أقباس من العسكرية الإسلامية في القرآن الكريم

أردت أن أتحدث في الندوة العالمية عن موضوع لا يزال بكرا هو : العسكرية الإسلامية في القرآن الكريم .

ولكن لم يكن في الندوة متسع من الوقت فقد خصصت ساعتين لمعالجة قضيتين هامتين حيويتين هما: القرآن الكريم أولا ، ومشكلة القدس وفلسطين ثانيًا . . .

وكل قضية من هاتين القضيتين بحاجة إلى أمسيات أربعة أيام من أيام الندوة ، لإشباعهما بحثًا وتمحيصا .

وكان البحث عن: العسكرية الإسلامية في القرآن الكريم ، جزءا من ساعة واحدة خصصت للقرآن الكريم لذلك لم أستطع أن أتحدث في الوقت المخصص لي في الندوة ، وهي عشرون دقيقة ( فقط) ، إلا عن رؤوس المواضيع لهذا البحث المستفيض .

ولست أريد هنا أن أوفي الموضوع حقه ، حسبي أن أدل على الكنوز العسكرية في القرآن الكريم ولئن جعل الله في العمر بقية ، وأمدني بعون من عنده ، فسأنهض بإذن الله بمهمة عرض هذا الموضوع في كتاب خاصٍ؛ بعد

أن عالجت الجانب اللغوي من العسكرية الإسلامية في الكتاب العزيز بكتابي المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم ، في جزأين كبيرين

التدريب الفردي :

 

التدريب الفردي للمسلم عسكريا ، هو غرس الخصال العسكرية في خلق الجندي المسلم وسلوكه غرسا يجعل منه مقاتلا من الطراز الأول .

 

وقد جاء في كتاب الخدمة السفرية ، وهو أوثق المصادر العسكرية: أن الجندي لا بد أن يتمتع بالطاعة والصبر والشجاعة والثبات ، وأن يضحي بماله ونفسه في سبيل تحقيق أهداف أمته ومصلحتها العليا .

 

حث الإسلام على (الطاعة) وهي الضبط والنظام كما نطلق عليها في التعابير العسكرية الحديثة .

 

وقد وردت (طاع) ومشتقاتها في تسع وعشرين ومائة آيةٍ من آيات الذكر الحكيم .

 

قال تعالى: <!--<!-- وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ <!--<!-- .

 

وأشاع الإسلام معاني الخلق الكريم ، ومنه الصبر الجميل ، قال تعالى: <!--<!-- ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ <!--<!-- ، وقال تعالى: <!--<!-- اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ <!--<!-- وقال تعالى : <!--<!-- وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ <!--<!-- .

وغرس الإسلام روح الشجاعة والإقدام : <!--<!-- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ <!--<!--<!--<!-- وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ <!--<!-- .

 

 

والتولي يوم الزحف من الكبائر ، كما نص على ذلك حديث رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام  . . .

 

وأمر الإسلام بالثبات في ميدان القتال ، قال تعالى : <!--<!-- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا <!--<!-- .

 

ودعا الإسلام إلى الجهاد بالأموال والأنفس لإعلاء كلمة الله ، قال تعالى : <!--<!-- إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ <!--<!-- .

 

وقال تعالى : <!--<!-- انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ <!--<!-- وفي هذه الآية سبق المسلمون العالم إلى مفهوم الحرب الإجماعية التي تنص على: إعداد الأمة بطاقاتها المعنوية والمادية للحرب .

 

وبين الإسلام أن المصلحة العليا لا بد أن تكون لها الأسبقية على كل شيء في الدنيا ، قال تعالى : <!--<!-- قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ <!--<!-- .

 

وجعل الإسلام مقام الشهداء من أعظم المقامات ، وقال تعالى: <!--<!-- فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ <!--<!-- . وقال تعالى : <!--<!-- وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ <!--<!-- ، وقال تعالى : <!--<!-- وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا <!--<!-- .

 

ولا أعلم عقيدة عسكرية في العالم ، جعلت الحياة المستمرة الدائمة للشهيد غير العقيدة العسكرية الإسلامية .

الحوافز المادية

ولكن القول بأن الحوافز الروحية وحدها هي التي تؤجج في المؤمن الحق روح القتال قول غير كافٍ بل الواقع أن في الإسلام حوافز ( مادية) لا تقل أهمية عن الحوافز ( الروحية) تعمل جنبا لجنب لترصين تكوين الجندي المسلم الذي لا يهزم أبدا .

ومن أهم الحوافز المادية : عدم الاستهانة بالعدو أولا ، والإعداد الحربي تدريبًا وتسليحًا وتنظيمًا وتجهيزًا وقيادة ثانيًا .

لقد استهان المسلمون بعدوهم يوم ( حنين ) فغلبوا على أمرهم في الصفحة الأولى من صفحات ذلك اليوم العصيب . قال تعالى : <!--<!-- وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ <!--<!-- .

 

والحذر واليقظة من مظاهر عدم الاستهانة بالعدو ، قال تعالى : <!--<!-- وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ <!--<!-- ، وقال تعالى : <!--<!-- وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا <!--<!-- وقال تعالى : <!--<!-- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ <!--<!-- وقال تعالى : <!--<!-- فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ <!--<!-- .

 

إن الاستهانة بالعدو ، تؤدي حتما إلى الاندحار ، وما أصدق المثل العربي القائل : " إذا كان عدوك نملة ، فلا تنم له" .

 

والإعداد الحربي إعدادا متكاملا ، يرفع المعنويات ، ويقوي الثقة بالنفس ، ويلهب مزايا الجندي الحق قال تعالى : <!--<!-- وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ <!--<!-- .

 

وقال تعالى : <!--<!-- وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ <!--<!-- .

معادلة الحرب النفسية

 

إن الهدف الحيوي من الحرب ، هو تحطيم الطاقات المادية والمعنوية للعدو ، فإذا انتصر عليه في ميدان الحرب ، واستطاع أن يحطم طاقاته المادية ، فلا بد من جهود أخرى لتحطيم طاقاته المعنوية ليكون النصر كاملا يؤدي إلى الاستسلام .

 

وهنا يبدأ دور الحرب النفسية ، التي تستهدف الطاقات المعنوية بالدرجة الأولى . وفي تاريخ الحروب أمثلة لا تعد ولا تحصى عن انتصارات استطاعت القضاء على الطاقات المادية ، ولكنها لم تستطع القضاء على الطاقات المعنوية ، فكانت انتصارات ناقصة استمرت مدة من الزمن - ثم أصبح المهزوم منتصرا وأصبح المنتصر مهزوما .

 

فكيف يصاول القرآن الكريم الحرب النفسية ، ليصون معنويات المسلمين من الانهيار؟ كيف يحافظ القرآن الكريم على المعنويات العالية للمسلمين في أيام الحرب والسلام على حدٍ سواء .

 

ولعل من أهم أهداف الحرب النفسية هي : التخويف من الموت والفقر ومن القوة الضاربة للمنتصر ومحاولة جعل النصر حاسما ، والدعوة إلى الاستسلام وبث الإشاعات والأراجيف ، وإشاعة الاستعمار الفكري بالغزو الحضاري ، وإشاعة اليأس والقنوط .

 

المؤمن حقا لا يخشى الموت ، قال تعالى: <!--<!-- إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ <!--<!-- وقال تعالى : <!--<!-- فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ <!--<!-- وقال تعالى : <!--<!-- وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ <!--<!-- ، وقال تعالى : <!--<!-- أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ <!--<!-- وقال تعالى : <!--<!-- قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ <!--<!-- .

إن المؤمن حقًا ، يعتقد اعتقادا راسخا؛ بأن الآجال بيد الله سبحانه وتعالى ، وما أصدق قولة خالد بن الوليد رضي الله عنه : " ما في جسمي شبر إلا وفيه طعنة رمح أو سيف ، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء" .

 

 

والمؤمن حقا لا يخاف الفقر لأنه يعتقد اعتقادا راسخا بأن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى ، وقال تعالى : <!--<!-- إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ <!--<!-- ، وقال تعالى : <!--<!-- وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا <!--<!--<!--<!-- وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ <!--<!-- ، وقال تعالى : <!--<!-- فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ <!--<!-- .

 

والمؤمن حقا لا يخشى قوات العدو الضاربة ، فما انتصر المسلمون في أيام الرسول القائد -عليه أفضل الصلاة والسلام- وفي أيام الفتح الإسلامي العظيم بعدة أو عدد ، بل كان انتصارهم انتصار عقيدة لا مراء . . قال تعالى: <!--[if gte vml 1]><v:shape id="صورة_x0020_101" o:spid="_x0000_i1054" type="#_x0000_t75" alt="http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF" style='width:4.5pt;height:9pt;visibility:visible;mso-wrap-style:square'> <v:imagedata src="f

المصدر: مجلة البحوث الإسلامية - محمود شيت خطاب
sayedmetwly

كل عام انتم بخير

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 151 مشاهدة
نشرت فى 6 يناير 2011 بواسطة sayedmetwly

ساحة النقاش

من نحن

sayedmetwly
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

17,487

قنوات التواصل