.. بل النقاب واجب ؛ ( بحث عن الحجاب فى مفهوم السلف الصالح و العلماء المعتبرين و عرض أدلته من الكتاب و السنة فى ضوء فهمهم للأدلة )
بسم الله الرحمن الرحيم وَلِيِّ المتقين ،
و الحمد لله رب العالمين ، لا يهدي كيد الخائنين ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، قاسمُ ظهر الماكرين ،
و أشهد أن محمداً عبده و رسولُه سيدُ ولدِ آدمَ أجمعين .
اللهم صَلِّ و سَلِّم و بارك عليه و على آله و صحابته ، و من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أما بعد
ففي مرحلة الغربة الثانية التي تنبأ بها رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله " بدأ الإسلام غريباً ، و سيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء " رواه مسلم – 145
و في حال انفتاح ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم فى قوله " سيأتي على النـــــــاس سنواتٌ خَـدَّاعاتٌ ، يُصَدَّقُ فيها الكاذبُ ، و يُكَذَّبُ فيها الصادق ، و يؤتمن فيها الخائن ، و يُخَوَّنُ فيها الأمين ، و ينطق فيها الرُّوَيْبِضَةُ "
قيل : و ما الرويبضة ؟ .
قال : " الرجل التافه ـــ و فى رواية : السفيه ، و فى رواية : الفويسق ـــ يتكلم فى أمر العامة " أخرجه ابن ماجه و أحمد و صححه الحاكم و وافقه الذهبي و حسنه الألباني في الصحيحة رقم 1887
و ما أخبر به صلى الله عليه و سلم فى قوله " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناسُ رؤساء جُهَّالاً ، فسُئِلوا فَأَفْتَوْا بغير علم ، فضلُّوا و أضلوا " رواه البخاري و مسلم و الترمذي و أحمد .
و ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "يكون في آخر الزمان دَجَّالون كذابون ، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم و لا آباؤكم ، فإياكم وإياهم لا يُضلونكم و لا يفتنونكم "
رواه مسلم في المقدمة رقم 7 و الطحاوي في المشكل .
و في حال تداعي حملات الغزو الفكري الداخلي و الخارجي من كل حدب و صوب ،
إلى غير ذلك مما يعيشه المسلمون في قالَب ( أزمة فكرية غثائية حادة ) ، أفقتدهم – إلا من
عصم الله - توازنهم ، و زلزلت كيانهم ، و شَوَّهَتْ أفكارهم ، كُلٌّ بقدر ما علَّ من أسبابها و
نَهَل ، فصار الدَّخَلُ ، و ثار الدَّخَنُ ، و ضعفت البصيرة ، و وجد أهل الأهواء و البدع مجالاً
فسيحاً لنشر إفكهم و نثر بدعهم حتى أصبحت في كفِّ كل لاقط ، فاستشرت في الآفاق ، و
امتدت من دعاتها الأعناق ، و عاثوا في الأرض الفساد ، و تجارت الأهواء بأقوام بعد أقوام ،
إلى آخر ذلك من الويلات التي يتقلب المسلمون في حرارتها ، و يتجرعون مرارتها ..
و في غمار ذلك تجسدت الأدلة المادية التي قامت في ساحة المعاصرة على ما ذَرَّ قرنُه من
الخوض في شريعة الله بالباطل ، و ما تولد عن ذلك من فتن تغلي مراجلها ، لذهاب العلماء ،
و قعود المتأهلين عن التحمل و البلاغ ، و تولي ألسنتهم و أقلامهم يوم الزحف على كرامته :
فبقى الذين إذا يقولوا يكذبـــوا ********* و مضى الذين إذا يقولوا يصدقــــوا
و إذا بسرب من المبتدعة يحاولون اقتحام بقايا العقبة لتكثيف الأمية الدينية ، و زيـــادة غربة
الإسلام بين أهله .
و من المضحكات المبكيات
ما يشيع أعداء الإسلام حول الحجاب من أراجيف ينطق بها الشيطان على ألسنتهم ، مثل قولهم : إن الحجاب يُسَهِّل عملية إخفاء الشخصية ، و قد يتستر بعض النساء
اللواتي يقترفن الفواحش ، و يتعاطين المآثم ، { ذلك قولهم بأفواههم يضاهِئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أَنَّى يؤفكون } .
إنه قول بوار لا يصدر إلا ممن أكلهم الهوى ، و أعجزهم البيان ، فغفلوا عن حرمة الحق الذي أنزله علام الغيوب ، و نسوا أن الله سبحانه يحكم و لا معقب لحكمه ، و يقضي و لا رادَّ لقضائه ، { لا يُسْألُ عما يفعل و هم يُسألون } .
فما حكم الله به عَدْل ، و ما أخبر به صِدْق { و تمت كلمة ربك صدقاً و عدلاً } ، فقد حكم سبحانه بوجوب النقاب – كما سأبينه إن شاء الله من خلال البحث – أو إستحبابه على الأقل - كما يقول
به بعض الأفاضل – و أخبر سبحانه أنه أزكى و أطهر لقلوب المؤمنين و المؤمنات .
فحينما يأتى مرضى القلوب و يشغبون بهذه الاراجيف أو غيرها ، فلا يمكن بأى حال أن يسوقنا هذا التخوف المحتمل من سوء إستخدام النقاب إلى التخلي عن حكم الله عز و جل ، و كل عاقل يفهم
من سلوك المرأة التي تبالغ في ستر نفسها حتى أنها لا تبدي وجهاً و لا كفاً ، فضلاً عن سائر بدنها أن هذا دليل الاستعفاف و الصيانة ، قال تعالى بعد الأمر بالحجاب : { ذلك أدنى أن يعرفن } قال
أبو حيان : ( لتَسَتُّرهِنَّ بالعفة ، فلا يُتعرض لهن ، و لا يَلقين ما يكرهن ، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر و الانضمام لم يُقْدَم عليها بخلاف المتبرجة ، فإنها مطموع فيها ) .
و كل عاقل أيضاً يعلم أن تبرج المرأة و إظهارها زينتها يشعر بوقاحتها و قلة حيائها و هوانها على نفسها ، و من ثم فهى الأوْلى أن يساء بها الظن بقرينة مسلكها الوخيم حيث تعرض زينتها كالسلعة ،
فتجر على نفسها وصمة خبث النية ، و فساد الطوية ، و طمع الذئاب البشرية ، و من أوقع نفسه مواقع التهمة ، فلا يلومن من أساء به الظن .
إن هؤلاء المنافقين مرضى القلوب من فساق هذا الزمان الذين يتشدقون بأن الحجاب يمكن أن يكون وسيلة لإخفاء هوية البغي يجب أن يؤدبوا و يعزروا أشد التأديب و أعنف التعزير ، لأن لهم نصيباً
وافراً من قوله تعالى { و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبيناً } .
و لقد كان إخوانهم من منافقي المدينة أفقه منهم و أعقل حينما كانوا يتجرأون على السافرة – مكشوفة الوجه – فإذا أُخِذُوا في ذلك قالوا – تخفيفاً لجريمتهم – حَسِبناها أمَةً ، لأنهم فهموا من المبالغة
في التستر أن صاحبتها عفيفة محصنة
.و اليوم انعكس الحال ، و انقلبت المفاهيم رأسا على عقب ، بفضل أنصار المرأة و محرريها ، فصارت التي تحتجب
مستعبدة ، و صارت المتبرجة امرأة حرة متحررة – من لباسها قطعاً ! – لقد شرع الله سبحانه و تعالى حكمه في مثل هؤلاء المنافقين فقال مباشرة بعد الأمر بإدناء الجلابيب ، { لئن لم ينته
المنافقون و الذين في قلوبهم مرض و المرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ملعونين أينما ثٌّقِفُوا أُخِذوا و قُتِّلوا تقتيلاً سنة الله في الذين خلَوْا من قبلُ و لن تجد لسنةِ الله
تبديلاً } .
ثم إن من المتواتر لدى الكافة أن المسلمة التي تتحجب في هذا الزمان تذوق الويلات من الأجهزة الحكومية ، و الإدارات الجامعية ، و الحملات الإعلامية ، و السفاهات من المنافقين في كل مكان ،
ثم هي تصبر على هذا كله ابتغاء وجه الله تعالى ، و لا يفعل هذا إلا مؤمنة صادقة رباها القرآن و السنة ، فإذا حاولت فاسقة مستهترة ساقطة أن تتجلبب بجلباب الحياء ، و تواري عن
الأعين زلتها
بإرتداء شعار العفاف و رمز الصيانة ، و تستر عن الناس آفتها و فجورها بمظهر الحَصان الرزان فما ذنب الحجاب إذن ؟ .
إن الاستثناء يؤيد القاعدة و لا ينقضها كما هو معلوم لكل ذي عقل ، مع أن نفس هذه المجتمعات التي يروج فيها هذه الأراجيف ، قد بلغت من الإنحدار و التردي في مهاوي التبرج و الفسوق و
العصيان ما يغني الفاسقات عن التستر ، و لا يحوجهن إلى التواري عن الأعين .
و إذا كان بعض المنافقين يتشدقون بأن في هذا خطراً على ما يسمونه الأمن فليخبرونا بالله كيف يهتز الأمن و يتزلزل بسبب المنتقبات مع أنه لم يتزلزل مرة واحدة
بسبب السافرات و المتبرجات ؟
هب أن رجلاً إنتحل شخصية قائد عسكري كبير ، و ارتدى بَزَّته ، و تحايل بذلك ، و استغل هذا الثوب فيما لا يباح له كيف تكون عقوبته ؟
و هل يصلح سلوكه – في نظركم – مُسَوِّغاً للمطالبة بإلغاء الزي الرسمي المميز للعسكريين مثلاً خشية أن يسيء أحَدٌ استعماله ؟
و ما يقال عن البزة العسكرية يقال عن لباس الفتوة أو ما يسمونه بزي الرياضة فإذا وجد في المجتمع الجندي الذي يخون و الفتى الذي يسيء و الرياضي الذي يذنب ، هل يقول عاقل إن على الأمة
أن تحارب شعار العسكر و لباس الرياضة .. لخيانات ظهرت و إساءات تكررت ؟!
فإذا كان الجواب لا
فلماذا يقف أعداء الإسلام من الحجاب هذا الموقف المعادي ؟!
و لماذا يثيرون حوله الشائعات الباطلة المغرضة ؟!
أقول لكم :
إن الهدف البعيد من وراء هذه الأراجيف الكاذبة هو تنفير المسلمات من الحجاب الذي فرضه الله عز و جل ، و ترسيخ روح الإشمئزاز و الكراهية من التجلبب به ، و التحصن بعفافه ، حتى إذا
خلعن الحجاب ظهرن في المجتمع بأقبح ما تظهر به امرأة في تهتكها و انحلالها ،
هذا ما يريدون !.
إن الإسلام كما يأمر المرأة بالحجاب ، يأمرها كذلك أن تكون ذات خلق و دين ،
إنه يربي مَنْ تحت الحجاب قبل أن يسدل عليها الجلباب ،
و يقول لها { و لباس التقوى ذلك خير }
حتى تصل إلى قمة الطهر و الكمال ، قبل أن تصل إلى قمة الستر و الإحتجاب ، فإذا اقتصرت امرأة على أحدهما دون الآخر ، تكون كمن يمشي على رجل واحدة ، أو يطير بجناح واحد .
إن التصدي لهؤلاء المستهترات – إن وجدن – هو سهل
اصدروا قوانين صارمة بتشديد العقاب على كل من تسول له نفسه استغلال الحجاب لتسهيل الجرائم و إشباع الأهواء – هذا إن صدقتم – و هي موجودة لمنتحلي البزات العسكرية .
فمثل هذا التشديد جائز شرعاً في شريعة الله الغراء التي حرصت على صيانة النفس و وقاية العرض و جعلتهما فوق كل اعتبار ، و إذا كان التخوف من سوء استغلال الحجاب مخطرة محتملة، إلا
أن المخطرة في التبرج و السفور بنشر الفاحشة و فتح ذرائعها مقطوع بها لدى كل عاقل .
فيا أخيتي المنتقبة في عهد الغربة الثانية :
إن الحجاب ليس تشدداً و لا غلواً و لا تعنتاً ، بل هو صبر على الدين و قبض على الجمر ، فاصبري ، و ليكن أقوى رد على هذه الحملات مزيد من التمسك به ، و مزيد من الدعوة
إليه .
الزمي طريق الهدى و لا يضرك قلة السالكين و إياك و طرق الضلالة و لا تغتري بكثرة الهالكين .
أجل ..
لا تغتري باللائي نبذن الحجاب و لتأكل من شجرة الغزو الفكري و العولمة من شاءت التي زينوها و زخرفوها و قالوا إنا لك لمن الناصحين !.
استحضري دوماً قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " من أرضى الناس بسخط الله وَكَلَهُ إلى الناس ، و من أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس " الألباني 438
و لئن اجتمع عليكِ دعاة السوء و تكاثر أمامك مشاهيرٌ ذوو مناصب و ألقاب :
فاعلمي أن صاحب الحق الفاهم لحقه و المحيط بأطرافه لا يبالي بالمخالفين و إن كثروا أو ضخمت ألقابهم و لا يبالي بكل ما يولدونه من شبهات و إن بدت كبيرة قوية :
تزول الجبال الراسيات و قلبه ***** على العهد لا يلْوي و لا يتغير
و لا يجعل مناط الحق بمركز و لا لقب و لا شهرة
لأنه يعلم أن من سنن الله في الإجتماع و الكون أن يسلط الأضداد بعضها على بعض :
يسلط الباطل على الحق
و الضلال على الهدى
و الخطأ على الصواب
و الجاهل على العالم
و السفيه على الحليم
و الأحمق على الحكيم
و أن هذه ضرورة إجتماعية تخلص الحق من شوائب الباطل و الصواب من متاهات الأخطاء فيمتاز الحق بأهله و يتميز الباطل بأهله
كتلك الضرورة الكونية التي يسلط الله فيها الليل على النهار
ليخرج الفجر ناصلاً من سواد الليل
{ فأما الزبد فيذهب جفاءً و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض }
و أبدأ من المداخلة القادمة – إن شاء الله – مستعيناً بالله مناقشة الأدلة معكِ ، لتكوني على بينة ،
فأعيريني السمع و البصر و الفؤاد و العقل يرحمني الله و إياكِ
و كوني معي أنا أخوكِ المسلم لنعبر معاً الصراط إلى الجنة
و ندع هؤلاء على ما هم عليه
هيا هيا لا تتوقفي لا تترددي لا تتأخري عنا
ألا إن سلعة الله غالية
ألا إن سلعة الله الجنة__________________
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍأَنَا وَمَنِاتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
المصدر: م/تامر الملاح
م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"
نشرت فى 15 إبريل 2011
بواسطة tamer2011-com
م/ تامر الملاح
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
3,895,272
بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة
للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:
عبر البريد الإلكتروني:
[email protected] (الأساسي)
عبر الفيس بوك:
إضغط هنا(إني أحبكم في الله)
أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.
ساحة النقاش