أثداءَهن المضاءةَ ضوءاً:
تحت كلّ بنتٍ غَجَرٌ سودٌ ضاحكون يخبُّون في أحواضٍ من النعناع المطبوخ. وفوق كل بنت كُتَلٌ من الكون الملون وخرزٌ ضخم ساطع، وأمام كل بنت مآذنُ مبلولةٌ ومناديل مخلوطة بسائلٍ يشبه زيت القناديل التي تكون في الأضرحة. ووراء كل بنتٍ مرجُ حناءٍ يترجرجُ ضارباً أدبارهن، فيضحكن مائساتٍ والغجرُ السودُ يضحكون مائسين.
ثم كن جميعاً يعجنّ شيئاً مشابهاً لوادي النيل ويصنعن من العجين شيئاً لدناً يمضغنه مضغةً واحدةً ثم يقذفن علي كل رابيةٍ قطعةً مربوبة بريقهن مربوبةً.
وكانوا أمام أفقٍ ثانٍ يقفون:
جئتُ أنا - وكنت ملفوفاً في قماشة وسيعةٍ -
أعطيتُ كلَّ واحدٍ ناقوساً في حجم خاتمي،
وتلوتُ عليهم كتابَ امرأتي الذي تركتْه علي ظهري،
وأطلعتُهم علي ما كان مني يومَ قُضمتْ كعكةُ الطلوع والبدن.
ثم مسّكتُ كلَّ واحدا خرقةً من قميص امرأتي،
وأمرتُهم بأن يضعوا كلَّ خرقةٍ في ناقوس.
ولما فعلوا أمرتُهم بأن يضعوا النواقيسَ في سرواليهم.
فلما فعلوا صَرَفتُهم قائلاً:
موعدُنا الغسقُ القادم.
فانصرفوا، وجاءوا في الغسق،
فعرَّيتُهم جميعاً وأطلقتُهم في الصحراء.
ومازلتُ أصنعُ بهم مثلَ صُنعي كلَّ غسق،
حتى امتلأ الإقليم بأطفالهم من نسائهم،
وانتصبتْ علي الصحراء سارية.
فأحكمتُ قماشتي علي عائداً إلي كوخي،
أتلو كتابَ امرأتي الذي تركتْه علي ظهري
وغابت منذ عشرين خيمة.