النقاط الرئيسية
مقدمة
ما هي الويب الدلالي؟
كيف تبدو الويب الدلالي؟
ما هي أهمية الويب الدلالي؟
العلاقات الوجودية في سياق الويب الدلالي؟
كيف يمكن للويب الدلالي المساعدة في المكتبات الرقمية؟
إمكانيات الويب الدلالي المتاحة لاستخدامها في المكتبات الرقمية؟
المراجع
مستخلص
كلما ظهرت تقنية جديدة في مجال تكنولوجيا المعلومات، يسعى العاملون في المكتبات إلى الاستفادة من تطبيقاتها في مجالهم، وقد ظهرت تقنية جديدة في محركات البحث ونظم استرجاع المعلومات وهي ما يطلق عليه ويب الدلالي Semantic web، وهو ثورة جديدة في مجال محركات البحث وتطور أدوات استرجاع المعلومات من الشبكة العالمية الإنترنت، ومن إحدى تطبيقاته الهامة بناء المكتبات الرقمية باستخدام قدرات ويب الدلالي، وهذا ما سنتعرف عليه في تلك السطور.
الاستشهاد المرجعي بالبحث
رجب عبد الحميد. تقنيات الويب الدلالي للمكتبات الرقمية .- cybrarians journal .- ع 14 (سبتمبر 2007) . - تاريخ الاتاحة < اكتب هنا تاريخ اطلاعك على الصفحة > . - متاح في : http://www.cybrarians.info/journal/no14/semantic.htm
مقدمة
لقد اعتدنا أن تكون المكتبات هي المصدر الرئيس للمعلومات بالنسبة للمستفيدين العاديين، ولكن في ظل عصر العولمة وما نشهده من ثورة في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، وما أفرزته من تطورات، لم يسلم منها شيء في مجتمعنا المعاصر، وخاصة في مجال المكتبات، وقد تطورت فلسفة المكتبات من خاصية التملك وإلزام المستفيدين بالذهاب إليها، إلي جعل سياسة المكتبات الوصول إلى المستفيد أينما كان وفي أي وقت، وهذا ما تقدمه شبكة الويب World Wide Web (WWW) التي تعتبر الآن من المصادر الغنية بما تحويه من الكتب والمواد السمعية والبصرية وغيرها من مصادر المعلومات المختلفة التي تم تحويلها إلى الشكل المرقمن، وأصبحت كلها متاحة علي شبكة الويب من خلال المكتبات الرقمية، ولكن هل يمكن لنا أن نتصور كيف يكون الحال لو أن محتويات تلك الشبكة أو بياناتها المهمة على الأقل أصبحت قابلة للتعامل معها و الوصول إليها و البحث فيها من قبل الحواسيب، وليس من قبل المستخدمين للحواسيب فقط؟
وبتحقق ذلك يمكن لهذه الحواسيب أن تقوم بعملية غربلة وتصنيف وتجزئة وتجميع هذه الكميات الهائلة من المعلومات أو محتويات الشبكة، لتقدمها لنا كمستخدمين في طريقة مؤرشفة ومرتبة بطريقة يصعب علينا كبشر إنجازها، وهذا بالضبط ما يمكن أن يقوم به الويب الدلالي Semantic Web.
إن الويب الدلالي فرصة مثيرة للباحثين للوصول إلى المعلومات المطلوبة في ظل التزايد المستمر في حجم المعلومات المنشورة على شبكة الانترنت، فيمكن القول أن الويب الدلالي أحدث ثورة في عالم استخدام المتصفحات Internet Browsers في البحث على شبكة الإنترنت.
أما المكتبات الرقمية فيمكننا تعريفها على أنها عبارة عن مجموعة من مواد المعلومات الإلكترونية أو الرقمية Digitalالمتاحة على نادل المكتبة Serverويمكن الوصول إليها من خلال شبكة محلية Local Network أو عبر الشبكة العنكبوتية، أو أنها مجموعات منظمة من المعلومات و البيانات الرقمية.
وفي أيامنا هذه نجد الكثير من مصادر المعلومات والبيانات قد أصبحت متاحة على شبكة الإنترنت، ومن ثم تقوم المكتبات ومراكز المعلومات بتحويل مجموعاتها الورقية التي تملك حقوقها المادية والفكرية، كما تقوم هذه المكتبات بالمشاركة في المصادر المتاحة على شبكة الانترنت مع مكتبات رقمية أخرى، وتقوم فلسفة عمل المكتبات الرقمية على المشاركة في مصادر المعلومات وإتاحتها وذلك لتوسيع قاعدة المستفيدين منها ومن خدماتها، حتى أضحت هذه المكتبات أشبه بجزر هائلة من البيانات والمعلومات المنظمة في بحور الإنترنت، ولذا أصبح لزاماً على القائمين على هذه المكتبات أن يقوموا بمواجهة مهامهم في تنظيم هذا الكم الهائل من المعلومات، و يكمن التحدي الأكبر الذي يواجه المكتبات الرقمية في علمية تنظيم هذه المجموعات من المعلومات والبيانات بصورة تسهل عملية البحث فيها والوصول إليها، وهنا تكمن أهمية الويب الدلالي في تغيير النظرة إلى المكتبات الرقمية، حيث يقدم الويب الدلالي معايير مفتوحة تستطيع من خلالها المكتبات الرقمية التحكم في عمليات البحث من خلال التحكم في الكلمات المستخدمة في عملية البحث، وتحسين عملية تكشيف محتويات مصادر المعلومات، وذلك من خلال استخدام مجموعة من التقنيات و التطبيقات الحديثة ولغات البرمجة الخاصة مثل RDF، XML، XHTML، OWL.
و نحاول في هذه الورقة معرفة ما هو الويب الدلالي Semantic Web، و ما هي تطبيقاته التي يمكن الاستفادة منها في قطاع المكتبات بصفة عامة، والمكتبات الرقمية Digital Libraries بصفة خاصة، و ذلك لتحقيق مستوى أفضل من الخدمات على كل المستويات.
ما هي الويب الدلالي؟
ويب الدلالي هو رؤية وفكرة مخترع شبكة الويب WWW السيد "تيم برنارز لي Tim Berners-Lee"، ويهدف من ورائها إلى جعل ويب الدلالي وسيط عالمي لتبادل المعلومات والبيانات والمعارف البشرية، وهناك العديد من المصطلحات التي أطلقت أو تُرجم إليها المصطلح Semantic Web ومنها ويب الدلالي، أو، ويب السيمانطيقي، أو، ويب ذي الدلالات اللفظية.
وعندما نأتي لتعريف ما هو ويب الدلالي، ونبدأ بتعريفه اصطلاحياً نجد أن قاموس ومعجم W3C قد عرفه بأنه "شبكة بيانات بالمعنى، أي أنه يمكن للبرامج الحاسوبية الخاصة أن تعرف ماذا تعني هذه البيانات"[i]. ونجد أن هناك من عرفه بأنه إطار مشترك يعمل على إتاحة تبادل البيانات وإعادة استخدامها عبر التطبيقات والمؤسسات المختلفة[ii]. وشبكة ويب الدلالي هي نتاج تعاون ومجهود عدد كبير من العلماء والتقنيين في مجال تقنية المعلومات وشبكة الإنترنت وذلك تحت مظلة منظمة W3C أو رابطة الشبكة العالمية (World Wide Web Consortium) والتي تعمل على إيجاد ووضع قواعد ومواصفات ومعايير للويب وتطوير تكنولوجياته الحالية.
ومن هذه التعريفات وغيرها، يمكن القول أن الشبكة الدلالية أو ويب الدلالي هو ثورة جديدة في عالم الويب ومتصفحات الإنترنت، وتهدف هذه الشبكة حسب رؤية منشئها و منشئ الويب WWW إلى تحويل الكم الهائل من البيانات ومصادر المعلومات المتاحة على الشبكة العالمية من مجرد وحدات مكون من صفر و واحد (نظام البتات) إلى بيانات مفهومة من قبل برامج الحواسيب التي تنشأ خصيصاً لهذا الهدف.
وسوف يفيد هذا بالطبع في عمليات استرجاع المعلوماتInformation Retrieval من الشبكة العالمية بصفة عامة، وسيعود هذا طبعاً بالفائدة الكبيرة على قطاع المكتبات و المعلومات، والتي سوف تتأثر قطعاً بهذه الثورة في تقنيات استرجاع المعلومات وتقديم خدمات راقية للمستفيدين منها اعتماداً على هذه التقنية.
وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف المرجوة يعتمد ويب الدلالي على مجموعة من الأدوات التي تساعد في تحقيق ذلك وهي لغات البرمجة المتقدمة مثل XML (Extensible Markup Language) أو لغة الترميز الموسعة، وخرائط المفاهيم أو الوجوديات Ontology، والمعيار العام لوصف المصادرRDF schema (Resource Describe Framework)، ولغة انطولوجيا الويب (Ontology Web Language) OWL.
كيف تبدو الويب الدلالي؟
يقول "بيرنيرز لي" في إحدي مقالاته واصفاً الويب الدلالي[iii]، أنه محاولة لتطوير لغة للتعبير عن المعلومات والبيانات في شكل قابل للقراءة والمعالجة آلياً، والفهم ليس فقط من قبل البشر، بل من قبل الآلات أيضاً (الحواسيب)، وتعتبر لغة XML و XHTML واللغات المتطورة الأخرى هي نقاط بدء جيدة لإنجاز هذا العمل.
تتألف الويب الدلالي من نماذج بيانات Data Model تدعى إطار وصف المصدر Resource Description Framework واختصاراً RDF ، فضلاً عن العديد من تنسيقات تبادل البيانات مثل RDF/XML و N3 و Turtle و N-Triples ، إضافة إلى مخططات العلاقات مثل RDF Schema واختصاراً RDFs ، ولغة وجودية الويب Web Ontology Language أو OWL التي تسهل عملية توصيف المفاهيم والمصطلحات والعلاقات ضمن مجال معين.
من هنا يمكننا القول أن شبكة ويب الدلالي Semantic Web ما هي إلا امتداد لشبكة الويب الحالية WWW، لكنها تتميز عنها بأنها تقدم معلومات محددة ودقيقة في نتائج البحث، وكذلك تمكن الحواسيب أو بالأحرى برامج الحاسوب من العمل بشكل تفاعلي وتعاوني مع البشر، فشبكة ويب الدلالي تبدو وكأنها مجموعات شبكات متدخلة مع بعضها البعض وتضم الفيض الهائل من المعلومات والبيانات والتي تم تجهيزها وإعدادها بصورة آلية وأرشفتها بصورة دقيقة جداً من قبل برامج متخصصة، تعتمد على الاستفادة من تكنولوجيا وإمكانات الذكاء الإصطناعي في تيسير عمليات البحث واسترجاع المعلومات، وبما أن هذه التكنولوجيا ما زالت قيد البحث والتطوير والتجارب المبدئية، فإن الرؤية المستقبلية لها تبشر بالكثير من الخدمات التي ستعتمد على تطوير هذه الأدوات.
ما هي أهمية الويب الدلالي؟
لعله يتبادر إلى الذهن أن نسأل ما هي أهمية تكنولوجيا الويب الدلالي؟ و لماذا كل هذا الاهتمام بتطويرها والأبحاث التي تبذل في هذا المضمار الجديد؟ للإجابة عن هذه التساؤلات ليس بمقدورنا إلا أن ننقل الحديث على لسان المسئول عن ويب الدلالي – تيم بيرنرز لي- حيث يقول عندما سُئل لماذا نحن بحاجة لهذه الويب وعندنا جوجل Google التي لم تبقي ولم تذر وتستطيع أن تجيب على جميع أسئلتنا واستفساراتنا بنتائج بحث متقدمة ...فقال "تيم" "صحيح أن جوجل هي أداة رائعة للبشر ولكنها لا تخدم الآلة ... ودعوني أوضح لكم التالي الويب الآن بصورته الحالية مفهومة لنا نحن بني البشر ولكنها بالنسبة للآلات عبارة عن صفحات ممثلة بصفر و واحد لا تعني لها شئ، إن ما نريده من الويب ذات الدلالات اللفظية أن تجعل الآلة أيضاً تفهم ماذا تعني محتويات صفحة ما في الويب وماذا تعني الروابط في الصفحة ..إذا قمنا بذلك يمكن لبرامج المستقبل أن تعطي نتائج ذكية وأن تخدم احتياجاتنا مدعمة بنوع من الذكاء الاصطناعي"[iv]، و بعد هذا الكلام لـ"تيم" ليس هناك ما يقال عن هذا الموضوع فكما يقال "أهل مكة أدرى بشعابها"، فعندما نقرأ كلماته أو أي مقاله من مقالاته في هذا الموضوع سنجد عند الرجل تصور كامل ودقيق جداً لما سيكون عليه ويب الدلالي أو أنه منذ تصميمه لشبكة الويب الأولى WWW لديه التصور الكامل لهذه التطورات.
ما هي العلاقات الوجودية Ontology في سياق الويب الدلالي؟
الأنطولوجيا .. هناك العديد من التعريفات لهذا المصطلح والتي وردت في أدبيات العلوم المختلفة، والعلاقات الوجودية أو الوجوديات يقصد بها الأنطولوجيا Ontology وهي نسبة إلى علم الفلسفة، ويقصد بها هنا خرائط المفاهيم، ويعرفها معجم W3C Glossaries بأنها "جمع المعلومات بصفة عامة، بما في ذلك المعلومات عن فئات وخصائص معينة" [v]، كما أنه يعرفها في ذات السياق بأنها "المعلومات الواردة في وثيقة ما".
وتكمن أهمية هذه العلاقات الوجودية في أنه عن طريق تخليق هذه العلاقات أو ما يسمى بالوجوديات Ontology يمكن تحقيق ويب الدلالي، وهذه الخرائط ما هي إلا عبارة عن تمثيل للمفاهيم الموجودة في مجال معين أو وثيقة معينة وعلاقتها ببعضها البعض، ويتم تمثيل هذه الخرائط أو العلاقات بلغة RDF، كما يمكن ذلك أيضاً عن طريق اللغة الأحدث OWL و التي تنبثق عن الـ Ontology وتسمى هذه اللغة بلغة وجودية الويب Web Ontology Language.
كيف يمكن للويب الدلالي المساعدة في المكتبات الرقمية؟
لكي يمكننا الإجابة على هذا السؤال، لابد وأن نعرف أولاً ما المكتبة الإلكترونية؟ وما هو المقصود منها والهدف من إنشاء مثل هذه المكتبات؟
أولاً: مفهوم المكتبات الرقمية.
لقد ظهرت الحاجة إلى هذا النوع من المكتبات في ظل الازدياد المتنامي في الإنتاج الفكري المنشور على المستوى العالمي والذي جعل من الصعوبة بمكان، إن لم يكن من المستحيل أن تقوم مؤسسات المكتبات والمعلومات بدورها المنوط بها بشكل جيد من عمليات البحث المستمر عن الإنتاج الفكري الجديد و اقتناءه وكذلك القيام بما يتطلبه من عمليات فنيه وإتاحته للمستفيدين، خصوصاً في ظل نقص الإمكانيات المادية والبشرية لقيام المكتبات، وكذلك صعوبة توفير المعلومات بالسرعة التي أصبحت من متطلبات هذا العصر "عصر الإنترنت"، ويتوازى مع ذلك أيضاً ذلك النمو المتسارع في تكنولوجيا الاتصالات Communication Technologies ، فأصبح من الملح والمفيد الاستفادة من هذا التقدم، حيث أصبح ممكناً توفير المعلومات الحديثة جداً للمستفيدين في أي وقت يريدونها وفي أي مكان يكونوا فيه، وهذا دون عناء منهم، بل القليل من الجهد في البحث Search معوجود جهاز حاسوب Computer ووسيلة اتصال بالشبكة العنكبوتية Internet، مما أدى إلى ظهور العديد من المصطلحات الجديدة في مجال المعلومات والمكتبات مثل المكتبة الإلكترونية Electronic Library، والمكتبات الافتراضية Virtual Libraries، مكتبات بلا جدران Libraries Without Walls، ومراكز إدارة المعلومات Information Management Centers ، ومكتبات سطح المكتب Desktop Libraries ، والمكتبات الشبكية Networked Libraries ، والمراكز العصبية Nerve Centers ، والمكتبات الإلكترونية Electronic Libraries، هذا فضلاً عن المكتبات الرقمية Digital Libraries [vi] ولا شك أنه من الصعب التفرقة بين كل هذه التسميات السابقة، ولكن يمكن القول بأن كل هذه المكتبات تقوم على فكرة الاعتماد على استخدام أحدث ما توصلت إليه تقنيات المعلومات والاتصالات وأعمال الحوسبة والبرمجة، وينصب اهتمامها على فكرة الإتاحة Access والخدمة Service.
ومما سبق من تعريف للمكتبات الرقمية نجد بأن هناك مجموعة من التعريفات قد أورد جزءاً كبيراً منها الدكتور عبد الرحمن فراج في مقاله مثل[vii]: المكتبات الرقمية digital library ، واختصارًا d-lib ، هي مجموعة من مواد المعلومات الإلكترونية أو الرقمية digital ، المتاحة على نادل المكتبة server ، ويمكن الوصول إليها من خلال شبكة محلية أو على المشاع عبر الشبكة العنكبوتية، كما يري بورحمان [viii] أن المكتبات الرقمية ما هي إلا أشكال حديثة من نظم استرجاع المعلومات أو نظم المعلومات التي تدعم إنتاج المحتوى الرقمي والإفادة منه والبحث فيه، وهناك الكثير من التعريفات الأخرى لما يعرف بالمكتبة الرقمية، كما أن هناك من يُفرق بين المكتبة الرقمية والمكتبة الإلكترونية، فقد ذكرت الأستاذة مسفرة بنت دخيل الله الخيثمي في مقالتها عن المكتبات الإلكترونية[ix]، أن بالمكتبة الرقمية تختلف عن المكتبة الإلكترونية في أنها تعتمد في مفهومها على فكرة تخزين المعلومات والبيانات فيما يسمى بالمكتبات الرقمية، وتوفير الوسائل والإمكانيات التي توفر سهولة الوصول إلى تلك المعلومات والخدمات التي يقدمها مثل هذا النوع من المكتبات، وذلك عن طريق توفير طرفيات Terminals أو مداخل عن بعد Remote Access، والتي يمكن للمستفيد عن طريقها الحصول على المعلومات والبيانات من مصادرها الرقمية، وكذلك إمكانية استخراجها على وسائط أخرى كالورق أو أي وسيلة تخزين أخرى من أي مكان على مستوى العالم.
من كل ما سبق يمكن القول أن المكتبة الرقمية أو أي من المسميات الأخرى ما هي إلا شكل من أشكال اقتناء واختزان مصادر المعلومات في شكل معين، وتوفير الأدوات التي تساعد في الوصول إلى هذه المعلومات في مصادرها الجديدة –الإلكترونية والرقمية- بشكل سريع ومن أي مكان في العالم، وهي في سبيل ذلك تعمل على تقديم خدمات متميزة للمستفيدين والباحثين عن المعلومات.
وتعتمد المكتبات الرقمية في عملية تنظيم محتوياتها الإلكترونية على نفس فكرة تصنيف المواد أو مصادر المعلومات العادية من حيث التفريع من العام إلى الخاص إلى الأخص، لتسهل على المستخدمين لها-المتصفحين-الإبحار في خضم أمواج هذا البحر المتلاطم من البيانات و مصادر المعلومات مترامية الأطراف، أي أنها تستخدم نفس طرق تصنيف مصادر المعلومات في المكتبات العادية كأن يتم تصنيفها بواسطة خطة تصنيف ديوي العشري DDC أو خطة التصنيف العشري العالمي، ولكن مع اختلاف في المكتبات الرقمية كونها لا تضع أرقام تصنيف أو رموز مثل التي تستخدم في المكتبات العادية على أكعاب الكتب على الأرفف، ولنا في محركات البحث مثل Yahoo أو Google مثالاً لتلك التصنيفات، ويتم ذلك التصنيف إما يدوياً أو آلياً، و يأتي بعد ذلك أهم العمليات أو التي تهمنا هنا على الأقل وهي عملية البحثSearch والاسترجاع Information Retrieval من المكتبات الرقمية، وتقوم فكرة البحث والاسترجاع في المكتبات الرقمية على نفس فكرة البحث والاسترجاع من محركات البحث المذكورة سابقاً، حيث تقوم هذه المحركات أولاً بتجميع الصفحات المتاحة على الانترنت بواسطة البرامج الآلية المختصة بذلك، ثم القيام بتكشيف الكلمات الواردة في هذه الصفحات، ولكن يجب القول هنا أنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن تقوم هذه المحركات بتكشيف كل كلمة ترد في صفحات الإنترنت، ولكنها تقارب من تكشيف الجزء الأكبر منها، ولعل ذلك يفسر لنا طبيعة النتائج التي نحصل عليها عند البحث في الإنترنت عن موضوع ما والتي لا يمكن القول بحال أنها تمثل النتائج الصحيحة بالكلية، بيد أنه من المؤكد أن محركات البحث Search Engines و استراتيجية البحث فيها هي من الأدوات الهامة التي تساعد الباحثين في الحصول على المعلومات من مصادرها على الإنترنت، موفرة الوقت والجهد للباحثين وتجنبهم الغرق في بحور معلومات الإنترنت.
و إذا أردنا أن نقيم بشكل بسيط المكتبات الرقمية، نجد أن لها العديد من المميزات، و لها –كما لغيرها من بعض المساوئ-فلنذكر بعض من الجانبين فيما يلي.
فالمكتبة الرقمية تتميز بعدة خصائص تجعلها بالفعل أداة مساعدة متميزة في عمليات البحث العلمي على المستوى العالمي، ويكفي القول أن المكتبات الرقمية هي التي تذهب بالمعلومات إلى الباحثين أينما كانوا وفي أي وقت شاؤا، أو بمعنى آخر إن المكتبة الرقمية موجودة بمجرد وجود جهاز الحاسوب المتصل بشكل ما بالشبكة العنكبوتية، كما أن بنية هذه المكتبات كونها شبكة متصلة من الحاسبات، يمكنها من الاستفادة بقدرات وقوة الحاسبات في عمليات التخزين غير المحدودة، وكذلك السرعة في التصفح واسترجاع المعلومات، وفرصة إتاحة هذه المعلومات على مدار الساعة وبدون انقطاع أو أجازات كما يحدث في المكتبات التقليدية، أضف إلى ذلك سهولة التحديث في البيانات والذي لا يحتاج إلى خروج طبعات أخرى من أوعية المعلومات وما يصاحبه من إرهاق مادي وفكري لمؤسسات إنتاج أوعية المعلومات، كما أنها –أي : المكتبات الرقمية- تعمل على إيجاد الحلول للعديد من المشكلات التي تواجه إقامة مؤسسات المكتبات ومراكز المعلومات العادية والتي تحتاج إلى التكاليف لإقامة المباني واقتناء المواد والتجهيزات والموارد البشرية للتنظيم والحفظ، وكذلك استحالة استيعاب جميع المستفيدين وتقديم الخدمات لهم في أي وقت، و غيرها الكثير من المميزات والتي جعلت المكتبات الرقمية من الوسائل التي تعمل على الارتقاء بالبحوث العلمية على المستوى العالمي، فضلاً عن إسهاماتها في المحافظة على التراث الفكري الإنساني من الضياع و العمل على بلورة وسائل جديدة ومميزة من صور ووسائط حفظ التراث الإنساني القديم والحديث -على حد سواء- من الضياع والاندثار كما حدث لكثير من أمهات الكتب والعلوم في الماضي، والحاضر القريب.
وبعد كل هذا الإسهاب في مميزات و قدرات المكتبات الرقمية، فهل يمكن القول أن المكتبات الرقمية خالية من العيوب، أو لا يوجد مشاكل مصاحبة لها؟
نقول: اكتنفت المكتبات الرقمية عدد من المشكلات يذكرها الدكتور عبد الرحمن فراج[x] في مقاله، منها مشكلة التقادم التقني Technological Obsolescence، وذلك على مستوى الأجهزة Hardware والبرمجيات Software، حيث تتقادم إمكانيات أجهزة الحاسوب وكذلك برمجياته بسرعة نظراً للتطورات التي تحدث كل يوم في مجال الأجهزة والبرمجيات على مستوى العالم، كما تبزر مشكلة الحقوق الفكرية لمالكي المعلومات الأصلية أو مصادر المعلومات المرقمنة سواء تلك التي تم تحويلها من مصادر معلومات تقليدية إلى أخرى مرقمنة أو تلك التي أنشئت أصلاً في الصيغة المرقمنة، وهذه المشكلة تتمثل في ضعف التحكم في هذه المعلومات من قبل مالكي الحقوق الفكرية وصعوبة إدارة هذه الحقوق بصورة فعلية، كما أن ارتفاع التكاليف المادية نسبياً في إنشاء المكتبات الرقمية يعد من المشكلات التي تواجه انتشارها وخاصة في الدول الفقيرة و غير المتقدمة تكنولوجياً أو ما يسمى بدول العالم الثالث أو المتخلفة، وكذلك مشكلات التكامل بين المكتبات الرقمية المختلفة وبرمجيات الحلول Software Solutions المتعلقة بها.
أما المشكلة الأهم والتي دعت إلى ظهور برمجيات أو أفكار مثل ويب الدلالي و تطبيقاته، فهي مشكلة الزيادة المتدفقة والسريعة جداً في اقتناء المعلومات والبيانات في أشكالها الإلكترونية والرقمية المتعددة والتي ظهرت حديثاً، وفي الوقت ذاته تظل أساليب إدارة وتنظيم هذه المعلومات وطرق الوصول إليها تعد متخلفة بالنسبة وقديمة نسبياً، حيث لا تزال وكما ذكرنا سابقاً معظم حلول الاسترجاع أو طرق الوصول إلى المعلومات على شبكة الإنترنت عموماً -و منها بالطبع المكتبات الرقمية والمواد الرقمية- لا تزال تعتمد في الغالب الأعم على مكانز بسيطة أو كشافات الكلمات الدالة البسيطة، و الاستفسارات ذات السمة العلائقية Relational Queries، أي أننا بحاجة إلى تطوير الأدوات والعوامل الموصلة إلى هذه المعلومات بسهولة وسرعة، حتى يتناسب محتوى هذه المكتبات من معارف ومصادر معلوماتية مع أدوات الوصول إليها والحصول عليها، هي مشكلة استرجاع المعلومات Information Retrieval ، وهذا ما جعل البعض يردد مقولة أحسبها هامة جداً هنا، وهي "نحن نحتاج إلى المزيد من التقنيات التي تساعد على البحث. فقد كرسنا الجهود في إنشاء المكتبات الرقمية أكثر مما كرسناها في تطوير الأدوات اللازمة لاستخدام هذه المكتبات بشكل فعال".[xi]، ولعل هذه المقولة تعبر بالضبط عن الهدف الذي من أجله قامت الأبحاث والدراسات على شبكة الويب الحالية لتطويرها وعمل ويب الدلالي والتي سوف نستفيد من تطبيقاتها في كل المجالات المتعلقة بالبيانات أو المعلومات الرقمية المخزنة على الإنترنت، وذلك في مجال تنظيم واسترجاع المعلومات والبيانات الرقمية، ومن بين هذه المجالات بالطبع مجال المكتبات والمعلومات بصفة عامة، ومجال المكتبات الرقمية واسترجاع المعلومات ومحركات البحث بصفة خاصة.
إمكانيات الويب الدلالي المتاحة لاستخدامها في المكتبات الرقمية؟
تعمل المكتبات الرقمية على الوصول إلى الكميات الهائلة من محتويات الوثائق الرقمية المتاحة على شبكة الإنترنت، وبالطبع فإن محتويات هذه الوثائق مستخرجة من مقتنيات المكتبات التقليدية، ويعد الهدف الرئيس للمكتبات الرقمية هو إتاحة مصادر المعلومات في هذه المكتبات لأكبر عدد ممكن من المستفيدين وتقديم خدماتها لقطاع عريض من مستخدمي ومرتادي هذه المكتبات، فتعمد تلك المكتبات الرقمية إلى تصوير محتويات الكتب والدوريات وغيرها من مصادر المعلومات، سواء عن طريق قوائم المحتويات *******sأو النصوص الكاملة Full Text، ومن ثم الاستفادة من مميزات تكنولوجيا المعلومات والقدرات الحاسوبية الهائلة المتاحة في التغلب على الصعوبات التي يمكن أن تواجه القدرات البشرية في عمليات اقتناء وجمع وتجهيز وفرز وتخزين هذا الكم الهائل من المعلومات والبيانات في شكلها الرقمي الجديد.[xii]
إذاً فالمكتبات الرقمية تواجه العديد من التحديات في سبيل عملية إدارة هذا المخزون الهائل من محتوى المصادر الرقمية، والذي يتدفق بسرعة كبيرة يوماً بعد يوم عن الإنتاج الفكري للعلماء في مختلف أنحاء العالم وفي شتى المجالات الفكرية والعلمية، وهي –المكتبات الرقمية-في سبيل مواجهة هذه التحديات تعمل على إيجاد الحلول التقنية والتكنولوجيا الحديثة كل يوم في محاولة لتضييق الهوة بين ما يتم إنتاجه من المعلومات والبيانات ومع ما يمكن اقتناؤه وتنظيمه وبالتالي إتاحته للمستفيدين مرة أخرى وهو ما يسمى بالحداثة والجدة في المعلومات.
وحتى وقت قريب جداً كانت أفضل الطرق لتنظيم هذا الكم الهائل من البيانات والمعلومات في المحتوى الرقمي هو تنظيمها بشكل متسق كما يحدث في معظم محركات البحث الحالية المتاحة للبحث في معلومات شبكة الإنترنت، وبالفعل فمعظم هذه المحركات تتبنى فكرة التنظيم الهرمي كخطط التصنيف، بيد أن النمو الهائل المستمر في محتويات شبكة الإنترنت من المعلومات والبيانات جعل من الصعب بمكان أن تكون مثل هذه الطريقة هي الطريقة الأمثل لتنظيم واسترجاع هذا الكم الهائل من المحتوى الفكري على شبكة الإنترنت[xiii]، ورغم أن معظم محركات البحث Search Engines تستخدم تكنولوجيا فائقة ومجموعة من الخوارزميات المنطقية Sophisticated Algorithms مثل Page Rank، غير أنها و في أغلب الأحيان لا تعطي معلومات عالية الجودة في نتائج الاسترجاع الناتجة عن البحث فيها، و هذا ما تركز عليه تطبيقات ويب الدلالي Semantic Web، حيث سيكون إحدى تطبيقاته وأولياته حل مشاكل إدارة موارد المعلومات على شبكة الإنترنت.
فإن أحد التطبيقات الناتجة عن ويب الدلالي هو العمل على السماح بعمليات وصف الموضوعات والبيانات وتخزينها، وتأسيس الخطوط العامة لما يسمى بخرائط التدفق أو الأنطولوجيات Ontology، فالهدف الرئيسي من تطبيق تكنولوجيات ويب الدلالي في مجال المكتبات والمعلومات هو إتاحة قابلية التشغيل المتبادل، أي سهولة تبادل المعلومات والبيانات بين أكبر عدد من المستفيدين، كالقدرة على إتاحة البيانات والمعلومات الرقمية بصورة جيدة و توزيع هذه البيانات عبر أماكن التخزين المختلفة على شبكة الإنترنت أو أماكن تخزينها في المكتبة الرقمية.
و بهذه الطريقة يمكن تطبيق تكنولوجيا ويب الدلالي في المكتبات الرقمية و التي تتضمن العديد من واجهات الاستخدام User Interface، و الواجهات التفاعلية بين الحواسيب و الإنسان Human-computer Interaction (و هي تتيح عرض المعلومات و البيانات و رؤية و تصفح مجموعات البيانات الرقمية)، و حسابات المستفيدين User Profiling (و التي تتضمن حرية التحرك للمستخدم في مساحة معينة من البيانات و التحكم فيها)، الخصوصية Personalization (و التي تتضمن الموازنة بين الفردية و العمومية في التخصيص)، واجهات المستفيدين.
وخلاصة القول:
إن ويب الدلالي يعمل على زيادة كفاءة استرجاع المعلومات من الشبكة العنكبوتية، من خلال الارتقاء بنظم واستراتيجيات البحث واسترجاع المعلومات المستخدمة في بناء محركات البحث، واستغلال التطورات المستجدة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والذكاء الاصطناعي والقدرات الهائلة لشبكات الحواسيب في عمليات معالجة مصادر المحتوى الرقمي المتاح على شبكة الإنترنت، وكذلك إيجاد التطبيقات الملائمة للارتقاء بتكنولوجيات بناء المكتبات الرقمية والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة من هذا النوع الجديد من المكتبات.
ومع أن هذه التطبيقات ما زالت قيد البحث والتجريب ولم تخرج بالكلية إلى واقع التطبيق الفعلي والعملي، فضلاً عن ما يكتنفها من غموض في كيفية التطبيق والاحتياجات المادية والتقنية والبشرية اللازمة لمثل هذه التطبيقات، ومدى ملائمة مثل هذه التطبيقات للتطبيق الفعلي في البيئة العربية وقيام مكتبات رقمية عربية باستخدام تكنولوجيات الويب الدلالي.
بالرغم من كل هذه التكهنات نجد عدد من المؤسسات أخذت على عاتقها تبني تطوير مثل هذه التكنولوجيات والتطبيقات، بل ومن هذه المؤسسات من بدأ بالفعل ببناء مكتبات رقمية باستخدام وتطبيق تكنولوجيات الويب الدلالي، وهذا ما سنتعرف عليه إن شاء الله بالتفصيل في مقالات قادمة ... إن كان في العمر بقية!!
الهوامش
--------------------------------------------------------------------------------
[i] W3C Glossary and Dictionary; Visited 30-3-2007.
http://www.w3c.org.ma/Glossary/glossar
[ii] Semantic Web; Visited in 13-4-2007
http://www.w3.org/2001/sw/
[iii] Tim Berners-Lee; Semantic Web:Road Map ; Visited in 1-4-2007http://www.w3.org/DesignIssues/Semantic.html
[iv] ويب ذات الدلالات اللفظية. (2006, ديسمبر 17). ويكيبيديا, الموسوعة الحرّة. Retrieved 10:29, أبريل 30, 2007 from
http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=
%D9%88%D9%8A%D8%A8_%D8%B0%D8%
A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9
%84%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA_%D8%
A7%D9%84%D9%84%D9%81%D8%B8%D9%8A%
D8%A9&oldid=431616 ; تمت زيارة الموقع في 18-4-2007.
[v] W3C Glossaries; http://www.w3.org/2003/glossary/keyw...words=ontology
[vi] عبد الرحمن فراج. مفاهيم أساسية في المكتبات الرقمية. - المعلوماتية. - ع. 10. [تمت زيارته في 20-3-2007. متاحة أيضاً على الرابط:
http://informatics.gov.sa/magazine/modules.php
?name=Sections&op=viewarticle&artid=101
[vii] عبد الرحمن فراج. المصدر السابق.
[viii] Borgman Borgman, C. (2003). Fourth DELOS Workshop on Evaluation of Digital
Libraries: Testbeds, Measurements, and Metrics. http:/www.sztaki.hu
[ix] مسفرة بنت دخيل الله الخيثمي. المكتبات الرقمية. المعلوماتية. ع. 10. متوفرة أيضاً على الرابط
http://informatics.gov.sa/magazine/modules.php
?name=Sections&op=viewarticle&artid=102
[x] عبد الرحمن فرج. مصدر سابق.
[xi] لينا ملكاوي. قريباً.. رقمنة معظم المعارف الإنسانية. متاحة أيضاً على الرابطhttp://www.alyaseer.net/vb/showthread.php?t=5358
[xii] York Sure and Rudi Studer: :Semantic Web Technologies for Digital Libraries; available also: http://www.aifb.unikarlsruhe.de/WBS/
ysu/publications/2005_sw_for_dl.pdf
[xiii] Sebastian Ryszard Kruk, Stefan ****er, Lech Zieborak: JeromeDL Reconnecting Digital Libraries and the Semantic Web; available also:
http://www.marcont.org/marcont/pdf/www2005_jeromedl.pdf
واضافة الى ما سبق ما يلي :
********************************
يحاول العلماء تحقيق مفهوم الويب الدلالي (Semantic Web)، من حيث كونه مفهوم جديد يحاول العلماء من خلاله تحويل الويب من مجرد مستودع كبير للمعلومات المبعثرة والمتناثرة إلى قاعدة بيانات عالمية ضخمة تكون المعلومات فيها مترابطة جيدا، ومعرَفة بشكل تفهمه الآلة ويمكن لها معه إدراك العلاقات الترابطية بين المعلومات وتحليل وفهرسة أصناف المعرفة ليصبح البحث عن المعلومة عملية تقوم الآلة بجزء كبير منها وينحصر دور الإنسان بعد ذلك في استقبال النتائج جاهزة والاستفادة منها.
ومن أشهر التعريفات للويب الدلالي أنه " امتداداً للشبكة الحالية بحيث تكون للمعلومات معنى محدد، وهذا سيمكن أجهزة الحاسب والبشر على العمل في تعاون أفضل".
وببساطة فإن الويب الدلالي التي ابتكرها مخترع شبكة الويب WWW – تيم برنرز لي - ، كان الهدف من ورائها جعل الويب الدلالي وسيط عالمي لتبادل المعلومات والبيانات والمعارف البشرية.
العلاقة بين الويب الدلالي والويب 3.0
يعتبر الويب الدلالي ثورة في عالم الويب، ولكن هناك أيضاً ما يعرف باسم الويب 3.0، ويخلط البعض بين كل منهما، أما البعض الآخر فيعتقدون أنهما مصطلحين مختلفين، بالإضافة إلى من لا يعرفون أياً منهما أو أحدهما، لذا رأى الباحث وجوب توضيح الفرق بين كل منهما وكذلك العلاقة بينهما.
ويتكون الويب الدلالي من نماذج بيانات (Data Models) تسمى إطار وصف المصدر (Resource Description Framework)، بالإضافة إلى ذلك يضم مصادر الويب المنشأة حديثا،ً وتلك التي زودت بوسائل المعالجة الحاسوبية (الدلالية) لتصبح مناسبة للويب الدلالي، أما الويب 3.0 فهو مصطلح يستخدم لوصف مستقبل الويب العالمية وهو يعبر عن ثورة الويب الحديثة، ويشير العديد من الناس إلى مستقبل الإبداع في عالم الإنترنت بمصطلح ويب 3.0، ومن ناحية أخرى يرى البعض أن ويب 3.0 يفكر مثل الإنسان.
ويؤكد بعض المتخصصين أننا سنجد ويب 3.0، في كل مكان و كل شيء، ولن يقتصر وجوده على الحاسبات الآلية وإنما سنجده كذلك في الهواتف المحمولة والعادية, وكذلك التلفاز, الثلاجة, وحتى في الأجهزة التي لم تخترع بعد, كل شيء سيكون معه إنترنت، وقد بدأ الويب 3.0، فعلاً بالانتشار قليلاً في بعض الأجهزة ومنها أجهزة الألعاب، والهاتف المحمول، وتتضح العلاقة بين الويب الدلالي والويب 3.0 في أنه لكي يكون هناك الويب ويب 3.0، فيجب أن يحتوي على ذكاء الويب الدلالي.
ومن هنا فإن الباحث يرى أن الويب 3.0، ما هو إلا جزء ،أو، مكمل للويب الدلالي وهو تحديث لما يعرف بالويب الدلالي.
أهمية الويب الدلالي
للوهلة الأولى عند سماع مصطلح الويب الدلالي فإننا قد نتساءل ما أهميته؟ ولماذا هذا الاهتمام بتطويره، وكثرة الأبحاث في مجال تكنولوجيا الويب الدلالي؟
للإجابة على تلك التساؤلات السابقة فقد أوضح المسئول عن الويب الدلالي (تيم برنرز لي) عندما سئل لماذا نحن بحاجة لهذه الويب وعندنا محرك البحث "جوجل" ؟، فقال: "من الصحيح أن محرك البحث "جوجل" هي أداة رائعة للبشر ولكنها لا تخدم الآلة ودعوني أوضح لكم التالي الويب الآن بصورته الحالية مفهومة لنا نحن بني البشر ولكنها بالنسبة للآلات عبارة عن صفحات ممثلة بصفر، و واحد لا تعني لها شيء، إن ما نريده من الويب ذات الدلالات اللفظية أن تجعل الآلة أيضاً تفهم ماذا تعني محتويات صفحة ما في الويب، وماذا تعني الروابط في الصفحة إذا ما قمنا بذلك فيمكن لبرامج المستقبل أن تعطي نتائج ذكية وأن تخدم احتياجاتنا مدعمة بنوع من الذكاء الاصطناعي".
كما أن الويب الدلالي يقدم معايير مفتوحة يمكن استخدامها في تكشيف محتويات مصادر المعلومات، عن طريق استخدام مجموعة من الأدوات التي تساعد في تحقيق ذلك مثل:
1. لغة الترميز الموسعة (XML Extensible Markup Language)
2. خرائط المفاهيم أو الأنطولوجي (Ontology)
3. المعيار العام لوصف المصادر (RDF schema Resource Describe (Framework
4. لغة انطولوجيا الويب (Web Language Ontology OWL)
حيث تعتبر هذه اللغات معايير قياسية متاحة للجميع، ويمكن الرجوع إليها كمعيار موحد في تمثيل البيانات، وبالتالي فإن استخدامها في تطبيقات الويب الدلالي ستمنح البيانات قابلية أكثر للتبادل والوصول من دون الحاجة لتحويلها إلى صيغة يفهمها الطرف الآخر.
ومن الأهمية بمكان أن نعرف أن الويب الدلالي Semantic Web ما هو إلا امتداد لشبكة الويب الحالية WWW، لكنه يتميز عنها بأنه يقدم معلومات محددة ودقيقة في نتائج البحث.
مكونات تقنية الويب الدلالي
يتكون الويب الدلالي من نماذج بيانات (data models) وهذه النماذج تعتمد على استخدام عدداً من التقنيات لتمثيلها مثل:
1. لغة لتنسيق تبادل البيانات: مثل لغة إطار وصف المصدر Resource Description Framework)، واختصارها RDF، أو بدائلها مثل RDF/XML، و N3 ، و Turtle، و N-Triples.
2. مخططات العلاقات: مثل (RDF Schema) ولغة أنطولوجيا الويب (Web Ontology Language) واختصارها OWL، والتي تسهل عملية توصيف المفاهيم والمصطلحات والعلاقات ضمن مجال معين.
3. محرك الاستدلال: وهو يحتوي على قواعد استدلالية تستخدم اللغتان السابق ذكرهما، ولغات أخرى مبنية عليها لإعطاء نتائج منطقية تماما كما يفكر البشر.
استخدامات الويب الدلالي
يستخدم الويب الدلالي في العديد من التطبيقات التي لا يمكن حصرها لتعددها، فعلى سبيل المثال فإنه يستخدم في مجال المكتبات الرقمية، بالإضافة إلى المجالات التجارية والطبية والتعليمية واللغوية والعديد من المجالات الأخرى، ومن أمثلة تلك الاستخدامات:
1- المجال التجاري:
هناك العديد من التطبيقات والأبحاث المفيدة في هذا المجال، فعلى سبيل المثال، تم استخدام الويب الدلالي في عمل بوابة تجارية تضم معلومات عن قطع غيار السيارات، والتي تم الحصول عليها من قواعد بيانات صناع وموردي ومستخدمي هذه القطع في أوروبا، وقد تم التوليف بين هذه البيانات باستخدام تقنيات الويب الدلالي وذلك لعمل خرائط مشتركة للمفاهيم Ontology بين جميع الأطراف المستفيدة لتوصيف بياناتها، كما تم استخدام تكنولوجيا الويب الدلالي، لإيجاد حلول لبعض المشاكل التي تحصل لقطع الغيار التالفة وذلك عن طريق إجراء استعلامات ذكية على البيانات الموجودة.
2- المجال الطبي:
فكما هو مستخدم في المجال التجاري، فإن تقنيات الويب الدلالي تستخدم لمساعدة الباحثين في المجال الطبي على إدارة البحوث في العلوم الطبية الحديثة، حيث تساعدهم على فهم أفضل للأمراض، وتسريع عملية تطوير العلاج، فعلى سبيل المثال ففي العام 2006، تم عمل نظام للسجلات الطبية للحد من الأخطاء الطبية، وتحسين كفاءة الطبيب مع المريض، وتحسين سلامة المرضى والارتياح في الممارسة الطبية، وتحسين عمليات السجلات لزيادة دقة الترميز، وقد استند النظام على تقنيات الويب الدلالي لتوصيف السجلات الطبية، وترميزها لسرعة الوصول إليها وللقيام ببعض العمليات الاستنباطية منها، ولازال هذا النظام مستخدم حاليا في مركز أثينا للقلب.
3- مجال المكتبات الرقمية:
مما لا شك فيه أن الهدف الرئيسي للمكتبات الرقمية، هو إتاحة مصادر المعلومات الموجودة لأكبر عدد ممكن من المستفيدين، مع تقديم خدماتها لقطاع عريض من مستخدمي هذه المكتبات، فتقوم تلك المكتبات بتصوير محتويات الكتب والدوريات وغيرها من مصادر المعلومات، سواء عن طريق قوائم المحتويات أو النصوص الكاملة.
لذلك فإن أحد التطبيقات الهامة للويب الدلالي هو العمل على السماح بعمليات وصف الموضوعات والبيانات وتخزينها، وتأسيس الخطوط العامة لما يسمى بخرائط التدفق ،أو، الأنطولوجيات، فالهدف الرئيسي من تطبيق تكنولوجيا ويب الدلالي في مجال المكتبات والمعلومات هو إتاحة قابلية التشغيل المتبادل، أي سهولة تبادل المعلومات والبيانات بين أكبر عدد من المستفيدين، كالقدرة على إتاحة البيانات والمعلومات الرقمية بصورة جيدة وتوزيع هذه البيانات عبر أماكن التخزين المختلفة على شبكة الإنترنت أو أماكن تخزينها في المكتبة الرقمية.
من هذا المنطلق يمكن تطبيق تكنولوجيا ويب الدلالي في المكتبات الرقمية، والتي تتضمن العديد من واجهات الاستخدام، والواجهات التفاعلية بين الحاسبات الآلية، والإنسان Human-computer Interaction، فهي تتيح عرض المعلومات والبيانات، ورؤية، وتصفح مجموعات البيانات الرقمية، لذا يتضح لنا العلاقة الوثيقة بين الويب الدلالي واسترجاع المعلومات والذي سنوجزه فيما يلي.
علاقة الويب الدلالي باسترجاع المعلومات
مما سبق يمكننا استخلاص مدى العلاقة الوثيقة بين الويب الدلالي، واسترجاع المعلومات، ليس هذا في مجال المكتبات والمعلومات فحسب، وإنما في جميع المجالات على اختلاف نوعية المعلومات المطلوب استرجاعها وطبيعتها، أو حتى الأفراد المستفيدون منها.
فمن المؤكد أن الويب الدلالي يعمل على زيادة كفاءة استرجاع المعلومات من شبكة الإنترنت من خلال الارتقاء بنظم واستراتيجيات البحث واسترجاع المعلومات المستخدمة في بناء محركات البحث، واستغلال التطورات المستجدة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والذكاء الاصطناعي، والقدرات الهائلة لشبكات الحاسب الآلي في عمليات معالجة مصادر المحتوى الرقمي المتاح على شبكة الإنترنت، وكذلك إيجاد التطبيقات الملائمة للارتقاء بتكنولوجيا بناء المكتبات الرقمية والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة من هذا النوع الجديد من المكتبات.
وبالرغم من أن التطبيقات السابق ذكرها لازالت في طور البحث والتجريب، ولم تخرج إلى الواقع الفعلي والعملي بشكل كامل، بالإضافة إلى ما يحيطها من غموض في كيفية التطبيق والاحتياجات المادية والتقنية والعوامل البشرية اللازمة لمثل هذه التطبيقات، ومدى ملائمة مثل هذه التطبيقات للتطبيق الفعلي في البيئة العربية، وقيام مكتبات رقمية عربية باستخدام تكنولوجيات الويب الدلالي، فعلى الرغم من كل ما سبق ذكره، نجد عدد من المؤسسات بدأت بالفعل في تطوير مثل هذه التكنولوجيا والتطبيقات، بل ومن هذه المؤسسات من بدأ بالفعل ببناء مكتبات رقمية باستخدام وتطبيق تكنولوجيا الويب الدلالي
المصدر: م/تامر الملاح
م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"
نشرت فى 27 مايو 2011
بواسطة tamer2011-com
م/ تامر الملاح
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
3,895,245
بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة
للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:
عبر البريد الإلكتروني:
[email protected] (الأساسي)
عبر الفيس بوك:
إضغط هنا(إني أحبكم في الله)
أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.
ساحة النقاش