جهاز الدش
كان شابا تقيا ورعا قد ارتبط مع مجموعة من الشباب الصالح، وكان مثالا للداعية المصلح، فكان حافظا لكتاب الله، محافظا على الصلوات المفروضة في المسجد، يقضي ليله قائما، يدعو ربه خوفا وطمعا، ويقضي نهاره صائما راجيا رحمة ربه، ودخل جهاز الدش إلى بيته، دخل هذا الجهاز الخبيث إلى بيته رغم أنفه ودون رضاه، وقد بذل مجهودا كبيرا لمنعه، إلا أنه لم يستطع لأن جميع من في البيت ضده، فوقفوا أمامه يدافعون عن هذا الجهاز ويبينون له فوائده، وأنه ينقل لهم أخبار العالم وحوادثه، وأنه ما هو إلا جهاز تستطيع أن تتحكم فيه، وأن تسيطر عليه وفيه الغث والسمين فلنأخذ الطيب منه، وندع الرديء، ورضخ فالكثرة كما يقولون تغلب الشجاعة، وقبل على مضض أن يشاركهم مشاهدته.
ولكن هل يترك الشيطان هذا الشاب دون أن يفتنه ويضمه إلى شلة الضلال؟! لقد استطاع بمكره وخداعه أن يخدع كل من في البيت ويغويهم ويزيِّن لهم أعمالهم، فلماذا لا يجرب مع هذا الشاب؟ لماذا هو بالذات لم يقع بالشرك؟ فلنجربه!!
وسوس له الشيطان قائلا: إن هذا الجهاز فيه خير وفائدة، فلماذا لا تستفيد منه، فخذ منه ما يفيدك، ودع ما لا يفيدك. وأعجبته الفكرة، ولكنه منع نفسه، وكبت رغبته، فجاءه الشيطان مرة أخرى: هناك برامج مفيدة قد تفيدك في حياتك فلماذا لا تجرب؟!
وبعد تردد فتح الجهاز ويا ليته لم يفعل، لقد وقعت عيناه على منظر أغراه جعله يتسمر مكانه، ولم يستطع أن يمد يده لإغلاق الجهاز، ومنذ تلك اللحظة وهو لا يفارق هذا الجهاز، فقد سحره، وخطف بصره، وسلب لبه حتى بدأ يفرِّط في صلاة الجماعة، واخذ يركع بالصلاة في البيت، وقلبه مشغول مع هذا الجهاز، ثم أخذ يتهاون في أداء الصلاة ويتكاسل، ووقع المسكين في الشرك، نسأل الله الثبات، ونسأله سبحانه الهداية(1).
إن انتشار جهاز الدش بين الناس ما هو إلا فتنة عظيمة، وقد استشرى شره، وظهره مفاسده، ولقد اعتذر بعض الناس بتركيب هذا الجهاز بأعذار واهية قد تنطلي على الناس، ولكن لا تنطلي على السميع البصير الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فانتبهوا أيها الناس لما يحاك لكم فإن الأمر ليس بالهيِّن.
(1) من أخبار المنتكسين / بتصرف.
من كتاب "كما تدين تدان"
ساحة النقاش