المــوقـــع الــرســمى الـخــــاص بــ "د/ تــامر المـــــلاح"

"تكنولوجيا التعليم " الحاسب الألى " الانترنت " علوم المكتبات " العلوم التربوية " الدراسات العليا "

الفصام الشيزوفرينيا.. هل هي قدر المثقف الأصيل؟! ت 376    معدل الترشيح 0   
الكاتب:  أ.د قاسم حسين صالح مدونات مجانين
 

مع أن الطب النفسي تقدم كثيرا بفعل الإنجازات العلمية الهائلة للهندسة الوراثية وعلم الأعصاب والجينوم البشري إلا أنه لم يحل بعد لغز الفصام (الشيزوفرينيا). صحيح أن الخارطة البشرية التي تعد أهم إنجاز علمي يفتتح به القرن الواحد والعشرين توصلت إلى أن الجينات التي تسبب الفصام توجد في الكروموسومات(22،13،6،8،1) إلا أن هذه المورثّات تحمل آلاف الجينات، وقد يطول الزمن ولا يتم العثور على هذا الجين بين هذه الآلاف.

وليس هنالك جدل كبير حول العامل الوراثي للفصام، إلا أن هنالك فريقاً يحسم هذا الأمر بالجينات فقط، فيما يرى فريق آخر أن الحضارة هي السبب، ليس في منغصاتها فقط، بل وزيفها الذي لا يطيقه الإنسان الأصيل. والأصيل هنا هو الذي لا يمارس الزيف على نفسه، بما يعني أن الشيزوفرينا يصاب بها الأصلاء فقط!.. وإليك التفسير.

إن كل واحد منا لديه ( ذاتان - SELF ) ذات تمثل (أنا) الشخص، وهذه تكون أصيلة.. تتعامل مع الأشياء كما هي. فإن كنت تكره شخصا قلت له بوجهه (أنا أكرهك) حتى لو كان الملك أو السلطان. وهي ذات حقيقية لا تعرف الزيف.. تصرف انفعالات الحب والكره والغضب والسخرية... بمساراتها الطبيعية. وتطلق الأفكار من الرأس لتحلق في فضاءاتها كما الطيور في البساتين. فإن كنت لا تؤمن بالله قلتها حتى بوجه أكبر رجل دين، وإن كنت تؤمن به، قلتها حتى بوجه ستالين!.

والثانية (ذات اجتماعية) وهذه تكون مزيفة، بمعنى أن الشخص يقول ويتصرف وينفعل بما يرضي الناس. فإن كنت تكره (مديرك مثلا) فإنك تنهض له حين يزورك بمكتبك وتبتسم بوجهه وتسمعه ما يحب أن يسمعه، مع أن ذاتك الحقيقة تحتقره.

ولأنه لا يمكن للضديين أن يتجسد كلاهما في سلوك واحد، بزمان ومكان وموقف واحد، فإن الغالبية المطلقة من الناس فرض عليهم التعايش بالذات (الاجتماعية المزيفة).. إلا المصابون بالفصام فإنهم توصلوا إلى استراتيجية (مدهشه!) بعد حوار بين الذاتين: الحقيقية الأصيلة والاجتماعية المزيفة خلاصته.. واحد من خيارين: إما أن تتصرف بذاتك الاجتماعية وتكون مثل الناس وإما أن تجعل الناس مثلك يتصرفون بذواتهم الحقيقية. ولأنه غير قادر على تغيير الناس وجعلهم يتخلون عن ذواتهم الاجتماعية المزيفة، ولأنه مصرّ على التصرف بذاته الحقيقية، ولأن التوفيق بين هذين الضدين غير ممكن، فإنه توصل إلى هذه الاستراتيجية: أن يغادر واقع الناس ويخلق له واقعا خاصا به. وبانقطاعه عن عالمهم بدا لهم غريب الأطوار فنحتوا له وصف (المجنون).. فيما يرى نفسه أنه هو العاقل وهم المجانين!.

وحين تتأمل ذلك تجد أن في التفسير وجاهة. فأن يرفض الإنسان التنازل عن ذاته الحقيقية ويصرح بالحقيقة علنًا، لهو أعقل وأصدق من إنسان يزيف نفسه ليعيش في عالم مزيف.
ولأن المثقف هو الباحث عن الحقيقة، ورأسه خلية نحل من الأفكار الدوّارة بين زهور المعرفة لتستخلص منها عسل الحياة، فإنه أكثر الناس معاناة في الصراع بين الذاتين، الحقيقية والاجتماعية. ولأن الجهاز العصبي للإنسان ينهار إذا استمر الصراع، فإن المثقفين يحلّونه بطريقتين:
الأولى، تغليب الذات الاجتماعية على الذات الحقيقية، والقبول بشيء من المعاناة يتم التعامل معها بآليات تصريفية: (اكتئاب، تذمر، تدخين، شرب الكحول، علاقات عاطفية متعددة)....
والثانية، تغليب الذات الحقيقية على الذات الاجتماعية..ومن هذا الصنف يظهر المصابون بالفصام، وتحديداً: المثقفون الأكثر إصراراً على التمسك بذواتهم الحقيقية.

طبيعي أن هؤلاء قلّة. فإذا كانت نسبة الإصابة بالشيزوفرينيا في المجتمع بشكل عام بحدود 1% فإن نسبتها بين المثقفين تكون أقل من ذلك. ولكن عليك أن تعلم أن 50% من الراقدين في المستشفيات العقلية بالعالم هم من المصابين بالفصام. ومع أننا لا نعلم عدد المثقفين العرب المصابين بالفصام، من غير الذين نعرفهم كيف ماتوا وكيف انتهوا، فإننا نتوقع أن عددهم (المعلن والخفي) أكبر لثلاثة أسباب ذات علاقة بالفصام: لأن العرب أكثر خلق الله ممارسة لذواتهم الاجتماعية، ولأن واقع العرب هو الأكثر زيفا بالعالم، ولأن الشعر والأدب والثقافة أكبر ثلاثة أديان نشأت في أرض العرب!

المصدر: الكاتب: أ.د قاسم حسين صالح
tamer2011-com

م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 405 مشاهدة
نشرت فى 10 مارس 2012 بواسطة tamer2011-com

ساحة النقاش

م/ تامر الملاح

tamer2011-com
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,917,379

بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة

للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:

 

 عبر البريد الإلكتروني:

[email protected] (الأساسي)

[email protected]

 عبر الفيس بوك:  

إضغط هنا

(إني أحبكم في الله)


أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.