسئلة الحوار من باب التفصيل في المفاهيم والمناهج، من قبيل التذكير مثلا، بأن الخوض في هذا الموضوع، يتطلب أولا استحضار المناهج النفسية التالية: المنهج النمائي، لمساعدة الطلبة على فهم ذواتهم ومساعدة الطلاب للوصول إلى أعلى مستوى من النضج والصحة النفسية، ولمساعدة الطلاب لتحديد أهداف في حياتهم، ثم المنهج الوقائي، وقائم على محاولة منع المشكلات النفسية الاجتماعية التربوية، والتوعية والوقاية في مجال المشاكل النفسية، ومحاولة تقليل اثر الاضطراب ومنع ازدياد المرض، ثم المنهج العلاجي، من أجل التعامل مع الصعوبات والمشاكل النفسية والاجتماعية عل المستوى البسيط، بحيث لا يتم التعامل هنا مع الاضطرابات أو المرض النفسي بل يتم التحويل، فهل هذا كاف، يتساءل أحد المشاركين الكرام، لخلق طالب سوي أم هناك أشياء أخرى يجب على المسئولين اتخاذها، قبل أن ترد الضيفة بأن تحليل المنهاج بهذه الطريقة يعطينا فكرة على الأهداف المنتظرة منه وعلى المهارات المرجوة اكتسابها. إلا أنه هناك أنشطة داعمة وموازية في هذا المجال تجعل المتعلم والمتعلمة يكتسبوا قدرات ومهارات تساعدهم على التوازن السيكولوجي والنفسي ومواجهة الحياة ومقاومة الضغوط اليومية مع العلم أن هؤلاء هم في فترة حرجة من الحياة ألا وهي الشباب والمراهقة بكل خصوصيتهما.
وبخصوص التعامل مع مجالات الإرشاد التربوي (وهي الإرشاد الفردي، أي للتعامل مع المشاكل والصعوبات الفردية، ثم الإرشاد الجماعي، للتعامل مع المشاكل والصعوبات في الجماعة)، اعتبرت الدكتورة وفاء فوزي بنزاوية، أن الإرشاد التربوي يُعتبر شقا مهما في المنظومة التربوية، بحيث يساعد المتعلمين والمتعلمات على تهوين الصعوبات والاستمرار في الدراسة ومحاربة الانقطاع الدراسي، ويلعب المرشد أو الموجه دروا أساسيا في هذه العملية وخاصة في الإرشاد الفردي لأنة يساعد المتعلم والمتعلمة على مواجهة التعثر الدراسي؛ أما الإرشاد أو التوجيه الجماعي فهو يهم بالخصوص المساعدة في الاختيارات التوجيهية.
وعن أدوار التوجيه والإرشاد النفسي في إكساب شريحة التلاميذ والطلبة، ثقافة سليمة وسلوك سليم ومن ثم قيم سليمة، اعتبرت الدكتورة وفاء أن هذا السؤال، يصدر أيضا، عن أغلب الآباء والمربيين والمسئولين في التربية، ملاحظة أن هذه الظواهر الخطيرة والسلوكات الغير صحية التي يعاني منها المراهقين والشباب وبالتالي استياء منها الآباء والمربيين، مضيفة أنه في الوقت الحاضر، بدأ التفكير في تشخيص هذه الظاهرة وإعداد دراسات حولها لكي تكون معطيات حقيقية وأرقام تجسد خطورتها، ثم مواجهتها ومحاولة الوقاية منها، ومن هنا تكمن أهمية الإرشاد أو التوجيه، من خلال محاولة معالجة هذه الحالات وتوجيهها إلى الجهات المختصة.
وبخصوص المهارات الحياتية ومحوريتها في تعزيز الصحة النفسية للتلاميذ، أشارت المتدخلة إلى أن المهارات الحياثية تتوزع على ما هو أفقي وما هو عمودي ومعظمها تخدم السلوكات وتبني القويمة والصحية منها، ومنها ما هو عمودي يهم موضوع مثل المهارات الحياتية الخاصة بالصحة النفسية ومنها ما يخص الصحة الإنجابية...الخ، ومنها أيضا ما هو أفقي يكون مشترك بين المواضيع كلها.
وخُصّصت آخر الأسئلة لموضوع الآثار الإيجابية على نمو وتطور الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية، حيث لاحظت الدكتورة فوزي بنزاوية، أن تأثير الصحة النفسية للمتعلمين والمتعلمات في سير الحياة المدرسية يُعتبر أساسيا بحكم أن السلوكات السليمة للتلاميذ وقيامهم بأنشطة تربوية هادفة تفيدهم وتعمل على تنشيطهم وتحسيسهم وتوعيتهم في عدد من المواضيع وتحفز الأساتذة والأستاذات على الانخراط فيها وجعلهم داعمين لها، وبالنتيجة، فإن هذا التصرف يجعل مناخ المؤسسة التعليمية نقيا وصافيا ويشجع على الاهتمام بها من طرف كل الفاعلين التربويين والمتدخلين.
ساحة النقاش