جزاء أمير المؤمنين
جَزاءُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ ثَنَائي = على نعم ما تنقضي وعطاء
اقام الليالي عن بقايا فريستي = وَلَمْ يَبقَ مِنها اليَوْمَ غَيرُ ذَماءِ
وأدْنَى أقاصِي جَاهِهِ لوَسَائِلي = وشد اواخي جوده برجائي
وعلمني كيف الطلوع الى العلى = وَكَيفَ نَعيمُ المَرْءِ بَعدَ شَقاءِ
وكيف ارد الدهر عن حدثانه = وألقى صُدُورَ الخَيلِ أيَّ لِقَاءِ
فَما ليَ أُغْضِي عَنْ مَطالِبَ جمّة = واعلم اني عرضة لفناء
وَأترُكُ سُمرَ الخَطّ ظَمأى خَلِيّة ً = وشرُّ قناً ما كُنّ غَيرَ رِوَاءِ
إذا ما جَرَرْتُ الرّمحَ لم يُثنِني أبٌ = يليح ولا ام تصيح ورائي
وشيعني قلب اذا ما امرته = أطَاعَ بعَزْمٍ لا يَرُوغُ وَرَائي
ارى الناس يهوون الخلاص من الردى = وتكملة المخلوق طول عناء
ويستقبحون القتل والقتل راحة = وأتعَبُ مَيتٍ مَنْ يَمُوتُ بداءِ
فلست ابن ام الخيل ان لم اعد بها = عوابس تأبى الضيم مثل ابائي
وارجعها مفجوعة بحجولها = إذا انتَعَلَتْ من مأزِقٍ بدِمَاءِ
إلى حَيّ مَنْ كَانَ الإمَامُ عَدَّوهُ = وصبحة من امره بقضاء
هو الليث لا مستنهض عن فريسة = ولا راجع عن فرصة لحياء
ولا عزمه في فعله بمذلل = وَلا مَشيُهُ في فَتكِهِ بِضَرَاءِ
هُوَ النّابِهُ النّيرانِ في كلّ ظُلمَة ٍ = ومُجري دِماءِ الكُومِ كلَّ مَساءِ
ومُعلي حَنينِ القَوْسِ في كلّ غارَة ٍ = بسَهمِ نِضَالٍ أوْ بِسَهْمِ غَلاءِ
فخارٌ لو ان النجم اعطي مثله = ترفع ان يأوى اديم سماء
وَوَجهٌ لَوَ أنّ البَدرَ يَحمِلُ شبهَهُ = أضَاءَ اللّيالي مِنْ سَنًى وَسَنَاء
مَغارِسُ طالَتْ في رُبَى المجدِ والتقتْ = على انبياء الله والخلفاء
وكم صارخ ناداك لما تلببت = بهِ السُّمْرُ في يَوْمٍ بغَيرِ ذُكَاءِ
رَددتَ عليه النفسَ والشمسَ فانثنى = بأنعمِ رُوحٍ في أعمّ ضِيَاءِ
وكم صدر موتور تطلع غيظه = وَقَلّبَ قَوْلاً عَنْ لِسَانِ مِراءِ
يغطي على اضغانه بنفاقه = كذي العَقْرِ غطّى ظهرَهُ بكفاءِ
كررت عليه الحلم حتى قتلته = بغير طعان في الوغى ورماء
اذا حمل الناس اللواء علامة = كَفاكَ مثارُ النّقعِ كلَّ لِواءِ
وجيش مضر بالفلاة كانه = رِقَابُ سُيُولٍ أوْ مُتُونَ نِهَاءِ
كان الربى زرَّت عليه جيوبها = وَرَدّتْهُ مِنْ بَوْغائِها برِداءِ
وَخَيل تغالى في السرُوجِ كَأنّها = صدور عوال أو قداح سراء
لها السبقُ في الضّمّاتِ وَالسبقُ وَخدُها = إذا غُطّيَتْ مِنْ نَقعِها بغِطاءِ
وَليسَ فتًى من يدّعي البأسَ وَحدَه = اذا لم يعوذ بأسه بسخاء
وما انت بالمنجوس حظاً من العلى = وَلا قانِعاً مِنْ عَيشِهِ بكِفَاءِ
نصيبك من ذا العيد مثلك وافر = وسعدك فيه مؤذن ببقاء
ولو كان كل آخذا قدر نفسه = لكانَتْ لَكَ الدّنيَا بغَيرِ مِرَاءِ
وما هذه الاعياد الا كواكب = تغور وتولينا قليل ثواء
فخذ من سرور ما استطعت وفز به = فللنّاسِ قِسما شدّة ٍ ورَخَاءِ
وبادِرْ إلى اللّذّاتِ، فالدهرُ مولَعٌ = بتنغيص عيش واصطلام علاء
أبُثُّكَ مِنْ وُدّي بغَيرِ تَكَلّفٍ = وأُرْضِيكَ مِنْ نُصْحي بغيرِ رِياءِ
واذكر ما اوليتني من صنيعة = فاصفيك رهني طاعة ووفاء
أعِنّي على دَهْرٍ رَماني بصَرْفِهِ = وَرَدّ عِناني، وَهوَ في الغُلَواء
وَحَلأّني عَمّنْ أعُدّ بعادَهُ = سقامي ومن قربي اليه شفائي
فقدت وفي فقد الاحبة غربة = وهجران من احببت اعظم داء
فَلا تَطمَعَنْ، يا دَهرُ، فيّ، فإنّهُ = ملاذي مما راعني ووقائي
أرُدّ بهِ أيْدي الأعادي، وَأتّقي = نَوافِذَ شَتّى مِنْ أذًى وَبَلاءِ
ألَذُّ بقَلبي مِنْ مُنايَ تَقَنُّعي = وَأحسنُ عندي من غنايَ غَنَائي
وَمَنْ كانَ ذا نَفسٍ تُطيعُ قَنوعة ً = رَضِي بِقَليلٍ مِنْ كَثيرِ ثَرَاءِ
حدوا بالمطايا يوم جالت غروضها = ويوم اتقت ركبانها برغاء
تَؤمّك لا تَلوِي عَلى كلّ رَوْضَة ٍ = يَصيحُ بهَا حَوْذانُها، وأضَاءِ
ولا تشرب الامواه الا تعلة = إذا عَثَرَتْ أخفافُهُنّ بِمَاءِ
لهَا سائِقٌ يَطغَى عَلَيها بسَوْطِهِ = وَيَشْدُوا عَلى آثَارِهَا بحداءِ
غلام كاشلاء اللجام تجيزه = صدور القنا والبيض كل فضاء
إذا بَلَغَتْ ناديكَ نَالَ رِفَاقُها = عَريضَ عَطاءٍ مِنْ طَوِيلِ ثَنَاءِ
وَمِثلُكَ مَنْ يُعشى إلى ضَوْءِ نارِه = ويلفى قراه عند كل خباء
وَما كلُّ فُعّالِ النّدَى بشبائِهِ = ولا كل طلاب العلى بسواء
الشريف الرضي