الحُقْنــــة
خطأٌ بسيطٌ في حقنةِ الوريد،
أسالَ قطراتٍ قليلةً على ملاءةٍ بيضاء،
فانقلبتْ الجغرافيا،
وانشفطتْ عمائرُ كالعُلبة الصّفيح.
داختْ الفتاةُ التي يعذِّبها ذنبانِ:
ذنبُ المتوحَدِ الذي يُنشي مدينةً
في الليل،
ويهدمها في الصباح،
وذنبُ الممدّدِ الذي ستجرُّ
جلبابَه الأزرقَ المعروقَ
في مطار القاهرة
كي ينوبَ عن الكنّاسين.
خطأٌ بسيطٌ في حقنة الوريد،
جعل السيدةَ التي يحفُّها المدّاحونَ من جهةٍ
والموتورونَ من جهةٍ
تطيرِّ البرقيات للصلاة،
بينما تغسلُ القميصَ من قيء السحابة،
وتدير المسجّلَ
كي تستعيدَ صوتَه الأجشَّ
وهو ينشدُ في محفل الأندلس:
« يا ليلُ،
الصَّبُّ متى غدُه؟
مشتاقٌ راح يكابدُ نبشَ
الذكري،
ما أقسي ما كان يكابدُه
ظمآنُ يطاوعه الدهرُ الرّواغُ
سويعةَ سحرٍ،
فإذا جاء الصبحُ: يعاندُه
كان يعنِّفه في الحضرةِ،
لكنْ في الغيبة كان
يهدهدُه».
خطأٌ بسيطٌ في حقنة الوريد،
جعلني أري في نصف غيبوبةٍ:
أن عينيها
هما الأشعةُ المقطعّيةُ،
وأن يديها هما المصلُ.