تقنيات التعليم
تعيش المجتمعات البشرية في دوامة التغير التي فرضتها معظم معطيات العصر التقنية، هذا التغير كان نتيجة تطلع الإنسان إلى مواكبة عجلة التقدم العلمي بالإفادة من تلك المعطيات، إلا أن المواكبة السليمة لتطور الأمم تتم من خلال التقويم المستمر لكل ما يعرض من تقنيات حديثة بحيث يتم اختيار ما يلائم احتياجات الفرد والتي هي جزء من احتياجات مجتمعة، دون أن يؤثر ذلك في القيم والمفاهيم الإنسانية للمجتمع الذي يعيش فيه. إن معين التقدم العلمي لا ينضب ومجالاته متعددة جذورها في أعماق المجتمع فأحدثت تغيراً في سلوك الفرد، وهذا التغير يجب أن يواكبه شئ من الحذر، فإذا كان مرغوباً فهذا ما تسعى إليه المجتمعات للرقي بمعطيات وأسلوب حياتها إلى الدرجة التي تكفل لها مواجهة التحديات للمواقف الجديدة، وتمكنها من استغلال الموارد الطبيعية والبشرية الاستغلال الأمثل. وتتحكم درجة الثقافة والمستوى العلمي للمجتمعات في القدرة على التميز بين معطيات التقنية الحديثة، وتحديد حجم احتياجات المجتمع منها. كذلك تسهم درجة الثقافة والمستوى العلمي في تكييف الكثير منها لتلائم طبيعة متطلبات المجتمع. وفي الشأن التربوي فان الدارس في أي من مجلات التربية لابد أن يتناول عدة محاور رئيسية هي المعلم المناط به تنفيذ الأهداف التعليمية، والمقرر الدراسي، الذي يجب أن يتفق وأهداف التربية الحديثة، وأدوات التعلم التي تسهل وتفسر الحقائق والمفاهيم العلمية في المقرر الدراسي، و أخيرا نظام الامتحانات أو التقويم الذي يقيس المستوى المعرفي بجميع أبعاده الادراكية والتطبيقية والتحليلية والتركيبية. وتحاول النظم التعليمية الحديثة إيجاد التوازن الموضوعي والمنهجي لعناصر المنظومة التعليمية بدءاً بالأهداف وانتهاء بالتقويم. وتلعب التقنيات التربوية كأحد عناصر المنظومة التعليمية دوراً فاعلاً في هذا التجديد لما تمتلكه من إمكانية تسهيل وتحديث أنماط إدارية تربوية تعليمية، وإدخال خبرات تعليمية متعددة إلى داخل الحجرة الدراسية تواكب التغيرات المعرفية وتعزز دور المدرسة الحديثة. لذا فان الحديث عن التجديد، ومفهوم مصطلح التقنيات التعليمية بدأ للناس وكأنه متعلق بتقنيات الأدوات التي كانت تركز على المعينات السمعية والبصرية، في حين إن التقنيات التعليمية تعنى بجوهر العملية التعليمية وما يجب أن تحققه من أهداف سلوكية في إطار متكامل مرتبط بأسس علم النفس التربوي وبمصادر التعليم مع التركيز على ميول المتعلم ودوافعه واتجاهاته. يجب في التربية الحديثة النظر فيما وراء مكونات منظومة التعليم والتعلم واستراتيجياتها وبذلك يمكن توضيح النظرة التكاملية لعناصر العملية التعليمية كنظام منسق، وتوضيح دور كل عنصر من عناصر النظام التعليمي وأهميته في ترابط البنية الأساسية للنظام. وبذلك يتضح دور تقنيات التعليم في تحديد الأهداف والغايات وتخطيط بيئة التعلم واختيار أسلوبه وتقويم فاعلية المنظومة التعليمية ككل، لذا يحرص التربويون على التكامل والتوازن والتناسق بين عناصر النظام التعليمي الذي يعتمد في بنائه على المدخلات والعمليات والمخرجات، وتتوقف المخرجات من حيث الكم والنوع على نوع وحجم مدخلات النظام وهذا التوازن يوضح مستوى الكفايات التدريسية. تعد التقنيات التعليمية أحد العناصر الهامة في العملية التعليمية، ورغم هذه الأهمية المتزايدة في عصر تدفق المعلومات وتطور وسائل نقلها إلا أن المفهوم السائد عن التقنيات التعليمية بأنها ميكنة التعليم وذلك بارتباطها بالأجهزة والمعدات، وظل هذا المفهوم سائداً حتى عصرنا الحاضر ورغم المحاولات العديدة لتعديل هذا المفهوم. ورغم أن الأدبيات تشير إلى بزوغ حركة التعليم البصري وانطلاقة إلى التوزيع الأدوار بين الوسائل التعليمية. بحيث يكون الدور اللفظي في المجسمات والصور والرسوم التي تقوم بدور وعاء المعلومة، حيث أنها أكثر قدرة على تفسير المفاهيم وتوضيح الفكرة وشرح الموضوعات إذا ما أعدت إعداداً جيداً وفق معايير علمية وتربوية. إن الخلط الذي يقع فيه البعض حتى من التربويين أنفسهم يكمن في عدم القدرة على التمييز بين التقنيات التربوية والتقنيات التعليمية، حتى أنك لتقرأ كتاباً معنوناً بالتقنيات التربوية ومحتواه منصب على التقنيات التعليمية، و كذلك العكس. أن مفهوم التقنيات التربوية مفهوماً واسعاً باتساع التربية نفسها وطالما إن التعليم يقع تحت مظلة التربية فمن الطبيعي أن تقع التقنيات التعليمية تحت مظلة التقنيات التربوية. فإذا أخذ بمفهوم التربية في إعداد المدخلات التعليمية بمعنى إننا نطبق المعايير التربوية على كل عنصر من عناصر المدخلات التعليمية بما فيها الأساليب والأدوات والمواد التعليمية التي تمثل جانب من التقنيات التعليمية فنحن في هذه الحالة نطبق مفهوم التقنيات التربوية، وعند الانتقال إلى المرحلة التي تلي المخلات وتدعى العمليات فإن هذه المرحلة تعني التطبيق الفعلي لجميع عناصر مفهوم التقنيات التعليمية بالأجهزة والمواد المستخدمة في العملية التعليمية لا بد أن ندرك بأن هناك وسائل وأدوات أخرى للتعلم أنعم الله عز وجل بها على الإنسان مثل السمع والبصر والفؤاد وكل ما نستخدمه في العملية التعليمية من تقنيات يتعلق بشكل مباشر بالأدوات التعليمية التي يتمتع بها الإنسان السوي بل هي امتداد لقدرات التعلم في الإنسان فالمكرسكوب قدرة إضافية للعين لمشاهدة الأشياء الدقيقة والتي لا تستطيع العين المجردة مشاهدتها إدراك تفاصيلها بدونه، كذلك الميكرفونات والاتصالات الإلكترونية اللاسلكية جميعها قدرات إضافية لإيصال الصوت إلى أرجاء الأرض. والرافعة تزيد من قدرة الإنسان المحدودة وقس على ذلك جميع التقنيات الحديثة مثل الحاسوب الذي يعتبر قدرات إضافية للعقل البشري. بعد هذا هل يجوز لنا تحديد مفهوم التقنيات التعليمية بأنه مجموعة الأدوات والأجهزة التي تستخدم في عملية التعليم دون النظر في الجانب التنظيمي للآلية في استخدام تلك الوسائل؟ إن الحاسوب بإمكاناته العالية في الاستقبال، والتحليل، والتخزين، والعرض لا يمكن أن يقوم بدوره السحري والإعجازي دون برمجة سليمة يقوم بها الإنسان نفسه وهذا يفسر لنا الدور المطلوب لتوظيف التقنيات في العملية التعليمية، حيث أن استخدام التقنيات التعليمية يتطلب معرفة مسبقة بالمنهج والتلميذ والبيئة التعليمية، فإذا توفرت المعلومات عن تلك العناصر يمكن للمعلم وضع إستراتيجية جيدة لتوظيف التقنيات وبالتالي رفع كفاءة العملية التعليمية.
م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"
عدد زيارات الموقع
للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:
[email protected] (الأساسي)
[email protected]
ساحة النقاش