لا دخل لرضى الأفراد أو عدم رضاهم في ترتيب الأحكام الشرعية على أسبابها:
من كتاب/شرح نواقض الاسلام العشرة
لفضيلة الشيخ/عبدالرحمن شاكر نعم الله
وجدير بالذكر ،وما ينبغي أن يكون معلوماً أن ترتيب الأسباب لمسبباتها يكون بحكم الشارع، ولا دخل في ذلك لرضا الأفراد أو عدم رضاهم؛بمعني أن كل علامة ظاهرة جعلها الشارع الشريف أمارة على ثبوت حكم من الأحكام، فإن هذه الأحكام تترتب على أسبابها بحكم الشارع دون تعلق ذلك برضا الأفراد أو عدم رضاهم؛ فرضى الأفراد ليس شرطاً في ترتيب الأحكام، بل إن الأحكام الشرعية ترتبط بأسبابها ـ أو عللها ـ وجوداً وعدماً.
وقد ذكر أهل العلم الكرام أن ذلك أحد قواعد وأصول بناء الأحكام، وقد قيل في ذلك: (وترتب المسببات على أسبابها الشرعية، يكون بحكم الشارع، ولا دخل في ذلك لرضا المكلف أو عدم رضاه؛ فالشارع هو الذي جعل الأسباب مفضية إلى مسبباتها، سواء أرادها المكلف أم لا يردها، رضي بها أو لم يرضى بها.
فالابن يرث أباه، لأن البنوة سبب الميراث بحكم الشارع ووضعه، ولو لم يرده المورث أو رده الوارث.
والذي يعقد النكاح على أن لا مهر للزوجة أو لا نفقة لها أو لا توارث بينهما كان ما اشترطه لغواً لا قيمة له. لأن الشارع هو الذي حكم بترتيب هذه الآثار وغيرها على عقد النكاح، فيجب المهر للزوجة وتثبت لها النفقة، ويجري التوارث بينهما.
وهكذا بقية الأسباب، تفضي آثارها المقرر لها شرعاً، ولو لم يردها المكلف .
وهذه القاعدة المتعلقة بأصول بناء الأحكام هي بذاتها التي قضت بأن المتلبس بشيء من الشرك الأكبر أو الكفر المخرج من الملة يحكم له بالحكم الثابت في صلب هذه الشريعة لكل من صدر منه هذه الأفعال المناقضة لأصل هذا الدين، وهو الحكم المنصوص عليه في صحيح لفظ النصوص دون توقف ذلك على رضي الأفراد؛ كقوله تعالى:
﴿يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ﴾ [التوبة:74]
وكقوله تعالى: ﴿لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَآلُوَاْ إِنّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة:72]
وكقوله تعالى: ﴿لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ﴾ [المائدة:73]
ساحة النقاش