بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثامن من دروس تربية الأولاد في الإسلام وننتقل اليوم إلى التربية الجسمية، أو التربية الصحية.
دور التربية الصحية في تربية الأولاد:
بادئ ذي بدء: الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، وغذاء الجسم الطعام والشراب.
إذاً هناك جانب عقلي، وجانب نفسي، وجانب مادي، وما لم تلبَ حاجات العقل والقلب والجسم معاً عندئذٍ يتطرف الإنسان، أما إذا لبى حاجات عقله، وحاجات قلبه، وحاجات جسمه تفوق، وفرق كبير بين التطرف وبين التفوق.
إذاً للتربية الجسمية جانب كبير من تربية الأولاد، أو للتربية الصحية جانب كبير من تربية الأولاد، لا بد من مقدمة أضع بين أيديكم حقائق مثيرة حول وجود وعي صحي في أمة، أو انخفاض هذا الوعي الصحي في أمة أخرى، لنأخذ على ذلك مثالين:
مرض السكر مرض شائع، في بلد من بلاد المسلمين، وفي عاصمة من عواصم المسلمين، في خمسمئة و خمسين ألف مريض بالسكر، هذا المرض أيها الأخوة، يمكن أن تتعايش معه عن طريق ضبط الغذاء، وضبط الوزن، وضبط التحاليل بشكل مستمر، ولا يؤثر في حياتك إطلاقاً، الآن هذا المرض أحياناً يتفاقم ويؤدي إلى شلل، أو فقد بصر، أو فشل كلوي أو أشياء أخرى، هناك بلاد تتمتع بوعي صحي أربعة بالمئة من مرضى السكر يتطور مرضهم إلى شلل، أو إلى فشل، أو إلى فقد بصر، أو إلى خثرة دماغية.
في بلاد لا تتمتع بالوعي صحي 72% من هؤلاء المرضى مرضهم يتطور إما إلى شلل، أو خثرة في الدماغ، أو إلى فشل كلوي، كم هي المسافة بين أمة تتمتع بوعي صحي، وبين أمة تفتقد هذا الوعي الصحي.
على كل إنسان أن يعتني بجسمه لأنه قوام عمله:
لذلك أقول لكم: الإسلام هو الحياة، يجب أن تعتني بعقلك، وأن تغذيه بالعلم الصحيح، وينبغي أن تعتني بقلبك، وينبغي أن يُحبَ ما ينبغي أن يُحب، وهو الله جل جلاله، وينبغي أن تعتني بجسمك لأنه قوام عملك، غلافك، وعاؤك، أداتك، هذه الحقيقة الأولى 72% يتطور مرضهم إلى فشل كلوي، أو إلى شلل، أو إلى فقد بصر، 4% في بلد يتمتع بوعي صحي يتطور المرض إلى هذه المضاعفات.
مرض آخر يصيب الدم، اسمه التليسما، الإنسان إما أنه يحمل هذا المرض أو لا يحمل، فإذا كان يحمل وتزوج امرأة لا تحمل هذا المرض يعيش حياة سليمة رائعة لا شيء فيها، أما إذا كان إنسان يحمل هذا المرض، وتزوج امرأة تحمل هذا المرض بحسب العلم الطبي حتماً عنده ابن مصاب بهذا المرض، وابنان يحملان هذا المرض، وابن لا يحمل هذا المرض، ما معنى ابن مصاب بهذا المرض ؟ يعني يحتاج إلى تبديل دم كل أسبوعين، كلفة معالجة الابن المصاب بهذا المرض أربعمئة ألف كل سنة، إذا عاش عشرين سنة شيء فوق طاقة الآباء الأغنياء، فضلاً عن أن هذا المرض يسبب شقاء في الأسرة.
الآن اسمعوا: بلد من بلاد المسلمين تعداده 20 مليوناً، هناك ألفا حالة مرضية وبلد آخر يتمتع بوعي صحي سكانه 70 مليوناً، في أربع حالات بسبعين مليوناً، وألفي حالة بعشرين مليوناً، معنى ذلك أن كلفة تبديل الدم بهذا البلد المتخلف صحياً يكلف مبالغ تفوق ألوف الملايين، هذه المبالغ لو أنفقت لإنشاء المدارس، والمستشفيات، والمعاهد والجامعات، والطرقات لكنا بحال آخر، أنا أقدم لكم أرقام دقيقة، الوعي الصحي مهم جداً.
هناك بلاد وعيها الصحي متخلف تستورد 8 أضعاف من الأدوية ما يستورده بلد يتمتع بوعي صحي، أنا أرى أن من مهمة الدعاة تخصيص دروس كاملة للشؤون الصحية لأن صحتك قوام حياتك.
نعمة الأمن لا يتمتع بها إلا المؤمن حصراً:
إن من أروع ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام:
(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِنا في سِرْبه ))
[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن محصن ]
آمناً، يتمتع بنعمة الأمن.
﴿ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾
( سورة قريش )
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
( سورة الأنعام )
(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِنا في سِرْبه ))
آمناً: أمن الإيمان، مطمئناً إلى رضا الرحمن، مطمئناً إلى أنه على منهج الله، مطمئناً إلى أن الله يحبه، وهو راضٍ عنه، مطمئناً إلى مستقبله الذي قال الله عنه:
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾
( سورة التوبة الآية: 51 )
مطمئناً إلى ما بعد الموت.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
( سورة فصلت )
(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِنا في سِرْبه ))
يتمتع بنعمة الأمن، ونعمة الأمن لا يتمتع بها إلا المؤمن حصراً.
أكبر نعمة من نعم الله على العبد أن يمنحه أمن الإيمان:
يقول لك هذا البرنامج حصرياً على هذه القناة، ونعمة الأمن لا يتمتع بها إلا المؤمن، والدليل
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
يقابل الأمن، القلق، أنت من خوف المرض في مرض، ومن خوف الفقر في فقر، وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها، لذلك أكبر نعمة من نعم الله أن الله سبحانه وتعالى يمنح عبده المؤمن نعمة الأمن.
(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِنا في سِرْبه ))
ليس أمن المال، الغني يحس بالأمن أحياناً، أنا أقصد أمن الإيمان، أنت حينما تستقيم على أمر الله، تشعر أن هموماً كالجبال انزاحت عن صدرك.
(( إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنؤوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))
[ ورد في الأثر ]
(( إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه، والملائكة، وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه ))
[ ورد في الأثر ]
أنا أقصد أمن الإيمان.
(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِنا في سِرْبه، مُعافى في جَسَدِهِ ))
[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن محصن ]
استيقظ، سمعه، بصره، نطقه، حركته، أجهزته، أمعاؤه، قلبه، رئتاه.
(( إذا أصبح أحدكـم آمناً في سربه، معافىً في جسمه، عنده قوت يومه، فكـأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ))
[ من الجامع الصغير عن عبد الله بن محصن ]
وحينما سأل ملك جبار وزيره من الملك ؟ ماذا ينبغي أن يقول له ؟ قال له: أنت قال له: لا، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيت يؤويه، وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، هذا ملك، إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا، وإن عرفناه جهدنا في إحراجه.
صحتك قوام حياتك و وعاء عملك:
لذلك أيها الأخوة، لا تستهن بالجانب الصحي بحياة الإنسان، صحتك قوام حياتك، صحتك وعاء عملك، يعني أنا أقول لكم كلاماً دقيقاً واضحاً: لك عند الله عمر لا يزيد ولا ينقص، افتراضاً لك عند الله 83 سنة، وسبعة أشهر، وثلاثة أسابيع، وأربعة أيام، وخمس ساعات، وأربع دقائق، وثلاث ثواني، إذا كنت تتمتع بوعي صحي، وعندك ثقافة صحية عالية جداً، وتتبع توجيهات النبي، هذا العمر 83 هكذا، واقف، متحرك، نشيط.
أحد علماء دمشق الشيخ عيد السفرجلاني، وصل إلى السادسة و التسعين، قامته منتصبة، حاد البصر، مرهف السمع، أسنانه في فمه، حينما يُسأل يا سيدي ما هذه الصحة ؟ قال: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.
والله أيها الأخوة، زرت صديقي في العيد استقبلني والده، إلى أن جاء صديقي حدثني والده بما يلي، قال لي: أنا عمري ست وتسعون سنة، والبارحة أجريت تحاليل كاملة، قال لي: الفضل لله كله طبيعي، ست وتسعون سنة ! ثم قال لي: والله ما عرفت الحرام في حياتي، لا حرام المال، ولا حرام النساء.
(( إذا أصبح أحدكـم آمناً في سربه، معافىً في جسمه، عنده قوت يومه، فكـأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ))
[ من الجامع الصغير عن عبد الله بن محصن ]
من اعتنى بصحة أولاده قدم لهم أكبر خدمة في حياتهم:
إذاً الصحة جانب أساسي جداً، وما كان من دعاء يكثر منه النبي عليه الصلاة والسلام كهذا الدعاء، الدعاء:
(( اللهم ارزقنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ))
[أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمر ]
لذلك دققوا: العناية بالصحة جزء من الدين، وأنت كأب (الآن دخلنا في الدرس) حينما تعتني بصحة أولادك تقدم لهم أكبر خدمة في حياتهم، حينما تنشئهم على عادات صحية سليمة، أحياناً لا يهتم الأب بنوع غذاء ابنه، يأكل من الطريق دائماً ينشأ عنده أمراض في جهازه الهضمي، وهناك أمراض تستمر وتنقلب إلى أمراض وعائية وقلبية، الحديث طويل طبعاً، التوجيهات الصحية كثيرة جداً، لكن حسبنا أن النبي عليه الصلاة والسلام له توجيهات صحية دقيقة جداً، هذه التوجيهات ليست من اجتهاده، ولا من ثقافته، ولا من تجربته، ولا من معطيات عصره، إنها توجيهات من عند الله جل جلاله، فلو تتبعنا توجيهات النبي الصحية، وأخذنا بها كنا بحال غير هذا الحال.
بعض البلاد النامية التي لا يتمتع أفرادها بوعي صحي قد يدفعون نصف دخلهم لمعالجة أمراضهم، ومثل هذه البلاد تستورد كما قلت قبل قليل ثمانية أضعاف الأدوية التي تستوردها الدول الغنية.
مهمة الأب الكبرى أن يوجه أولاده توجيهاً دقيقاً إلى العناية بصحتهم:
لذلك أنت كأب لك مهمة كبيرة، مثلاً لو أنك وجهت أولادك توجيهاً دقيقاً إلى تنظيف أسنانهم، معظم الناس في البلاد النامية يبدؤون بتبديل أسنانهم، وزرع أسنان جديدة ومعالجة أسنان نخرة في سن مبكرة، ويعانون من آلام الأسنان ما يعانون، وأسباب هذه الأمراض التي تصيب الأسنان نقص في التنظيف.
هذه واحدة، أحياناً نافذة بلا حاجز، يسقط الابن، ويموت، تعيش هذه الأسرة مأساة لا تنتهي.
حدثني أخ عنده مزرعة وفيها مسبح، بلا سور غرق ابنه، قال لي: منذ أن غرق هذا الابن وقد هجرنا هذه المزرعة من ثلاث عشرة سنة، ما عادوا يحتملون أن يأتوا إلى مكان غرق فيه ابنهم.
أنا كنت بفرنسا قبل أسبوع، في الفندق مسبح محاط بأسوار زجاجية، وباب دقيق، أكبرت فيهم هذا، من أجل الصغار، هناك نوافذ تحتاج إلى حواجز، أحياناً التيار 220 فولت، ومكشوف أحياناً بالحمام، لو إنسان مشى حافياً، وأرض الحمام فيها ماء يموت فوراً لو مسّ هذا التيار، لو ذهبت لأعدد لكم الأخطار التي يموت فيها الناس، أو يصابون بها بأمراض وبيلة، أو بعلل خطيرة من جراء الإهمال فقط لما انتهى الدرس، ولا دروس انتهت، أنا أرى العناية بصحتك، وصحة أهلك، وصحة أولادك جزء من دينك.
أحياناً نشتري مواد دسمة لا ندقق، هذه المواد ممنوع استعمالها في بلد المنشأ لا تصلح كغذاء للبشر، نشتري هذه الدسم المهدرجة التي تبقى عالقة في الدم، هناك دسم مهدرجة ؛ هذه الدسم المهدرجة تبقى ذراتها عالقة في الدم، وتسبب تضيق الشرايين والتضييق يعاني صاحبه ما يعاني، يعني عمرك بعمر شرايينك، تبديل شريان قريب من ثلاثمئة و خمسين ألفاً، حينما تشتري سمن مهدرج رخيص لا تهتم بمستواه، يعني بين أن تستخدم غذاء صحياً مدروساً إذاً أنت بحاجة إلى ثقافة غذائية، معظم الأمراض تأتي من المعدة، من سوء الطعام، قد يكون الطعام لذيذ جداً، لكنه سيء، أنا أجلس مع إخوة أطباء قد تقدم لهم ضيافة من الحلويات الغالية جداً لا يأكلون.
مرة سأله أحدهم: قال له: والله أنا أحبها أكثر منكم، لكن لكثرة ما أرى من الشرايين المسدودة أثناء العمل أكره هذا الطعام، يعني أنا أتمنى أن ننتبه إلى طعامنا، طعام بلادنا طيب جداً لكنه طعام يسبب متاعب صحية كبيرة جداً.
ذهبت إلى بلاد بعيدة، طعامهم خضروات مسلوقة، وقطع من اللحم قليلة وفواكه كثيرة، وسلطات كثيرة، يعني آن الأوان أن نعتني بصحتنا، وآن الأوان أن ننشئ أولادنا على العناية بصحتهم، الصحة ثلث حياة الإنسان، أنت عقل، وقلب، وجسم صحتك ثلث حياتك.
تسلسل النعم برأي سيدنا علي هي: نعمة الهدى فالصحة فالكفاية:
أيها الأخوة، الإمام علي رضي الله عنه، يعد تسلسل النعم على الشكل التالي نعمة الهدى أولاً، ونعمة الصحة ثانياً، ونعمة الكفاية ثالثاً، الهدى أولاً، والصحة ثانياً والكفاية ثالثاً.
إن أردتم أكثر من ذلك، الصحة واحد، المال أمامها صفر، عشرة، متزوج صفر ثان، مئة، عندك أولاد صفر ثالث، احذف الواحد التي هي الصحة، أصفار، ما قيمة المال ؟.
والله مرة كنت عند طبيب، جاءه اتصال هاتفي، يبدو أن المريض معه مرض مستعصٍ، قال له: أي مكان في العالم، وأي مبلغ، قال له: والله ما في أمل، ما قيمة المال ؟ وأنت مصمم لو اعتنيت بصحتك أن تعيش حياة مديدة بأعلى درجات الصحة، في طعام معين، في شراب معين، في حركة معينة، في تمرينات معينة، في مقبلات معينة، أنا لا أستطيع بهذه العجالة أن أعطيكم خلاصة المعلومات الصحية، لكن أنا أدعوكم إلى أن يكون في بيتكم كتاب صحي، كتاب في الغذاء الصحي، كتاب في خصائص المواد.
مرة طبيب قال أربع كلمات، أنا وجدت في هذه الكلمات الطب كله، قال: كُلْ كلّ شيء، قد لا تنتبه إلى أن بعض الأطعمة هي الأطعمة الوحيدة التي ترمم الغشاء المخاطي في الجهاز الهضمي، بعض الأطعمة غذاء للدماغ، بعض الأطعمة تعين على نظم القلب، بعض الأطعمة تعين على توسيع الشرايين، بعض الأطعمة تعين على سيولة الدم، لو أكلت كل شيء انتفعت من كل شيء، وطن نفسك، أي شيء تراه في السوق من خضروات اشتريها، أحببتها أم لم تحبها، كل كلّ شيء، وكل باعتدال، وابذل جهداً، وكن موحداً لئلا تصاب بشدة نفسية.
بطولة الإنسان أن يعيش عمره مستقراً سعيداً و نشيطاً:
صدقوا هذه الوصايا الأربع تجمع الطب كله، كل كلّ شيء، وأقلل من الطعام، وابذل جهداً كبيراً، ولا تحمل الأشياء فوق ما تستطيع.
(( خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدرها هَمّا ))
[ رواه الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه ].
(( فإنه من أخذ منها فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر ))
[ أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس ].
بطولتك أن تعيش هذا العمر حياة مستقرة، حياة سعيدة، حياة نشيطة.
الآن الدعاء الشهير، دعاء القنوت:
(( اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت ))
[أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن الحسن بن علي بن أبي طالب ]
شيء رائع جداً.
(( اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، واقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ))
[ صحيح عن الحسن بن علي]
والله هذا الدعاء جامع مانع
(( اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت ))
الدعاء الثاني:
(( اللهم ارزقنا العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ))
[أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمر ]
الوعي الصحي ضروري جداً في حياة كل إنسان:
الوعي الصحي أحياناً يدعوك أن تشتري لأولادك غذاء معيناً ينمي عظامهم، يعطيهم حاجاتهم الأساسية، وإلا تدفع مئة ضعف ثمن دواء، إياك أن تظن أنك إذا لم تشترِ هذا الغذاء الذي يحتاجه أولادك، توفر من إنفاقك، لا، دائماً عندنا شيء اسمه عقود إذعان يعني لا سمح الله ولا قدر ابن حرارته عالية جداً، يوجد اشتباه بالتهاب السحايا، يقول لك نريد تحليلاً، تحلل، ثمانية آلاف، اعمل تحليلاً معيناً، أو إيكو، أو مرنان، عقود إذعان كلها، تدفع عشرة آلاف، 30 ألف أحياناً باشتباه بمرض، فلو كان في عناية صحية، وغذاء متوازن.
فأنا أقول: إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطيك شيئاً، طبعاً هذا واجب قرآني، استمعوا إلى الدليل:
﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾
( سورة البقرة الآية: 233 )
بعض البلاد تعاني من مجاعة نوعية، لا مجاعة كمية، في طعام يملأ المعدة، في طعام ينمي العظام، في طعام ينمي العضلات، في طعام يقوي الذاكرة.
من كان عمله الذي يرتزق منه مشروعاً انقلب إلى عبادة:
كنا في الجامعة، حدثنا أستاذ علم النفس: أن أحدث أبحاث علم النفس أن هناك علاقة بين الذكاء والغذاء.
يعني الآن حينما تعمل عملاً متفوقاً، ولك دخل معقول، وتأتي بالطعام المناسب لأولادك، فأنت في عبادة، صدق ولا أبالغ، أنت حينما تعمل عملاً متقناً، العمل المتقن له دخل جيد، هذا الدخل أتاح لك أن تشتري طعاماً مناسباً لأولادك، ولأهل بيتك، أنت في عبادة، وأن تضع اللقمة في فم زوجتك هي لك صدقة، وأن تضع اللقمة في فم زوجتك يقاس عليها وأولادك هي لك صدقة.
أيها الأخوة، أتمنى عليكم أن نفهم هذه الحقيقة، كل عمل المؤمن عبادة، عادات المؤمن عبادات، يعني إذا ذهب إلى السوق واشترى طعاماً لأهله، فهو في عبادة، هؤلاء الأولاد من لهم غير أبيهم ؟ الآخرون أنت لهم وغيرك لهم، أما أولادك من لهم غيرك ؟ من لهم أن يعتني بصحتهم إلا أنت ؟ من يهتم بطعامهم وشرابهم وغذائهم ؟.
لذلك الصحابي الجليل الذي قال: حبذا المال أصون به عرضي، وأتقرب به إلى ربي.
أنت بالمال تصون عرضك، واعتقد يقيناً أن حرفتك، أو مهنتك، أو وظيفتك، أو عملك الذي ترتزق منه، إذا كان في الأصل مشروعاً، وسلكت به الطرق المشروعة، وابتغيت منه كفاية نفسك وأهلك، وخدمة المسلمين، ولم يشغلك عن واجب، ولا عن عبادة ولا عن فريضة، ينقلب عملك إلى عبادة.
على كل إنسان أن يتزود بثقافة طبية تعينه على دوام صحته:
لكن ينبغي أن أهمس في آذانكم همسة: إياكم أن تظنوا أن الطعام المفيد طعام غالي الثمن، أبداً، لو درستم ما في هذه المواد الرخيصة من فوائد لاحترتم في فوائدها، هناك كتب بالأسواق كل مادة غذائية مما ألفت ميزاتها، استطباباتها، حتى أنهم قالوا: خير الدواء ما كان غذاء، وخير الغذاء ما كان دواء، داوي نفسك بالطعام فقط، في بعض الحشائش مثلاً هذه المواد تخفض الضغط، وتوسع الشرايين، وتقوي القلب، وتميع الدم، ما اسم هذا ؟ الزنجبيل، أدوية القلب مجتمعة في الزنجبيل، يقوي ضربات القلب، ويوسع الشرايين، ويخفض الضغط، ويميع الدم، لو أن إنساناً يقتني كتاب كل مادة ماذا تنفعه في جسمه لأقبل على الطعام إقبالاً علمياً، هذا الطعام مفيد.
أنا أدعوكم في هذا اللقاء الطيب إلى ثقافة طبية، تعينكم أنتم على دوام صحتكم، وتعينكم على توجيه أولادكم، وعلى اختيار طعامكم، من الأنواع التي تنفع.
مرة ثانية، وثالثة، ورابعة أفضل أنواع الطعام هو أرخص أنواع الطعام، يعني مثلاً، هل تصدقون أن أفضل بروتين تأكله ليس اللحم، الحمص والفول، هذا أفضل بروتين نباتي، وأن الدول الغنية جداً التي تُكثر من أكل اللحوم أمراض قلبها ثمانية أضعاف عن الدول الفقيرة، أنا أعني ما أقول، أنا لا أدعوكم إلى البذخ، أو شراء طعام غالٍ.
الدين ليس بالمسجد الدين بتربية الأولاد و اختيار الأعمال التي تسعد بها:
هناك حديث الصحيح:
(( دِينار أنفقتَه في سبيل الله، ودِينار أنفقتَهُ في رقبة، ودينار تصدَّقْتَ به على مسكين، ودِينار أنفقتَهُ على أهلك، أعظَمُها أجراً الذي تنفقه على أهلك ))
[ أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]
ما قولك، من لهم غيرك ؟ أنت أبوهم، صحتهم مسؤوليتك، نموهم مسؤوليتك، أي إنسان عنده بنت أسنانها متراكبة، لم يهتم بها، أصبح عندها مشكلة، سببت لها عقدة وانصرف عنها الخطاب، إن دفعت بضعة آلاف لتقويم أسنانها وجعلتها تتمتع بثقة بالنفس وجاء خاطب أعجبته، ألست أباً صالحاً بهذه الطريقة ؟ أنتم تتوهمون أن الدين بالمسجد، لا، الدين بتربية الأولاد، الدين بعملك، بمكتبك، الدين بإدارة عملك، الدين في الطريق، الدين في الإنفاق، الدين في أصول الإنفاق، الدين في اختيار الأعمال التي تسعد بها أولاً فأول.
أحياناً بالبيت طاولة لها حرف حاد طفل يمشي مسرعاً، فاصطدمت جمجمته بهذه الزاوية الحادة، أصيب بعاهة دائمة.
كنت مرة ببلاد غربية، الأعمدة لها شريط فولاذ مضفور، مربوط في الأرض من أجل أن تثبت، لو أن طفلاً يركض وارتطم بهذا السلك، قد يسبب له مشكلة، مغلفة بأنابيب مطاطية ثخينة جداً، حفاظاُ على صحة الأطفال، أنا أشاهد أشياء في العالم الغربي تدل على وعي الناس لسلامة الأطفال.
فأحياناً هناك طاولات لها زاويا حادة، ومستواها منخفض بمستوى رأس الطفل أحياناً مندفع دون أن ينتبه ارتطم وجهه بهذه الزاوية الحادة، فانكسرت جمجمته، وتأثرت بها دماغه فأصبح مشلولاً.
فانتبه للأثاث، للكهرباء، للنوافذ، للمصاعد، أحياناً مصعد يفتح الباب لا شيء وراء الباب، حالات الوفاة كثيرة جداً بهذه الطريقة.
الدين هو الحياة:
على المؤمن أن يأخذ بالأسباب، وبعدها يتوكل على رب الأرباب، خذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، الدين هو الحياة، الدين أن تتمتع بصحة إلى نهاية عمرك، والدين أن توجه أولادك إلى قواعد في الصحة، في طعامهم، وشرابهم، ولباسهم، وحركتهم، والدين أن تعتني بمرافق البيت، هناك مرافق خطيرة، هناك مادة محترقة يجب أن تبعدها عن الأولاد، هناك أدوية لو شربها الطفل لمات، ينبغي أن تكون بعيدة، هذا جزء من دينك، أن تعتني بسلامة أولاد، أن تعتني بصحتهم، أن تعتني بمستقبلهم، أن تعتني بقوامهم، أن تعتني بأجسامهم، هذا جزء من دينك.
وفي لقاء آخر إن شاء الله نتابع هذا الموضوع.
والحمد لله رب العالمين
ساحة النقاش